في الذكرى 13 لاستشهاد السيد محمد الصدر.. مكتب المرجع اليعقوبي في بغداد يقيم الحفل التأبيني السنوي بحضور حكومي وسياسي وجماهيري مهيب
04/10/2011شبكة اخبار نركال/NNN/فراس الكرباسي - بغداد/
شهد المسرح الوطني ببغداد اضخم حفلاً تأبينياً اقامه مكتب المرجع الديني اية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي في بغداد احياءاً للذكرى السنوية الثالثة عشر لاستشهاد المرجع الديني السيد محمد محمد صادق الصدر ونجليه السيدان مصطفى ومؤمل الصد على يد الطاغية المقبور صدام، وقد شهد الحفل حضوراً رسمياً وسياسياً وشعبياً حاشداً.
فقد حضر الحفل التأبيني كل من السيد نوري المالكي دولة رئيس الوزراء العراقي والدكتور محمد رضا مستشار فخامة رئيس الجمهورية وسماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والدكتور صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد والشيخ خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوب والسيد عبد الكريم لعيبي وزير النفط والاستاذ حسن الشمري وزير العدل والشيخ محمد تقي المولى رئيس هيئة الحج والعمرة وسعادة الشيخ عبد الله إبراهيم الشحي سفير دولة الإمارات في العراق والسيد هاشم الهاشمي الامين العام لحزب الفضلية الاسلامي والدكتور جمال عبد الزهرة الأمين العام وكالة للحزب والاستاذ عدنان الاسدي وكيل الاقدم لوزارة الداخلية والسيد عقيل الطريحي المفتش العام لوزاة الداخلية وعدد من اساتذة وطلبة الحوزة العلمية والسادة المسؤولين في الحكومة العراقية والسادة البرلمانيين واعضاء مجالس المحافظات العراقية
وابتدأ الحفل بعزف السلام الجمهوري ثم تلاوه آي من الذكر الحكيم وبعد ذلك قراءه سورة الفاتحة على ارواح شهداء العراق والشهيد السعيد السيد الصدر ونجلية.
وبعد ذلك القى الشيخ يوسف الكناني كلمة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي والتي كانت بعنوان "السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) وتصحيح المفاهيم" ،جاء فيها" كثيرة هي المسؤوليات التي اضطلع بها السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) انطلاقاً من استشعاره لعظمة موقع نيابة المعصوم (عليه السلام) وسعة ما انيط به من أدوار في حياة الأمة"، وتابع المرجع اليعقوبي"ونشير اليوم بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لشهادته إلى أحد تلك الأدوار وهو تصحيح بعض المفاهيم التي تؤثر في حركة الأمة، وذلك لأن كثيراً من الأعمال والسلوكيات يقوم بها أصحابها نتيجة لقناعة بنيت على فهم خاطئ لفكرة معينة، وقد تصل إلى حد ارتكاب الجرائم الشنيعة، ولو صحح المفهوم في أذهانهم لغيّروا طريقة حياتهم".
واضاف المرجع اليعقوبي في كلمته "فمن مسؤولية القادة والعلماء والمفكرين وصنّاع الرأي وثقافة الأمة أن يتصدوا لبيان المعاني الصحيحة للمصطلحات وإزالة الغبار عنها، وهذا ما قام به السيد الشهيد (قدس سره) واذكر بعض الموارد لذلك وهي الانتظار والاجتهاد والجهاد"، مبيناً "ان مفهوم (الانتظار) الذي اقترن في أذهان الأجيال بالسلبية والانكماش والتخلي عن ممارسة وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو في الحقيقة عكس ذلك إذ يتضمن معناه في بعده العملي السعي الجاد للإصلاح والتغيير والتمهيد لإقامة دولة العدل الإلهي"ووضح سماحته " ان (الاجتهاد) فإنه يعرّف مشهورياً بملكة استنباط الحكم الشرعي من مداركه الأصلية، وهو بهذا المقدار وإن كان كافياً لتحقيق إبراء الذمة أمام الله تبارك وتعالى في مقام العمل، إلاّ انه لا يثري مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ولا يعمّق هذا العلم الشريف ولا يستطيع تقديم الإسلام كمشروع حضاري قادر على قيادة الحياة بكل شؤونها وتفاصيلها، ما لم ينضم إليه الإبداع والأصالة" اما " (الجهاد) الذي يتبادر منه مواجهة الطواغيت والسعي لتغيير نظام الحكم والانخراط في العمل الاجتماعي ونشر الوعي الإسلامي، ولا شك أن هذه أعمال مباركة ثقيلة الميزان عند الله تبارك وتعالى لكن بشرط أن تبنى على الإخلاص لله تبارك وتعالى، ولا يحصل ذلك إلاّ بعد جهد وجهاد طويلين في ميدان تهذيب النفس وتطهير القلب والسير في مدارج الكمال، أمّا الانهماك في العمل الاجتماعي من دون النجاح في جهاد النفس فإنّه يجعل صاحبه من الأخسرين أعمالاً (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)الكهف104."
