Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

على هامش إجراء أول امتحان لولوج مركز تكوين المفتشين في عهد "التناوب والتوافق"

تمهيد:
بعد إغلاق ناهز العقدين من الزمن، موسم 1995- 1996، تحقق أخيرا الأساتذة المغاربة من خبر إعادة فتح مركز تكوين المفتشين التربويين بالعاصمة الرباط وصدرت في موضوع تنظيم "مباراة الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى" بتاريخ 6 صفر 1340 الموافق ل 2 فبراير 2009 المذكرة الوزارية رقم 9، بناء على مقتضيات المرسوم رقم 2.08.521 الصادر في 19 من ذي الحجة 1429 الموافق ل 18 ديسمبر 2008 في شأن إعادة تنظيم مركز تكوين مفتشي التعليم وعلى قرار وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بتحديد كيفية الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى.
وقد قوبل إعلان إطلاق هده المباراة بهرولة غير مسبوقة من قبل رجال التعليم لاجتياز المباراة بحيث ناهز عددهم في بضعة أيام السبعة ألف مترشح قدموا لمراكز الامتحان بالعاصمة الإدارية من كل ربوع البلاد ومن كل الأجيال...


لماذا يهرول أساتذة التعليم الابتدائي لتغيير الإطار من خلال بوابة التفتيش؟
لمادا يهرول أساتذة التعليم الابتدائي لتغيير إطارهم باللجوء إلى مباراة ولوج مسلك التفتيش بينما بعضهم يعلم علم اليقين بحتمية احتفاظه بنفس الراتب والسلم الإداري الذي يشغله كمدرس في القسم وهو السلم 11؟
إن السبب لا يكمن في الهروب من القسم بل في الهروب من مهنة تشمل داخلها كل مهن قطاع التعليم. فأستاذ التعليم الابتدائي يبقى الموظف الوحيد في قطاع التعليم بالمغرب من أدناه إلى أعلاه، من التعليم الابتدائي فالتعليم الإعدادي ثم الثانوي فالجامعي، المحروم من التخصص في أدائه المهني. فبينما لا يقوم المفتش سوى بمهمة واحدةواضحة في تسطيرها وهي التأطير التربوي للمدرسين والمديرين، تبقى وظيفة أستاذ التعليم الابتدائي تجمع داخلها مهام أحد عشر موظفا في جسد موظف واحد. فالمعلم هو:

- مُعيد: حراسة التلاميذ في الساحة، تنظيم الصفوف، ضبط توقيت الدخول والخروج والاستراحة...
- وحارس عام: تعبئة النتائج في الدفاتر المدرسية وانجاز المعدلات الدراسية...
- ومقتصد: إدارة المطاعم المدرسية في المدارس الفرعية بالأرياف...
- وأستاذ لمادة الرياضيات
- وأستاذ لمادة اللغة الفرنسية
- وأستاذ لمادة اللغة العربية
- وأستاذ لمادة النشاط العلمي
- وأستاذ لمادة التربية الإسلامية
- وأستاذ لمادة الاجتماعيات
- وأستاذ لمادة الفنون التشكيلية
- وأستاذ لمادة التربية البدنية

إضافة إلى إمكانية تدريسه لفصلين دراسيين دفعة واحدة وفي قسم واحد فيما صار يتقبله العموم ويسمونه ب"التدريس المشترك" وب"الأقسام المشتركة".


مباراة ولوج مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى: تصريحات المسؤولين
جوابا عن سؤال "هناك سرعة قصوى بين فتحالمركز، وصدور المرسوم والمذكرة والانتقاء، البعض يتهمكم بالتسرعوبإمكانية وقوع تجاوزات وبلبلة وتشويش"، أجابت السيدة مديرة مركز التفتيش في لقاء صحفي أجرته معها جريدة "التجديد" المغربية عدد27 فبراير 2009:
"كنا ننتظر منذ أكثر من سنة أن يفتح المركز بشكل عادي على أكثر تقدير فيأكتوبر المنصرم، علما أن أغلب الإجراءات الإدارية من قرارات ونصوص قانونيةتنظم المباراة ونظام الدراسة والتقويم، أعدت مباشرة بعد مصادقة المجلسالوزاري على المرسوم في 20 أكتوبر 2008، وكنا ننتظر فقط اكتمال الإجراءاتالقانونية وتحديدا الصدور في الجريدة الرسمية. لذلك بنينا فتح المركز فيهذه الفترة حتى لا نضيع السنة الدراسية 2008/2009 ونحسبها في نظام دراسةالفوج الأول، والذي سيتخرج إنشاء الله في 2010. نعم ستظهر هذه العملياتكأنها كانت سريعة وربما فيها نوع من الارتجال، ولكن في الحقيقة كانت محضرةمن قبل، حتى التواريخ أطرناها وتم تعديلها في إطار التنظيم، حيث التزمنامن خلالها فتح المركز".
وجوابا عن سؤال "ما هي الضمانات حتى تمر مباراة ولوج المركز في ظروف عادية؟"، أجابت السيدة مديرة مركز التفتيش بالرباط :
"ككل المباريات هناك ضوابط قانونية لابد من الالتزام بها، وهذه الضوابط تمإرساؤها في إطار لجان تسهر على المباراة وفق القرار المنظم للمباراة،وبالتالي نحن نفتح المركز لجميع الملفات، علما أن هناك لجنة للانتقاء تعملوفق معايير محددة، حيث ستقدم اللائحة للمترشحين لاجتياز المباراةالكتابية، أيضا هناك لجنة للحراسة، ثم لجنة للمقابلة(الشفوي)، حيث سيتمفتح إمكانات أوسع للمترشحين لإبراز تصورهم وقدراتهم قصد ولوج المركز..."


