فاضل ميراني و سركيس أغاجان – هل تمً الاستلام والتسليم ؟!
wadeebatti@hotmail.comيبقى الرقم ( 102 ) لكل من خدم في الجيش العراقي السابق , تطوعا او خدمة الزامية أم احتياط , محفورا في الذاكرة , كون هذا الرقم يشير الى مستند ( الاستلام والتسلبم ) الذي يمثل مرحلة فاصلة في الحياة العسكرية . ومن الطبيعي ان هذا المستند كان عزيزا , اغلى من الذهب , عندما كان يقترن بالتسريح او الترقية او الانتقال من موقع قاسي وصعب , كالحجابات مثلا , الى اخر اكثر امانا او قربا من الاهل , وفي الوقت نفسه كان المستند تذكارا ليوم مشؤوم عندما تم انجازه استيفاءً لعقوبة او فصل او سحب ثقة او نقل لايتوافق مع التمنيات . في مجتمعاتنا الشرقية تتشابك الحياة السياسية مع تقاليد الحياة العسكرية , خاصة وان المركزية المفرطة في الاحزاب السياسية في الشرق قد تركت التقاليد العسكرية ساحة واسعة لهذه الاحزاب تغرف منها بنهم شديد , مع الاشارة هنا الى ان التسريح في الحياة السياسية والعسكرية ليس دائما ضمن الانباء السارة السعيدة !. صديق وأخ عزيز غيور على شعبه اتصل بي ليُعلمني بتأجيل مهرجان كان مقررا ان يقام تأبينا لفقيد شعبنا الكبير المؤرج الدكتور هرمز أبونا , فعرًجنا في الحديث معاً عن قضايا شعبنا والمستجدات على الساحة , فنبهًني الى نقطة جديرة بالاهتمام والملاحظة , وهي بروز دور فاعل واهتمام متزايد فيما يخص شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الفترة الاخيرة من قبل السيد فاضل ميراني , سكرتير الحزب الديموقراطي الكردستاني , فحفًز الذاكرة الى استعادة ما امكن من شريطها الطازج للاسابع القليلة المنصرمة , مرورا بالمؤتمر الثاني للمجلس القومي الكلداني الذي حضره السيد فاضل ميراني وارتجل كلمة فيه , وصولا الى خبر زيارة المجلس الشعبي بشخص رئيسه وعدد من اعضائه للسيد ميراني في مكتبه والتباحث معه حول اوضاع وقضايا شعبنا , حتى ان الخبر الذي نُشر في موقع عنكاوة العزيز قبل ايام , والمتمثل في الاعتداء على احد حراس الكنيسة في مدينة عنكاوة , كان ماثلا ايضا في الذاكرة , كون نجل السيد فاضل ميراني قد ورد اسمه في الخبر , واحدا من اطرافه . كل هذا يصل بنا الى تساؤل يقود الى استنتاج , ربما يكون مصيبا او مخطئا , وهو هل ان ملف شعبنا لدى القيادة الكردية قد تمً نقله فعلا , ليكون من اختصاص السيد فاضل ميراني بعدما بقي لسنوات من حصة السيد سركيس أغاجان ؟! واذا كان ذلك قد حدث حقا , فما هي ملامح المرحلة المقبلة ؟.
