على من أصبحت كتاباتي ثقيلة في العراق؟
كتب لي صديق عزيز وأخ كريم , كان أحد طلبتي النجباء في الجامعة المستنصرية في أوائل السبعينيات , يقول بأن كتاباتك يا دكتور المنشورة في المواقع أصبحت ثقيلة على جمهرة من المسئولين السياسيين في العراق. الملاحظة جلبت انتباهي , إذ أن ما أكتبه حول الوضع في العراق يفترض ان يجلب انتباه المسئولين إلى ما يفترض العناية به لصالح المجتمع , وليس فيه إساءة شخصية لأي من المسئولين في العراق. ما هي المسائل التي أكتب عنها واثير الانيتباه إليها مع عدم الادعاء بامتلاك الحقيقة في ما أكتب , ولكنه يشكل رأياً صريحاً وشفافاً بأمل أن يفيد من يريد الإفادة منه.ما هي المسائل التي أكتب فيها؟ كتبت حتى الآن عن موضوعات تحتل موقعاً مهماً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العراق , أكتب حول الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم باتجاه نقد الطرفين بكل موضوعية ووفق ما اراه مناسباً ويلبي مصالح العراق كله بكل مكوناته القومية لتجنب تعقيدات إضافية لا مبرر لها , أكتب عن الفساد السائد كنظام فعلي قائم في العراق , لأن العراق أصبح يحتل الموقع الثاني بعد الصومال في انتشار الفساد كنظام قائم بذاته وسائد في المجتمع وتمارسه الدولة وأجهزتها والمجتمع في آن واحد , أكتب عن قوى الإرهاب الدولي والمليشيات المسلحة التي تقتل البشر في العراق وأكشف عن بعض جوانب هذه العملية المريعة , أكتب عن ميليشيات جيش المهدي التي لا ينكرها التيار الصدري نفسه ويشير ممثل الصدر إلى وجود جماعتين , جماعة قتالية وجماعة دعائية , يقول ممثل الصدر ذلك ولا تحاسبه الحكومة , بل تعتبره طبيعياً وكأن هذا لا يتجاوز على حرية التعبير وإشاعة الفوضى في المجتمع ولا يدعو إلى حرية القتل التي يسمح الصدر لنفسه وجماعته بها , أكتب عن الفقراء الذين يشكلون غالبية المجتمع العراقي حالياً وعن العذابات التي يتحملها العاطلون عن العمل , في حين ان هناك جماعات تملأ جيوبها بالسحت الحرام ومن الوسط الحكومي ومن غيره ايضاً بدلاً من توجيه تلك الأموال لصالح التنمية والتشغيل , أكتب عن السيد رئيس الوزراء حين يشتم كل المثقفين الذين يكتبون في المواقع الإلكترونية ويعتبر تلك المواقع والكتابات فيها "مكب نفايات" أي "مجمع قمامة" من دون أن يعتذر , إذا كانت زلة لسان ,كما ادعى البعض , أكتب ايها السادة عن المرأة العراقية في بغداد وفي غيرها من مدن الوسط والجنوب التي تعمل في معامل الطابوق وغيرها تماماً كما كان يعمل العبيد في فترة حكم العباسيين في جنوب العراق لقاء ثلاث دولارات لا تغني ولا تشبع ولا تسد رمق العائلة من الجوع , كتب عن سياسة الدولة التجارية التي تتعارض مع التصنيع الضروري في العراق وتنفذ توصيات صندوق النقد الدولي.
أكتب ناقداً الأوضاع الراهنة , ولكن لم أنس ولن أنسى ما تحقق خلال الفترة المنصرمة في مجال الأمن في فترة حكومة المالكي , ولكن لم يتحقق الشيء الكثير في مجال المصالحة الوطنية والابتعاد عن الطائفية السياسية المقيتة التي تمارس على نطاق واسع حتى الآن.
ارجو أن تكون مقالاتي ثقيلة واثقل مما هي عليه الآن على كل أولئك الذين يمارسون سياسة غير شفافة وسياسة لا تستجيب لمصالح الشعب بكل مكوناته , وأولئك الذين يمارسون التمييز ضد اتباع الديانات الأخرى , لتقصم ظهرهم سياسياً وتبعدهم عن التأثير المباشر على حياة الشعب العراقي. هذا ما أرجوه وليس في ذلك غير مصلحة الناس , وأن كنت مخطئاً فما على الآخرين إلا ممارسة النقد او تبيان النقيض لم أكتب عنه.
هل أخطأت حين كتبت عن تشريد وتهجير المسيحيين في الموصل ؟ وهل أخطأت حين قلت ان الإيزديين يعانون في الموصل ويقتلون ؟ وهل أخطأت حين اشرت لما يجري لأخوتنا وأخواتنا من الصابئة المندائيين في الجنوب والوسط وبغداد وهروب عشرات الألوف منهم إلى كردستان العراق وإلى خارج العراق , كما هو الحال مع المسيحيين.
لم ارتكب خطأ في هذا , بل أن الذي ارتكب الخطأ هو حكام العراق الحاليين الذين جاءوا على انقاض نظام دكتاتوري دموي كان الناس يتوقعون منهم شيئاً آخر غير الطائفية السياسية المقيتة والتوزيع المحاصصي وموت مئات الآلوف من الناس الذين قتلوا خلال السنوات الست لمنصرمة عدا الجرحى والمعوقين منهم.
أتمنى أن يكتب من يشعر بثقل مقالاتي عليه , إن كان تقدير الصديق صحيحاً , ليشير لي أين هو ثقل كتاباتي عليه لكي أعيد التفكير بها والاعتراف بالخطأ إن كان فيها ما هو خطأ مرتكب من جانبي.
ومع ذلك التحية والتقدير والتمنيات الطيبة بمناسبة عيد الأضحى المبارك لكل أولئك الذين يضعون قضايا الشعب في قلوبهم ويدافعون عنها بكل حرص ومسئولية.
7/12م2008