المذكرة 9 التنظيمية لمشاركة الأساتذة في الامتحان والمذكرة 17 التوضيحية للنقابات:
حددت المذكرة 9 المنظمة لامتحان ولوج مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى شروط الترشيحومكوناتملف الترشيح وعنوان إيداع ملف الترشيح وتنظيم المباراة ﴿من خلالالانتقاء الأوليوتحديد توقيتالاختبارات الكتابية الاختبار الشفوي﴾ إلىعدد المقاعد المتبارى عليها هدا الموسم، فمدة التكوينومقر التعيين بعد التخرج ثم رزنامة المباراة.
لكن العجلة والاشتغال تحت الضغطب"معناه الواسع" كانا ظاهرين مند صدور المذكرة رقم 9 حيث سجلت وزارة التعليم أول تراجع لها عما سطرته في المذكرة التنظيمية بعد دخول ممثلي النقابات الداعية لإضراب 10-11 فبراير 2009 للاستفسار في "اليوم الثاني للإضراب" عن سبب إقصاء أساتذة السلم 11 من المباراة فبررت الوزارة الوصية الأمر ب"السهو" لحظة تحرير المذكرة وأصدرت للتو المذكرة التوضيحية رقم 17 وأول بنودها:
" فيما يخص الفقرات المتعلقة بشروط الترشيح لكل المسالك، فإن الشروط المنصوص عليها في هذه الفقرات تعتبر حدا أدنى للترشيح"، وهو ما يعني أن المباراة لا تخص أساتذة السلم 10 بل أساتذة السلم 11 أيضا.
أما شروط الترشيح الواردة في المذكرة 9:
"يتم القبول في مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى، على إثر انتقاء أولي بناءً على دراسة ملفات الترشيح وبعد النجاح في مباراةتفتح في وجه أساتذة التعليم الابتدائي من الدرجة الثانية المرسمين، والمتوفرين على عشر سنوات من الخدمة الفعلية في مجال التربية والتدريس، منها أربع سنوات من الخدمة بهذه الصفة".
أما عن تنظيم المباراة، فشددت المذكرة رقم 9 على "الانتقاء الأولي":
"يتم انتقاء أولي للمترشحين بناء على دراسة ملفات الترشيح التي تتضمن المعلومات اللازمة عن المترشح ومساره المهني، وتصوراته عن البحث التربوي الدي يرغب في إنجازه بالمركز. ويجتاز المترشحون الدين تم انتقاؤهم اختبارات كتابية واختبار شفوي".
كما قدمت المذكرة رقم 9 جدولة زمنية للاختبارات الكتابيةالتي بدت للمترشحين قبل إجراء الامتحان ووضعها على المحك، مضبوطة بحيث يمكن معرفة توقيت مواد الاختبارات الكتابية ومدة إنجازها ومُعاملُها.
أما عن إيداع ملف الترشيح، فنصت المذكرة الوزارية رقم 9 على ما يلي:
* يتم الإعلان عن نتائج الانتقاء الأولي بمركز تكوين مفتشي التعليم الكائن بباب تامسنة- العكاري الرباط- ابتداء من يوم 23 فبراير 2009 ويعتبر هدا الإعلان بمثابة استدعاء رسمي للمشاركة في الشطر الكتابي من المباراة ﴿لكن:لماذا لن تُشَغّلَ الأظرفة المتنبرة والبريد الالكتروني ورقم الهاتف المودع في ملف الترشيح داخل "الظرف المشمع"المطلوب في فقرة سابقة من ذات المذكرة؟﴾
* يجري الشطر الكتابي من المباراة يومي 26 و27 فبراير 2009.
* يتم الإعلان عن نتائج الشطر الكتابي بمركز تكوين المفتشين يوم 3 مارس 2009 ويعتبر هذا الإعلان بمثابة استدعاء رسمي للمشاركة في الشطر الشفوي من المباراة ﴿مرة أخرى:لماذا لا تُشَغّلُ الأظرفة المتنبرة والبريد الالكتروني ورقم الهاتف المودع في ملف الترشيح؟﴾
* يجري الشطر الشفوي من المباراة ابتداء من يوم 6 مارس 2009
* يعلن عن النتائج النهائية يوم 9 مارس 2009
* ينطلق التكوين بالمركز ابتداء من يوم 12 مارس 2009
ولعل الاحتفاء بتدقيقات الهروب إلى الأمام تبقى هي الأسطع في الوقت الذي كان فيه من الأجدى تحديد سن المترشحين ﴿25-55 سنة، مثلا﴾وتحديد لغة تكوينهم ﴿مُعرب أم مزدوج﴾ لإزالة اللبس الذي فجرته مديرة المركز في الحوار السابق الإحالة عليه: "مفتشي التعليمالابتدائي سَيُؤَطّرونَ مُدَرسي اللغتين العربية والفرنسية معا".


عودة إلى المذكرة التنظيمية للامتحان: المذكرات والارتجالية والغموض
الذي لا يعرف ولم يسمع ب"فشل" الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد تبهره هذه الدقة في المواعيد وتسلسلها ولكن العقلية التي أنتجت "الفشل" في الميثاق الوطني للتربية والتكوين لا يمكنها إلا أن "تكرره" في باقي التدابير التي تكون وراءها. وبذلك، لم يتحقق شيء مما سُطّر على ورق المذكرات الوزارية التنظيمية لا المذكرة رقم 9 ولا خليفتها رقم 17.


