Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

في الذكرى السنوية الحزينة لعمليات ومجازر الأنفال وحلبجة في كردستان العراق

من أجل أن لا ننسى ضحايا الدكتاتورية والعنصرية والقسوة ألصدامية في العراق!
من أجل أن لا تتكرر تلك المأساة الإنسانية!

في شهر شباط/فبراير 1988 وفي الشهر الأخيرة من الحرب العراقية-الإيرانية شن النظام العراقي حملة عسكرية واسعة جداً أطلق عليها اسم "الأنفال" ضد شعب كردستان العراق وقوات البيشمركة–الأنصار مستخدماً جميع أجهزة القمع التي يمتلكها زاجاً بأعداد غفيرة من قوات الجيش والقوات الخاصة والجحوش وأجهزة الأمن والاستخبارات العسكرية ومستخدماً كافة أنواع الأسلحة الهجومية التي امتلكها النظام الدكتاتوري والعنصري ألصدامي حينذاك.

وفي الرابع عشر من شهر آذار/مارت 1988 قام سلاح الجو العراقي بقصف مدينة حلبجة وسكانها الآمنين بالسلاح الكيميائي مما أدى إلى استشهاد أكثر من 5000 إنسان بين طفل وامرأة ورجل عجوز وشباب, إضافة إلى تعرض ما يزيد عن 5000 آخرين بإصابات مريعة نقلوا على إثرها إلى إيران لمعالجتهم.

أدت عمليات الأنفال التي دامت حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 1988 إلى قتل واختطاف واعتقال عدد كبير جداً من الناس البسطاء من سكان المناطق الأرياف والمدن التي تم فيها تنفيذ العمليات الإجرامية, والتي شملت جميع أجزاء كردستان تقريباً وأدت إلى فقدان ما يقرب من 182 ألف إنسان. وقد تم خلال السنوات المنصرمة اكتشاف عشرات المقابر الجماعية التي دفنت فيها أجساد هؤلاء الناس, كما دفن فيها الكثير منهم بالجرافات وهم أحياء. لقد كانت مجزرة بشرية رهيبة قام بالتخطيط لها وتنظيمها وتنفيذها قادة حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس قيادة الثورة وصدام حسين. وأسندت قيادة تلك العمليات العسكرية إلى المجرم ابن عم صدام حسين والمدعو علي كيماوي (علي حسن المجيد).

فما تزال في ذاكرة العراقيات والعراقيين, وخاصة الكُرد منهم, الكلمات الإجرامية التالية لهذا المجرم الأفاك علي كيمياوي:

" سوف اقتلهم جميعا بالأسلحة الكيمياوية .... من عساه أن يعترض ... المجتمع الدولي ؟ فليذهبوا للجحيم , المجتمع الدولي ومن ينصت إليه, لن أهاجمهم بالمواد الكيمياوية يوما واحدا فحسب, بل سأواصل الهجوم عليهم بالمواد الكيمياوية لمدة خمسة عشر يوما حتى أبيدهم عن بكرة أبيهم".

وفي الوقت الذي كان النظام ألصدامي ينفذ عملياته العسكرية العدوانية والعنصرية ضد الشعب الكردي, عمليات الإبادة الجماعية وضد الجنس البشري, قدم الدكتاتور صدام حسين عرضاً وقحاً للمعارضة العراقية الموجودة في كردستان يدعوها فيه إلى تجديد للحوار والعودة إلى التفاوض مع النظام.

لقد كانت وقاحة لا توصف ويصعب تصورها, ولكنها واحدة من أبرز السمات التي يتميز بها المستبدون الأوباش في جميع أنحاء العالم. ففي الوقت الذي كان يمارس القتل الجماعي بحق بنات وأبناء وأطفال الشعب الكُردي وجمهرة من قوميات أخرى, طالب في الوقت نفسه الأحزاب السياسية العراقية المناضلة ضد نظامه واستبداده, ومنها الأحزاب الكردستانية (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الاشتراكي الكردستاني ..) والحزب الشيوعي العراقي, بالعودة إلى المفاوضات وحل المشكلات والمشاركة في الحكم.

