في صولة الأنبار.. قواتنا تستعيد تاريخها وأمجادها
تحاول قواتنا الباسلة من الجيش والشرطة هذه الأيام الإمساك بالمبادرة القتالية وبقوة لتضرب عصفورين بحجر واحد، الأول تحطيم أوكار ومعسكرات الإرهاب غربي البلاد، وثانيها استعادة هذه القوات أمجادها وشرف مواقفها باتجاه حماية الوطن وكسب ثقة المواطن.
لقد حاولت العديد من الأطراف المحلية والجهات الخارجية إضعاف الجيش العراقي والتشكيك بوطنيته وقدراته، ومحاولة إبعاده عن محيطيه الوطني والعربي، والعمل على احباط القوات الامنية، ولتحقيق هذه المؤامرة استخدمت وسائل خبيثة في مقدمتها محاولات استفزاز القوات المسلحة ودفعها لمواقف تستغل للدعاية المضادة، وتصوير ان هذا الجيش يمثل فئة عراقية تستخدمه لقتل فئة أخرى، وبدأت هذه المحاولات الخبيثة واللئيمة ومنذ سقوط النظام في عام 2003، حيث حولت زعامات دينية متطرفة وشخصيات عشائرية ورأسمالية منع العديد من فئات الشعب العراقي وخاصة من أبناء المحافظات الغربية من الانخراط في الجيش والشرطة والتشكيك في ولائهما، وبعد ذلك بدأت تروّج لادعاءات باطلة بهيمنة قوى معينة على الجيش وتهميش آخرين، لكن مجريات الأحداث أكدت كذب هذه الروايات، وان الجيش العراقي بقياداته ومقاتليه تجنب الانشقاقات الطائفية وبقى بعيدا عن الصراعات السياسية وأصبح فعلا فوق الميول والاتجاهات.
إن هذه المواقف وهذا النهج مع تنامي قدرات الجيش العراقي أثار الرعب عند أصحاب الأجندات الذين يحاولون عودة عجلة التاريخ إلى الوراء، وراحوا يتعاونون مع أطراف إقليمية ودولية لشن حملات للتشكيك بوطنية هذا الجيش وقدراته، ما مهد الطريق للآلاف من المغرر بهم من خنازيز الجهاد ومتعددي الجنسية من الباكستان وافغانستان والشيشان ومن السعودية وليبيا والمغرب وتونس ومن بلدان أوربية توجهوا إلى العراق وإقامة معسكرات وأوكار للإرهاب العالمي في صحراء الانبار وأطراف صلاح الدين وفي قلب الموصل وعلى امتدادات جبل حمرين.
وقد مهدت لهم شخصيات دينية وسياسية وعشائرية وبرلمانية من المصابين بالعقد الذاتية والنرجسية والطائفية ووفروا لهم ملاذات آمنة في ساحات الاعتصام المشبوهة وأماكن العبادة، مستغلين حالة ضبط النفس للقيادة في الجيش العراقي وأخلاقيته العالية وحرصه الشديد على عدم المساس بمشاعر المواطنين، وتفويت الفرصة على المتآمرين، ولكنهم وللأسف استغلوا صبر الحليم وحكمة العقلاء فتمادوا في جرائم القتل والاستفزاز، ووصل الأمر لمستويات خطيرة تهدد هيبة وسيادة البلاد ومستقبل العباد، حتى وصلت الأزمة إلى مستوى الذروة من التحدي ولم يبق من خيار أمام صناع القرار إلا أن يثبت الجيش العراقي وطنيته واقتداره بمبادرة وصولة شجاعة على أوكار ومعسكرات الإرهابيين ومقاتلتهم وجها لوجه وبأساليب الفروسية وبمشاركة القادة مع جنودهم في خط المواجهة الأول، والدليل على ذلك استشهاد قائد الفرقة السابعة العميد الركن محمد الكروي ومجموعة من الضباط والآمرين والجنود الذين اختاروا خطا جهاديا ودخلوا المعركة بصورة مباشرة وشريفة، بعكس المتسترين بشعارات الدين والجهاد ويمارسون الغدر والخسة في كل عملياتهم الإجرامية ضد الجيش والمؤسسات الحكومية والتجمعات المدنية.
إن الصولات الأخيرة التي شاركت فيها قوات برية مع مشاركة نوعية للقوة الجوية خاصة سلاح السمتيات وقوات من وزارة الداخلية أكدت التطورات التي بلغتها قواتنا، وتكشف كذلك عن خطورة المؤامرة الداخلية والدولية التي كانت تقف حجر عثرة امام تسليم الجيش العراقي الأسلحة والطائرات خوفا من تنامي قدراته لقطع الطريق على الإرهابيين والانفصاليين، وكلنا يتذكر حجم التشويش لإحباط صفقة السلاح الروسي، وسبقتها عقود فاسدة لمنع تسليم الجيش لأسلحة متطورة، والإبقاء على تفوق الإرهابيين وإضعاف الدولة الاتحادية لكي تحقق بعض الأطراف غاياتها الانفصالية على ركام وسقوط الدولة العراقية وانهيار قواتها المسلحة، لكن الصولات الأخيرة قلبت الموازين ووضعت الجيش في مساره الصحيح ليصنع مجد الحاضر والمستقبل، ويوجه ضربة مزدوجة للإرهابيين وحلفائهم ويعيد للشعب ثقته بنفسه ويزرع اليأس في قلوب المتآمرين أصحاب الأجندات الصفر الذين راهنوا بجني مكاسب ومناصب على حساب الدم العراقي النازف.
مبارك لقواتنا المسلحة وهي تحتفي بذكرى التأسيس والانتصار اللامع على خنازير داعش وعلى البراغيث الملتصقة بها، وبالتأكيد فان هذه الصولات ستكون لها نتائج مذهلة في رفع معنويات القوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية ولعموم أبناء الشعب، وتؤشر للدخول بمرحلة جديدة هي الدفاع عن العراق بأسلوب الهجوم والإمساك بالمبادرة، وان مستقبل الأيام سيشهد مبادرات ومفاجآت كبيرة سيتلقى الإرهاب من خلالها صفعات دامية وتتلقى العناصر الإجرامية المتسترة بالدين وبالعشائرية وبالحصانة البرلمانية ركلات مميتة من الجماهير الغاضبة، الذين سيدركون بان هؤلاء لا يمثلون جوهر الدين ولا ينتمون لأصالة العشائر العربية ولا يمتون بصلة للديمقراطية التي أوجدت البرلمان ومجالس المحافظات، لان الديمقراطية تعني الوحدة الوطنية والسلام الأهلي والتوافق على محاربة الفساد والإرهاب ومؤازرة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية في حربها العادلة ضد أعداء العراق الجديد.
firashamdani@yahoo.com
Mr. FIRAS G. AL-HAMADANI
WRITER & JOURNALIST
Baghdad - IRAQ