"الشرط-المفتاح" لقراءة مستقبل الامتحان الذي صار في خبر كان:
من الأمور الطريفة الواردة في المذكرة الوزارية رقم 9 هو هذا الشرط "الغريب" الذي لحق بهذه الجدولة الزمنية "الدقيقة": "ولا يتأهل لاجتياز الامتحان الشفوي إلا المترشحون الدين حصلوا على معدل عام يساوي على الأقل 10/20 في الاختبارات الكتابية"!وهو شرط غريب ويبعث على طرح السؤال التلقائي التالي: "هل هناك امتحانات مهنية أخرى يتأهل فيها للاختبار الشفوي من لم يحصلوا على المعدل؟!"
إن هدا "الشرط"، بالإضافة إلى "شروط أخرى" التي وحدها الأيام الموالية للامتحان أثبتت فعاليتها في "التمثيل" على حوالي سبعة آلاف 7000 مترشح كانوا تحت ضغط الجلبة والعَجَلَة والعُجَالة والاسْتعْجَالية التي هيمنت على أجواء الامتحان فشوشت على تفكيرهم وأفلتت من إدراكهم. ومن هده الشروط: وضع ملف الترشيح في ظرف مشمع وانتظار الانتقاء الأوليوضرورة إرفاق الملف بالسيرة الذاتيةوذكر درجة إتقان التعامل مع الحاسوب وغيرها من الشروط المعمول بها في دول نمور آسيا واسكندينافيا والاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية!...


ما بين الانتقاء المعلن في المذكرة التنظيمية والإقصاء الواضح للعموم:
قبل إجراء الامتحان الكتابي ب"ثمان وأربعين ساعة"، تم الإعلان على موقع وزارة التربية الوطنية على الإنترنت عن لائحة الأساتذة "المنتقين" لحضور مراكز الامتحان وعددهم يقارب السبعة آلف 7000 أستاذ منتقى! وبقراءة متأنية رغم ضيق الزمن ما بين تاريخ الإعلان وتاريخ إجراء الامتحان، تبين أنه "لم يكن هناك انتقاء" وأن كل من أرسل ملف ترشيحه وجد اسمه ضمن لائحة الأساتذة "المنتقين" لاجتياز الشق الكتابي من مباراة الدخول إلى مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى!
"الانتقاء الأولي"، كما أعلن عنه في المذكرة الوزارية رقم 9، بدا عند الإعلان عنه أنه كان مجرد "تخريجة" لصرف الانتباه عن "عدم قراءة ملفات المترشحين" فما كان أقرب لمصمم موقع الوزارة هو اسم المترشح ونيابته ورقم بطاقته ورقم تأجيره وما كان عليه سوى ترتيبها على الموقع إرضاءَ لخواطر الموظفين كي يهلل كل واحد من مدينته ويفرح بحَظه وسَعْده. أما مسؤولية لجان الانتقاء وعملها في فرز ملفات الترشيح فلا يمكن لأحد الاستدلال عليها في اللوائح!
أما "الانتقاء الثاني" فقد تلا الاختبارات الكتابية و"عَوّضَ" بدلك مرحلة "التصحيح" المعمول بها في كل ثقافات الأرض. وقد شمل "الانتقاء الثاني"، وهو بالمناسبةصيغة مغربية جديدةبديلة عن "تصحيح أوراق الامتحانات"، في غالبيته "صغار السن" من المترشحين! لقد كان الأمر "إقصاء" Elimination بكل المعايير ولم يكن "انتقاء"Sélection لنخبة ممن سيعهد إليهم خلال التكوين وبعده بمهام خطيرة المسؤولية.
إذا كان الهاجس المحرك لإعادة فتح مركز تكوين المفتشين هو ضغط تعويض المفتشين المرشحين للتقاعد بمفتشين جدد ب "أعمار صغيرة" يصلحون للعمل لمدة 30 عاما قادمة وبنفس راتب المدرس في القسم بدل شرط "الأهليةللمنصب"، فما جدوى امتحان مهني لاختيار "أطر عليا" ستسهر على رعاية النهوض بالتعليم أو إصلاحه؟
ثم إدا كانت الامتحانات المهنية الخاصة بالترقية يتصدر لائحة "التنجيحات" فيها "النقايبية" و"الحزايبية" ضمن مسلسل "التكريم" المعروف؛ وامتحانات تغيير الإطار، بما فيهاامتحان ولوج مسلك تكوين المفتشين التربوين يتصدر لائحتها "صغار السن" من الموظفين... فمتى يحن دور الامتحانات الحقيقية التي ستفرز الكفاءات الحقيقية للإقلاع الحقيقي بالتعليم الحقيقي؟!...


