عندي حلم
اليوم اسطر أحلامي. فمنذ سنين طويلة أخوض صراعا بين أحلامي وبين أوهامي، كما أخوض صراعا بين أيامي وبين آلامي.
عندي حلم:
أن أرى العراق بلدا حديثا فيه ثلاثة أشياء: وطن، دولة، مواطن.
ولكن هذا الحلم لن يتحقق أذا بقينا مصرين على الاستسلام للأفكار الإيديولوجية التي تصر على أن الشعب العراقي متخلف وانه شعب عنيف وانه خانع يخضع للدكتاتوريات. من يصر على ذلك مع الأسف هم سياسيو البلاد ومثقفوها الذين يرتشون لترويج هذه الأوهام .أنها أوهام وليست حقائق. والصراع اليوم بين هذه الأوهام التي تتكرس بفعل النفوذ والأعلام الحزبي وفساد المثقفين والصحفيين والكتاب الذين يروجون لهذه الأوهام حتى تكتسب صفة الحقيقة؟
ماذا كان يفعل أعلام صدام؟ كان يقوم بتكريس أوهام لتتحول إلى حقائق في ذهنه يتصرف بموجبها مثل أن سكان جنوب العراق هم هنود جلبهم محمد القاسم بعد غزواته. ومثل أن الحجاج هو الحاكم النموذجي لعراق معارض للسياسة الأموية فلا ينفع مع العراقيين ألا العنف. ولا يدرك المروجون التناقض في طرح أوهامهم. فهذه الأطروحة مثلا لا تفترض وجود العنف في المجتمع ولكنها تؤكد دون وعي وجود العنف في السلطة السياسية . وسبب العنف السياسي واضح: شعب يريد حريته وحقوقه، وبدل أن يستجيب الحاكم لهذه الحقوق يقمعها بقوة السيف أو المسدس أو الجيش أو الشرطة. ولذلك كان زياد بن أبيه أول من استخدم الشرطة في العراق للحفاظ على سلطته فقد كان راتبه السنوي 25 ألف درهم مع مخصصات تبلغ 100 ألف درهم بينما كان راتب الحجاج السنوي 500 ألف درهم سنويا. ويمكنكم أن تتخيلوا حجم المرتب أذا ما علمنا أن متوسط مستوى المعيشة في القرن الأول الهجري كان 200درهم. وكان راتب الكاتب الذي يستخدمه زياد آو الحجاج في دواوين الدولة هو 360 درهما. وحين اعتبر عبد الملك بن مروان أن دخول المسلمين مرتفعة (ليس دخول الحكام والولاة ) وقاس ذلك على الصناع الذين احتسب دخلهم السنوي 300 درهم أجرى تعديلا خطيرا في الضريبة فقرر أن يأخذ 100 درهم ويبقي لهم 200درهم. وبما أن اللباس المتوسط السعر والمقبول اجتماعيا يتراوح سعره بين 20 و25 درهما يكون الحد الأدنى للمعيشة يعادل 8 بدلات كاملة، ويعادل سعر نصف فرس لان الفرس يباع آنذاك 400 درهم ونصف عبد لان السعر المتوسط للعبد كان 400درهما أيضا. فتخيلوا الفرق بين ما يتقاضاه زياد أو الحجاج وما يتقاضاه المواطن عن طريق عمله ، كما يمكن أن نقارن اليوم بين ما يتقاضاه نائب في البرلمان أو وزير، وبين ما يتقاضاه موظف صغير أو بائع كباب.
أليس من مصلحة السياسيين ومن تبعهم من الكتاب والمثقفين إلى يوم الدين الإبقاء على هذه المنافع وترويج إشاعات وأوهام عن الشعب العراقي بأنه متخلف وعنيف ولا يستحق الحياة؟
عندي حلم:
أن أرى نخب العراق وطبقته الوسطى من الأكاديميين والمثقفين والسياسيين والموظفين والأطباء والمهندسين والتجار والمعلمين وغيرهم واعية بشكل آخر. أي لا تنطلق من حتمية الدكتاتورية والتخلف والاستبداد. احلم أن تتخلى هذه النخب عن ماضيها الذي يعيشون فيه وينطلقون منه حيث انه ماض يقوم على دعامة الحقد الايديولجي الذي أضيف أليه الحقد الطائفي والحقد ألمناطقي بين الشمال والجنوب والشرق والغرب
السبب الذي يجعلني أفضل بليخانوف على لينين هو الفكر العملي العقلاني لبليخانوف. انه يقول: أن الصراع الإيديولوجي الذي يخوضه الإفراد والجماعات تبقى تأثيراته في نفوس من خاضه زمنا طويلا.
