ضوابط اللغة الارامية/ الجزء الثالث والاخير
انتشرت السريانية في البلاد الفارسية والبلاد الشرقية حتى الهند والصين. وما تزال متداولة في الهند لدى السريان الملباريين والمنكاربيين في طقوسهم الدينية. وكان لها التأثير الواضح على اللغات العربية والفارسية والارمنية. وكذلك هي تأثرت بهم. كان نفوذ اللغة السريانية واسع ثم اخذ يتقلص بعد الفتح الإسلامي متراجعة أمام العربية. (ولهذا التراجع احد أسبابه الملافنة السريان والكتاب الذين ركزوا على الترجمات اليونانية إلى العربية والسريانية إلى العربية مما سبب إلى ركودها بدرجة يصعب على الكثيرين معرفة هؤلاء الكتاب والعاملين في مجال الثقافة من أنهم سريانا أم عربا)وبقيت السريانية لغة أدبية ودينية حية حتى القرن الرابع عشر ولدى الكنيستين المنشقتين الشرقية والغربية.ضوابط اللغة الآرامية: إن ضوابط اللغة الآرامية لاحت بوادرها منذ منتصف القرن الثاني الميلادي، أي منذ ترجمة الكتاب المقدس والذي كان المرجع الأول للقراءة الصحيحة لترجمات الكتاب المقدس والذي كتب بهذا الخصوص من لدن السريان الغربيون سمي تقليدا (مشلمنوةا). أما الشرقيون فقد أطلقوا على هذه الضوابط اسم أساتذة القراءة (كةبُا دمقذينا) وسميت الترجمة الأولى للكتاب المقدس بالترجمة البسيطة. لأنها تنقل النص دون أي شرح وهكذا كان الأساتذة يضعون الترجمة البسيطة أول مادة للطلبة ومن بعدها المزامير ثم العهد الجديد فالعهد القديم ودراسة مؤلفات آباء الكتبة الآراميين واليونانيين. بعدها دخلت الحركات على الحروف وكان في بداية القرن الخامس، ويضعون النقاط على الحروف وبدأت هذه الطريقة في مدرسة الرها ومن ثم انتقلت بواسطة نرساي إلى نصيبين. فاخترع تسع حركات مستعينا في قراءته بترجمات تيودورس المصيصي، وانتشرت الطريقة الشرقية للضوابط في القرن السابع حتى بين السريان الغربيين العائشين في المنطقة الشرقية بواسطة الأستاذ سبروي مؤسس مدرسة بيث شاهاق الشهيرة (بعشيقة حاليا)، وبواسطة ولديه راميشوع وجبرائيل اللذين ترهبا في دير مار متي.
هذا ويعتبر يعقوب الرهاوي (633-708) م أول من اهتم بضبط اللغة الآرامية الفصيحة ووضع قواعدها لكتابتها وإيجاد حروف العلة والنقاط لها تتيح للمرء أن يقرأها قراءة صحيحة. فمصنفه المسمى (كتاب نحو لغة ما بين النهرين) وإضافة إلى هذا كتب يعقوب مواضيع شتى وتطرق فيها إلى النحو. فهناك رسالته إلى جرجيس السروجي في الإملاء وأخرى إلى بولس الأنطاكي في الالفباء وإصلاح الكتابة. كما اشتهر آنذاك عالمان في صناعة الضوابط اللغوية هما طوبانا وسابا.
أما الصرف والنحو فقد ظل الآراميون ردحا من الزمن دون كتاب في الصرف والنحو ومع ذلك كانوا يجيدون لغتهم تكلما وكتابة بحكم الغريزة والعادة ويعد (احودان) من أقدم النحويين المينوفيزيين (القرن السادس الميلادي) حيث ألف كتابه على غرار (أصول النحو اليوناني حسب شهادة ابن زعبي). أما أول كتاب في النحو ألفه يعقوب الرهاوي واخذ ابن العبري في نحوه المسمى الأضواء (ؤمحُا) نبذاً هامة تدل على سعة الأصل الذي لم يبق منه شذرات في خزانة المتحف البريطاني. ويشير يعقوب في ثوابت الخط الآرامي وينوه عنها بعنايته بالحروف الصحيحة دون حروف العلة. واستنبط سبع حركات. أما الغربيون فاعتمدوا بعد موت يعقوب الرهاوي الحركات الخمسة المعروفة وأشاروا إليها بعلامات استقوها من الكتابة اليونانية. أما الشرقيون فثبتوا الحركات السبعة وأشاروا إليها بنقاط فردية أو مزدوجة وضعوها فوق الحروف أو تحتها حسب اللفظ الذي ينشدونه. وقد سبق يعقوب الرهاوي يوسف هوزايا في القرن السادس بوضع كتاب في النحو الآرامي وألف مقالا في الأسماء المتشابهة، ويقول عنه ماري انه هو الذي اخترع البوحامات (فوحمُا) أي النقاط الكبيرة التي تساعد على القراءة الصحيحة. وهو الذي غير القراءة الرهاوية بالقراءة الشرقية واستنبط النقاط ولم يبدل شيئا من اللفظ الحركات.
