في احتفال للرابطة السريانية في ذكرى مذابح سيفو
29/04/2009شبكة اخبار نركال/NNN/الرابطة السريانية/
بقرادونيان: ان السكوت عن اي جريمة هو جريمة
مخيبر: على مجلس النواب تشريع حقوق كل ابنائه
ابو حبيب: السريان لم ينهزموا ولم يتراجعوا
افرام: نطالب بوقفة ضمير ونقد ذاتي
اقامت الرابطة السريانية مهرجانا حاشدا في قاعة مار افرام السرياني الاشرفية بمناسبة ذكرى 24 نيسان – سيفو حضرها: المطرانان جورج صليبا ودانيال كورية، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الاب عبده ابو كسم، النواب: ابراهيم كنعان، هاغوب بقرادونيان، غسان مخيبر، النائب الناجح بالتزكية ارتور نظاريان، المرشحون: مسعود الاشقر، نايلة تويني، فريج صابونيجان، زياد عبس عن التيار الوطني الحر، فدوى يعقوب عن حزب الكتائب، وفد من جبهة الحرية ضم السادة: فادي حايك، ايلي ابو صادر، يوسف بعقليني، ريموند غول، شادي بستاني، متري سيمون، جان جاك داغر، ناجي حجار، ايلي جرجورة، رئيس حزب الحركة نبيل مشنتف، الآباء: بول كولي وجورج صومي، وفد من اتحاد الرابطات اللبنانية المسيحية ضم: عبد الله ابو حبيب، فارس داغر، عبود بوغوص، جورج سمعان، مارون ابو رجيلي، البير ملكي، دافيد دافيد، ماروكل ماروكل، ادوار بيباوي، الدكتور بول الجميّل، المحامي سيمون خوري من مركزية مسيحيي الشرق، رؤساء المجالس والمؤسسات السريانية ادمون مطران، د. جورج نجار، العميد المتقاعد جان شمعون، جوزف قهوجي عضو بلدية برج حمود، من قيادة الرابطة: امين سرها جورج شاهين، رئيسة لجنة المرأة سهام الزوقي، امين الداخلية كميل حنا القاضية ماري ماصبونجي من المركز الثقافي، وحشد غفير من المناصرين للقضية السريانية والفاعليات السياسية والاجتماعية والدينية.
بداية النشيدان اللبناني والسرياني، دقيقة صمت على ارواح الشهداء. وألقى رئيس مكتب الطلاب جوزف مقدسي كلمة ترحيبية.
ثم عرض فيلم وثائقي عن المجازر السريانية.
وقد قدمت مسؤولة المركز الثقافي السرياني فيرنال مقدسي النائب هاغوب بقرادونيان قائلة:
يكاد يكون توأم شعبه بل عنوان نضاله..
هكذا يعطي الانسان كل ما عنده من أجل قضية.
إنه هاغوب بقرادونيان، الطاشناقي، ابن معاناة أهله.
قبل النيابة وأبعد منها،
ليس إنه صديق رئيس الرابطة منذ أيام الدراسة الجامعية، انهما اسمان علمان في الدفاع عن شعبين جمعهما التاريخ والجغرافيا والدين والعقيدة والسيف، بل إنه صديق الشعب السرياني.
أول نائب ينجح بالتزكية.
بعدها ألقى النائب بقرادونيان كلمة جاء فيها:
كلمة النائب هاغوب بقرادونيان
في زمن الصمت الرهيب، في زمن العدالة المزيفة والشعارات الرنانة، في زمن انكار الحقيقة ورفض المصالحة مع الذات والتاريخ، في زمن غياب الذاكرة الجماعية، في زمن يرفض المجرم تحمّل مسؤولية الجريمة،
نجتمع لنتذكر كي لا يتكرر.. نجتمع نحن ضحايا الجريمة، ضحايا الإبادة، ضحايا الصمت الدولي، ضحايا مصالح الدول التي تتحدث عن الديموقراطية والعدالة وحقوق الانسان والشعوب ولا تزال تحتل وتقتل وتسمح للآخرين بارتكاب ابشع الجرائم بحق شعوب ذنبها الوحيد رفض انكار الذات واحترام الآخر والايمان بانسانية الانسان ونصرة العدالة.
