ظاهرة الخلط المستديم ما بين الأبيض والأسود في بيتنا الكلدواشوري السرياني
تأكيدنا هنا هو على ظاهرة الخلط, وهي عيب فكري نمارسه يوميا, ناتج عن إنعكاس تلقائي إمّا لواقع ثقافي مغوّش بسبب عدم نضج أفكار صاحبها , أو لتأثير نفسي وشخصي مباشر يأجج في كيان صاحبه حالة أشبه بالهلوسه ألتي تفقده توازنه جرّاء تزاحم شهواته ورغبته السريعه في تحقيقها.لو شئت ُ أن أتناول شأن النقد وظاهرة التقويم العقلاني لمسيرة شعبنا الكلدواشوريه السريانيه الحاليه, سيكون التعاطي مع مناهج أحزابنا وحركاتنا السياسية القوميه الوطنيه ومعايير تعاملها مع القوى السياسية العراقيه الأخرى هو المدخل الأكثر واقعية ً من أجل الوصول إلى الخلاصة الأكثر قبولا,وليس بتوجيه التهم ووخز المخالب في ظهور أبناء شعبي وأحزابهم خاصة تلك التي عملت ولا تزال جاهدة على الأرض وفي وسط النار وذلك ليس إدعاء منّي ولكن بشهادة الكثيرين , أي أنني و من باب إظهار جديّة ً أكثر, سيكون لزاما عليّ معرفة وإدراك منهجيّة كافة سياقات برامج الأحزاب سواء تلك التي تمثلّ شعبنا او الأحزاب الأخرى العامله على الساحة العراقيه ثم تعريف الأخرين بشكل حيادي عن كل صغيرة وكبيره ارى في ذكرها فائدة لنا جميعا.
حين يُطلَبُ من أي مفكر أو مثقف سياسي مهّمة تحديد إطار ناجع لمشروع عمل سياسي مشترك يجمع ما بين أحزاب المكوّن الكلدواشوري السرياني حصرا , تكون تشابهات أو مقاربات الأسس التي بنيت عليها برامجها وأهدافها عاملا مشجعا وهو موجود اصلا من دون اي شك ولا يمكن التقليل من إيجابيته في الدفع بالفكرة نحو الأمام بسرعة أكثر ممّا لو كان المشروع على نطاق أوسع وبإتجاه أخر ((على سبيل المثال لو كان عقد التحالف أو التنسيق مع حزب قومي كردي أو تركماني او عربي او يزيدي يكون الأمر مختلف تماما )) , أقول ما دام هنالك توافر المشتركات في أهداف الأحزاب القوميه ذات المنشأ العرقي الواحد شريطة تمّتعها بإستقلالية قرارها وبمصداقية إنتماءها وقضية شعبها, يكون لا بّد لهذا القاسم المشترك أن يشكّل السبب الحيوي المساعد على تجاوز الإختلافات الأخرى سواء في طرائق العمل أوفي إقامة العلاقات , يتم ذلك من خلال الإتفاق على وضع صياغات وسطيه بينيه تحافظ على جوهر الفكره التي جمعتهم والتي لا يسمح التفريط بها, وهكذا سنكون قد تحاشينا ظاهرة الطيران والتحليق عاليّا ً بأجنحة الأخرين.
في هذا السياق,أرى نفسي مظطرا للإشارة ولو بشكل مقتضب إلى حالة السيد سركيس أغا جان, ليس عن شخصه, ذلك ليس من حقي , لكن سأتحدث عن الذي يعنيني وواقع شعبي السياسي بالدرجة الأساس لأقول : بإنّ الرجل اشوري القوميه لكنه حين يعتز بإنتمائه إلى الحزب القومي الكردي ( الحزب الديمقراطي الكردستاني) يكون ذلك شأن خاص به يحتفظ بحقه لنفسه , لكن حين نأتي إلى ربط المسألة من جوانبها السياسية ومن أجل أن نتعرّف على حجم الدورالسياسي الذي يمكننا أن نتقبله منه في مجال فعاليات شعبنا السياسيه وفي هذا الظرف تحديدا , ونظرا لكون مرجعيته السياسية هي أجندة حزبه الذي ينتمي إليه سواء شئنا أم ابينا , فكلنا يعلم جيدا بأنّ أي تفريط او تقاعس من جانبه في تنفيذ ما يوصيه به حزبه الذي ينتمي إليه يكون محسوبا عليه تقصيرا , وهو في نفس الوقت يؤدي واجبه السياسي والحكومي في صرف حصة ابناء شعبنا في قرى الشمال من عوائد ومعونات سواء كانت من وردات النفط العراقية البالغه 19 % , أم من معونات الكنائس العالميه , وكونه اشوري وعضو في حزب كردي , لا أعتقد بأنّ ذلك ينفي إمكانية أن يكلّفه حزبه ليمثلّه كطرف سياسي يوكل إليه مهمّة التحاور مع بقية الأحزاب والمنظمات الكلدواشوريه السريانيه أو مع من يمثلّنا في البرلمان العراقي وهو أمر جدا طبيعي وربّما سيسّهل علينا الكثير من الأمور, ولا أفهم لحد الأن سبب عدم مبادرة القيادة السياسية الكرديه في تكليفه رسميا لهذه المهمّة بالتحديد كي يكون حلقة وصل رسميه ما بين أحزابنا جميعا وممثليها وبين الكتلة الكردية للتحاور حول أمور كثيره من ضمنها دواعي وتوقيتات طرح المشاريع المتعلّقه بحقوقنا القومية والإداريه لكن من طرف واحد دون إشراك أصحاب القضية الحقيقيين وشركائهم التاريخيين في نضالهم السياسي والعسكري ضد النظام البائد ليأخذوا دورهم الحقيقي في مناقشة أمورهم في مدنهم و قراهم التاريخيه وبالأخص ما يثار من ضجيج _ ليس في محلّه_ حول قرى سهل نينوى وعائدية جغرافيتها و القرارات الإرتجاليه ألتي تتخذها أطرافا ربما هي أساسا لا تمتلك الحق في التباحث بها .