ويتابع المرجع اليعقوبي "وقد أولى (قدس سره) هذا المعنى اهتماماً كبيراً وتذكيراً مستمراً وكان يرثي لحال الغافلين عنه، وهو معنى مأخوذ من وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لسريّة من المقاتلين بالالتفات إلى الجهاد الأكبر - وهو جهاد النفس - وعدم الاقتصار على الجهاد الأصغر"...."هذه أمثلة وشواهد على قيام السيد الشهيد الصدر (قدس سره) بهذا الجزء من المسؤولية الملقاة على المراجع القاد"ة.
ويختم المرجع اليعقوبي كلمته "لقد سرنا على هذا النهج إذ أن الحاجة إلى هذا التصحيح أوسع اليوم وأخطر وأعقد حيث تحوّل الاختلاف في المفاهيم والمعاني إلى خلاف وتطور الخلاف إلى صراع وقتال يدفع ثمنه الأبرياء والشعب المستضعف المغلوب على أمره، فحرّرت في خطاباتي معاني لجملة من المصطلحات محل الخلاف والجدل كالطائفية والفدرالية والعلمانية والشراكة في الحكم وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وولاية الفقيه وغيرها مما هو مبثوث في المجلدات العديدة من كتاب (خطاب المرحلة)".
ثم أكد دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي،ان ما نشهده اليوم من تطور وحركة في إرادة الشعوب التي تطالب بحقها وحريتها وإرادتها كانت ملامحها قد بدت في العراق بشكل واضح وعبر أكثر من محطة في انتفاضة الشعب العراقي الباسل في عامي 1990 و1991 وحركة الشهيد الصدر الأول والثاني وما قام به المجاهدون من مواجهات دامية ساخنة في مختلف المحطات.
وقال سيادته في كلمة ألقاها خلال الحفل التأبيني "إن الطريق مازال طويلا أمامنا ويحتاج إلى عمل إصلاحي تعبوي مستمر بالشكل الذي يضمن عدم العودة إلى الوراء وإلى الذين استرخصوا الدماء وقتلوا الرجال والمراجع ، مبينا أن العراق مازال في الدائرة الحمراء والخطر".
وانتقد السيد رئيس الوزراء صمت الكثيرين عن الجرائم التي استهدفت المراجع الدينية، قائلا "أن الكثير إلى الآن لم يتقدم بكلمة إدانة لكل هذه الجرائم البشعة التي استهدفت مراجع المسلمين" ، مشددا "على ضرورة أن نمنع عودة الماضي بكل أشكاله والمحافظة على المنجز وتثبيته بشكله الصحيح والتطلع إلى أن نمتد عبر الزمن بحركة تصاعدية تكاملية".
فيما اكد السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي في كلمته التأبينية "ان استهداف الشهيد السعيد السيد محمد الصدر (قدس) ونجليه، جريمة نكراء مثلت مصداقا واضحا من مصاديق الاستهداف، ليس لابناء الشعب العراقي وحدهم وانما هو استهداف لفكر ورقي وبناء وهويته الاسلامية".
