فضائية عشتار .... مع من ؟ ..... ضد من ؟
في البداية أود أن أتوجه بالشكر العميق إلى جميع أهلنا في المهجر لمشاعرهم وعواطفهم التي أثبتت أنهم فعلا مرتبطين بأبناء وطننا العراق الحبيب وبأرضه. وبأنهم جزء لا تجزئه طول المسافات عن تاريخ هذا البلد الجريح فقد لمسنا أصابعهم وهي تحتضن أصابعنا حبا وحنينا رغم إنهم مشتتين بين بلدان العالم وتفصلنا عن بعضنا البعض بحور وبراري لا حصر لها. لكن ومع كل الأسف حتى هذه المشاعر النبيلة والعواطف الجياشة الصادقة لم تسلم من شرك التسييس والاستغلال والتسخير لصالح جهات باتت تستهين باستخدام آلامنا ومعاناتنا ومشاكلنا وهموم شعبنا لصالح بعض الأطراف النافذة في المنطقة والتي تعمل جاهدة لكسب مناطق و أبناء الأمة من ( الكلدان السريان الآشوريين ( جامعة إياهم تحت اسم المسيحيين كي تلعب بهم كورقة رابحة لزيادة نقاطها في معادلة البقاء للأكثر التي ابتلا بها عراق الديمقراطية الجديد .لقد نقلت فضائية عشتار مسيراتكم التضامنية والتي من المفروض إنها نظمت لمساندة أبناء امتنا هنا داخل العراق, وبهذا أخذت عشتار على عاتقها مهمة الدعاية والترويج عن كل ما يصيب أبناء امتنا داخل العراق, وتبنت الحديث عن همومهم متناسية أو متجاهلة أو)قد تكون غير مدركة( إن هي نفسها طرف في دفع أبناء امتنا نحو فك الإرهاب المفترس. هذا الإرهاب الذي لا يهتم ولو قليلا بالمسيرات المعارضة له ولا بالخطط الأمنية التي تطبق في بغداد وغيرها من المدن. وليس هذا فحسب بل ما عاد يخضع ذابح أبناء العراق ومهجرهم لفتاوى الأئمة والمرجعيات الدينية .
في بداية بثها تبنت عشتار الحديث عن المسيحيين وكأنهم لا ينتمون إلى هذا البلد الجريح وأظهرتهم بمظهر السذج والغير مبالين لمشاكل العراق وهمومه وهم يرقصون ويغنون وكأن كل ما يعرفوه من هذه الدنيا هو الغناء والرقص إلى درجة أن هذه الحفلات التي عرضتها عشتار بيعت على أرصفة شوارع الموصل في أقراص تحت اسم ) حفلات دعارة النصارى (من ثم أظهرت عشتار أبناء امتنا وهم يبنون ويعمرون قراهم وهم فرحين بسركيسهم في وقت كان فيه الشعب العراقي ومن جميع الطوائف والأديان والقوميات يذبحون ويختطفون , يهجرون ويطردون من منازلهم إلى البراري والصحارى ليسكنوا خيم لا تتوفر فيها ابسط شروط الصحة والراحة. بعدها قامت الفضائية عشتار بالرقص على أوتار الحكم الذاتي والذي لا يفهمه من هو جارنا في الأرض أو الساكن معنا إلا على انه محاولة لفصل المسيحيين عن الإسلام وطردهم من مناطقنا التاريخية ووضعنا تحت حماية الحكومة المركزية أو الإقليمية خوفا من تعديهم علينا كي نضعهم بهذا التصرف في خانة المعتدين ونحن المعتدى عليهم ليكون جار اليوم هو نفسه عدو الغد . وبعد مؤتمر عين كاوا القومي والذي لم يصل إلى أهدافه المنشودة في التسمية والحكم الذاتي توجهت عشتار توجه ديني بحت فأخذت تبكي على قتل رجال الدين المسيحيين وتصلي على المختطفين منهم دون أن تشير إلى أسباب قتلهم والدافع الذي يقف وراء خطفهم وبالأخص بعد انحيازهم إلى جهات سياسية معينة ذات نفوذ وسلطة هذا بالإضافة إلى ثورة الأموال التي انهالت عليهم من غير حساب ومن الـ (لا ) مجهول ليسيل لها لعاب خاطفنا وتفتح شهية ذابحنا ليستبيح قتلنا ويحلل إراقة دمائنا.