نجتمع لنتذكر نحن، ضحايا الاجرام والإبادة، اباءنا وأجدادنا الذين سقطوا في بيوتهم على ارض وطنهم وتشرّدوا وذبحوا امام اعين الديموقراطية العالمية ودفنوا دون مدافن في دير زور ومرقدة والصحراء السورية.
نجتمع لنتذكر ونذكر الجميع الذين ارادوا للابادة والمجازر حلا جذريا لغنجاح الحلم الطوراني التركي الاستعماري بأن حلمهم لم يتحقق وبأن هذه الشعوب وأحفاد الشعوب لا يزالون يصرخون نحن هنا وسنبقى هنا.
نجتمع لنتذكر ونذكّر كي لا يتكرر. وكي لا يتكرر هناك مسؤولية دولية على الجميع ان يتحملها لأن جريمة واحدة دون عقاب تفتح الباب امام جرائم اخرى.
وجودنا هنا معا نحن اللبنانيون من مختلف الطوائف والمناطق يشهد ان الشعوب تحيا وتستمر بشهدائها الابرار والذاكرة الجماعية وتاريخ الشعوب يجب ان يكون ممر نضال الشعوب من اجل العدالة.
اما الاهم من احياء ذكرى الشهداء هو الوفاء الجماعي لإرثهم المقدس وقضيتهم المحقة. إن الصمت امام حقوق شعبنا المغتصبة هو الاستسلام بالذات. والصمت في هذه الحالة كما قال صاحب الغبطة الكاثوليكوس آرام الاول خيانة للشهداء ولإرثهم.
ونحن اليوم اذ نطالب تركيا بالذات الاعتراف بمسؤوليتها ازاء جريمة الابادة نطالبها لأجل تحقيق العدالة والتعويض على الخسائر البشرية والجغرافية والسياسية والمادية. ولدول العالم التي لا تزال تنتظر الظروف المؤاتية للاعتراف نقول ان الابادة الارمنية واقع لا لبس فيه إن اعترفت بها الدول او لم تعترف فهي حقيقة تاريخية وسياسية غير قابلة للجدل ولا تحتاج الى دراسات او مفاوضات وتحليلات.
ومن هذا المنطلق نقول ان على دول العالم وعلى تركيا بالذات مسؤولية كبيرة في اعادة انعاش الذاكرة الجماعية والمصالحة مع تاريخها وماضيها. فالجريمة التي نتذكرها نحن ابناء الشعوب المضطهدة من السريان والارمن والكلدان والاشوريين ومن الشعوب العربية لا تتكرر الا اذا تمت معاقبة المجرم والتعويض عن جرائمها.
ان السكوت عن جريمة هي جريمة بحد ذاتها. وللاسف الشديد نستغرب ايضا سكوت لبنان الرسمي عن هذه الجريمة. وكأن السكوت لا يكفي كان الاستعجال في انعقاد جلسة لمجلس الوزراء نهار ذكرى شهداء الارمن اي ذكرى احترام اباء وأجداد آلاف اللبنانيين سقطوا دفاعا عن الحرية وكرامة الانسان والحفاظ على الذات وعدم الرضوخ للظلم والاحتلال.
وهل من الضروري ان نعود ونذكّر ان شهداء السيفو والشهداء الارمن وشهداء 6 ايار ومن قبلهم سقطوا ضحية الإجرام العثماني التركي ولا نزال ننتظر طلب الغفران؟
وهل من الضروري ان نذكر بأن تركيا اليوم وهي الوريثة الشرعية للدولة العثمانية بواجباتها وحقوقها، لا تزال تطمح الى العودة لهذه المنطقة واعادة احياء الحلم العثماني وهناك مَن في لبنان لا يزال يتحدث عن علاقات تاريخية وعلاقات صداقة بيننا وبين وريث الاجرام العثماني؟
ايها الاخوة، نضال الشعوب يستمر ما دام الاجرام مستمر. والاجرام يستمر ما دام الصمت يستمر. والجريمة تبقى جريمة وتتكرر الجريمة بضباب العقاب.