القواعد:
إن اللغة الآرامية وبمراحلها التطورية لحين وصولها إلى السريانية والتي نحن اليوم في صددها والكتابة بها ومعرفو علومنا وتراثنا وطقوسنا برزوا في هذا المجال ملافنة ولغويون جديرون بالذكر، وكانت لغتنا السريانية حالها حال أي لغة مفتوحة وواسعة ودون وضع ضوابط وقواعد لها لاستنباطها من عدة لهجات أو لعات وحسب الجداول التي أوجدت وخصوصا في الأبجدية الكنعانية. ويوما بعد يوم أوجدت قواعد وضوابط في النحو كي تكون بشكل يليق تعابيرها ومفرداتها وحروفها. هذا وقد تمكن الكثير من آبائنا وأساتذتنا في مجال اللغة من وضع قواعد للغة السريانية ومنهم:
1. المطران طيمثاوس مقدسي (1847-1929) بعنوان قواعد اللغة السريانية (ةورؤ مملا دلشنا سورييا) والذي يحوي خمسة أبواب وكل باب مقسم إلى فصول حسب متعلقات الباب، في الباب الأول تعريف القواعد والحروف ومخارجها والنقاط بأنواعها والتقشية والتركيخ وفصول أخرى. أما الباب الثاني تعريف الأسماء وأنواعها وتأنيثها وجمعها، وأسماء العدد والجزم والتوكيد والعطف. أما الباب الثالث الضمائر وانواعها. الباب الرابع الأفعال وأنواعها وأزمنتها. في الباب الخامس المفاعيل والحرف والروابط.تم طبع هذا الكتاب في الموصل بمطبعة الآباء الدومنيكان 1889. وقد قام بترجمته الى العربية كوثر نجيب عبد الأحد 2004 (منشورات الثقافة الكلدانية).
2. في عام 1896 ألف المطران اوجين يعقوب منا 1867-1927 كتابا (الأصول الجلية في نحو اللغة الآرامية (قنونُا هليُا دلشنا ارميا) وهو كذلك بخمسة أبواب مقسمة إلى فصول مترابطة لشرح الحرف والفعل والاسم والنقاط، والتقشية والتركيخ. ثم يطرح قطع نحوية لتبيان أخطائها وأخرى لنقلها من العربية إلى السريانية بقواعدها الصحيحة وبالعكس. تم طبع الكتاب في مطبعة الآباء الدومنيكان 1896.
3. قواعد اللغة الآرامية (ةورؤ مملا دلشنا ارميا) للأب ألبير أبونا( 1928- )يحوي الكتاب مقدمة تاريخية عن الآراميين ومراحل اللغة وبعض النصوص الأدبية في التاريخ الآرامي والنصوص القواعدية التي هي بهيئة قسمين القسم الأول الصرف ويحتوي 37 فصلا يشمل الحركات والحروف والأسماء والأفعال والقسم الثاني النحو ويحوي 16 فصلا في النحو من الفاعل والمفعول به والمبتدأ والخبر ونائب الفاعل وعطف النسق والموازنات بين اللغات السامية هذا ويعتمد تدريسه في كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت ويعتبر اوسع واشمل كتاب في قواعد اللغة. طبع في اربيل عام 2001
4. في عام 1999 ألف السيد يونان هوزايا كتاب الموقد (كنونا) ملاحظات في اللغة السريانية المعاصرة (السوادية) ومن منشورات المركز الثقافي الآشوري دهوك وهو على شكل بابان الأول يشمل الحروف والحركات والتليين وبعض القواعد المتفرقة، اما الباب الثاني الاسم واقسامه والجمع والمفرد والضمائر والأعداد والصيغ. اعد هذا الكتاب خصوصا ليدرس في مدارس التعليم السرياني في إقليم كردستان.
5. قواعد اللغة الارامية في سؤال وجواب (ةورؤ مملا بزنا دشوالا وفونيا) كتاب نشرته الرهبانية الانطونية الهرمزدية الكلدانية (مركز جبرائيل دنبو الثقافي 2004) للمؤلف الأب فيليبوس اسحق الراهب 1917-2004 الكتاب مؤلف باللغة السريانية وهو على صيغة أسئلة وأجوبة مع ملاحظات تخص الأبواب الخمسة وكل باب يحوي فصولا في مختلف أنواع القواعد. إضافة إلى الكتب القواعدية هناك كتب أخرى منها:
اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية للمطران اقليميس يوسف داؤد 1896 مطبعة الاباء الدومنيكان/ موصل.
المطران توما اودو (قواعد اللغة السريانية هرمطيقي دلشنا سورييا 1911) أعيد طبعه في شيكاغو 1982.
في نحو اللغة السريانية الكلداينة وصرفها وشعرها القس جرجيس الرزي،طبع في المطبعة الكاثوليكية/ بيروت 1897.
الأصول الابتدائية في اللغة السريانية القس اسحق أرملة السرياني/ بيروت المطبعة الكاثوليكية 1922.
معلم اللغة السريانية للأب جورج صليبا، قامشلي / سوريا 1965.
المصادر/
أدب اللغة الآرامية/ ألبير أبونا
الآراميون/ دوبونت سومر ترجمة ألبير أبونا
الكتاب المقدس
مجلة شراغا شرغا العدد 6-7 لغتنا السريانية | فائق بلو
قواعد اللغة الآرامية/ ألبير أبونا
الأصول الجلية في نحو اللغة الآرامية / اوجين منا
قواعد اللغة السريانية/ طيمثاوس مقدسي
كانونا/ يونان هوزايا
قواعد اللغة الآرامية سؤال وجواب/ الأب فيليبوس اسحق الراهب