وبعد هذا كله أخذت العزيزة عشتار بتسيير المسيرات وتدعو إليها وتعرضها على شاشتها مدعية أنها تساعدنا لكسب عطف المجتمع الدولي إزاء مشاكلنا ومعاناتنا وهي في الحقيقة لا تزيد علينا إلا الثقل والضغوط وهذا ما يتعايش معه من هو ساكن داخل حدود العراق , ويعيش بشكل يومي ما تتناقله شاشات التلفزة من موت وخراب . فهل برأيكم إن مسيراتكم تلك ستضع حدا لذبحنا وتهجيرنا وانتم تتحدثون فيها بما لا يقبله حتى من لا يريد إيذائنا منهم ؟ هل برأيكم إن ما تحملوه من أعلام أمريكية وسويدية وكندية أو أي دولة أجنبية كانت سيشفع لنا عند من يريد ذبحنا وتهجيرنا ؟ فالعراق يذبح تحت وصاية تلك الأعلام وانتم ترفرفون بها وتدافعون عنا فكيف تريدون أن يفهمكم الإرهابي ؟ وهل تعتقدون بان مطالبكم بإيجاد منطقة آمنة للمسيحيين سيكون حلا للموضوع ؟ فان كانت الحكومة لا تستطيع حماية نفسها في منطقتها الخضراء فكيف لها أن تحمينا في مناطقنا المترامية على مساحات شاسعة ؟
يجب أن نعي ونفهم الوضع بصورته الصحيحة وليس كما يراد منا أن نفهمه . نحن نحتاج إلى الأمان بقدر ما يحتاجه كل عراقي عانى ويعاني من هذا الخراب والدمار. يجب أن نثبت للجميع بأننا جزء من الشعب العراقي ولنا حصة كبيرة من معاناته وآلامه ولسنا مترفين أو أكثر راحة وأمانا من غيرنا من أبناء العراق كما تحاول عشتار أن تظهرنا . أما الشيء الذي لسنا بحاجة إليه والذي يجب أن نتحاشاه وبكل قوة هو أن(نربي لأنفسنا أعداء ) هذا هو بالضبط ما يجب أن لا نسمح لأحد بان يقودنا إليه فنحن نعيش في زمن صعب وأوقات عسيرة . زمن تتصارع فيه كافة القوى السياسية لكسب اكبر قدر ممكن من أبناء العراق ليضمنوا لأنفسهم تثبيت أقدامهم على ارض العراق الجديد, وللفوز في التسابق نحو إظهار أصولهم التاريخية وعمق جذورهم في تاريخ هذا البلد العريق حتى الذين لا قومية لهم اخذوا ينشئون لأنفسهم قوميات وتسميات جديدة مستحدثة أو ينظمون إلى القوميات الكبيرة والمعروفة وكل هذا كي يضمنوا لأنفسهم قطعة من (كيك) العراق الجديد . فلماذا نقف نحن وقفة الضعيف المتفرج ونحن الأبناء الأصليين لهذا البلد ؟ ولماذا نفضل جهة على حساب جهة أخرى ونحن نعلم إن جميع تلك الجهات هي في قتال تأريخي مستمر ليصبحوا الآن متسترين تحت أغطية التحالفات والتكتلات ؟ ولماذا نتفرق وننضوي تحت أجنحة الغرباء ونرضى بفتاتهم ونحن من لنا الحق وكل الحق بان لا تقل حقوقنا عن حقوقهم ؟ إلى متى سنبقى نتبع سلطة فلان وأموال فلان وننبهر بما يعطى لنا وهو أصلا جزء صغير من حقوقنا كأبناء لأرض العراق ؟ والى متى سنبقى سلم ليتسلق بها الغريب نحو تحقيق غاياته ومختطاته لتكون مشاريعه ومختطاته أولا أما همومنا ومشاكلنا فهي عنده في المرتبة الأخيرة أو مجرد تحصيل حاصل؟ والى متى سيبقى أبناء الأمة من أصحاب الدم الخليط بأهداف ومشاريع وأحلام الغريب حجر عثرة لمشروع أبناء الأمة من أصحاب الدم الصافي و الذين يعتبرون هدفهم الأول والأخير هو خدمة أبناء امتنا من ( الكلدان السريان الآشوريين ) ؟
إلى متى كل هذا يا (مرضعي) عشتار؟......إلى متى ؟