في ذكرى يوم الشهيد الآشوري السابع من شهر آب
ناشط قومي آشوري وصاحب الإقتراح ( Author ) بيوم ذكرى الشهداءفي مثل هذا اليوم يحتفل الشعب الآشوري في كل عام بيوم الشهيد الآشوري في الوطن الغالي العراق والعالم أجمع .
إن هذه الذكرى المقدسة والمهمة في تاريخنا المعاصر كانت من إحدى باكورة الانجازات للإتحاد الآشوري العالمي جنبا إلى جنب الإحتفال بالأول من شهر نيسان رأس السنة الآشورية .
البدايات :
منذ أربعين عاما هذا ما قلناه في مجلة " مهاديانا / الهدى " الناطقة بلسان " حركة القوميين الآشوريين " في شيكاغو ، علما أن هذه الحركة القومية الآشورية الى جانب إخوتنا القوميين في إيران وكذلك في فرانسا وأماكن آخرى معا أرسوا قواعد إيجاد أول منظمة سياسية عالمية ألا وهي " الإتحاد الآشوري العالمي" وذلك عام 1968-
" كل الشعوب والأمم تحتفل بشهدائها ، الشهداء الذين سقطوا في سبيل حرية الشعب وكرامته إلا شعبنا الآشوري الذي طال عليه السبات في هذا المضمار وبقي شهداؤنا بدون ذكرى !
لذا ارتأت " حركة القوميين الآشوريين " أن تعلن للملأ بأنها قد خصت هذا العدد من المجلة (شهر آذار 1969 ) إصدارا خاصا تخليدا وتمجيدا لهم في عصر اليقظة القومية الآشورية !
أيها الشعب الآشوري الكريم :
منذ أفول الدولة الآشورية سنة 612 ق.م. ومعها كان زوال السلطة البيثنهرينية / الرافدية إلى يومنا هذا لم يبخل شعبنا يوما في تقديم الأضاحي للحفاظ على حريته وكرامة وجوده . وحتى يوم أصبحت المسيحية لنا دينا ودنيا ، حيث ازدادت تضحياته للأسف الشديد أكثر ضخامة وجسامة من ذي قبل رغم أن المسيحية لا تدعو الشعوب الى إعلان الجهاد في سبيل الله حيث الله سبحانه وتعالى ليس في حاجة لمن يدافعون عنه في زحق أرواح الأخرين فهو القادر الأعظم .
وعندما تيقظت الشعوب في العصر الحديث مطالبة بحريتها وسيادتها ، تحركت معها جماهير شعبنا الآشورية أسوة بها آخذة من وضعها المزري والمتردي يوما بعد يوم الدافع الأوحد للثورة على المفاهيم والتقاليد القديمة البالية لابراز القضية الأشورية عالميا .
وبذلك نما وترعرع الشعور القومي بين مختلف فئات شعبنا ليتمخض عنه شعاره في الوحدة والحرية لهذا الشعب القديم ، قدم الزمان والمكان .
لقد كان الكتاب الآشوريين في صدارة ممن أيقظوا وألهبوا الشعور القومي النبيل بأقلامهم النارية حيث صوروا واقعه المخجل والمزري من جهة ، كما نفثوا فيه روح الشجاعة والقناعة من جهة أخرى ، بانه شعب له خصائص ومقومات كأي شعب آخر على وجه هذه البسيطة بدون استثناء ويستحق كل إحترام . "
تثبيت السابع من شهر آب من كل عام كذكرى الشهداء من قبل الإتحاد الآشوري العالمي
لقد ناقش الإتحاد الآشوري العالمي في مؤتمره السنوي الثالث ( 1970 ) تثبيت السابع من أب من كل عام ليكون ذكرى للشهيد الآشوري وهكذا سرت العادة الى اليوم .
وليكن معلوما ، حيث البعض للأسف يريدون أن يضفوا عليها شيئا لم يكن في خلدنا إطلاقا يومئذ وهو أن هذا اليوم هو تيمنا بمذبحة سميل لعام 1933 ، ولكن نقول وليكن الأمر واضحا أن هذه الأمة دفعت الثمن غاليا في كل العصور والدهور في وقت لا ننكر أيضا مدى هول تلك الجريمة الشنعاء التي ارتكبها الجيش العراقي تحت أمرة الدخلاء ، سواء من الأكراد أو الأعراب ولكن هذه الجريمة النكراء ستبقى الى الأبد ذكرى جامعة لكل مآسينا وآلامنا منذ سقوط نينوى الى الآن .