أمّأ ظاهرة تدافع البعض من أحزابنا و أخرين من مثقفينا فيما بيننا وكأننا في عراك من أجل فرض أو رفض أجندة السيد اغا جان السياسيه ألتي تمليها عليه الجهة السياسية القوميه التي ينتمي إليها وبأسلوب تغيب فيه صفة الإعتدال وميزة الإستقلاليه السياسيه فهذا أمر لا يشير في مضمونه سوى إلى خلط واضح للأمور و عملية إفراغ الذات من أي صبغة سياسية مستقلّه والى الهروب من تحمل المسؤوليات مع ضرب أصوات ابناء شعبنا الإنتخابيه عرض الحائط .
وفي العوده إلى موضوعنا الاساسي لاضيف تعليقي الشخصي على النقطة ألتي يخلط فيها البعض من كتّابنا وهكذا أحزابنا القوميه ما بين ضرورة التنسيق مع الأحزاب العراقيه الأخرى على شتى أصنافها والتعاون معها وبين التسليم لما تراه الكتل الكبيره ومطاطية صلاحياتها في البرلمانات , أنّه لأمر جدير بالدراسه على قدر درجة أهميته وحاجتنا الماسه أليه لكن الى صيغته المعتدله ألتي تحفظ مكانة وإستقلالية كل طرف ,علينا أن لا ننسى في هذا الصدد , بأنّ هكذا مهّمة غير سهله وإنّ عملية المجازفة في إنفراد كل حزب أو خطيب بمفرده في التعاطي والتصريح كيفما يشاء يترّتب عليها من العواقب ما هو وخيم و مخيّب في نفس الوقت خاصة إذا أعتبرنا مصلحة شعبنا هي فوق كل شيئ , ولو كانت قضية شعبنا هي فعلا من أولويات الإهتمامات الحزبيه وبعض أقلام (مثقفينا) فعليها في هذه الحاله يترتب ليس فقط كيفية التعامل مع شأننا القومي منفردا , لابل ستكون مسألة وحدة الوطن وإعادة بناء إنسانه وبناه التحتيه هي مهمّة أخرى تحتاج إلى خطاب واضح وذي ثقل جماهيري وسياسي معتبر كي يساهم بفاعليه ملموسه و يفضلّ ان يكون موحَدا ً في خطابه على الأقل في هذا المجال, وهي نقطة لابد من مراعاتها إن كنّا نبتغي الفوز بتأييد القوى السياسية الوطنيه وشرائح المجتمع بعمومه , والمهمّة ذاتها ستكون أشد صعوبة أو ربمّا إستحالة تحقيقها لو لم تكن مسبوقه بتهيئه ذاتيه لداخلنا القومي السياسي بحيث لو إستدعى الأمر قول كلمتنا يستطيع الكل الذهاب سوية بهيئة سياسيه مشتركه تنبثق بعد تحقيق لقاءات بين أحزابنا من داخل مكوننا القومي وهذا ما نفتقده اليوم فعلا وهوسبب أساسي أدى ولا يزال إلى توسيع الثغره الداخليه ألتي بدورها تفسح المجال واسعا للبعض من المنتفعين والمتصيدين بالماء العكر للإنفراد بنا ثم عرضنا في المزادات العلنيه ألتي يتربص فيها سلاطين المشاريع القومية والدينيه المدعومه برؤوس الأموال الطائله.