نعم. أننا نخوض صراعا بين الماضي الإيديولوجي وتأثيراته وبين الواقع. لذلك نحكم على الواقع الحالي من منطلقات إيديولوجيه تنتمي للماضي: يوم أمس رددت في الفيس بوك على تساؤلات حول تأسيس اللجنة الدولية لحماية الديمقراطية في العراق التي انتخبت رئيسا لها، تقول: أين هي الديمقراطية ، وأين هو الدستور؟ أقول: يجب علينا التمسك بقيم محددة. لدينا دستور وعلينا التمسك به والدفاع عن الحريات السياسية والاجتماعية والمدنية التي ينص عليها. وهكذا نتقدم ولا نعود إلى نقطة الصفر، أو إلى المربع الأول ، وهو المصطلح المفضل لسياسيينا ومحللينا الدمويين ، عفوا محللينا السياسيين
عندي حلم
أن لا يحتكر المسؤولون موارد العراق وان يتوقفوا عند حدود القانون والدستور والشرع وان يتذكروا أنهم يديرون شؤون الناس الذين فوضوهم حراسة أموالهم وحياتهم وصحتهم وتعليمهم وغير ذلك. فمن حق ابنة رئيس البرلمان العراقي أن لا تحرم من تكافؤ الفرص وتحصل على فرصها حالها حال خلق الله من العراقيين. ولكن ليس من حق أبيها أن يمنحها عقدا يقول انه جاء عن استحقاق. الاستحقاق لا يتوقف فقط على أبناء المسؤولين وإنما هو حق ثلاثين مليون عراقي. وحين نكتب عن كل هذه الخروقات والامتيازات الفاحشة فإنما ندافع عن حقوقنا التي يسرقها الآخرون بقوة السلطة. أرجو أن يتذكر البرلمان ذلك فيتحقق حلمي بالعدالة ومبدأ تكافؤ الفرص وانعدام التمييز. وإذا كان بيان رئيس المجلس يلقي على اللجنة القانونية مسؤولية رسو العقد على ابنته ،فان على اللجنة القانونية ، وهي قانونية، أن تلتزم بالعدالة ومبدأ تكافؤ الفرص وانعدام التمييز خاصة وان من رسى عليها العقد هي طالبة في بعض الأخبار وفي بعضها الأخر هي خريجة هذا العام: أي أنها ناقصة الخبرة. انصح رئيس المجلس الالتزام بالعدالة وعدم التهديد باللجوء إلى القضاء في كل مرة ، فنحن نعرف ماذا يعني ذلك . كما انصحه من موقع مواطنتي الواجب عليه احترامها دستوريا أن يكف عن اتهام وسائل الأعلام في كل مرة بالأكاذيب والتلفيق وغير ذلك مما اعتاد المسؤولن تلفيقه، يا أخي ابنتك ما تزال طالبة فلماذا تكون هدية تخرجها مقاولة بنصف مليون دولار؟ رئيس البرلمان مطالب قبل غيره باحترام المادة الثامنة والثلاثين من الدستور. ولابد أن تكون لديه نسخة من الدستور فليرجع لها.
أما الاستحقاق فالله منح ملايين الناس القدرة على الاستحقاق فهل قصر هذا الاستحقاق على بضعة عوائل لسياسيين عراقيين دون غيرهم؟
عندي حلم
أن تنقلب كلمات الحاكم المدني الأمريكي للعراق في سلطة التحالف بول بريمر إلى عكسها فهو يقول(ضقت ذرعا بالأعيب السياسيين العراقيين وانعدام حس المسؤولية لديهم). فهل يتحقق حلمي بان يكون لديهم أدنى شعور بالمسؤولية تجاه مواطنيهم وبلدهم وأمواله وموارده النفطية،؟ ورغم اطلاعي على جهل بريمر بالعراق وجهل كثير من مساعديه ،ألا أنني أؤيد كلامه بان انطباعا تولد لديه بان الانقسامات الطائفية التي طغت على رجال السياسة في مجلس الحكم كانت اقل وضوحا بين الناس . العاديين. أي أن الانقسامات الطائفية مثل الهرم ولكن بالمقلوب فهي تبدأ في القمة لتنزل إلى المجتمع.