ان وحدة الشعوب المضطهدة هي الوسيلة الاجدى في تحقيق الحق والعدالة.
والنضال يستمر حتى تظهر الحقيقة ويعترف المجرم بجريمته ويعاقب لنمنع تكرار الجريمة ولنمنع مجيء هتلر جديد ليقول مَن يتذكر اليوم المجازر الارمنية.
الشعوب ولدت لتعيش. ونحن ولدنا وناضلنا وسنستكمل النضال ونستشهد لنعيش ومعا نبقى.
بعدها قدّم جوني الياس السفير عبد الله بو حبيب قائلا: إنه واحد من عقلاء الموارنة.
من مدرسة الوعي والفكر والممارسة فيها.
عمل في البنك الدولي، وسفيراً للبنان في واشنطن في الثمانينات..
نائب رئيس الرابطة المارونية، مدير مؤسسة عصام فارس للدراسات اللبنانية، كاتب ومحاضر
هو الدكتور عبد الله بو حبيب رفيق نضال أيضاً عنوانه إعادة التوازن في القرار الوطني ودور رائد للمسيحيين في وطن سيد حر.
القى بعدها الدكتور ابو حبيب كلمة مما جاء فيها:
كلمة السفير عبدالله بو حبيب
أيها الحضور الكريم،
أن نتحدث اليوم في الذكرى المشؤومة للمجازر في حق الشعب السرياني الذي بقي صامداً على الرغم من كل الإضطهادات، لهو دعوة مغرية للبحث في عراقة مجموعة قومية ودينية وحضارية في هذا الشرق وفي إسهاماتها في الغنى الحضاري في منطقتنا وفي ازدهار النشاط الثقافي منذ قرون وحتى اليوم.
وتتقاطع هذه الذكرى مع أخرى مشابهة هي الإبادة الأرمنية التي أحيينا ذكراها قبل أيام والتي ما زالت تحفر في ذاكرة الشعب الأرمني الذي قدم للبنان الكثير، وتثير هذه المجازر في حق مجموعتين بشريتين متمايزتين أسئلة كثيرة حول مسائل الإعتراف بالآخر والأقليات العرقية والثقافية والدينية كشرط ضروري لبناء شرق ديموقراطي متسامح ومتنوع.
وأن نتذكر فليس في سبيل نكء الجراح والدعوة إلى الإنتقام، بل لأخذ العبر من دروس التاريخ القاسية والإستفادة منها، فنحن أتباع دين مسيحي يعلم التسامح والمغفرة.
هذا الشعب السرياني الضارب في تاريخ المنطقة وجغرافيتها ليس طارئاً على نسيج هذه المنطقة ولا هو بدخيل أو بأقلية نعاملها على أساس العدد والكمية، فالسريان والآراميين انشأوا إمارات وممالك عدة توزعوا بين الرها في جنوب الاناضول وصولاً إلى جبل الشيخ الذي احتضن مملكة آرام جشور وبين بلاد الرافدين والجزيرة وبعض مناطق لبنان حيث نشأت دولة آرام صوبا في عنجر وشملت الأراضي الممتدة إلى الشمال الغربي من دمشق من البقاع غرباً وحتى البادية شرقاً... ويكفيهم فخراً أن لغتهم الآرامية بشَّر بها السيد المسيح وبقيت حتى اليوم حيةً في بعض قرى سوريا وأديرتها وفي منطقة طور عابدين. وهناك مناطق كالموصل ودهوك وأربيل ترفض الإندثار والذوبان. وامتدَّ استعمال السريانية من الصين إلى مصر منذ القرن السادس قبل الميلاد، وكانت قد أصبحت لغة السياسة والتجارة في الشرق الأوسط.