حين يبادر أحدهم وهو يملأ الأسطر والصفحات مناديا بمشروع الجمع ما بين مناهج الإنتماءات المتباينه ذات المرجعيات السياسية المتخاصمة تحت يافطة مجهولة المعالم, يكون صاحبنا قد ابدع فعلا في مباراة الخلط المفاهيمي الذي ربمّا سيؤدي بالبعض إلى حال من الإرباك والإلتباس , وهنا لابد من توضيح للأمر كي لا نقع في شباك الجهالة, لأننا في الخلط الذي نحكي عنه نكون قد أسأنا لأنفسنا ونحن ننتزع منها طواعية حقنّا بالتعبير السيادي المستقل عن طموحاتنا لنسلّمها رهينة بيد الطرف الذي شاء القدر أن يكون قويا بماله او بعساكره , وتحذيرنا هو دائما من مغبّة الوقوع بهذا الفخ الذي غالبا ما يعتقد بعض السّذج بأننا جميعنا على شاكلته وأننا جاهزون للتهافت معه نحو تحقيق المأرب الذاتي على حساب قضية الشعب التي يجعل منها صاحبنا عنوانا لمقاله ليعزف على اوتارها ما طاب له من ألحان .
إنّ العسر المنهجي لدى بعض كتّابنا , مع الأسف, وهم يدّعون الثقافة والإنتماء, يبدو واضحا ومن شدة إنشغالهم في شهواتهم, قد باتوا محبطين جرّاء إخفاقهم وفشلهم في إخفاء جوهر قناعاتهم الفكريه المريضه و رغباتهم المضمومه , و يجهلون أو يتجاهلون بأنّ الأقنعة عمرها لم تستطع أن تخفي الحقيقة لأكثر من ثلاث ليالي , لذلك نرى بأنّ خيار العشق المتزايد للتنقل والتراقص ما بين الإنتماءات ومجالس الأغوات هو أخر ما يبقى في قبضة أياديهم في سبيل تحقيق الهدف الذي يسعون جاهدين إلى عدم البوح به, لكن هيهات لو كان تصورّهم بهذه السذاجه, ففي ثنايا الكلمات المرتبكه وما يتراءى لنا ما بين السطور تخبرنا بما يكفي ويزيد عن نواياهم ومشاريعهم المزمعه مهما كانت درجة تحفظّهم في قممها .
حين يدّعي كل من هب ودب منسّبا ً لنفسه معرفة كل شيئ و منصبّا إياها كمفكّر او منّجّم سياسي, أو حتى إتخاذه منها هواية يقضي فيها أوقاته, لابد له أن يدرك أولا بأن الثبات على المبدأ وتحقيق مصداقية الإنتما هي من صفات الإنسان الإعتيادي وليس المفّكر , أمّا لو تعاملنا مع مفردة المفكروالمثقف السياسي فألامر يتطلّب المزيد عدا شرط إمتلاكه لبديهيات الثقافه السياسية ألتي تساعده على أقل تقدير في حسن تنظيم وترتيب عباراته الفكريه ألتي يستسيغها المحيط البشري و في نفس الوقت تضمن أمن سلامة حياة الشريحة التي يدّعي الجهاد من أجلها.
إذن كيف يمكننا أن ننعت أحدا يجلب رگعه من هنا ليخيطها بأخرى هناك وهو ينال جزاء خدمته أرضا أو قصرا ليأتينا في اليوم التالي بفكره أخرى يكاد يحسبها أكثر جهنميّة لتعود عليه بسياره أخر موديل , كيف يمكن وصفه بمفكّر سياسي, فهو من دون أن يمتلك رؤاه التي تلدها بنات أفكاره وهي الدليل الحقيقي إلى معاناة شعبه وإنتمائه أليهم بحيث يستطيع التحرك بها بحريّه لمعرفة خلفيّة كل خطاب أو قرار والإنتباه إليه وإلى عواقب كل ما يتم طرحه ليكون المقتدر على تحمّل مسؤولية النتائج في كلتا حالتي الفشل والنجاح.
من الضروري جداّ أن يكون الداعيه المفكر مالكا قدرة التمييز ما بين اللقطه الظاهريه وما تخفيه من لقطة في الباطن تشكّلأ كلتيهنا نسيج يكون الهدف منه هو أمر سياسي يستوجب تمحيصه ودراسته قبل التهوّر نحوه والتهريج من أجله , لذلك نقول عن المقال المكتوب أو الكلام المرسل ألذي تتحكّم في صاحبه نزوة الحقد أو شهوة تحقيق بناء القصر أو حلم شراء السياره هو كلام يدخل من نافذة الهراء السياسي ألذي لا يعوّل عليه إلا أولئك الخلاطين وأشباههم من السذج الواهمين.