إن إختيارنا للسابع من آب جاء في خلدنا كونها أول مأساة أكثر حداثة ونملك كل التفاصيل لا عمن خططوا لها فحسب ، بل الذين نفذوها أيضا وما تزال ذكراها في الأذهان لما ترتعد لها الفرائص لهولها وبشاعتها الى اليوم .
والآن تعالوا معي لنقرأ قسما مما قالته مجلة " المسرة " اللبنانية الصادرة في شهر تشرين الثاني / نوفمبر سنة 1933 عن الفاجعة :
" حملت لنا الأخبار الأخيرة أن مسألة الآشوريين قد انتهت أو كادت بعد أن مثل العراق أمام جمعية الأمم / League of Nations مرفوع الرأس طاهر الذيل لأن – يسن باشا رئيس الوفد العراقي قد أبدى تصريحات خطيرة مؤيدة بالوثائق والحجج فأثبت أن تبعة الحوادث تقع على الآشوريين أنفسهم ولكنه اعترف في الوقت نفسه بان الفريقين قد ارتكبا بعض الحوادث الشاذة !
ولا ريب أن قسما كبيرا من وثائق يسن باشا انما هي البرقيات والتصريحات العديدة التي رفعها فريق من الآشوريين أنفسهم الى بغداد والتي نشرها قنصل العراق العام البعض منها في الأهرام "
ومضت المجلة في القول ، تلك هي الحقائق " الرسمية " كما بسطها ممثلوا العراق أمام جمعية الأمم في جنبف وكما روتها بعض الصحف ممن أخذوا في هذه الأقطار بهوس الجامعة العربية أو الوطن العربي .
وهذه إحدى البرقيات التي أرسلها قنصل العراق العام في مصر بغية نشرها في جريدة الأهرا م القاهرية :
" ان اجتماعنا الآن من رؤساء الأديان الثلاثة ومختلف الطوائف والشيوخ وأعضاء الهيئات التمثيلية والمحلية على مائدة معالي وزير الداخلية حكمت بك سليمان ليس الا مظهرا صميميا من مظاهر الوئام الطائفي والتضامن الوطني وقد استدرجنا الشعور الوطني الفياض الى عرض الاخلاص لسيد البلاد... وليست حوادث عصابة التياريين ( الآشوريين ) سوى تخبط طائش منهم - في مجراه القانوني الى أخذ نصيبه العادل من الجزاء – وإنما يؤلمنا أن نجد بعض ذوي الأغراض يحاول اتخاذ هذه الحوادث وتأججها ذريعة للفت في عضد التكاتف الوطني ....
الموقعون :
أحمد الجوادي ، ( ماري ) يوسف عمانوئيل بطريرك الكلدان ، مفتي الموصل حبيب العبيدي ، آصف وقائي ، أحمد البرزاني ، عجيل الياور ، المطران توما ، النقيب عبد الغني ، ضياء يونس ، سعيد جلميران ، المطران
جرجس الخ . "
أما الحقيقة " غير الرسمية " الحقيقة الواقعية المؤلمة فهي أن الآشوريين قد ذبحوا ذبح النعاج وإن الحق الذي لكل إنسان على ماله وعرضه ووطنه قد هضم معهم بشكل بربري فظيع ... فلا شيء يضطرنا نحن أن نجاريهم في ذلك ونسكت إزاء جو مكفهر بالغيوم ومستقبل ينبىء بأفظع الويلات "
هكذا تتكلم حكومة العراق . وهكذا فعل مندوبها في جنيف . على أن برقيات الولاء والاحتجاج هذه قد تجوز على سكان واشنطن أو باريس أو لندن لا على من عاش في هذه الأقطار فعرف كيف تنظم العرائض وتوقع البرقيات ولا سيما ممن هم رؤساء مسؤولون عن شعوبهم ، او زعماء يوقعون العرائض تحت الضغط الشديد والتهديد المخوف ، أمام شبه المشنقة أو الرصاص ، أو ظلمات السجون أو حرق البيوت وسبي الأطفال وهتك الأعراض !