ليس من المبالغة التأكيد أنَّ ثراء الحضارة الإنسانية والتفاعل بين الشعوب يدينان بالكثير إلى الثقافة السريانية التي شكلت جسراً بين الشرق والغرب وبين الثقافة العربية والإسلامية من جهة والثقافة المسيحية التي استندت إلى الحضارة اليونانية الرومانية من جهة اخرى. انطلق مبشروهم بالمسيحية ووصلوا إلى قلب آسيا وأقصاها في الصين والهند التي يرتبط مسيحيوها باسم القديس توما. وهذه الثقافة تبقى محور متابعة من أبرز الصروح العلمية والاكاديمية في العالم والتي تعقد المؤتمرات السنوية لمناقشة التراث السرياني حاضنة باحثين من مختلف المناطق والبلدان.
وعلى الرغم من وجود مناطق السريان على خطوط التماس بين الشعوب الغازية المختلفة، كالفرس والروم والعرب والسلاجقة والمغول، فإن السريان اندفعوا في حركة هائلة ومتسارعة في التعليم والترجمة والأدب والعلوم، ابتداء من القرون الأولى حيث شهدت الفترة بين القرن الخامس والقرن السابع للميلاد ازدهاراً وبقيت مراكزهم التعليمية الرئيسية تمارس دورها حتى القرن الثاني عشر للميلاد.
عنوان تلك المرحلة كانت المدارس والأكاديميات المتخصصة.. أسماء كثيرة لمعت وبخاصة أكاديمية الرها وأكاديمية نصيبين التي اكتسبت شهرة كبيرة .
لقد وضع السريان التراث العلمي والفلسفي اليوناني في يد الشرقيين عبر ترجمته إلى اللغة السريانية والعربية، ومن بين الأعمال المترجمة المؤلفات الدينية المسيحية ولا سيما الليتورجيات والعهد الجديد وغيرها إضافة إلى المؤلفات العلمية والتطبيقية.
وقد برز التأثير السرياني خاصة في العصرين الاموي والعباسي كصلة وصل بين الثقافات اليونانية والفارسية والعربية، فكان منهم الأدباء والأطباء والصيادلة وعلماء الرياضيات والفلك والتنجيم والفيزياء والهندسة، وقد تولوا مناصب ووزارات في الدولتين الأموية والعباسية. من منا لم يعرف في دراسته أسماء الشاعر الأخطل، الشاعر الكبير، ومنصور بن ياسر سرجيون، ورئيس بيت الحكمة في عهد الخليفة المأمون حنين بن إسحق الذي ترجم 95 كتاباً واعتبره المستشرق لاكلارك اعظم شخصية علمية ظهرت في القرن العاشر الميلادي، والطبيب قسطا بن لوقا البعلبكي وغيرهم. ولا ننسى أدباء ومؤرخين في القرون السابقة لظهور الإسلام كمار أفرام وغيرهم من الأسماء البارزة.
إذن نحن أمام قيمة حضارية كبرى وشعب عريق غني بحضارته وثقافته، شعب عرف الإضطهاد على مر العصور فلم ينهزم ولم يتراجع حفاظاً على وجوده الدائم. أما مجازر سيفو التي نحيي ذكراها اليوم فمن الواجب أن تبقى في الذاكرة الجماعية كشاهد على قسوة التاريخ وانقلاب التحالفات بين الأقليات والقوميات التي كانت خاضعة للسلطنة العثمانية، لنتذكر ونعتبر ونتطلع إلى المستقبل انطلاقاً من رؤية لبنانية مسيحية أساسها التمسك بالمواطنة والإعتراف بالآخر وبالأقليات الثقافية والقومية والدينية والمذهبية كعامل غنى حضاري وليس كعامل تفرقة أو تجزئة. فالفكر القومي تراجع لصالح طروحات التعددية والديموقراطية الحقيقية وحق المجموعات في التعبير عن نفسها وثقافتها وحضارتها. ومن البديهي القول إن من المهم بمكان ألا تبقى هذه المجازر في دائرة التجاهل والنكران، ففي الإعتراف بها فائدة لكل الأطراف والدول في المنطقة لغسل دموع الماضي ودمائه وبناء مستقبل زاهر عنوانه الحرية والديموقراطية والتسامح والتنوع.