"الغموض" كعائق ولعنة و"الغموض" كاختيار وتكتيك:
"الغموض" الذي لازم مجريات امتحان ولوج مسلك المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي، تماما كما يلازم مجريات باقي الامتحانات المهنية في مغرب "التناوب والتوافق والت..."، لا يمكنه أن يكون إلا أحد اثنين:
* فإما أن يكون "الغموض" عائقا مفروضا ولعنة خارجية؛
* وإما أن يكون "الغموض" اختيارا إراديا وتكتيكا واعيا.
ولكن مادامت السيدة مديرة مركز التفتيش في لقائها الصحفي السابق الإشارة إليه تؤكد:
"كنا ننتظر منذ أكثر من سنة أن يفتح المركز بشكل عادي على أكثر تقدير فيأكتوبر المنصرم، علما أن أغلب الإجراءات الإدارية من قرارات ونصوص قانونيةتنظم المباراة ونظام الدراسة والتقويم، أعدت مباشرة بعد مصادقة المجلسالوزاري على المرسوم في 20 أكتوبر 2008 ﴿...﴾ نعم ستظهر هذه العملياتكأنها كانت سريعة وربما فيها نوع من الارتجال، ولكن في الحقيقة كانت محضرةمن قبل، حتى التواريخ أطرناها وتم تعديلها في إطار التنظيم، حيث التزمنامن خلالها فتح المركز".
وما دام كل شيء تحت السيطرة، يبقى"الغموض" الذي هيمن على أجواء إعلان فتح مركز تكوين المفتشين وساد أجواء الامتحانات الكتابية والشفوية "غموضا"اختياريا وتكتيكيا واعيا لتحقيق أهداف مسطرة!


"الغموض" وأساليب التدبير الفرجوية لأول امتحان ولوج مركز المفتشين 2009 في عهد "التناوب والتوافق والت...":
إذا كانت البنود التسعة الواردة في المذكرة الوزارية رقم 9 لم تتحقق ولم يتحقق منها شيء: لا الانتقاء القبلي مادام جميع المترشحين بدون استثناء قد تم استدعاؤهم؛ ولا سلم المتباري بعدما أضيف سلم ثان هو السلم 11؛ ولا ترتيب المواد الممتحن فيها داخل قاعات الامتحان بعدما عُجّلَ بمادة "حول قضايا التربية والتكوين" التي كانت مقررةيوم الجمعة 27 فبراير 2009 على الساعة (9.00) وفُرضت على الأساتذة المترشحين في كل مراكز الامتحان بالرباط يوم الخميس 26 فبراير 2009 على الساعة (15.00) زوالا تحت مبرر "الخطأ" بينما أجلت مادة "بيداغوجية التخصص" لليوم الموالي ﴿حدث دلك دون سابق إشعار وفي عموم مراكز الامتحانات بالعاصمة لدلك اليوم وبنفس الطريقة والتقديم﴾؛ كما لم تحترم تواريخ إعلان نتائج الامتحان ولا تصحيح أوراق الامتحانات ولا احترام لإرادة المتبارين سيرا وراء التقليد الجديد في تنظيم الامتحانات المهنية "عهد التناوب والتوافق والت...".
تكتيك "الغموض" كان الهدف منه هوتدمير تركيز المترشحين وإرهاقه والتأثير على معنوياتهم لتقبل النتائج كيفما كانت:
* استدعاء المترشحين السبعة آلاف دون استثناء ودون إجراء انتقاء أولي كما هو محدد في المذكرة الوزارية.
* تسطير مواعيد بعينها واعتماد أخرى مغايرة ﴿لم ينطلق التكوين بالمركز ابتداء من يوم 12 مارس 2009 كما حُدّد دلك في المذكرة بل ترك المجال للشائعات التي تنمو وتترعرع لحد الساعة بإمكانية فتح المركز في السنة الدراسية المقبلة مع شهر شتنبر2009! ﴾..
* تقديم مواد للامتحان وتأخير أخرى ضدا على برنامج الامتحان.
* إجراء أطوار امتحان في العاصمة الإدارية في وقت يسيطر فيه على كل الفنادق مؤتمرون منضوون تحت يافطة احد الأحزاب السياسية المستعدة لانتخابات يونيو 2009 ، فارضين على الأساتذة المترشحين لاجتياز الامتحان السفر إلى مدن أخرى للبحث عن فنادق...
* اعتماد الامتحان في آخر الشهر وعدم قدرة الكثيرين على تحمل مصاريف الإقامة والتنقل قبل دخول الراتب الشهري إلى حسابهم البنكي.
* إجبارية حضور جميع المتبارين إلى العاصمة من جميع مدن الوطن الشاسع الأطراف...


فلسفة إعلان نتائج الامتحانات المهنية في عصر "التناوب والتوافق والت...":
عوض إظهار نتائج المباريات كما هو مقرر يوم الأربعاء 4 مارس 2009 ، تم التشويش على الموعد بإعلان نتائج 13 مباراة مهنية "مغايرة" جرت في 24 دجنبر من السنة الماضية، 2009، وهي خاصة بالمتصرفين والمتصرفين المساعدين وأعوان التنفيذ الممتازين والأعوان العموميين من الصنف الثاني وأعوان الخدمة الممتازون والمحللين والمحللين المنظمين والإعلاميين المختصين والمحررين والمحررين الممتازين والكُتاب والكُتاب الممتازين والتقنيين من الدرجة الأولى.
وهدا "التشويش"، إذا ما وُضع في سياقه الإداري فإنه يصبح تقليدا إداريا مغربيا خالصا يشتغل عادة في أوقات الحرج: تأخير إعلان نتائج مباراة أو تغيير عنوان مركز إجراء مباراة أو غيرها من الاختيارات الإدارية اللاقانونية التي قد تورط الإدارة قانونيا...
ولعل أقرب مثل على ذلك هو تاريخ إعلان مباراة السلم 10 والسلم 11 في صيف السنة الماضية 2008. فقد تم إعلان النتائج يوما واحدا بعد نشر الجرائد المغربية الوازنة لبيانات الاحتجاج على نتائج الانتقاء القبلي للأساتذة المترشحين لتدريس أبناء الجالية المغربية بأوروبا الغربية لموسم 2008. فقد نشر البيان يوم 27 يوليوز 2008. ونظرا لعدم مهادنته ولكون الجريدة التي نشرته جريدة حكومية والأمين العام لحزبها هو الوزير الأول، فقد لجأت وزارة التربية والتكوين التي تعمل تحت إمرته إلى إعلان نتائج مباراة ولوج السلمين 10 و11 لأساتذة التعليم الابتدائي التي جرت قبل ثمانية أشهر من دلك التاريخ، في دجنبر 2008. وهدا إن دل على شيء فإنما يدل على أن إعلان نتائج المباريات لا يخضع للانضباط للمواعيد أو لقانون من القوانين أو لاحترام تطلعات لفئات من الموظفين تقدم نفسها ك"صانعة لأجيال الغد"، وإنما تخضع لمنطق "الهروب إلى الأمام" و"للتشويش على المآزق الإدارية المحتملة" و"شراء فرح المكلومين" من المنتظرين... لأن الموظفين اعتادوا على كون نتائج مباريات ولوج السلمين 10 و11 تُعْلَنُ دائما قبل حوالي أربعة أو ستة أسابيع من إجراء المباراة الموالية من السنة الموالية أي أن النتائج تظل مُحتَفظٌ بها في دهاليز الوزارة لمدة تناهز السنة الواحدة درْءَ لكل أشكال المباغتة والاحتجاج وكشف المستور...


