فريق وطني بدون وطن
هذا الشعار رفعه فريق اسيرسكا الكروي في مدينة سودورتاليا في السويد ، وهذا الفريق قد فرض نفسه على الساحة الكروية السويدية واصبح من فرق الدرجة الأولى في دول أوربا بمثابرته وجهده وادارته الحكيمة ونكرات الذات لجميع القائمين على شؤون هذا الفريق والتشجيع الجماهيري له في مسيرته الكروية.عند زيارتي السويد كان هناك في ذهني عدد من الزيارات على تحقيقها و من ضمنها هو زيارة بناية مقر الفريق حيث تجد في مقر ه كافة مستلزمات النشاط الرياضي والترفيه الاجتماعي ، ومن حظي السعيد أن يرافقني في هذه الزيارة الصديق والكاتب المعروف الأستاذ شمعون دنحو ، وكنت اكثر سرورا عندما تم إهدائي قلما وعلى متنه اسم هذا الفريق العريق ولا أنسى وجود بعض الإداريين في ذلك الصباح التموزي الجميل في بلاد الثلج وعلامات الغبطة على محياهم بما يحقق فريقهم من انتصارات في دوري مملكة السويد ، كما زرت ملعب الفريق والذي قيل في حينها أن رئيس وزراء السويد قد اوعدهم بملعب أخر أوسع عند زيارته لهم وتم ذلك بعد فترة وجيزة ، مع العلم يعتبر " نادي الأجانب الأول في تاريخ أوربا الذي يلعب في الدوري الأعلى للبلد"
تذكرت هذا كله وأنا أتابع ما وصله الفريق من إبداعات بالرغم من تغير رؤساء النادي والهيئات الإدارية بين حين واخر .
هؤلاء تركوا أوطانهم طمعا في الحرية التي حرموا منها مئات السنين بعد أن قتل وذبح الآلاف منهم في بداية القرن الماضي ، ولكن عند وصولهم إلى الملاذ الأمن استطاعوا أن يشيدوا عدد من المؤسسات ، ولم يمضي على هجرتهم اكثر من عقد واحد إلا وكانت النبتة الأولى في بناء تلك المؤسسات الاجتماعية والرياضية والثقافية والفنية ، واستمرت هذه النبتة بالنمو وارتفعت كشجرة يانعة وأثمرت ومازالت تعطي ثمارها لان هناك أيادي بيضاء تسقيها بالجهد والمال ونكرات الذات ، واصبحوا قوة تحسب الأحزاب السياسية السويدية ألف حساب وحساب في أي انتخابات برلمانية محلية أو وطنية .
شاهدت بعض ما أسسوا وقرأت عن هجرتهم وقارنت بين حالنا في مدن الاغتراب وبين ما وصلوا أليه ! فكانت الغصة الكبيرة في القلب ليس حاسدا لتلك المؤسسات بل من الذي نحن فيه !! وابناء شعبنا مضى على وجودهم في هذه المدن اكثر من ثلاثون عاما بالتمام والكمال !
ربما يقول أحد بان عدد الجالية كان ضئيلا قبل ثلاثون عاما ، ولنقول لنترك هؤلاء المغتربين الأوائل ونبدأ من الهجرة الجماعية بعد حرب الخليج الثانية وكانت أولى المجموعات قد وصلت إلى هذه المدن في سنة 1992 أي مضى اكثر من 14 سنة على هذه الهجرة !! بعد 14 عاما وعددنا بلغ الآلاف و يزداد يوميا بعد أخر والسؤال يطرح نفسه باستغراب ، ماذا عملنا ! ماذا أسسنا ! ماذا بيننا ! ماذا قدمنا ! بماذا ضحينا ! والجواب هو إننا لم نستطيع أن نضع كما يقال " طابوكة على طابوكة " وكل واحد يرمي " طابوكة " الفشل على الأخر ! وكل واحد يتهم الأخر بوضع العراقيل ! ولكن الحقيقة ظاهرة كعين الشمس ولا تحجب بغربال ! أن الكل مشترك بهذا الفشل و الحال المتدني لوضع الجالية في كافة مدن الاغتراب و بكافة تفاصيل تسميتها .
نقرا بين حين واخر تأسيس جمعية أو نادي في هذه المدينة أو تلك ويظهر إعلان بين عيد وعيد وعلى متنه خبرا بإقامة حفلة أو سهرة بتلك المناسبة ، وعندما تقرأ الأسماء " الإدارية " تجدهم كلعبة " الثلاث ورقات " أي تتغير المناصب فيما بينهم بدون أن تتغير الوجوه وتكرر وهكذا لا أحد " يتزحزح " من مقعده وإذا لا يكون أحد من هؤلاء في " المناصب السيادية " فانه يعتزل المشاركة في أي نشاط في ذلك النادي أو الجمعية أو ما شابه والأمثلة كثيرة بدون ذكرها .
أن كافة المؤسسات الاجتماعية سواء ( نادي أو جمعية أو منتدى ) يحكمه النظام الداخلي والذي يسمى أحيانا " الدستور " وجميع هذه المؤسسات تحصل على الموافقات الرسمية باعتبارها مؤسسات اجتماعية وتزاول نشاطا اجتماعيا أو ثقافيا ، ولكن نقولها بأسف شديد أنها خرجت من مسار " نظامها " واضحت مؤسسات " سياسية أو طائفية أو عشائرية " تتعامل في الساحة كما تتعامل الأحزاب القومية أو الطائفية وتبتعد كل البعد عن أهدافها ! ومما يأسف له اصبح عدم الانسجام أمرا غاية في التعقيد بين هذه " المؤسسات "
على جميع أبناء شعبنا من القائمين على إدارة هذه " المؤسسات " الرجوع إلى " دساتيرها " ويجعلوا من " نكرات الذات " شعارهم بعيدا عن المصالح الخاصة وبتكوين " لجان تنسيق " بوجوه جديدة ودماء جديدة تجمع ممثلي هذه المؤسسات لكي يضعوا " اللبنة الأولى " في مسيرة أبناء الجالية في كل مدينة من مدن الاغتراب وترك السياسية لأصحابها ونخرج من الحسابات الهامشية !! ولنجعل شعارنا " لجنة تنسيق للجميع " وبالتالي نكون قد حرصنا على وحدتنا كما يحرص أبناء شعبنا من الخيريين في الوطن على وحدة العراق .