فالعراق مسؤول عن مذابح الآشوريين مهما حاول الانكار . وإذا قلنا العراق فلا نعني الملك فيصلا لأن فيصلا كان أرقى خلقا وأوفر ذكاء وأدق سياسة .
ما أشبه اليوم بالبارحة
كما ترى الكلام أعلاه يعود الى أوائل القرن الماضي ولكن اليوم للأسف نرى ونسمع وكأننا في تلك الأيام العصيبة التي مرت بها أمتنا مرة أخرى ، فاذا كان لأولئك حججهم – لو فرضنا جدلا - باننا أمة باغية كفرنا على حد قولهم بانعام الملكية والشعب العراقي ، هل يستطيعوا أن يشرحوا لنا اليوم ما هو ذنبنا حيث أكثر من نصف مليون مهجر خلال ست سنوات فقط أضف الى ذلك القتل والسلب والنهب وتفجير أماكن العبادة وكل ذلك يسير على قدم وساق باسم الدين الاسلامي ؟ !
فنحن كآشوريين لن نجيب على مثل هذه التساؤلات ، بل نترك الجواب لأخ عراقي مسلم شهم ألا وهو الأستاذ الدكتور تيسير عبد الجبار الألوسي الذي حيا يوم الشهيد الآشوري في العام الماضي – من على موقع كتابات هذا - وهنا نقتطف فقرات مما قاله :
" ... في يوم الشهيد الآشوري ، فإن ذلك جاء تمسكا بقيمة الشهيد وحرمته المستباحة ومحاولة لوقف نزيف الدم الآشوري وهو آخر ما تبقى مما يمتلكه شعب معروف ببطولاته وبمكانته في إعلاء المعارف والعلوم وإشادة ثقافة عريقة وحضارة مجيدة يجري اليوم طمسها ومحو آثارها بإزالة الكنائس والمكتبات والرقم والآثار الباقية وتهجير أبناء هذا الشعب وتشريده .... في يوم الشهيد الآشوري ] مثلما يدعو الجميع [ يدعوني أن أتحدث عن كل تلك الجرائم التاريخية المتصلة المستمرة بحق بناة عراق الجذور .... ويدعوني الحق ان اقول : إن منطق الرد على سفر الإبادة التاريخية منها القديمة والمعاصرة لا يكون إلا بأنصاف هذا الشعب العريق حقه ... وهذا ليس تمننا أو تعطفا أو حسنة أو صدقة من أحد ، بل هو منطق العدل الإنساني في المساواة والإخاء ...."
نعم لك أيها الأخ الفاضل وبوركت يداك بما سطرته من حق وحقيقة ، والسؤال الآن هو ، هل هناك من سامع ؟!
وختاما ، ندعو الله العلي القدير أن يحفظ شعبنا الآشوري والعراقي ويرشده الى الطريق القويم الصحيح ويبعث فيهم السلام والوئام ويملأ قلوبهم بالمحبة والرحمة .
وإلى شهدائنا ، نرفع أسمى آيات التقدير والاجلال لأنهم قدموا أنفسهم ذبيحة مقدسة لحياة هذه الأمة وسطروا كل سفر من تاريخنا بدمهم الطاهر والظافر.
إذا أرقدوا بسلام واطمئنان ، لأن صرخة الجيل الجديد هي حياة هذه الأمة أو موتها ، فقسما بأرضنا الفيحاء وبدم شهدائنا الأبرار الأوفياء بأننا سنحمي العهد من المهد الى اللحد.
وعاش نضال الشعب الآشوري في سبيل الوحدة ( وحدة العراق ) والحرية والحياة الأفضل .
.......................
تنويه : يرجى من القراء الأفاضل أن يشاركوا معنا في يوم الشهيد الآشوري بحيث أن يشعلوا شمعة على أرواح شهدائنا باستخدام الرابط أدناه ولكم شكرنا الجزيل سلفا -
http://www.assyriatimes.com/engine/modules/martyrs/litcandle.php