ويقيننا أن مسيحيي الشرق الذين يشكل السريان فيهم عماداً أساسياً، يجابهون تحدياً وجودياً مصيرياً، يطرح الصوت عالياً أمام تكاتف الجهود والبحث في سبيل إيقاف نزيف الهجرة والإضطهاد لا سيما في هذه الأيام من العراق الجريح، والبحث المعمق في رؤية مستقبلية تكون نبراساً لنا في عتمة إرهاب الظلاميين ورفض الإختلاف والتحجر القومي. عشتم احراراً وعاش لبنان سيداً وحراً.
ورحب ميشال بادو بالنائب غسان مخيبر قائلا: هو نائب الأمة اللبنانية. مشرّع من الطراز الرفيع. شغوف بحقوق الانسان كل انسان.
مهذّب على حدة في الدفاع عن الحق.
شغف بالتراث السرياني الاشوري، وبالموسيقى اوالفن والحضارة،
يؤكد في كل مناسبة، هو الارثوذكسي المستقيم الرأي أنه صديق وفي لشعبنا.
الاستاذ غسان مخيبر
وقد ألقى الاستاذ مخيبر كلمة مما جاء فيها:
كلمة النائب غسان مخيبر
يشرفني ان اشارككم اليوم في تأدية ثلاثة واجبات: واجب الوفاء؛ وواجب العدالة؛ وواجب الوقاية
فاما واجب الوفاء:
فهو لعشرات آلاف لشهداء الذين رقدوا في الإيمان على يد سلاح الغدر والإجرام. فكان منهم النساء والرجال والكهول والأطفال ورجال الدين الذين قتلوا، وقطعت اوصالهم واعناقهم، وعذبوا، وفقدوا، وهجروا وجوعوا، واهينت كراماتهم، وسلبت اموالهم. فكانت هذه الأفعال من جرائم الإبادة التي لطخت صفحات تاريخ شعوب المنطقة، سريانا وارمن ويونان وغيرهم من المؤمنين العزل المسالمين.
ووفاء ايضا للبنان وللشعب اللناني بكافة طوائفه ومذاهبه، الذين احتضنوا الناجين من المجازر الرهيبة، فاصبح الشعب السرياني لحما من لحمنا، ودما من دمنا، وجرئا لا يتجزأ من الأمة اللبنانية المتنوعة، الغنية الآن برجالكم ونسائكم وايمانكم وثقافتكم الغنية وغناكم العلمي والمهني والثقافي في سائر المجالات.
واما واجب العدالة:
فهو لنشهد معكم على هول الجريمة، جريمة ابادة شعب، جريمة ضد الإنسانية، لنكتب وقائعها، ونجمع ادلتها لتكون الحقيقة كاملة على الملأ، ونعمل على ان يعترف بها الجلاد، تحديد المسؤوليات الإقرار بها والإعتذار عنها والتعويض المادي والمعنوى للضحايا وورثتهم.
اما الخطوات المطلوبة في لبنان ومن السلطات اللبنانية، فهي:
• اضافة فقرات في كتبنا المدرسية اللبنانية بشأن جرائم ابادة السريان والأرمن، واقرار المجلس النيابي بهذه المجازر بصيغة علنية ورسمية والتنديد بها، لأن الصمت عن الجريمة مشاركة فيها.
• والعمل على اقرار العالم بأسره بها اسوة بما يحصل بالنسبة للمجازر الأرمنية، بما فيه الدولة التركية، الوريثة القانونية للسلطنة العثمانية، لأن عدم الإقرار بالجريمة اسوأ وادهى من الجريمة نفسها.