خطة استعجالية للنهوض بقطاع التعليم المغربي عبر إسناد المسؤولية لصغار السن من الموظفين:
مباشرة بعد سنة 1996، عاد التعليم المغربي لاختيار "صغار السن" من حملة الشهادات "المتوسطة" في زمن بطالة حملة الشهادات الجامعية العليا وتشغيلهم كأساتذة للتعليم الابتدائي ليس لحاجة التعليم المغربي إلى أساتذة صغار السن (للعب والقفز مع الأطفال في الساحة أو الجري معهم في حصة التربية البدنية) ولا لحسابات اقتصادية (حاجة ميزانية الدولة إلى موظفين قادرين على العمل لأطول مدة ممكنة قبل الوصول إلى سن التقاعد)... وإنما لحسابات أخرى وهي في جميع الأحوال حسابات "غير مُسطرة" و"غير مُعْلنة".
وإذا كان التعليم المغربي قد عرف منذ سنة 1996 ردّةَ تجسدت في نزوعه نحو تشغيل "صغار السن" من الموظفين، فإن مركز تكوين المفتشين الذي فتح أبوابه أخيرا وبعد إغلاق دام حوالي عقدين من الزمن ركز من جانبه أيضا على "صغار السن" من المترشحين بينما الخلفية المتحكمة في فتح المركز هي "الخطة الاستعجالية لإصلاح التعليم" والإعلانات الرسمية ل"فشل ميثاق التربية والتكوين" وتصنيف التعليم المغربي في أسفل الترتيب الدوليالذي أصدره تقرير البنك الدولي للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لسنة 2007.


المستوى العلمي لدى الموظف في قطاع التربية والتكوين: تدقيقات في زمن الخلط
يمكن التمييز بين مستويين من مستويات التحصيل العلمي لدى الموظف في قطاع التربية والتكوين بين نوعين من "التحصيل العلمي": التحصيل العلمي لدى الموظف الذي تَكَوّنَ "فعليا" داخل مؤسسة للتكوين (جامعة...) وتفرغ للدراسة والبحث وعاين مستجدات الساحة الجامعية عن كثب؛ وبين "التحصيل العلمي" للموظفالذي تَكَوّنَ خارج أي مؤسسة للتكوين وتلقى تكوينه عن طريق "فوطوكوبي" المحاضرات والدروس من يد الطلبة الذين حضروها ولدلك يبقى هدا الموظف-المتعلم غائبا عن ساحة الجامعة إلى غاية يوم الامتحان. وهدا الصنف الثاني هو الجيل الجديد من "الموظفين-المتعلمين" الدين استفادوا من إغلاق الباب في وجه الخريجين الجامعيين وسعوا للترقي مهنيا وماليا باقتلاع الشهادات الجامعية عن طريق التكوين عن بعد ووضعها على مكاتب الإدارة التي يشتغلون بها في انتظار الترقي المالي والإداري.


"الدراسة عن بعد" و"الدراسة عن قرب":
"الدراسة عن بعد" هي شكل من أشكال "التحصيل العلمي الهاوي". إنها تكتمل وتنضج على طريقة "أطفال الأنابيب" بعيدا عن البيئة الطبيعة لشروط نضجها. لذلك، كانت "الدراسة عن بعد" هي الاختيار الأخير لمن يقاوم للتثقف والتكوين لأن هدا الشكل من "التحصيل العلمي" لا يمكنه استيعاب أكثر من "منطوق الدرس".
بينماتبقى "الدراسة في فضاء الدرس والتكوين" هي الواجهة الواضحة والطبيعية ل "التحصيل العلمي الاحترافي" الذي يلتقي فيه الدرس داخل المدرج بالدرس في الساحة الجامعية بالدرس في المكتبة الجامعية بالدرس في المقصف بالدرس في... لدلك، كان هدا الشكل من "التحصيل العلمي" يتجاوز في استيعابه "منطوق الدرس" إلى "محيط الدرس ومجاله" وهدا ما يغيب في "التحصيل العلمي الهاوي" الملازم ل"الدراسة عن بعد" المُميزة ل"الموظفين-المتعلمين".
ولعل في الاحتكاك الحاصل بين اختيارات وزارة التعليم وتطلعات الجامعات ما يفسر الأمر: فالوزارة الوصية "تسمح" للموظفين باستكمال دراستهم في الجامعة بينما إدارات الجامعات "ترفض" استقبال الموظفين الراغبين في ولوج وحدات الماستر لعدم انضباطهم للحصص إلا من شفعت له تدخلات سياسية أو غيرها.


