Skip to main content
عودة مليون مواطن من مخيمات النزوح ما زال بعيد المنال Facebook Twitter YouTube Telegram

عودة مليون مواطن من مخيمات النزوح ما زال بعيد المنال

المصدر: وكالة شفقنا الإخبارية

الوضع الأمني ونقص التمويل يعيقان عودة مليون مواطن مشتتين في مخيمات النزوح إلى مناطقهم الأصلية، وذلك بعد سنوات من وضع الحرب ضد داعش اوزارها.

بعد انقضاء أكثر من ثماني سنوات على اجتياح داعش لثلث مناطق العراق، ومضي خمس سنوات على الحكومة العراقية النصر على التنظيم المتطرف.

أزمة النزوح الحالية في العراق

وتعود أزمة النزوح الحالية في العراق إلى حزيران من العام 2014 حين اجتاح داعش مناطق واسعة من وسط وشمال وغرب البلاد، ليصل عدد الهاربين من جحيم التنظيم المتشدد إلى أكثر من ستة ملايين عراقي، عاد أغلبهم إلى مناطقهم الأصلية وما يزال أكثر من مليون منهم يعيشون في 28 مخيما للنازحين، اثنان منها فقط خارج إقليم كردستان.

وبحسب إحصاء أصدرته دائرة الإعلام والمعلومات بحكومة الإقليم في يناير 2023، فإن عدد النازحين في الإقليم بلغ نحو 665 ألفاً، منهم 230 ألف يسكنون في مخيمات النزوح، فيما يعيش أكثر من 490 الفاً منهم خارج المخيمات (في منازل أو لدى أقربائهم في الأغلب).

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الهجرة والمهجرين أواخر عام 2022 خطة لإغلاق المخيمات خلال ستة أشهر، استبعد مركز تنسيق الأزمات بوزارة داخلية إقليم كردستان في بيان له إغلاق مخيمات النازحين خلال العام الحالي “بسبب البنية الاقتصادية في المناطق المحررة من تنظيم داعش التي لا تزال غير مناسبة”.

 خطة إعادة النازحين

أقرت رئاسة الوزراء العراقية، في آذار 2021، الخطة الوطنية لإعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية المحررة، والتي أعدتها وزارة الهجرة والمهجرين بالتعاون مع وزارة التخطيط العراقية.

تضمنت الخطة عرضاً لواقع النزوح في العراق، وإحصاءات تضمنت تصنيفات لنازحي المخيمات، بالإضافة إلى برامج وأنشطة تنفيذية لإعادة النازحين وتهيئة البنى التحتية للعائدين، وأنشطة أخرى متعلقة بالجوانب الأمنية والسياسية والمصالحة الوطنية، إلى جانب برامج خاصة باستدامة الاستقرار والتأهيل والتنمية المجتمعية.

هذه الخطة كانت نتيجة مباشرة للتعاون بين وزارة الهجرة والمهجرين ووزارة التخطيط التي أعلنت في أغسطس 2021 أنها تمثل أولوية أولى أمام الحكومة من أجل تنفيذ ما ورد فيها بعد إقرارها من قِبل مجلس الوزراء، مشيرة إلى حاجتها لمبلغ 34 تريليون دينار عراقي لتنفيذها بالكامل.

وبحسب البيان، فان الوزارة أسست صندوقا خاصا لتمويل مشاريع خطة إعادة النازحين الطوعية إلى مناطقهم. وخصصت 25 مليار دينار عراقي لهذا الصندوق الذي سيكون ضمن وزارة التخطيط كمرحلة أولى، فيما يتم العمل على عقد مؤتمر للدول المانحة للحصول على دعم دولي لجهود الحكومة العراقية في إنهاء هذا الملف، في ظل صعوبة توفير المبالغ المطلوبة لذلك.

 شح التمويل

في أواخر عام 2022، أعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين ايفان جابرو في مؤتمر صحفي عن إن “ملف النازحين سيتم إنهاؤه في العراق خلال 6 أشهر ضمن البرنامج الحكومي”، إلا أن الوقائع على الأرض لا تشير إلى إمكانية تنفيذ هذه الوعود.

وبحسب علي عباس المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية فإن الوزارة “أشرت مجموعة معوقات أمام تنفيذ برنامج عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية، وأجملناها بالتحديات الأمنية والعشائرية والاجتماعية والاقتصادية والخدمية، والتي تم تثبيتها في الخطة الوطنية وألزمنا المؤسسات والمنظمات الدولية أن تتعهد بإزالة هذه التحديات”.

وهذه المؤسسات “تشكو من توفر التمويل الكافي بسبب تأخر إقرار الموازنة وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الخطة بشكل كامل وحسب التوقيتات المحددة، ونتأمل في المرحلة القادمة أن تتحقق الأهداف التي نسعى اليها وإعادة كافة النازحين” يقول عباس.

عدد المخيمات في العراق

ويضيف أن عدد مخيمات النزوح في العراق “وصل إلى 174 مخيما، وحالياً هناك 28 مخيما فقط، منها 26 في إقليم كوردستان ومخيمان جنوب الموصل”.

ويوضح أن وزارته “تبنت بالتعاون مع وزارة التخطيط خطة وطنية لإعادة النازحين انبثقت عنها لجنة عليا ثبتنا فيها جميع المؤسسات التي نعتقد بقدرتها على التأثير وتنفيذ الخطة”.