لست مقتنعا بحكم بريمر. ولكنني مقتنع بما يقوله بين فترة وأخرى : فقد قال لأحد زعماء الكرد الذي لمّح له بإمكانية انسحاب الكرد من الحكومة المؤقتة التي
تشكلت برئاسة أياد علاوي في حال عدم إرضائهم ( الحقيقة إنني ضقت ذرعا بموضوع المواقف السياسية، فقلت له سيكون انسحاب الأكراد ضربا من التهور وانعدام حس المسؤولية، ثم أن الأكراد قد استفادوا من العملية السياسية اكسر من أي طرف آخر خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بفضل جهودنا. ورد قائلا: ربما، لكن الشارع الكردستاني ملحاح. فهززت رأسي قائلا: ومن اجل هذا وجد الزعماء السياسيون ليبينوا للناس الإمكانيات المتاحة) كان هذا رأي بريمر.
نعم. لكن هذا ليس لسان بريمر وإنما لسان الثقافة السياسية لرجال السياسة في الغرب الديمقراطي والتي تتناقض معها السنة رجال السياسة في العراق..
عندي حلم
إن يحقق البنك المركزي العراقي ما حققه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. لست أنا من يقول ذلك ولكنه بريمر في كتابه( سنتي في العراق: وفي السابع من يوليو اتخذنا خطوتين كبيرتين في برنامجنا الطويل الأمد للإصلاح الاقتصادي. وأعلنت إن العراق سوف يبدأ بتبديل الدنانير العراقية القديمة بالجديدة ووقعت كذلك على قانون لتأسيس أو بنك مركزي مستقل حقا، والذي يضاهي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي)
أريد استمرار هذا الحلم وان لا أرى خبيرا اقتصاديا دوليا مثل الدكتور سنان الشبيبي متعرضا لتشويه سمعته في خضم الصراع على المال العام. فسبعين مليار دولار ، احتياطي العراق النقدي ، دخل في ساحة التسقيط السياسي مما يهدد العراق بالفناء الاقتصادي بعد الفناء المالي والفناء الزراعي والفناء الصناعي والفناء الأخلاقي.
عندي حلم
أن أرى رجال الدين وقد عادوا إلى جوامعهم وصوامعهم وحسينياتهم بعد أن اطمأنوا إلى أن الدستور كتب مثلما يريدون فقد تم الإقرار في المادة الثانية، بالإسلام دينا رسميا للدولة وبأنه لا يجوز سن تشريعات تتعارض مع المبادئ العامة. ماذا يريدون بعد؟ هل يريدوننا أن نطالب نحن الليبراليين، كما طالبوا هم، بخمسة فقهاء للديمقراطية يملكون حق الفيتو ضد كل ما هو معارض للديمقراطية؟
حلمي أن أرى الفضيلة فوق السياسة والإيمان فوق المناصب والزهد فوق المال والأثرة ،حتى لو كان بهم خصاصة كما هو حال علي بن أبي طالب، فوق الجشع والطمع ، والآخرة فوق الدنيا. الم يقل الله أن الآخرة خير وابقي فلماذا يتقاتلون من اجل الدنيا الفانية؟
عندي حلم
أن أرى الصحافة حرة غير مرتشية ولا يستطيع السياسيون تقديم رشى للصحفيين وشراء أكاذيبهم التي تروج لهذا وذاك. ففساد الإعلام اخطر من فساد السياسة. لان فساد الصحافة يبدأ من تزوير نتائج الانتخابات والاصطفاف السياسي والإيديولوجي المدفوع الثمن إلى انتهاك حرية الصحافة وانعدام استقلاليتها وحياديتها ومهنيتها. فلا ديمقراطية بدون صحافة حرة، ولا صحافة حرة بدون استقلالية ولا استقلالية بدون قطيعة مع المال السياسي الذي يفسد الحقيقة ويزورها ويجعل الرأي العام أبكم لا يتكلم. إنها جريمة مروعة، ترقى إلى مصاف جرائم الإرهاب ، إن يبيع الصحفي ضميره لقاء مال يزور به حقائق حياة الملايين من الناس. السنا بحاجة لقانون يجرّم رشوة الصحفيين وقبولها فيكون الراشي والمرتشي في الجحيم؟
عندي حلم
إن أرى تمثال الرصافي محاطا بالورد بدل الازبال رغم إنني قرأت تعليق الأخ صباح محسن ولكن المعلومة التي في التعليق تشير إلى أن الازبال لم تعد تهبط من فوق التمثال وإنما من تحته. ذكاء الازبال ذكاء فطري مثل ذكاء البكتريا.