• العمل على تنظيم محاكمة صورية لجريمة الإبادة ضد الشعب السرياني اسوة بنظام "برتراند راسيل".
• اقامة نصب تذكاري وطني في لبنان للشهداء السريان.
واما واجب الوقاية:
فهو العمل الا تتكرر مثل هذه المجازر والجرائم، لا سيما عبر العمل على وقف المجازر بحق السريان في العراق.
العمل على تحويل الذاكرة الجماعية الإنسانية الى نضال مستمر من اجل القضايا المحقة، وحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها، لا سيما تعزيز حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية في جميع العالم، ولا سيما في الدول العربية.
اما بالنسبة الى لبنان، فعلينا جميعا ان نوقف المجازر السياسية المتمثلة بانكار حق تمثيل الطوائف السريانية في المجلس النيابي، ونلتزم العمل على تعديل قانون الإنتخابات لتأمين هذا الحق في التمثيل، والعمل على حسن تمثيل الطائفة السريانية بشكل عادل، لا في النيابة وحسب، انما في الوزارة وفي وظائف الإدارة الرئيسية.
في الخلاصة:
قاتمة فعلا هي الحقبة التي مرّ بها السريان خلال الحرب العالمية.
عظيم هو الشعب الذي استطاع أن يخرج سالما لا بل منتصراً بعد محاولة محوه من التاريخ والذاكرة.
لقد قدم السريان الكثير الكثير لهذا الشرق من ثقافة وتراث وحضارة وإيمان؛ وما زلنا ننتظر الكثير أيضاً في شراكة المواطنة اللبنانية مع الشعب السرياني، لنعمل سويا على تحقيق واجبات الوفاء والعدالة والوقاية من الجرائم، فتنذكر لكي لا تعاد.
بعدها قدّم رئيس مكتب الطلاب جوزف مقدسي رئيس الرابطة السريانية امين عام اتحاد الرابطات اللبنانية المسيحية حبيب افرام الذي القى كلمة قال فيها:
كلمة الاستاذ حبيب افرام
مَن انت، انه سؤال التاريخ والهوية. انه انتماؤك وأنت تقرره. تولد، دون قرارك، في عائلة ما في وطن ما في طائفة ما في دين ما، امتداد وتراكم اجيال.
يمكن لك ان تغيّر، ان تترك اهلك، وطنك، ان تغيّر في المذهب في الدين او ان لا تبالي. الهوية إرادة وليست وراثة، تصبح مواطنا عالميا، تلهث وراء مادة، آخر همّك شعبك.
مَن انت، حين تقرر تصنع السياسة، المبدأ، القضية.
فوق رأسي، في مكتبي، صورة لشجرة عائلتي تعود الى عام 1660 في ضيعة عين ورد في طور عابدين. هذا أنا.
وفي منزلي، حجارة من ضيعة اجدادي احس انها انا امس، وتراب من قبر دير الزعفران احس انه انا دائما. هذا انا.
وفي عقلي، انا ابن الجيل الثالث لجد هو حبيب الاول، وجدة ارمنية هي تاكوهي، ضجيج من حكاياته عن ما نسميه بقايا سيوف في بدايات القرن الماضي وعن وصوله مع اقرانه الى لبنان. هذا انا.
وفي ضميري، انا ابن معاناة وتجارب مرّة، المسكون بهاجس الحضور المسيحي الحر في الشرق والمهدد بالاندثار، اني ابن قضية وطن على الحرية. هذا انا.
مَن انت، حين تقرر، يحضر التاريخ في شرايينك، لا غبار الازمنة ولا ضجيج الاحداث تغيبها عن بالك.
القضية، تحملها نبضا. في الرابطة السريانية، في اتحاد الرابطات، في الاتحاد السرياني العالمي، في المقاومة اللبنانية، في اللقاءات المسيحية، في كل حبر وكل صوت.
