صمت السيستاني : هل إن صوت البلاد الأكثر فعالية يفقد تأثيره؟ تقريرا لمجلة نيوزويك سيصدر في الاسبوع القادم
28/08/2006ترجمة / كهلان القيسي/الالتماس الذي صدر في نهاية الاسبوع الماضي من آية الله علي السيستاني كان معتدلا واستثنيا جدا . ففي الوقت الذي كانت فيه آلاف القوّات الأمريكية تكتسح شوارع بغداد لمنع تصعيد الحرب الأهلية، والميليشيات الشيعية والمسلحين السنة يستمرون بقتل المدنيين كلّ ليلة، فان السيستاني —الموجه الديني لشيعة العراق— اصدر طلبا بسيطا جدا . "كفّوا عن السفر للخارج، "محذّرا سياسيي بلاده في بيان أصدره من خلال الناطق باسمه ، " انزلوا إلى الشوارع وكونوا على اتصال مع الناس، للإحساس بمعاناتهم."
بدا الطلب معقولا ومقنع له. لكن نداء السيستاني كان مميّزا أيضا في طموحاته المحدودة. فللأشهر السابقة ، كانت تصدر البيانات من آية الله لمنع الشيعة من الانتقام لحالات القتل من قبل المتمرّدين السنّة. لكن ثلاث سنوات من التمرّد، والتوتّرات الطائفية وظروف المعيشة البائسة قلصت فرص الاعتدال وضبط النفس ووفرت للمتطرفين المجال الواسع لشن عملياتهم.
"السيستاني لم يعد يملك نفس الدرجة السابقة من التأثير، كما يقول جوست هيلترمان، مدير برنامج العراق في مجموعة الأزمات الدولية، مقرّه في الأردن. "هو قد يقول نفس الأشياء، لكن قله من الناس يستمعون إليه." واهم من أيّ شيء أخر هو إن المعركة الآن تتركز حول أي صوت قوي سيشكّل مستقبل العراق.
لوقت ليس بالقصير كان السيستاني يمسك بزمام الأمور قبل أن تفلت فعندما قاتل مقتدى الصدر، -القائد الشيعي الشاب جنود البحرية الأمريكيين وحوصر في ضريح الإمام علي وصمد في النجف في صيف 2004، وضع السيستاني حدّا للعصيان، وبعد أيام من عودته من لندن، -حيث كان يتلقّى علاج طبي ، عمل من أجل إجراء الانتخابات بنجاح حسب جدول زمني عراقي واقنع المسئولين الأمريكيين بالحاجة للاستفتاء على الدستور العراقي. نداءات السيستاني للوحدة بعد تفجيرات الأضرحة الشيعية عملت لبعض الوقت .
لكن في فبراير/شباط الماضي، وعندما فجر المسلحون أحد أهم المواقع في الإسلام الشيعي، الضريح العسكري في سامراء، أطلق العنان لموجة من إراقة الدماء التي حتى السيستاني نفسه لا يستطيع أن يسيطر عليها .وقال "أكرّر ندائي لإدراك مقدار الخطر الذي يهدّد مستقبل بلادنا، "قال بعد قصف سامراء. ومنذ ذلك الحين أصبح العنف أكثر سوءا وتراجع السيستاني أكثر في معتكفه الداخلي.
"يقول السياسي الشيعي علي الدباغ، الذي يستشير السيستاني بشكل منتظم "لاحظنا بأنّ بعض الناس يشعرون إن دعوات السيستاني لضبط النفس لا تحميهم،. "ونلاحظ إن العصابات التي تخرج عن السيطرة وتقوم بالانتقام وإذا يستمرّ العنف بهذا الشكل سيكون هناك أناس أكثر فأكثر الذين لن يستمعوا إلى الدعوات لضبط النفس."
السيستاني الفطن قد يسكت بالضبط لأنه يدرك حدود قوّته — ويريد الحفظ على ما تبقّى من سلطته . "ماذا يمكن لقرارات السيستاني أن تفعل في مثل هذه الظروف؟ "يقول إحسان عبد الرضا، 40، تقني حاسوب في بغداد. "ما هي القوّة التي يملكها بينما هو قابع داخل حيطانه الأربعة؟
دائرة مؤيدي السيستاني أيضا تقلصت ، يقول هيلترمان ، مؤيدو السيستاني ما زالوا هناك، لكنّهم ليس من عامة الشعب " لان . "الشارع وعلى نحو متزايد عرضة للميليشيات والوعّاظ المتشددين الذين يقولون ما يحب الناس سماعه وينتقمون لحالات القتل."
حتى مستشارو آية الله المقربون يعرفون بأنّ سلاحه الأقوى –الفتاوى- لم تعد تحمل نفس التأثير بين هؤلاء السكان المستميتين، ويعتقد هؤلاء المستشارين بعدم وجود حاجة ( لفتوة) أخرى لتقويض سلطته الحالية.و يقول حامد الخفاف ، الناطق الرئيسي بلسان السيستاني. يتجاهل بعض الناس تلك التعليمات، "ماذا يمكن لنا أو لرجال الدين إن يفعلوا ؟ هذا التجاهل هو أحد الأسباب وراء صمت السيستاني." الشّيخ ماهر حسين الحمراء، مساعد السيستاني في بغداد، يوافقه ويقول : "هو حكيم الآن لصمته . ماذا يمكن أن يقول السيستاني؟ "
إنّ المشكلة بأنّ قادة الميليشيا يستعملون موقف السيستاني الضعيف لاتخاذ أدوار أكبر لهم. مثل الشيخ محمود الحسني، واعظ شيعي في كربلاء التي انشغلت قوّاته مؤخرا في مناوشات مع القوات الأمريكية. إنتقد السيستاني علنا، وتحدّى سلطته الدينية في العديد من المناسبات وكحال المقاتلين في جيش المهدي أتباع الحسني تسلّحوا واندفعوا للمجابهة الأخرى. وفي الأسبوع الماضي، نظّم أفراد الميليشيا الشيعة مظاهرة في المعقل الشيعي الكاظمية حيث وجهوا إساءة إلى ممثل السيستاني الرئيسي في بغداد، رجل الدين حسين الصدر. ، مئات الشباب ساروا في الشوارع وهتفوا " لعنة الله على الذي عانق بريمير، "مشيرين إلى حادثة في عام 2003 عندما عانق ممثل السيستاني رئيس السابق لسلطة الائتلاف المؤقّتة بول بريمير أثناء اجتماع سجّل بآلات التصوير التلفزيونية...... يستمر