غياب المطران سرهد جمو عن سينودس الكنيسة الكلدانية: معان ودلالات
تتجه أنظار كنيستنا المشرقية المجيدة وشعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة صوب السينودس الذي تعقده حاليا كنيسة المشرق الكلدانية برئاسة البطريرك لويس روفائيل وإخوته الأساقفة وبغياب أسقف كلداني واحد وهو المطران سرهد جمو.
وإن أخذنا التصريحات الأخيرة للمطران سرهد على عواهنها والتي تحدى فيها البطريركية برئاستها الجديدة من حيث كون أبرشيته تمثل أكبر الأبرشيات الكلدانية (حسب ما نقل عن المطان جمو نفسه رابط 1) ولها من التأثير ما لا تملكه ربما كل الأبرشيات الكلدانية الأخرى مجتمعة إلى درجة ذهب فيها إلى إدعاء أن أي قرار لن يتخذ خارج نطاق ورغبة أبرشيته فإننا نحن الكلدان وكنيستنا سنكون في وضع محرج حقا.
ولكن لنكن منصفين وننظر إلى الواقع الإجتماعي الكلداني نظرة موضوعية ونزيهة ونسأل: من هو الذي سيخسر في النهاية هل المطران جمو صاحب او زعيم النهضة الكلدانية – وسأتي إلى هذا الموضوع لاحقا – ام البطريركية والأساقفة الذين إجتمعوا في بغداد ومعهم قلوب ليس فقط الكلدان بل كل أطياف شعبنا بأسمائم وكنائسهم المختلفة.
أبرشية كبيرة ومؤثرة!
لا شك ان المطران جمو يتربع على ابرشية كبيرة وغنية جدا لها من المال ربما دون حساب ولا شك ان المطران جمو جمع حوله عددا لا بأس به من المثقفين القوميين الكلدان الذين دافعوا وربما لا يزالون عن نهجه السياسي ونظرته الخاصة للقومية وكذلك بعض الكهنة من الذين مكنهم بأساليب غير مسيحانية على الهرب من العراق.
ولا شك ان للمطران جمو تأثيرا كبيرا في مجريات الكنيسة الكلدانية كمؤسسة ولن نخفي سرا تحديه المؤسساتي من خلال علاقاته بالفاتيكان او غيره للبطريركية في عهد المرحوم روفائيل بيداويذ – الأرشيف البطريركي يؤكد على ذلك – وكذلك تأثيره المباشر أحيانا على مجريات الأمور في عهد البطريرك السابق والمستقيل عمانوئيل دلي.
إذا نحن امام شخصية ليست عادية لأنها جمعت السياسة والصراع مع الرئاسة والصراع مع الفرع الأخر (الأشوري) لكنيستنا المشرقية المقدسة الرسولية الجامعة وذلك بتبنيه لقضية المطران المنشق باوي سورو وإقحامها في الصراع السياسي والقومي والمذهبي والمالي والعقاري الدائرة رحاه بين أطياف شعبنا وغيرها من المواقف.
القوميون الكلدان
وألتف القوميون الكلدان حول هذه الشخصية – وهذا في رأي واحد من أخطائهم الكبيرة – وصار المثقفون بينهم يغدقون عليه المديح ومنهم من رأه "اسد الكلدان" ومنهم من حمّله "الراية الكلدانية" ومنهم من رأى فيه المنقذ الذي بواسطته سيفيق الكلدان من سباتهم لا بل غيبوبتهم ومنهم من طالب علانية من الأساقفة الكلدان الأخرين وحتى الكهنة إلى حذو حذوه وإقتفاء خطاه وأثره.
ولكن هل كان المطران جمو بمستوى الثقة العمياء التي منحه إياها القوميون الكلدان؟ هل حقا بادلهم الثقة هذه وذلك بوضع مصلحة إحياء الهوية الكلدانية ( لا سيما من حيث اللغة والثقافة والتعليم والتأليف والنشر وتأسيس وإنشاء المدارس والمعاهد لتدريس لغتنا القومية وغيره)؟ او بالأحرى هل وضع مصلحة الهوية الكلدانية كممارسة فوق كل شيء وليس مجرد مصالح خاصة والتشبث اللفظي بالتسمية الكلدانية قولا وليس فعلا؟
تناقض كبيبر
المحب لهويته الكلدانية لا يفرق بل يجمع، لا يهمش بل يدعو إلى الشراكة، لا يعرقل بل يساهم، لا يقصي بل يوحد، لا يبغض بل يحب، لا يهاجم بل يمد يده لأخيه الكلداني المختلف عنه، لا يشتت بل يرتب لا سيما البيت الكلداني.