و"سيفو" اكثر من قضية، انها صورتنا وضميرنا، تحيا معنا، اصدرنا كتبا عنها، شاركنا في ندوات، في توعية، في مطالبات، في الامم المتحدة، في الجامعات، في وسائل الاعلام، حتى حين كان البعض يسأل ماذا تعني "سيفو" او حين كانوا لم يولدوا بعد.
اتصل بي السفير التركي في بيروت ذات صباح من عام 2006، ملحاً على لقاء سريع، قال: تقيم جامعة اسطمبول اول مؤتمر علمي حول العلاقات التركية الارمنية وحول ما جرى في الحرب العالمية الاولى، واقترحت ان تكونا ن خطيبا حيث سيحضر اللقاء 500 عالم تاريخ وفكر وسياسة.
ثقل التاريخ والذاكرة، ما قلته هناك اختصار معاناتنا. سأوجز اهم مقاطعه، وهو موقفنا الرسمي.
أولاً: إن ما نسميه "سيفو" حقيقة تاريخية في المكان والزمان نحن شهودها وضحاياها بأجسادنا بأهلنا برواياتنا بكتبنا بأشعارنا بفننا بأغانينا بدمعنا بلحمنا بدمنا بالأسماء بالصور بالعائلات بأطلال باقية هناك فيها عبق اجدادنا. ولا يمكن لأحد انكارها ولا محوها ولا التبرؤ منها ولا تغييبها ولا إهمالها ولا دفنها، خاصة لا نقبل ان يدعي أحد أنها لم تحصل، أو أنها خرافة. ان الذاكرة لا تهجَّر، وهذه ليست ذاكرة وهمية ولا مُبتَدَعَة، وان تجاهلها اكاديميون أو مؤرخون أو مفكرون. وهي ليست ذاكرة ارتدادية او ذاكرة للانتقام بل هي ذاكرة للغد.
ثانياً: إن ما حصل طال شعوباً واثنيات وطوائف متنوعة من الأرمن والسريان والكلدان والاشوريين ويونان آسيا الصغرى. صحيح أن العدد الأكبر من الضحايا كان من الأرمن الذين سموها في أدبياتهم "المجزرة الأرمنية" وناضلوا على طريقتهم لاحيائها، لكن المسيحيين بأغلبهم كانوا ضحايا القتل والذبح والنزوح والجوع والمرض والتهجير.
ثالثاًً: ان الموضوع ليس عدداً أو كمّاً ولا مزايدة في أرقام. كل شهيد وصمة عار. ان مذكرة البطريرك افرام الأول برصوم عام 1920 المحفوظة في ارشيف الخارجية البريطانية تؤكد ان 90313 من ابنائنا قتلوا في 336 قرية وعدد العائلات التي فنيت كان 13360 ودمر 160 كنيسة ودير وقتل 154 كاهن ورجل دين. قتل هؤلاء وهم عزّل غير محاربين ولم يقاتل سوى ثلاث قرى آزخ، عين ورد وبسيرنية.
رابعاً: نطالب تركيا بالاعتراف الصريح الواضح الشفاف بما حصل من أجل أن ترتاح عظام أجدادنا. من أجل وقفة ضمير ونقد ذاتي. نحن لا نستثمر دم الشهداء إلا في ساحة الشرف والحرية. لا ننكأ جراحاً ولا نستجر احزاناً ولا نقبل انتقاماً ولا نحمل ضغينة ونتذكر ليس بالضرورة من أجل استعادة اراض ولا من أجل تعويضات مالية بحت بل من أجل الحقيقة.
خامساً: ان التاريخ يكتبه الكبار. ان تركيا ستكون اكثر قوة ومناعة إذا تصرفت بهالة. ان قداسة البابا الراحل طلب الغفران عن الحملات الصليبية وما سببته من مآسٍٍ. وهو نفسه طلب السماح من اليهودعن أي اهمال سبب بالمحرقة وها هي المانيا تعترف بالمحرقة دون خجل، ان جنوبي افريقيا انشأت لجاناً للحقيقة وللمصالحة الوطنية، والمغرب سيعوض عمَّن تعرّض للتعذيب والاعتقال الظالم عبر هيئة.