ربما يكون مفيدا هنا التذكير في اننا لاننكر ابدا حق الاخوة الاكراد , او غيرهم , في تقييم الاداء المرحلي واعادة توزيع الملفات على القيادات بما يكفل معالجة افضل لها , وإداء ادق , و اكثر انتاجا في مرحلة قادمة , كما اننا لسنا من عشاق نظرية المؤامرة التي يستطيب منظروها تعليق كل شئ على شماعتها بالشكل الذي يمنح ادواتها الداخلية , والمقصود هنا من داخل شعبنا , العذر في الوقوع في حبالها والبراءة , احيانا , من نتائجها , على خطى ( إنا لله وإنا اليه راجعون ) . بل نؤمن ان السياسة ليست قصة حُب عذري , كما ان من يُتقن السياسة ليس , حتما , جميلا او قيسا او بثينة او ليلى ! بل السياسة هي سوق المصالح والناجح فيه , من يستطيع تسويق بضاعته وجني افضل الارباح , حتى ولو لم تكن تلك البضاعة , احيانا , ماركة مسجلة . لذلك فهي من الحنكة ان يتمكن السياسي بنجاح من نسج فصول ( مؤامرة ) وتجسيد تلك الفصول عمليا على مسرح الحياة السياسي , اما ضحايا تلك المؤامرة فهم , على اقل تقدير , ( قاصروا عقل وسياسة ) , والسياسة في كل الاحوال , هي اقسى من القانون , لاتحمي المغفلين . ان تجديد الإداء دليل على الحيوية و رفض للجمود , ناهيكم عن انه , من المفروض , ان يكون عاملا حافزا للمقابل وللاخرين , كونه يترك اللعبة اكثر إثارة . ربما يقول البعض اننا بهذا الكلام نشرعن التدخل في امور شعبنا , وغاب عن ذهن هؤلاء ان السياسي المحترف , حاله حال اللاعب المحترف , يعمل دوما , ولايبحث عن رخصة في ذلك , الى نقل الكرة واللعبة خارج ساحته , وقاية لعارضة مرماه اولا , واملا في تحقيق ربح في العارضة الاخرى ثانيا . وهكذا قبل ان نغوص في جدال بيزنطي حول شرعية اللعب في ساحتنا , علينا ان نعالج مكامن الخلل والاختراق التي تدعو الى التسلل الى تلك الساحة , ليس بمعنى الانغلاق على النفس , و رفض التفاعل مع الاخرين , بل الى مجاراتهم في اصول احتراف اللعبة , واجبار اللاعبين العاجزين او المتهاونين على الجلوس على مسطبة الاحتياط , وهذا ابسط الايمان !.
تؤكد كل حوادث التاريخ , وخاصة عندما يتم تداول السلطة سلميا في مختلف المواقع الدينية والسياسية والاجتماعية ,العليا وغير العليا , على ان القادم الجديد وإن كان يحرص في خطبة التنصيب او بدايات ممارسة الاداء في المهمة الجديدة على التأكيد في الاستمرار على نهج من سلفه , طمأنة لمعيته , إلا انه يقينا سرعان ما يبدأ الممارسة الفعلية لتطبيق ارائه وطروحاته الخاصة , حتى ان المراقب بعد برهة قصيرة من الزمن يتمكن وبسهولة من التميز الواضح في خيوط المرحلتين , بل ان هذا التمييز يصل احيانا الى الرؤية او الاحساس والشعور بالتقاطع بين تلك الخيوط . وهذا تحصيل حاصل كوننا كبشر لسنا استنساخا لبعضنا البعض . وهكذا نعتقد ان نظرة الاستاذ فاضل ميراني الى شعبنا ومعالجته للملف الخاص به لدى القيادة الكردية سيختلف بالتأكيد , افكارا وادوات وتكنيك , عن تلك التي تمت معايشتها عندما كان الاستاذ سركيس أغاجان يقود هذا الملف . فالسيد أغاجان , وبحكم انتمائه الى هذا الشعب , ليس غريبا ان يحرص على تقديمه ككتلة واحدة موحدة , وفاءً لانتمائه اولا , ودعما لموقفه ثانيا , غير ان السيد فاضل ميراني في حلٍ من ضريبة هذا الانتماء , وشعبنا بالنسبة له جزء من الساحة السياسية التي يبحث فيها عن افضل النتائج , وربما يرى الاجدى , استحقاقا للخارطة الجديدة وافرازاتها , ان يجمع النتائج الجزئية عوضا عن البحث , ربما , عبثا , في نتيجة عامة كلية , وهكذا نرى ان المجلس الشعبي في المرحلة القادمة لن يكون ( المدلًل ) الوحيد , بل ربما سيحوز ( أشقاء وشقيقات ) له على نفس القدر من الدلال , والاكثر من هذا , فمع نجاح اية عملية انجاب جديدة سيفقد المجلس الشعبي امتياز ( أخر العنقود ) , ناهيكم عن ان هذا الدلال سيكون اصلا مُقنًنا , ولذلك على البعض الذي اعتاد على ( الخير العميم ) في السنوات السابقة ان يشدً الاحزمة على البطون تحسبا للختم بالشمع الاحمر على السمان من السنين , واستعدادا للعجاف منها .
ويبقى كل ماتقدم هو مجرد محاولة متواضعة لاستقراء الواقع وحلحلة معطياته , وهي محاولة ليست , قطعا , معصومة من الخطأ , كما انها قد تلامس الصواب . فحال من يكتب في السياسة في الشرق اصبح كعالم الابراج , يجب ان يُنهي قراءة توقعاته , تجنبا لفتاوي التحريم والتكفير ومن باب التواضع ايضا , بالجملة الدارجة الشهيرة , ( والعلم عند الله ) . . .