عندما يغضب الشعب
واخيرا قالها العراقيون البصراويون قبل البغداديون... لقد ذقنا المر و شبعنا من الأحزان ..لقد سئمنا من الوعود والضحك على الذقون ...نريد خدمات نريد ماء وكهرباء نريد عمل...نريد ان نحيا مثل باق البشر ...نريد ان نعيش اجواء الخير والسلام !فالعراقيون منذ تأسيس دولتهم والى هذا اليوم عاشوا الحروب والوعود دون توقف , لقد سئموا وتعبوا ولا يبدو ان الحروب والوعود سترحل عنهم ! مشهد من مسلسل الحروب والوعود كانت في 2003 ميلادية , ومنها والى هذا اليوم سبع سنوات والعراقيون في دوامة العنف والصراعات وسرقة الدولة والمرض والفساد الاداري والأحزان والوعود , انهم يفتقدون الى لقمة العيش والى كل انواع الخدمات , وانهم على دراية من ان ذلك لن يتحقق الا بوجود مسؤولين ممتلئين بثقافة النزاهة والتحظر والمدنية , مسؤولين ..تقترن اقوالهم بافعالهم , فمثل هؤلاء هم الوحيدون القادرين على توفير الأمن والسلام وتوفير الخبز وتحقيق العدالة والتصالح والتناصح والألفة بين العراقيين .
الاف العراقيين تظاهروا في البصرة وامتد الغضب ليشمل بقية المحافظات يطالبون فيها بتحسين اوضاعهم الأمنية والمعاشية , لقد صدقوا وقالوا كلمتهم وسمعهم العالم والمسؤولين العراقيين , لقد اثبتوا بانهم فعلا الثائرون على الفساد والطائفية , حيث انها السبب في معانات العراقيين , فتوفير الخدمات والعيش في عراق آمن ومزدهر مطلب مشروع تقره كل الشرائع السماوية والانسانية , نعم لهم والف نعم ...كما ان غياب الكفاءة والنزاهة والتمسك بالمحاصصة الطائفية والتستر على الوزراء والمسؤولين الفاسدين وحماية المرتشين وتقديم الوعود الكاذبة كلها مناهج استغلها البعض من ضعاف النفوس لتحقيق طموحاتهم الشخصية والحزبية وعمقت الصراعات المذهبية والثارات الطائفية والحزبية , نؤكد ان النجاح والتقدم لا يتحقق عبر الخطابات والشعارات والفتاوى والوعود , انما يتحقق في اجواء الحرية الحقيقية وساحات العمل الشريف وحسن النية والوعد الصادق , ولذلك فان الثائرون على الفساد والطائفية والاستبداد محقون في دعوتهم للاسراع بتوفير الخدمات وايجاد الحلول باسرع ما يمكن لمنع العودة الى الاقتتال الطائفي واستمرار السرقات ونهب المال العام .
ان العراقيين ومنذ زمن تواقين لرؤية حاكم عادل قادر على تجاوز اخطاءه و وواضع نصب عينيه مصلحتهم فوق مصالحه الشخصية والفئوية والحزبية , انهم بحاجة الى من يقدم لهم الحدث المفرح والخدمة المباشرة التي تسعدهم .
فالمسؤول او الحاكم الممتلئ بحب الشعب والمدافع عن العدالة والحق والحرية سوف لن يسقط ابدا , اما الكذابون والسارقون والكارهون للحياة والحرية والانسانية فسيسقطون حتما, يقينا ان العراقيين الثائرين على الفساد اليوم والغاضبين من سوء اداء الحكومة لا يستهدفون مسؤول حكومي معين ولا اي شيخ او مرجع دين او كاهن فاضل سواء كان يحتل منصبا في محافظات كردستان او في محافظات العراق , انهم غاضبون ونادمون على من انتخبوهم واوصلوهم الى المناصب واصبحوا مسؤولين عن سلامتهم ومعيشتهم , ولكنهم خانوا الأمانة .
فحين يتظاهر العراقيون سلميا منتقدين أداء وزير معين او مسؤول , فانهم يقصدون بذلك حماية الأبرياء المخلصين , كما انها فرصة ثمينة للمسؤول المخلص والكفوء ليتمكن من استئصال المفسدين واحلال الطيبين والنزيهين محلهم .
مما لا شك فيه ان هناك من يريد ان يعمل من اجل ترسيخ مفاهيم الوطنية والمصالحة بين ابناء الشعب ويسعى وبكل اخلاص الى تغيير الواقع الأمني والخدمي المتدهور باتجاه الأحسن , لا بل ويضحى بوقته وماله وبصحته من اجل تحقيق السلام , هؤلاء متى ما شعر الثائرون على الفساد انهم بقربهم , فانهم سيحملون فوق الأكف .
هتافات ....الله يرحمك يا فقيدنا يا كهرباء ...وكاف عاد مو دمرتونا......قالها العراقيون بلهجتهم العامية وشوهدت على شاشات الفضائيات , متظاهرون حملوا نعشا يرمز الى حبيبهم الغالي الكهرباء في مشهد تمتزج فيه الجدية بالكوميديا ..تظاهرات سلمية في البصرة والحلة والناصرية والعمارة خرجت لتعبر عن سخطها وتنتقد حكومة السيد المالكي لعجزها في توفير الخدمات والأمن ...ونحن نقول......دعوا الشعب العراقي ان يتمتع بهذه الحرية التي منعوا منها طويلا , دعوه ان يعلن ويفصح عن آلامه واحزانه وعن احتياجاته , دعوه يطلق العنان لأحلامه في الدنيا , اتمنى ان يعي الجميع معنى ثورة الشعب...فالحياة الطبيعية الآمنة هي مطلب مشروع يتمناه العراقيون والمظلومين والبؤساء في العالم....تذكروا دائما ما قاله الشاعر الشابي ... اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ........!