وقال السيد الحكيم "ان مثل هذا الاجتماع ومثل هذه الذكرى والتي تعقد بشكل سنوي ومكتب سماحة الشيخ اليعقوبي يعقدها في هذا العام انما هي تعبير عن الوفاء لتلك الشخصية الفذة، وايضا الوفاء لذلك النهج وتلك المدرسة المعطاء فشكرا لكم ايها الاوفياء على مثل هذه المناسبة وهذا الاحياء"، متابعاً " استهداف الشهيد الصدر واستهداف العلماء والمراجع هو استهداف للهوية الاسلامية لابناء الشعب العراقي , وكان النظام الصدامي قد اعد العدة ليحارب هذه الهوية ويغيب هذه الهوية وابتنى مشروع الشهيد الصدر على تثبيت وتكريس هذه الهوية"..."
ويشير السيد الحكيم في كلمته "ان الحديث عن الشهيد الصدر هو الحديث عن ذلك الدور المميز في البعد العلمي والبعد الاجتماعي والبعد السياسي لهذه الشخصية الكريمة في حقبة زمنية حساسة شهدت الكثير من التحديات والتقلبات حينما يقف الانسان وقفة تامل وتدبر عند مؤلفات الشهيد الصدر يجد ان فيها الكثير من الاثارات التي تكشف عن عمق المنهج العلمي الذي كان يعتمده الشهيد السيد محمد الصدر في مجمل مؤلفاته , ولعل موسوعة الامام المهدي تمثل واحدة من اهم ماكتب في هذا الموضوع الحساس والحيوي وقد اثرى بها المكتبة الاسلامية ولازال موضع اشادة كبيرة وهكذا على المستوى الاجتماعي والسياسي قد تقام شعيرة صلاة الجمعة في اغلب مناطق العالم الاسلامي".
واضاف السيد الحكيم في كلمته"اننا اليوم بامس الحاجة ان نقف عند هذه الشخصيات الكبيرة وان نستلهم الكثير , نستلهم الحماس والارادة والجدية والمبدأية والصدقية والاندفاع في تحقيق اهدافنا اسلاميا ووطنيا من هذه الشخصيات الكبيرة , ونحن اليوم بامس الحاجة ان نستحضر اهمية الوحدة والتلاحم والتكاتف والتعاضد وان نتحول الى فريق واحد لنواجه تحديات ضخمة يمر بها العراق وتمر بها المنطقة العربية ويمر بها عالمنا الاسلامي بشكل عام ان كان في الجانب الثقافي والفكري وان كان في الجانب السياسي وعلى مستوى العراق , الجانب الامني , الجانب الخدمي الى غير ذلك كل هذه التحديات لايمكن ان تعالج الا حينما نكون موحدين ووحدتنا من خلال رؤية واحدة من خلال مسارات واحدة من خلال ذلك الاطار الواحد الذي يستحضر المصلحة العامة ويتنازل عن المصالح الخاصة لصالح تلك المصلحة العامة".