سادساً: لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه ويدَّعي انه لا يعرف ولا يسمع ولا يرى. لا يمكن أن تكون الحروب مسلسلاً تلفزيونياً ولا الضحايا أرقاماً ولا يرف له جفن. لا يمكن أنْ يكون الانسان لامبالياً تجاه أي ضحية في اي زمن في اي قارة لاي سبب. مَن يسكت يكون مشاركاً. الضمير العالمي يجب ان يبقى ساهراً متيقظاً لحقوق كل انسان. الحق ليس للقوة بالضرورة فالى متى يصم العالم اذنيه عن صراخ البراءة ويتبع مصالحه؟
سابعاً: ان شعبنا رفض ان يموت. ويبرهن كل يوم انه جدير بالحياة ينظر الى التاريخ بعين التحدي. صحيح ان الغربة تكاد تقتلعه من الارض المشرقية، وهو اصبح حارس حجارة في طور عابدين، لم يبقَ لنا إلا آلاف قليلة جداً، وبضعة آلاف في اسطنبول. لكن نهضة حقيقية في احزابنا وتياراتنا ووسائل اعلامنا ومؤسساتنا وعودتنا الى الجذور واللغة والانتماء والافادة من التكنولوجيا والمواصلات تجعلنا شعباً واحداً نابضاً بحس الهوية مصراً على حقه في حمل رسالة التمايز والفرادة في عالم واحد يكاد يمحو كل ثقافة. سنبقى لوناً محبباً في عالم عنوانه التنوع.
كنا في زيارة حج الى طورعابدين مع المطران جورج صليبا وقلت له: فليسامحني الله ربما ربما للمجزرة ايجابية واحدة، انه من نتائجها اننا جئنا الى لبنان واصبحنا لبنانيين.
من انت؟ انت سرياني لبناني حيث جُبلت قدراً وخياراً.
انه وطن واحة ومثال، انه الدور والرسالة، وليس حصناً ولا ملجأ فقط.
انت هنا ولو صُنفت اقليات مسيحية, ولوظلمك النظام السياسي ولو تحاول قوى مهيمنة ان تلغيك سياسيا. وكأنك مواطن بلا حقوق او انك مواطن من درجة ثانية. انت هنا انت. نبض شعب، انت روحه وعصبه، ولن تسكت على ان هذا ملف آخر. سيفو فينا، سيفو ليس لحظة انه مسار، سيفو التزام، التزام اننا العنق الذي شمخ ضد السيف. المجد لشهدائنا هناك وللذين نسوا، المجد لشهدائنا هنا على مذبح لبنان. سنبقى واقفين كالاشجار، نحن السريان سنبقى واقفين كالاشجار لنا عمق الجذور ولنا رحابة السماء.
نحن هنا نصرخ حتى لا تتكرر أي مجزرة. حتى نتصالح كلنا، بشرية تسعى الى الكمال، وحتى نناضل لشرق جديد وفجر جديد.
بعدها قدّم جوني الياس سيادة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا الذي ألقى كلمة مرتجلة أكد فيها على مسؤولية الغرب من ألمانيا وانكلترا في التخلي عن واجباتها تجاه الأقليات في الامبراطورية العثمانية، وشدد على أن مَن يخسر ارضه يخسر حضوره ووجوده.
ودعا المسيحيين الى الاعتبار من حكم التاريخ والتوحد والبقاء في الارض.
ثم قدّمت فيرنال مقدسي مطران بيروت للسريان الارثوذكس مار اقليميس دانيال كورية الذي شكر الرابطة على نشاطها وعلى دورها والمتكلمين على دعمهم.
اضاف: المهم ان نعي ان تاريخنا مليء بالمظالم لكن المهم هو غدنا ودورنا في لبنان. إننا نشعر بأننا مغيّبون في السياسة والإدارة وإن حقوقنا مهدورة ونرفض تماما طريقة التعامل معنا.