أما البياتي فلم يحظ بتمثال ولذلك فالأجيال التي تربت في أحضان صدام المعادي للتاريخ صاروا معادين للتاريخ فحملوا معاولهم لتهديم البياتي وغيره من الشعراء
عندي حلم
في زمن صدام كان هناك (سيد عام) واحد هو مدير الأمن العام. فقد كان منذ إدارة ناظم كزار يبجل مدير الأمن العام بإطلاق لفظ السيد العام حتى لا يذكر اسمه على الأفواه تقديسا له وإرهابا للآخرين من جلاوزته وللمواطنين . وألان لدينا مئات السيد العام حيث يرفض المدراء العامون لفظ أسمائهم كأنها لفظ الجلالة. هل أصبحت المناصب مقدسة إلى هذا الحد؟ صحيح انه لم يصدر قانون بهذا ، كما لم يصدر قانون لحد ألان بألقاب الرئاسات الثلاث ولذلك ندور بين فخامة ودولة وسعادة ، كما هو الحال في لبنان. فهل سيدعو المدراء العامون البرلمان لإصدار قانون بمناداة المدير العام بالسيد العام حتى لا تتوسخ أسماؤهم بين أفواه البشر؟
عندي حلم
إن لا تتدخل العشائر في صياغة قوانين البلاد طالما نعيش في ما نسميه دولة لها دستورها وقوانينها وبرلمانها ومجلس قضائها ولذلك احلم أن يحمي القانون المريض كما يحمي الطبيب وان لا يستهدف المتطرفون أطباء الأمراض النسائية بحجة الكشف عن العورة. فالإسلام يقول لأحياء في الدين كما لأحياء في العلم. فلماذا تشرع العشائر ضد ما شرعه الله؟ ولماذا لا يصبح التهديد بالقتل سواء جاء من قبل العشائر أو من قبل شخص أو من قبل مسؤول حكومي تحت طائلة القانون إذا كانت هناك دولة قانون؟ هل هناك عورة مكشوفة تثير الخجل والحياء أكثر من عورة الفساد والتخلف والسرقات والأمية والجهل وانعدام تاريخ السياسيين الجدد واحتقار الشعب وتحديه بذا الشكل الصفيق؟
عندي حلم
إن تنتهي صلاحية المسؤول القانونية والإدارية عند مغادرته مبنى وزارته أو معسكره أو دائرته ، وان لا تمتد صلاحياته غير القانونية إلى أبنائه وإخوته وعشيرته في المجتمع .فهناك من أبناء العسكريين والمسؤولين المدنيين من هدد بالوثائق المصورة بالاعتداء على حمايات ثانوية للبنات لاقتحامها ونسف المدرسة ومركز الشرطة ( لاحظوا التناقض: تهديد الأطباء بحجة كشف العورة وإطلاق يد أبناء المسؤولين بانتهاك مدارس البنات،وكأن بنات الناس مباحات للقوة والنفوذ والرغبات الطائشة)
عندي حلم
إني أرى في العراق148محطة توليد كهرباء كما كانت هناك 148 صورة لوزير الكهرباء في مطبوع أصدرته وزارته عن نشاطاته لا يتجاوز 64 صفحة. من الواضح أن وزارة الكهرباء تعوض الانقطاع الطويل والمستمر للكهرباء في العراق بسطوع صور الوزير واشراقاتها اللامعة.
عندي حلم
إن لا يعترض احد ، أو يطاردني احد على أحلامي.