هذه الخطة، كما يشير المتحدث، “تم المضي بها إلى حد ما خاصة في المناطق التي لا يتضمن العمل بها تكاليف أو تبعات مالية”، إلا أن الخطة بشكلها العام “تتطلب تمويلاً وتعاوناً من باقي المؤسسات لتنفيذها، باعتبار أننا أشرنا المشكلات التي تحول دون عودة العوائل وهي أمنية واجتماعية وعشائرية”.

وينتقد عضو لجنة المهجرين في البرلمان العراقي يوسف سبعاوي استمرار وجود مخيمات النزوح وعدم  إعادة جميع النازحين إلى مناطقهم الأصلية بالقول: “المخيمات أصبحت مسألة معيبة في تاريخ العراق وتاريخ الإنسانية. ومن المهم العمل على إنهاء الملف المؤلم وإعادة النازحين”.

بعض الثقل الاجتماعي، بحسب سبعاوي، يجب أن يتم القاؤه “باتجاه العشائر بحيث يكون كل شيخ عشيرة أو منطقة ملزما بإعادة النازحين إلى مناطقهم السكنية الأصلية، شرط التزام المعايير الأمنية وأن يتم وضع بعض من عليهم علامات استفهام تحت المراقبة الأمنية المشددة”.

 الحكومة “غير جادة” في حل الأزمة!

“حتى الآن ليس هناك جدية في حل مسألة النازحين في العراق، رغم وضعها في الوثيقة السياسية المبرمة في تحالف إدارة الدولة”، يقول رئيس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية شريف سليمان.

ويطالب سليمان الحكومة العراقية “بتنفيذ اتفاقية سنجار وإزالة التوتر الأمني والسياسي في المنطقة، والذي هو المعضلة التي تمنع أغلب النازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية”.

وزار سليمان خلال الأيام القليلة الماضية أربعة مخيمات على أطراف دهوك: “لاحظت من خلال تلك الزيارات أن هناك غيابا حكوميا وقلة دعم، خصوصاً فيما يتعلق بالمساعدات الغذائية التي لم يتم توزيعها لأربعة أشهر، فيما تعاني المراكز الصحية في سبيل توفير الأدوية اللازمة”.

كما أن هناك “اكتضاضا في الكرفانات المدرسية رغم مناشداتنا للجهات المسؤولة إلا أنه للأسف الشديد ليس هناك اهتمام بهذه المسائل وهي مهمة جداً لدعم النازحين”.

وبحسب رئيس اللجنة البرلمانية، فإن “هناك عوائق كبيرة لعودة النازحين على رأسها تأتي مسألة التمويل، فالنازحون ممن استمر بقاؤهم في المخيمات حتى اليوم، غير قادرين على العودة إلى مناطقهم بعد تهدم دورهم جراء العمليات العسكرية”،

كما أن الكثير من النازحين “هم من القرى، بيوتهم تكون طينية وأُهملت لسنوات فتهدمت أو تعرضت للخراب. وهم بحاجة إلى تعويضات لإعادة إعمار مساكنهم وتمت المطالبة بعشرة ملايين دينار لكل عائلة، وهو مقترح يجب أن تدرسه الحكومة بشكل جيد وترصد له التخصيصات في الموازنة وتضع استثناءات لأن الأمر لم يعد يحتمل الانتظار أكثر فهو يؤثر سلبا على حياة آلاف العراقيين الذين يستحقون العيش بكرامة على أراضيهم”.

 حلول “مستدامة” للنازحين

بعد الانتهاء من تشييده، قام برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهبيتات) بتسليم مجمع باب سنجار السكني إلى حكومة الموصل المحلية في يناير 2023، والذي تم تخصيصه لسكان المخيمات من أهالي مدينة الموصل النازحين.

وبحسب وائل الأشهب مدير برنامج المستوطنات البشرية في العراق، الجهة المسؤولة عن تنفيذ المشروع، فإن المجمع السكني “يتكون من 324 وحدة سكنية وتسع بنايات شكلت ملاذاً لـ2300 مواطن من نازحي مدينة الموصل، من الذين سكنوا المخيمات لسنوات طويلة”.

ويعتبر من المشاريع الريادية “كونه يشكل حلاً مستداماً لمعاناة النازحين لأن السكن اللائق يحافظ على كرامة الأسر النازحة ويفتح لهم فرص العيش الكريم”.

وبين الأشهب أن البرنامج “يعمل بشكل مكثف لتقليل معاناة النازحين عبر مشاريع ذات حلول مستدامة وليست مؤقتة، من خلال ملاذات آمنة واطئة الكلفة يتوفر فيها الخدمات الأساسية والبنى التحتية من ماء وكهرباء وطرق بالتعاون مع محافظة نينوى والمؤسسات الحكومية فيها والتي وفرت الأرض للمشروع”.

منح الشقق السكنية للنازحين يخضع “لمعايير خاصة منها الوضع الاقتصادي وعدد أفراد الأسرة إضافة إلى تضرر الأسرة جراء فقدان المُعيل وكذلك الأسر التي تعيلها النساء وذوي الاحتياجات الخاصة”.

نجاح مشروع باب سنجار “فتح الباب أمام مشروع جديد مشابه خصصت له محافظة نينوى قطعة الأرض اللازمة، ونتمنى أن يتم تمويله والبدء بتنفيذه قريباً بالتعاون بين البرنامج والحكومة العراقية والحكومة المحلية في نينوى وبتمويل من الحكومة اليابانية وتخصيصه للنازحين”.

Opinions