Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

فالح الدراجي وذكرى توما توماس

أتقدم الى مسلمي الشعب العراقي ، بأحر التهاني واطيب الأمنيات بمناسبة عيد الفطر المبارك ، راجياً من الله أن يعيده عليكم بالامن والسلام .
حين يكون المرء وطنيا صادقا ، فانه لا ينظر لأبناء وطنه الآخرين الا اخوةً وأهلاً ، لا يفرق بين دين ودين ولا بين مذهب ومذهب ، ولا بين قومية وقومية ، وحين يكون المرء انسانياً حقيقياً فأنه يرى كلّ أبناء الخلق مثله ، متساوين في المزايا ، ومتشاركين جميعا في شرف الأنتماء الى أرقى الأجناس وأروع المخلوقات وأثمن رأسمال ألا وهو " الانسان " ، ينتابني العجب حين أسمع أن صابئياً طيباً ، لم يؤذِ احدا في حياته قد قتل بسبب ديانته ، او ان قساً مسيحيا متفرغا لعبادة خالقه قد نحر بسبب معتقده الديني ، أو أن احداً من المذهب الفلاني قد قتل بسبب أصوله المذهبية وليس لسبب آخر ، أو ان فتاة بريئة أغتصبت لأنها ليست على دين القاتل ، في حين أن الضحية ، رجلا كان ام انثى ، لم تكن قد ارتكبت أي ذنب تستحق عليه هذا القتل الهمجي ، أبكي حزناً كلما تناهى الى مسامعي أستشهاد مواطن عراقي برئ ، لا ذنب له سوى أنه من مذهب معين أو دين آخر ، وأبكي أيضا لكن فرحاً كلما سمعت نبأ مضيئاً يشعرني بعراقيتي ومسؤوليتي فينقل لي موقفاً وطنياً نزيهاً ، أو فعلا انسانيا جميلا قام به شخص ما ، فأشعر بالفخر والمباهاة ، واليوم اِذ تنشط السكين الأرهابية في ذبح العراقيين الأبرياء ، تحت شعارات دينية ، وقومية ، ومذهبية متطرفة ، فيصاب العراقيون بالفجيعة والاحباط لهذه الاعمال الدموية الرهيبة ، لا سيما وان الأعلام المعادي ينشط في تضخيم وتكبير الصورة السوداوية ، فيؤججها ويصب عليها الزيت ، ناهيك عن أزدياد حالات استهداف وقتل مختلف ابناء الاقليات الدينية كالمسيحيين ، والصابئة المندائيين ، والايزيديين ، وذبحهم على الهوية دون أي ذنب ، أن المواطن العراقي بحاجة الى سماع أي شئ مضاد لهذا النشاط الدموي المرعب ، فتراه يقف ويؤيد حملات المنظمات المدنية ، والانسانية التي تدعو الى ايقاف عمليات الأبادة ضد الأقليات الدينية ، فيساهم بالتوقيع ، والتظاهر والاستنكار ، لا من شئ ، الا لكي يُسمع العالم أصوات الأبرياء الذين ضاعت أصواتهم في لجة الموت الطائفي الاجرامي ، ان المواطن العراقي أينما كان ، يفرح كثيراً ، حين يجد او يسمع أن – عراقيا قام بعمل ما – وان كان العمل بسيطاً ، يدعو الى نبذ التفرقة الدينية والمذهبية والقومية ، ويساهم في اشعاع النور الوطني والانساني الأخوي بين أبناء الشعب العراقي الطيب ، ولعل الموقف الرائع الذي قام به الشاعر فالح حسون الدراجي قبل أيام ، هو واحداً من تلك المواقف الانسانية ، التي تستحق الذكر والاشادة ، فربما يساهم تعميم هذا النموذج ،او الموقف الكريم ، في بث روح الألفة والمحبة العراقية الصادقة ، لذا تجدوني قد تشجعت وطرحته على الملأ !! واليكم الموضوع مختصراً لعله يطيب بعضاً من خواطركم الكسيرة .... أتصل الأخوة في سكرتارية الأتحاد الديمقراطي العراقي في ديترويت بالشاعر فالح حسون الدراجي ، وأبدوا رغبتهم بمشاركته في الاحتفالية الأستذكارية التي ستقام في الذكرى العاشرة لرحيل المناضل الوطني والشخصية المسيحية الكلدوآشورية الكبيرة ، البطل توما