في القوش وبغديدا مسيرات جماهيرية مفرحة لكنها مؤسفة ايضاً
في بحر الأيام القليلة الماضية كانت الأجواء الملبدة بغيوم التفرقة على وشك ان تنقشع من سماء العلاقات بين تنظيمات شعبنا القومية السياسية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تتخذ لها اسماء قومية كلدانية او سريانية او آشورية ، وكان الأجماع والأتفاق على الرأي الواحد هما سيدا الموقف في بحر الايام المنصرمة والذي خيم على الأجواء بين مسؤولي هذه القيادات ، والراصد للتصريحات والبيانات لشخصيات وممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ، يقرأ بجلاء اتفاقاً ضمنياً غير مكتوب بين هذه التنظيمات والشخصيات مفاده :انهم يتوحدون حول محور الأستنكار لموقف البرلمان من حقوق شعبنا ، فإضافة الى تعرضه الى عمليات القتل والخطف والتشريد ، فإنه يتعرض على يد البرلمان العراقي الى عملية سلب الحقوق تحت قبة البرلمان العراقي والذي ينبغي ان يكون ( البرلمان ) اول المدافعين عن حقوق المكونات الأثنية والدينية الصغيرة ويأتي في مقدمتها شعبنا الكلداني .
كانت تصوراتي ان الزخم الذي تولد من القرار المجحف بسلب حقوقنا في البرلمان هو الكفيل بتوحدنا وبتبني خطاب واحد ، وقد تجسد ذلك فعلاً في الأجماع الذي ظهر عبر وسائل الأعلام المرئية وفي مواقع الأنترنيت وما تناولته وكالات الأخبار العالمية والصحف الأجنبية والعربية .
وكانت ردود أفعال رائعة ان تنطلق مظاهرات في مدننا في الوطن . ومن المؤكد ان تجمعات شعبنا في دول المهجر سوف لن تقف مكتوفة الأيدي من هذه المظاهرات فيما إذا بقي قرار إلغاء المادة 50 التي تقضي بنظام الكوتا لضمان بعض حقوق شعبنا في التمثيل في مجالس المحافظات ، خاصة وإن الأستاذ نوري المالكي رئيس الوزراء قد تدخل لحث البرلمان على التراجع عن قراره الغريب بحق الأقليات العراقية .
المهم في الأمر أننا قرانا خبر المظاهرة الجماهيرية في بغديدا ، حوالي ( ثمانية آلاف ) حسب قناة الشرقية التي انطلقت صباح هذا اليوم الأحد وقام بتنظيمها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري وقام بدور كبير في تنظيم هذه المظاهرةايضاً مجلس اعيان قره قوش .
ربما كرد فعل لذلك اوربما بتنسيق مسبق ، وهذا هو الأرجح ، قامت الحركة الديمقراطية الاشورية بتنظيم مسيرة ثانية في القوش فنقلت انصارها من المدن والقرى المجاورة ( حوالي الفين ) حسب موقع عنكاوا لقيام بمظاهرة مماثلة ، وجاء في الخبر ان المظاهرة حضرها عدد من ممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في القوش .
أقول :
من المفرح اولاً ان تحصل مثل هذه النشاطات التي تؤول الى رفع الوعي القومي والسياسي بين ابناء شعبنا ، للمطالبة بحقوقهم ، لكن ما يدعو الى الأسف بنفس الوقت ، ان تتكرر هذه الصيغة في النشاط على هذا المنوال الأنفرادي .
من حقي ان أتساءل : لماذا لا تكون هنالك مظاهرات مشتركة من قبل كل الأطراف ، ويكون هنالك تنسيق في الشعارات وفي وقت انطلاق هذه المسيرات وفيها آلية مشتركة للجميع لتظهر وكاننا فريق واحد ، خاصة وإن المسألة تخص كل أبناء شعبنا وليست قضية تخص هذه الجهة او ذلك الحزب .
كل يوم صباحاً ومساءً نسمع الكلام الكثير والعبر والأمثال عن الضرورة الماسة لوحدة شعبنا ، وتتصدر مفردة ( الوحدة ) تقريباً كل البيانات والتصريحات لكل الأحزاب ولكل الساسة ولكل رجال الدين . ولكن يبدو لي ان اغلب هذه الدعوات هي دعوات طوباوية يريد صاحبها إملاء مقالته او كلمته بكلمات عمومية كوحدة شعبنا ، والدليل الحالة التي نحن بصددها إذ حينما نصل الى المحك لتحقيق معادلة الوحدة على أرض الواقع تبدأ التنافرات ، وها هي عملية المسيرة الجماهيرية حول حقوق شعبنا إن كان في القوش او في بغديدا ، ماثلة أمامنا وغدأ سيطرق اسماعنا انباء مسيرات ومظاهرات جديدة في بلدات أخرى يقوم بها حزب من احزاب شعبنا ، وستكون على نفس النمط : إنه امر مؤسف حقاً ان نسمع جعجعة فقط في أمر الوحدة ثم لا نرى طحيناً على ارض الرحى .
احزابنا ومنظماتنا لغرض اثبات مصداقيتها مدعوة للقيام بمظاهرات ومسيرات مشتركة إن كان داخل الوطن او في بلاد المهجر ، وفق تنظيم وآلية جماعية منسقة ، وتحمل شعارات موحدة ، وان لا يفرض طرف من الأطراف أجندته على الأخرين ، وان ننطلق من الندية والتكافؤ بين الجميع لا فرق بين الصغير والكبير او بين القديم والجديد ، إننا شعب واحد ، ونحن جميعاً مستدفين ومصيرنا واحد .
فهل نترجم الشعارت الى افعال ؟
حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no