الموظف حامل شهادة "التكوين عن بعد" و الموظف حامل شهادة " التكوين في فضاء الدرس":
الموظف حامل شهادة "التكوين في فضاء الدرس" هو "الطالب الخالص" الذي حصَّل على الدروس في حينها وواكب الأحداث العلمية عن كثب ورابض بالحرم الجامعي وتفرغ للعلم وللتحصيل العلمي ولم يسمح لأي عمل آخر أن يقاسمه إياه.
أماالموظف حامل شهادة "التكوين عن بعد" فهو الموظف الذي حصَّل على الدروس بعيدا عن "فضاء الدرس" مكتفيا بجمع المراجع والمطبوعات وفوتوكوبي الدروس ممن حضرها من الطلاب مع الحرص على ضرورة الحضور أيام الامتحانات الكتابية والشفوية لتحقيق الغاية الأسمى، "حصد الشواهد" في أفق "مُرَاكَمَة الترقيات".
إن هَوَسَ "حصد الشواهد" يستحوذ بشكل خاص على طلاب "التكوين عن بعد" لكونهم في غالبيتهم "موظفين". ولأنهم كذلك، فالشغل لا يهمهم مادام هاجسهم الأول هو "الترقية" الإدارية والمالية داخل أو خارج المؤسسة التي يعملون بها و"الشهادة"، بغض النظر عن الشعبة أو الجودة أو الاهتمام، تفي بهذا الغرض. ولدلك، كان طلاب "التكوين عن بعد" أكثر الفئات الطلابية "براغماتية".
أما طلاب "التكوين في فضاء الدرس" الرابضون بالحرم الجامعي والحي الجامعي والمكتبة الجامعية والمقصف الجامعي والرفقة الجامعية ف"التكوين" بنوعيه، العلمي والنضالي، يبقى هاجسهم الأكبر الذي يحتوي داخله باقي "الهواجس الصغيرة". ولذلك، كان طلاب "التكوين في فضاء الدرس" أكثر الفئات الطلابية "دوغماتية" مقارنة مع "البراغماتيين" منطلاب "التكوين عن بعد".


تعامل الإدارة مع حملة شهادات "التكوين عن بعد" وحملة شهادات "التكوين في فضاء الدرس":
تعامل الإدارة مع موظفيها من حملة شهادات "التكوين عن بعد" وغيرهم من حملة شهادات "التكوين في فضاء الدرس" لم يكن ليخلو من تمييزيشي بالكثير منالأسرار. فبينما كان حاملو شهادات "التكوين في فضاء الدرس" من خريجي الجامعة الوافدين على قطاع التعليم "من الخارج" يتعرضونللتماطل في تسوية وضعيتهم وللتلاعب بمصائرهم ماليا وإداريا، كان نظراؤهم من حاملة شهادات "التكوين عن بعد" من موظفي قطاع التعليم الذين سُمحَ لهم باستكمال دراستهم الجامعية فانتزعوا بهده الطريقة في التحصيل العلمي الشواهد قد "ترقوا" إداريا وماليا دون مماطلة أو تسويف أو حيف أو أي شكل من أشكال الظلم الذي يطال الفئة الثانية من حملة الشهادات، طلاب "التكوين في فضاء الدرس".
وهذا ما يطرح الأسئلة المشروعة التالية:
لماذا تفضل الوزارة في الترقية وتسوية الوضعيات فئة الموظفين حاملي شهادة "التكوين عن بعد" علىالموظفين حاملي شهادة " التكوين في فضاء الدرس"؟
لماذا تفضل الوزارة في الترقية وتسوية الوضعيات فئة الموظفين الذين نضجوا داخل القطاع على الموظفين الدين قدموا إلى القطاع من الجامعة تحديدا؟...
إن ما حدث سابقا مع "المعلمين المجازين" 1986-2001 قد يتكرر لاحقا مع الجيل الجديد من حملة شهادات "الماستر" و"الدكتوراه" وغيرها من الوافدين على قطاع التعليم على خلفية فلسفة "العود الأبدي"Eternal Return/ Le Retour Eternel


عن خطر تحويل قطاع التربية والتكوين إلى مجرد "دار حضانة" كبيرة وممتدة في الزمن:
لقد تقوى قطاع التعليم حاليا وتحصن بالهواة من حملة الشواهد الجامعية مستفيدا مندعم الوزارة "للدراسة عن بُعْد"المميزة "للتحصيل العلمي الهاوي" عاشق "الشهادات" والحالم ب"الترقيات"، ومستفيدا أيضا من وقف التشغيل بالقطاع الذي قد يعني محاربة الوافدين الجدد على القطاع "من الخارج" الحالمين بالتغيير والمقتنعين بالكفاءات ...
تستسلم فلسفة تدبير قطاع التعليم في المغرب رويدا رويدا لإغراء الحاجة إلى "موظف بلا مواقف" يختلف عن "المثقف" وربما يعاديه. إن سير الأمور بالطريقة الحالية ستؤدي لا محالة إلى تحويل قطاع التربية والتكوين في الختام إلى مجرد "دار حضانة" كبيرة وممتدة في الزمن لتشمل، في آن واحد وجنبا على جنب، الرُّضّع والصبيان والمراهقين والشباب والكهول في روض الأطفال والمدرسة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعة حيث يحصر قطاع التربية والتكوين مهمته في تخريج "المُتَمَدْرسينَ"...


