في يوم المرأة العالمي.. صورة من وحي الخيال!.....
اليوم: يوم المرأة العالمي....الوقت: بين الظهيرة والمساء
المكان: امريكا
المحافل: كثيرة....!!
- محفل الجالية العراقية:
تعاقب على المنبر ثلة من المثقفين ومن كلا الجنسين لإلقاء الخطابات ...
محور الخطاب: المرأة!،حقوقها،دورها التاريخي،دورها في البناء الأجتماعي ومستحقاتها السياسية،انجازتها وبطولاتها، الظلم الواقع عليها والعنف ضدها، المعوقات في طريق نهضتها...الخ ..كما اشاد كل خطاب بتضحياتها الجليلة.. فهي ام الشهيد ،ام البطل المحارب،ارملة المناضل من اجل الوطن،اخت المجاهد في سبيل الحق...الخ
- محفل الجالية الفيتنامية:
تعاقب على المنبر ثلة ... الخ
محور الخطاب: كذا، كما ورد في اعلاه... والإشادة هي ذات الإشادة وكما ورد سلفا..
- محفل الجالية البوسنية:... ... كذا وكما ورد
- محفل الجالية الهندية: ..... كذا
.
.
.
.
.
- محافل الهوية الدينية بتنوعاتها:... كذا...وكما ورد
- محافل التوجهات القومية: كذا
- محافل التوجهات العلمانية... كذا..
وووو.. والمحافل كثيرة وقاسمها المشترك المرأة كمحور والإشادة بالتضحيات كخاتمة...
في المحفل الوطني الأمريكي : .. تكررت الخطاب وبنفس المضامين وذات الإشادة...
هنا قفزت امرأة عجوز لتقف خلف المنبر وتدلي بما يجول في صدرها، وكانت قد خرجت من الصباح الباكر مزهوة بيومها العالمي ،وبعد ان تناولت فطارها من حاوية قمامة موضوعة بظهر مطعم، وارتشفت قهوتها من عنق قدح بلاستيكي كانت قد التقطته من يد رجل متوجه به نحو حاوية صغيرة مركونة خلف عمود سميك في محطة وقود.. وبعد ان رمّت عظمها بالفطور كانت قد توجهت لتصيّد المحافل اينما وجدت معتمدة على ما ادخرته طيلة عام من نقود للتنقل المفتوح في ارجاء الولاية وبوسائط النقل العام..
.. وقفت خلف المنبر - وقد سمحوا لها.. فهذا يومها، رغم الفضول والخجل!- لتدلي بصوت مرتجف نالت منه الشيخوخة وشذبه البؤس:
أعزائي.. عصر احتواء الكلمة والإبداع لم ينته بعد!..
......وليست الشجاعة والقوة ان تعتقد بكل ما تقول!..
لقد بدى لي أن كل فرقة منكم اشادت بالمرأة واحسنت،واشادت بالتضحية فأضلت..
فكل فرقة وفي محفلها تدعي بأن قتلاها هم الشهداء والأبطال المناضلين، وتشيد بالمرأة كونها الأم والأخت والأبنة والرفيقة والزوجة والجدة لمثل هؤلاء..بينما ترى قتلى الأخرين من المجرمين والمغرر بهم ومن الضحايا البائسين لصراع او حرب،وانتن ايتها السيدات مزهوات بالفخر والهيبة بتلك الإشادة ولكن بغطاء عالمي مزور... ..... في هذا المحفل الكبير الجامع لكل الفرق، هلا تسائلتنّ من هم المجرمون ومن هم الشهداء والمناضلون !!!!
لقد غرر بكنّ السياسيون، فلا تقدمنّ بعد اليوم رفاقكنّ وافلاذ اكبادكنّ وقودا لفوهات البنادق،
... إن لم يكن بمقدروكنّ فعل هذا الآن،فلا تنسين فعله غدا.. غدا وبعد القيام من سجود طويل........
اما بعد.. فلتتقدم مني ارملة عراقية لزوج شهيد، وام افغانية لأبن فقيد ،وفيتنامية لحفيد معاق، وامريكية لمحارب لم تصل جنازته بعد..و..و... كي يحملنني- كفرقة!- الى الرصيف المحاذي فقد ادركتني قيلولة المساء !!...
فاتن نور