توماس ، عبر تقديم نص غنائي يقدمه الفنان ماجد ككا ، وفي اليوم الثاني لوصول الدعوة ، تلقى الدراجي نبأ رحيل والده الحاج حسون ، وهنا اصبح فالح في حلّ عن ألتزامه ، فرحيل الوالد مصاب كبير ومفجع حتما ، تيقنت من ذلك خلال زيارتي له مع بعض الاصدقاء لحضور جلسات العزاء والفاتحة ، فتحسست بالألم الذي عصف بفالح ، وحبه لهذا الاب الطيب الذي غادرنا جميعا في هذه الفترة العصيبة ، التي نحن فيها أحوج ما يكون لحنانه وطيبته ، خاصة وانه لم يتمكن من حضور عزاء الوالدة سابقاً ، وها هو اليوم يودع والده بعيداً في ديار الغربة ، لكن فالح العراقي ابن العراقي لم يكن كذلك ، اذ راح يكتب النص الغنائي المطلوب ، وهو يعاني من وجع وألم فقدان والده ، حتى خرج من بين يديه نصاً رائعاً ، قدمه الفنان المبدع ماجد ككا في الاحتفال التأبيني الذي أقيم في ولاية مشيغن الامريكية يوم 14/10/2006 ، وأمام حضور جماهيري كبير ، ألتهب حماساً وهو يسمع ككا يتغنى بكلمات الدراجي وهي تخلّد البطل توما توماس ، وأذا كانت الاغنية قد حققت كل هذا النجاح ، فان الفضل يعود لأبداع الدراجي أولا ، باعتبار أن النص أساس كل أغنية ، وللفنان المبدع ككا ، الذي ترجم هذه الكلمات الرائعة الى أغنية جميلة ، ولكن يبقى الاهم أن ( المسلم الشيعي ) فالح الدراجي كتب أغنية ( للمسيحي ) توما توماس في ذكرى رحيله العاشرة ، في الوقت الذي يُذبَح فيه المسيحيون على أيدي ( الأسلاميين ) المتطرفين دون ذنب ، وفي الوقت الذي كان فيه فالح منشغلا أيضا بمراسيم مجلس الفاتحة على روح المرحوم والده ، والأروع من كل ذلك ، أن فالح لم يكتب قصيدة لوالده الذي بكاه في رحيله بحرقة بكاءً مراً ، بل كتب لشخص آخر لا تربطه به غير رابطة الارض والحب والأنسانية ، فما أروع هذه اللمسة الوطنية والأنسانية الباهرة ، وكم نحن - العراقيين – محتاجون لأشاعة هذا العطر ، وبث هذا النفس الطيب والصحي في كل أجوائنا ، هل نقول لفالح شكراً ؟ نعم سأقولها له ، شكراً والف شكر، وأنا أعرف تماماً بأنه لن يرضى بذلك ، فالعراقي الحقيقي لا يريد ثمناً لعراقيته ،ولا يقبل الشكر على موقف هو جزء من هويته وأمتيازه وعقيدته الأنسانية النبيلة ، دُم صديقي فالح ، عراقياً وليتعلم الاخرون .... واليكم النص كاملا ، وقد أرسله لي الدراجي بناءً على طلبي :
نظّم الشاعر العراقي فالح حسون الدراجي قصيدة بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل القائد الفذ الانسان توما توماس ( من القوش / العراق ) القيت في مدينة ديترويت يوم 14/10/2006 بصوت الفنان ماجد ككا ، نالت قبول واستحسان الحاضرين واليكم ابياتها :

ها يبن الشمس ، والكَاع والناس
ياهيبة ورجولة وتاج عالراس
اِذا نفتر الدنيا أجنوب وأشمال
واِذا اِنقيس الرجال بوَزن الرجال
فلا نلكَة شبيه لتوما توماس

توما اِبن العراق بنخله وبمَيّة
مثل بستان كلها اِمريّعه اِبفيه
أهلال العيد ، ياهو المايحب ضَيّه
وشجرة ياس ، ياهوالمايحب الياس ؟

حَيّوا القوش جابت سبع السباع
وأسم توماس ذاع ابكل ثرى وشاع
مو بس الجبل والسهل والكَاع
حتى الهور يعرف توما توماس

روح لأي نصير وكَله : توماس
تطِكَك راساً أدموعه ، ويحني الراس
لأن توماس ، موبس توما توماس
هذا الدم والشرف والرفكَة والناس
وجذب نلكَه شبيه لتوما توماس

والسلام .....

Opinions