لقد رفضت قوى المعارضة العراقية كلها هذا العرض المجنون والإجرامي وأكدت أن النظام, وفي الوقت الذي يقوم بقتل الناس الأبرياء بأعداد غفيرة, يدعوها إلى التفاوض بهدف التستر على الجرائم البشعة التي كان يرتكبها في حملات الأنفال المرعبة, ومنها مجزرة حلبجة.

لقد سقط النظام ولاقى البعض من قادته الجزاء العادل وبعضهم لا زال ينتظر المحاكمة وتنفيذ الجزاء العادل به, ولكن الشعب الكردي, ومعه بقية مكونات الشعب العراقي, نهض من جديد ليعيد بناء كردستان العراق والعراق وفق أسس جديدة يفترض أن تقوم على أساس الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية. يفترض أن تمس التغييرات والإصلاحات مصالح وقود الثورة والنضال المرير, الشعب الكردي وعموم الشعب العراقي, وخاصة ضحايا الإرهاب والقمع والعنصرية الفاشية.

لم تذهب تلك الضحايا الغالية جزافاً, ولكن هذا لا يكفي, بل علينا أن نتذكر باستمرار تلك الأسباب التي قادت البلاد إلى تلك المآسي والكوارث لنناضل ضدها ومنع نشوئها ثانية, وعلينا أن نناضل من اجل منع تكرارها ومنع وصول قوى مستبدة وظالمة وإرهابية إلى دست الحكم تحت أي واجهة أو حزب تخفت. لنكن يقظين وحذرين من أجل أن لا يدخل من شارك منهم بجرائم البعث الدموية عبر الشبابيك بعد أن طُرد من أوسع الأبواب.

إن خير ما نكرم بها ضحايا الأنفال وحلبجة يتلخص بتشديد النضال من أجل منع التوتر والصراعات السياسية وممارسة القوة والعنف والسعي لحل المشكلات العالقة في العراق بالطرق السلمية والتفاوضية ووفق مبادئ الديمقراطية والدستور العراقي.

لنقف أجلالاً لشهداء الأنفال وحلبجة ونرجو لهم الذكر الطيب والخزي والعار لمن شارك في تلك العمليات بأي شكل من الأشكال.

لنطالب العرب كل العرب وأينما كانوا, ممن لم يتخذوا موقفاً مناهضاً لنظام صدام حسين واستبداده ولم يشجبوا تلك العمليات الإجرامية, بإدانة تلك العمليات والمجازر الدموية التي نفذها الدكتاتور صدام حسين ونظامه ضد الشعب الكردي خصوصاً وضد الشعب العراقي بشكل عام.

إن خير إجلال واحترام لشهداء الشعب الكردي وكل مكونات الشعب العراقي هو العمل الجاد لإعادة بناء المدن والقرى والمنشآت والحقول التي دمرتها الفاشية ألصدامية وتعويض ذوي الضحايا بسخاء.

إن خير تكريم لهم هو مطالبة القوى والدول التي زودت صدام حسين بالقوة والأسلحة الفتاكة, بما فيها السلاح الكيميائي, بالاعتذار للشعب الكردي وكل الشعب العراقي وتقديم التعويضات لإعادة إعمار المناطق التي دمرت ولذوي الضحايا الذي خسروا ذويهم أو الذين تعرضوا للتعذيب والتشويه والأمراض والعلل النفسية والعصبية.

إننا ندعو الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل وكل القوى والأحزاب السياسية في العراق إلى وضع برنامج خاص وعاجل لإعادة إعمار تلك المدن والقرى التي دمرها النظام عبر تنفيذه عمليات الأنفال الإجرامية وتعويض ذوي الضحايا والمتضررين وتشكيل لجنة عليا لهذا الغرض.



12/3/2009 كاظم حبيب




Opinions