ولنكن منصفين فإن ما حصل من خلال المنهج السياسي والقومي الذي إتبعه المطران جمو جاء – وهذا رأي الشخصي – عكس توجهات ليس فقط مريديه ومناصريه من القوميين بل الغالبية الساحقة من الكلدان أيضا والكثير من أبناء شعبنا من المكونات الأخرى.
وهكذا بدلا من أن يضع المطران جمو يده في يد البطريرك المحبوب لويس روفائيل الذي وفي فترة وجيزة ادخلنا تقريبا كلنا بإسمائنا ومذاهبنا في عهد جديد عمل على تحديه.
وبدلا من ان يحضر السينودس ممثلا للذين ساندوه في كل هذه الفترة ومدافعا عن نهجه ونهجهم ومستخدما التأثير الذي يقول انه وأبرشيته يملكانه بصورة إيجابية من أجل محبيه من القوميين أرى من وجهة نظري أنه خذلهم بغيابه.
وغيابه عن السينودس كما نستشف من السجال الذي جرى بينه وبين البطريركية والمنشور على موقعه كلدايا.نت لا علاقة مباشرة او غير مباشرة له بحرصه على الهوية الكلدانية كممارسة بل مرتبط بأمور اخرى ومنها قضية المطران باوي.
وبغيابه وحضور كل الأساقفة الأخرين أرى انه ضرب مسألة القومية الكلدانية بالطريقة التي أثارها في السنين الأخيرة في الصميم. والسبب واضح. الكلدان بأغلبيتهم الساحقة مصطفون وراء البطريركية متمثلة برئاستها الجديدة.
ولا يغرنكم كون الأبرشية التي يقودها أكبر الأبرشيات الكلدانية. لا أظن ان الكلدان حتى في هذه الأبرشية على إستعداد لتبني أي موقف معارض للبطريركية او ما سيتمخض عنه السينودس الحالي من قرارات مهما إدعت من تأثير او قوة تملكها على المؤمنين من الكلدان او الأثوريين التابعين لها.
هل من أثر إيجابي
الأبرشية العتيدة هذه لها الكثير من المال والتأثير. هذا صحيح. ولكنها لم تترك أثرا إيجابيا في صفوف الكلدان بصورة عامة.
فالخطاب الذي نقرأه على صفحات موقعها الرسمي خطاب غير حميد: إنه خطاب تكفيري هرطوقي احيانا وإقصائي احيانا أخرى ورقابي بشكل صارم حيث تغيب فيه أبسط مبادىء حرية التعبير وهجومي في أغلب الأحيان والهجوم طال حتى البطريرك لويس روفائيل الذي ترى فيه كل مكونات شعبنا الواحد وكنائسه المختلفة هبة من الله في زمن صعب جدا صار وجودنا كشعب وكنيسة على المحك.
وغياب المطران جمو عن السينودس لن يؤثر في أغلب الظن على مجريات الأمور. وحتى غياب الأبرشية – إن نجحت رئاستها في تحديها الحالي – على مسار شعبنا وكنائسنا.
فرغم التأثير الكبير والإمكانيات الهائلة لهذه الأبرشية فإن القائمين عليها لم يوظفوها في خدمة الكلدان وهويتهم. لم تقم هذه الأبرشية – حسب معلوماتي – ورغم إمكانياتها الهائلة بتأسيس مدارس او معاهد لتدريس لغتنا القومية في الشتات او في أرض الأجداد ولا بناء مشاريع خدمية او خيرية في القرى والقصبات الكلدانية في أرض الأجداد ولا إنشاء مؤسسات عامة تعني بأمور الناس وتشجعهم على التشبث بهويتهم من خلال ممارسة لغتهم وثقافتهم وليتورجيتهم وطقوسهم.
لو كان لهذه الأبرشية مثلا عشرات المشاريع مثل هذه لكان غيابها او تغيبها أثر بصورة مباشرة على إستمرارية هذه المشاريع ولربما كان لها وقع كبير على شعبنا لا سيما علينا نحن الكلدان.
الخطأ القاتل
أكرر مرة أخرة وأقول أخطأ القوميون الكلدان في وضع بيضهم كله في سلة المؤسسة الكنسية وأقترفوا خطاءا مميتا بإصطفافهم مع تيار محدد في هذه المؤسسة ومعارضة بعضهم للنهج الوحدوي للبطريرك الجديد وهو لا يزال في ايامه وأسابيعه الأولى.
كان يجب عليهم التريث وتشجيع تيارهم الكنسي للوقوف خلف البطريركية ولإستفادة قدر المستطاع من نهجها والعمل بالممكن من الذي ستساعدهم فيه ومن ثم – وهذا الأهم – الإعتماد على النفس. منذ نشأءة الأحزاب والتجمعات القومية الكلدانية وهي تتكىء على المؤسسة الكنسية وها هي اليوم تدفع ثمن عدم إستقلالية قرارها.
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,666164.msg5999364.html#msg5999364