ثقافة موازنة الشهادات الجديدة: تسوية دار الحضانة بالتعليم العالي
في منتصف الثمانينيات، سخر وزير التعليم المغربي آنذاك من مطلب النقابات بمساواة المعلم بالطبيب في جلسة من جلسات الحوار بين الوزارة والمركزيات النقابية. وتطلب الأمر عشرين عاما كي تفتر سخرية الوزير ويتحقق المطلب ويتساوى المعلم والطبيب. ولكن على أي أساس؟
فلا الشهادات مهمة في هده المعادلة ولا التكوين ولا الكفاءات ولا أي شيء...
فالأستاذ الحاصل على شهادة الباكالوريا+0 سنةمن التحصيل العلمي يعادل الطبيب الحاصل على شهادة الباكالوريا+13 سنة من التحصيل العلميالمتخصص كما هو حال أطباء الأمراض العقلية...
وقد تجاور قرار تسوية المعلم بالطبيب مع حدثين هامين يوضحان السياق العام الذي وصلت إليه فلسفة تدبير القطاع:
* الحدث الأول هو حدث تصنيف التعليم المغربي في أسفل الترتيب الدولي؛
*والحدث الثاني هو حدث الإعلان الرسمي الذي اختزل عمر الدولة المغربية 1200 سنة "فقط" وتطلب من "الموظفين" العاملين بقطاع التعليم بالمغرب "الاحتفال بالمناسبة التاريخية" وتحسيس التلاميذ بهده الذكرى العظيمة على خلفية أن تأسيس مدينة كمدينة فاس قبل 1200 سنة يعادل تاريخ دولة قائمة منذ آلاف السنين تناوبت على حكمها عشرات السلالات وتداول شعبها عبر الزمن عدة أديان وعدة لغات...


مراكز التفتيش والمجازين:
في سنة 1996، أغلقت مراكز التكوين في وجه المعلمين "المجازين" نهائيا. ولقد صدر تقرير وطني بالمناسبة يبرر الإغلاق ويؤكد أن إنهاء تجربة تجنيد المعلمين "المجازين" في قطاع التعليم لم يحقق الأهداف المسطرة لأن "المعلم المجاز كثير الشكوى ويشعر بغبن لعدم ملاءمة منصبه لتكوينه العلمي الجامعي". لقد كان التقرير واضحا في تعليله أو تبريره لقرار "إغلاق" مراكز تكوين المعلمين في وجه المجازين.
وفي نفس السنة، أي 1996، تم إغلاق مركز تكوين المفتشين لكن دون تعليل أو صدور تقرير يبرر قرار الإغلاق كما حدث مع مراكز تكوين المعلمين "المجازين". ولأن الطبيعة تخشى الفراغ، فيمكن البحث عن أسباب إغلاق مراكز تكوين المفتشين سنة 1996 من خلال استحضار مجموعة من "المعطيات غير الرسمية وغير المعلنة" وأهمها أنه في سنة الإغلاق هده، 1996، أكمل الفوج الأول من المعلمين المجازين 10 سنوات من الخدمة الفعلية في قطاع التعليم العمومي وهو ما يخول لهده الفئة من المعلمين حق دخول مراكز تكوين المفتشين خاصة وان سلالمهم الإدارية، السلم 10 آنذاك، داعم قوي وشافع متين لترقيتهم لما فيه مصلحة التعليم وتحسين الجودة والرقي بالتأطير من خلال الاستفادة من تخصصاتهم الجامعية...
لكن الأيام أثبتت أن استدراج الطلبة الجامعيين في حقبة الثمانينيات 1986-1996 إلى قطاع التعليم الابتدائي الذي عرف آنئذ بالتعليم الأساسي لم يكن الهدف منه هو إرادة الاستفادة من تكوينهم الجامعي أو إرادة تطوير التعليم وإنما كان الهدف الصريح والواضح والجلي لغير العميان من الناس هو "هاجس الخوف من اندساسهم في قطاعات أخرى غير التعليم قطاع المعارضة وخطاب المعارضة آنذاك". لذلك، تم وضعهم في "قمقم" وإغلاقه عليهم من خلال إغلاق مراكز تكوين المعلمين عليهم وإغلاق مركز تكوين المفتشين دونهم.