بعدها القى كلمة رئيس الجمهورية الاستاذ جلال طالباني التي القاها نيابة عنه الدكتور محمد رضا وجاء فيها " نقفُ اليومَ بإجلالٍ وألم، كما نقفُ بفخرٍ واعتزاز، في ذكرى عظيمةٍ ومؤلمةٍ في آنٍ واحد، هي ذكرى استشهاد مجاهٍد نذرَ حياتَهُ وعلمَه من أجلِ القيمِ النبيلةِ التي تسمو بالإنسانِ وكرامتِه ومن أجلِ مواجهةِ الطغيانِ والإستبدادِ والظلم، فكان صوتاً للحق، وكان موقفاً من أجلِ العدلِ والحرية، وكان استشهادُه شعلةً أخرى عظيمةً على طريقِ الشهادةِ الذي تعبّدَ بدماءِ خيرةِ أبناءِ العراق..نقفُ اليومَ في ذكرى استشهاد سماحةِ آيةِ اللهِ العظمى محمد محمد صادق الصدر قُدِّسَ سرُّهُ الشريف ونجليه، وهي شهادةٌ تكتسبُ معنى خاصاً في ظرفِها ولحظتِها، هذه اللحظةِ التي أكد فيها سماحةُ السيد الشهيد رفضَ العراقيين لطغيانِ الدكتاتوريةِ وجبروتِها في عزّ هذا الطغيانِ وجبروتِهِ، كما أكدت الشهادةُ للعراقيين وللعالم على حدٍّ سواء دمويةَ ذلك النظامِ واستهتارَه بكلِّ القيمِ والمواثيقِ والأعرافِ التي تؤكّدُ حريةَ الإنسانِ وحقَّه في التعبيرِ عن رأيِهِ وتُحرّم التجاوزَ على حياتِهِ وهي هبةُ اللهِ، جلَّت قدرتُهُ، إلى خلقِهِ..وذلك ما عُرِفَ به الدكتاتورُ المجرمُ طيلةَ حكمِهِ الذي تلطخ بدماءِ عراقيين مناضلين ومجاهدين شرفاء وقفوا من أجل شعبِهم وحقِّه في حياةٍ حرةٍ وعيشٍ كريمٍ وآمن".
وتابع الرئيس طالباني في كلمته " نستعيدُ هذه الذكرى ونحن في عراقٍ يعملُ ويسعى من أجل الإنتهاءِ تماماً من ذلك الإرثِ الدكتاتوري الدموي البغيض، ومن أجلِ مواصلةِ بناءِ دولةِ العدلِ والحقِ والحريات، الدولة التي يُعَزُّ فيها الإنسانُ وتُحتَرمُ حقوقُه وتُصانُ كرامتُه وأمنُه وحياتُه.. وهي مهماتٌ نتصدى لها جميعاً، كسياسيين في إدارة الدولة وكمجتمعٍ بنخبِه الدينيةِ والإجتماعيةِ والثقافيةِ وبسائرِ ابنائِه من جميعِ المكوناتِ القوميةِ والدينيةِ والمذهبية..وهو ما يتطلبُ تضافرَ الجهودِ والعملَ بروح الأسرةِ الواحدة، أسرةِ العراقِ الذي يجمعُنا بالخيرِ والعدلِ والسلام، خصوصاً أن التحدياتِ التي ما زالت تواجهُنا هي تحدياتٌ جدية وأن ما نطمحُ إلى بلوغِه هو كبيرٌ بما يستحقُه العراقُ والعراقيون".
بعدها عرض فيلم وثائقي قصير بعنوان ( قل هو الصدر ) يحكي سيرة الشهيد الخالد محمد الصدر مما ألهب مشاعر الحاضرين وجعل المسرح يضج بالبكاء والأسى .
ثم اعتلى المنصة الشيخ خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق فرع الجنوب وعضو التحالف الوطني الذي تحدث عن ذكرياته ابان نهضة السيد الشهيد ودوره الكبير في ترسيخ الهوية الوطنية منتقداً في الوقت ذاته الأصوات النشاز التي تنتقص من مكونات الشعب العراقي تحت عناوين طائفية بغيضة.
واختتم الدكتور صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد كلمات التأبين حيث سلط الضوء في كلمته على السيرة الناصعة للشهيد الصدر وفق منهج بحثي متميز مستذكراً مواقفه الخالدة وشعاراته الهادرة التي هزت عروش الظالمين.
وكان مسك ختام الحفل التأبيني مع الشعر والشعراء الذين ألهبوا حماس الحاضرين وأسالوا دموعهم فقد كانت المنصة لفرزدق الصدر الشاعر الحلي الفصيح عباس العجيلي بعدها ضج المسرح بحماس الشاعر الشعبي الكبير محسن الجوراني الذي عزف قصيدة بعنوان سمفونية الألق راثياً الشهيد الصدر.
هذا وقد حضر الحفل حشد من اساتذه وفضلاء الحوزة العلمية وممثلي المرجعيات الدينية وأبناء المرجعية الشاهدة .