فترة الثمانينيات والتأسيس لثقافة الموظف حامل الشواهد العليا "الوديع":
شهدت فترة الثمانينيات من القرن الماضي مرحلة التأسيس لثقافة رسمية جديدة من خلال سياستين: سياسة "هات الجمهور!" و سياسة "أبعد المحتجين!"
ففي الملاعب، تجلت لعموم العيون سياسة "هات الجمهور طوعا أو كرها!" فقد كانت الحافلات تُقْتَادُ لشحن جمهور مُكْرَه ونقله إلى ملاعب كرة القدم لتشجيع فريق لا يعرفه كما حدث في المباراة النهائية لكاس إفريقيا في الرباط سنة 1988 بعد مقاطعة المشجعين المغاربة للملاعب عقب هزيمة المنتخب الوطني المغربي أمام المنتخب الكامروني.
أما سياسة "أبعد المحتجين إلى الفيافي!"، فالتجسيد الحي لها هي العملية التي استمرت عشر سنوات، 1986-1996، والتي تم عبرها استدراج حملة الشهادات الجامعية "المُجازين" إلى قطاع التعليم الابتدائي تحت إغراء إدماجهم في السلم الإداري الموازي لشهاداتهم بينما كان الهدف الحقيقي هو نفيهم إلى مجاهل الأرياف المغربية مباشرة بعد التوقيع على عقد العمل والتكوين "الصوري" في مراكز تكوين المعلمين والمعلمات...
فعلى مدى 15 خمسة عشر سنة، من سنة 1986 إلى حدود سنة 2001، ظل التماطل في تسوية الوضعية الإدارية "للموظفين الوافدين الجدد على القطاع" من "حملة شهادة الإجازة" شاهداً على ورطتين إداريتين هامتين: الورطة الإدارية الأولى، هي ورطة إقحام فئات "جديدة" من الموظفين على الميدان حاملين لشهادات جامعية ومشبعين بخطاب المعارضة السياسية آنذاك على الفئات "الأصلية" في القطاع من أساتذة حاملين لشهادات المرحلة الثانوية ومتحكمين في التشكيلات والقرارات النقابية للقطاع وهو ما أدى إلى "تَنَاحُرٌ صَامتٌ" بين أساتذة القطاع لم يجرؤ أحد حتى هده الساعة الكتابة عنه.
أما الورطة الإدارية الثانية، فهي ورطة وجودية عاشها الوافدون الجدد على القطاع التعليمي الذين أدركوا، بعد فوات الأوان، أنهم اقتيدوا لهذا القطاع فقط "للترويض" و"التدجين" و"الاحتواء" و"غسل الدماغ"...


خاتمة:
مع سنة 1998، سنة "التناوب والتوافق والت..."، دخل النشيد الوطني لأول مرة إلى المدرسة المغربية العمومية وبشكل إجباري وكأن المغرب نال استقلاله للتو. ولا زلت أتذكر وجه الشبه الذي أضحكني حينها. فقد ذكرني القرار الوزاري بإلزامية النشيد الوطني داخل المدرسة المغربية بالمعلم الذي كان، حين يريد عقاب تلاميذه بالعصا عقابا جماعيا، يطلب من تلاميذ الصفوف القريبة من الباب والنوافذ المطلة على الشارع أداء الأناشيد الصاخبة بأصوات مرفوعة لتغطية صراخ زملائهم المتألمين في الصفوف الخلفية وتلك البعيدة عن النوافذ. وربما تجلت نقاط التقاطع بين تجربة معلم الأقسام الابتدائية الدنيا وتجربة حكومة "التناوب والتوافق والت..." في استثمار الأناشيد للتغطية عن الخلل في التدبير الجديد للقطاع حيث حلّمغرب القبلية محل مغرب الكفاءة وترسّبَ التعليم العمومي أسفل السلم الدولي...
والتدبير الجديد لقطاع التعليم، تحت صخب النشيد الوطني، يشتغل بدافع إغراءات شتى ينسبها الكثيرون إلى زمن وَلّى: إغراء الردة نحو الحزب الوحيد وإغراء التزوير وإغراء التعالي عن القانون...
ويتجلىإغراء الردة نحو الحزب الوحيدفي المعجم الجديدالذييخلط بين التنافسعبر الامتحانات المهنيةوبينالتعيين والانتداب والانتقاء والكاستينغبهدف"ترقية الناس ديالهم". ولعل الفرق بين "الحزب الوحيد" في الماضي و"الحزب الوحيد" في الحاضرهو أنوزير الداخلية الأسبق في العهد السابق تحت راية "الحزب الوحيد بألوانه المتعددة"، كان يحدد الأفق ويتحكم في القطاعات ويتعامل ديمقراطيا مع "المظلومين". أما في زمن "التناوب والتوافق والت..."، "فالحزب الوحيد الجديد" يحاول جاهدا استبدال مفهوم الوطن بمفهوم الحزب وتعويض أهل الخبرة بأهل الثقة واستلهام تجارب تسلطية فشلت وتهدمت في الشرق العربي لإعادة غرسها في المغرب بعد أزيد من نصف قرن على استقلاله...
أما إغراء ثقافة التزوير والحنين إلى ماضي فعاليتهافيتجسدفي إرادة هيمنة الصوت الواحد. فمن التحكم في إرادة المواطنين عبر تزوير الانتخابات وتقديم نخب زائفة في العهد القديم إلى تزوير كل الأشكال ذات الطبيعة التنافسية على كل المستويات بأسماء متعددة في زمن "التناوب والتوافق والت..." والتي تمارسها الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات المدنية باسم "الإنزال" وتمارسها الإدارة باسم "الانتقاء" دون الجرأة على تحديد المعايير وهو ما يجعل من "الانتقاء" في الخطاب الرسمي الجديد مجرد "إقصاء" عَار من كل التبريرات.
وأما الإغراء الثالث فيستمد قوته من تنامي مخالب اللا قانون. فإذا كان القانون المتعارف عليه عالميا يفترض انضباط الجميع لما تعاقد عليه الجميع، فإن اللا قانون هو استغلال انضباط الجميع للقانون لفعل ما يمكن فعله بأشكال غير قانونية. وعليه، يمكن معاينة إغراء التعالي عن القانون بالإحالة على قراءة كتاب "تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب".



انقر هنا لتحميل الكتاب الإلكتروني الهام والمجاني
"تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب"



عن موقع "رَيْحَانيَات" على الرابط التالي:
http://raihani.free.fr/arabicversion-chronicles-text31.htm



--
Mohamed Said Raihani:
http://en.wikipedia.org/wiki/Mohamed_Said_Raihani
http://www.lematin.ma/Actualite/Journal/Article.asp?idr=115&id=97128
http://www.middle-east-online.com/english/?id=20579
http://www.youtube.com/raihanyat




Opinions