Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

فيشخابور الآشــورية ... نموذجاً للاستيطان الكردي

تقع القرية في منطقة إستراتيجية بين الحدود التركية السورية في أقصى الشمال الغربي من العراق وتطل على نهر دجلة من الغرب بعد دخوله الحدود العراقية وهو الذي يفصلها عن الحدود السورية , كانت القرية منذ قديم الزمان محط أنظار المعجبين والطامعين وأستطاع أهلها الآشوريين المسيحيين من الصمود والمحافظة على قريتهم رغم كل المحن والصعاب التي واجهتهم عبر تاريخ طويل من الصمود والمآسي , وبلغ عدد سكانها (( 899)) نسمة حسب إحصاء عام 1957 وبلغ عدد الدور المشيدة فيها ((175)) بيتاً معظمهم مبني من الحجر والجص , شهدت القرية عبور مالك ياقو لنهر دجلة متوجهاً إلى سوريا في إنتفاضة عام 1933 وعلى أثرها ارتكبت مذبحة سميلى التي راح ضحيتها أكثر من أربعة آلاف آشوري بريء من النساء والأطفال والشيوخ والرجال العزل , كما شهدت القرية عبور الجيش السوري عام 1963 بالاتفاق مع الحكومة العراقية وأحرقت القرية في نفس العام من قبل مرتزقة النظام من الكرد الموالين للسلطة وكان على رأسهم المرتزق فرهات حاجي آغا من عشيرة السندي , وفي عام 1974 عبر أهلها المتواجدين في القرية جميعاً والبالغ عددهم (150) عائلة إلى سوريا بعد تجدد المعارك بين السلطة في بغداد والحركة الكردية ومكثوا في القرية المقابلة لهم والتي يسكنها أيضاً آشوريين مسيحيين ومن أقربائهم لمدة ستة اشهر عادوا عام 1975 إلى قريتهم لتعميرها من جديد , ولكن النظام لم يمهلهم طويلا حيث اُبلغوا بإخلاء القرية في صيف عام 1976 وتم تهجير أهالي القرية بصورة رسمية من قبل النظام بسبب وقوعها على الشريط الحدودي وفي اليوم الثاني لإخلائها اُسكن العرب محلهم ثم شُيدت لهم دوراً حديثة وهكذا تبعثر أهل القرية في جميع أنحاء العراق والمهجر وهو حال معظم قرانا الآشورية في شمال العراق إن لم يكن أسوأ . وبعد انتفاضة آذار عام 1991 ونزوح العرب المتجاوزين منها سكنها الكرد والآيزيديين وبدعم من الحزب الديمقراطي الكردستاني على الرغم من معارضة أهلها ومطالبتهم القيادة الكردية والبرلمان الكردي بصورة مباشرة أو عن طريق الأحزاب الآشورية بإخلاء القرية ليتسنى لأهلها العودة ولكن الفشل كان حليفهم دائماً ولم يسمعوا من القيادة الكردية والمسؤولين الكرد غير الوعود الغير صادقة طوال أربعة عشر عام وبمرور الزمن تزايدت الأصوات المطالبة بإخلاء القرية وخاصة بعد سقوط النظام الصدامي من قبل أهلها المتواجدين في أمريكا كما تزايد الضغط من قبل مؤسساتنا القومية والسياسية إضافة إلى اللوبي المؤثر لشخصيات شعبنا في المجتمع الأمريكي فبدأ الحزب الديمقراطي الكردستاني بدراسة الموضوع بجدية وتهيئة الأجواء لإرضاء أهلها وإسكات الأصوات المطالبة بإخلاء القرية من المستوطنين الكرد وتم تبليغ بعض الكرد وجميع الآيزيديين بإخلاء القرية بعد تعويضهم بمبلغ عشرة آلاف دولار لكل عائلة وتم أخلاء الدور التي سكنها العرب من قبل , وبوشر بتعمير وصيانة الدور من قبل لجنة المسيحيين التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني عام 2005 برئاسة السيد سركيس آغاجان تمهيداً لعودة أهلها وهذا ما جرى فعلا وعاد جزء من أهلها على شكل وجبات ويبلغ اليوم تعدادهم قرابة (150) عائلة تسكن القرية وهكذا اُسكتت الأصوات المطالبة بإخلاء القرية وبدأ مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردي بالتبجح في كل مناسبة يطرح موضوع القرى الآشورية والتجاوزات الموجودة عليها من قبل الكرد بالقول (( بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني جاد في إخلاء القرى المتجاوز عليها وها هي فيشخابور أكبر دليل على ذلك )) وهذا الكلام المدون بين الأقواس سمعناه كثيراً من قبل مسؤولي أحزابنا ومؤسساتنا القومية والدينية وعلى كل المستويات يرددونه كالببغاوات دفاعاً عن التجاوزات واضعين اللوم على شعبنا الذي لا يعود إلى قراه وأراضيه المغتصبة , سنة مرت على هذا الكلام الذي لم أصدقه يوماً , ولم أصدق أن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيخرج يوماً من فيشخابور بهذه السهولة وبإرادته إلا مرغماً , وشاء القدر أن ازور فيشخابور مؤخراً وهناك انجلت الحقيقة أمام عيني ورأيت المستوطنة الكردية المشيدة على أراضي فيشخابور والتي يبلغ عدد الدور المشيدة فيها حديثاً قرابة المائة دار وفيها القصور الفخمة والجامع والمرافق الضرورية الأخرى (( بني الجامع قبل ستة سنوات بالرغم من معارضة أهالي القرية وبأمر من القيادة الكردية – حسب أقوال أهالي القرية - )) وتقع المستوطنة الكردية الميرانية (( أقرباء فاضل ميراني عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني )) عند مدخل أراضي القرية وعلى الشارع الرئيسي للقرية والتي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن أطلال قرية فيشخابور الأصلية أي أن القرية أصبحت مشتركة بين الكرد والآشوريين المسيحيين وبهذا يكون الكرد قد استكردوا القرية واستوطنوها ولم يخلوا القرية كما يدعون ويصرحون في وسائل الإعلام المختلفة وكذب من قال إن قرية فيشخابور قد افرغت من المستوطنين الكرد علماً أن هناك العديد من الأراضي الزراعية في القرية تم توزيعها على الكرد البارزانيين وأن لم يسكنوها وبحق نستطيع القول بأن قرية فيشخابور هي رمز للاستيطان الكردي على أراضينا وممتلكاتنا الآشورية , ولم يقتصر التكريد على قرانا وأراضينا بل شملت أيضاً الآثار الآشورية المتواجدة في المنطقة فبعد أن باعوا منها الكثير بدأوا بهدم ما لا يستطيعون سرقته وبيعه , ففي زيارتي الأخيرة لقرية فيشخابور قررت أن ازور قرية شرانش التي تبعد مسافة (23) كيلومتراً عن مدينة زاخو الحدودية والتي لم أشاهدها من قبل إضافة إلى مشاهدة بعض الآثار الآشورية الواقعة بين قريتي ديركار عجم الكردية وقرية شرانش الآشورية ولكن من المؤسف له لم أحظى بهذه المشاهدة وبدلا عنها شاهدنا أثار التفجيرات وآثار أسنان مكائن ثقيلة ( شفل) محل الآثار الآشورية وأتضح لي على الواقع بأن الكرد استطاعوا أن يُسكتوا جميع الأصوات المنادية بحقوق الآشوريين , فبعد تمكنهم من جعل ( الكلدان) قومية ومن ثم التنازل عن الاسم الآشوري من قبل أحزابنا العاملة في الساحة وجعله مركباً ومكعباً بحجة توحيد الأمة في الظاهر ولكن في الجوهر ما هو إلا عامل لتفريق وإلغاء الأمة وهو ما أثبتته الأيام وبدأت الأصوات تتعالى لنتوحد بالمسيحية والتي لا أمل فيها بالطبع فنحن نعرف كنائسنا ومذاهبنا ورجالاتها , وليس الدعوة حباً في التوحيد بقدر ما يرجونه من العملية من ترك ونسيان المطالبة بالحقوق القومية لشعبنا الآشوري وكما نشاهد اليوم في فضائية عشتار التي توحدنا بالمسيحية تمهيداً لتكريدنا قومياً وبدون خجل تشرح الفضائية لجماهير شعبنا شعار الفضائية وهو شعار الإله شمش والراية القوميةً للآشوريين بأنه يعود للمسيحية , كل هذا يحصل بعد التآمر على أسمنا الآشوري وإسقاطه من الحسابات من قبل من يدعون تمثيلنا , فلم يبقى أحد يصرخ في وجوههم مطالباً بحقوق شعبنا الآشوري سوى هذه الآثار المنتشرة في كل المناطق التي يدعون الكرد كرديتها من قديم الزمان فبدأوا بتخريبها وهدمها لمنع صراخ الحجارة في وجوههم , هذا من جانب ومن جانب أخر ليرضى عليهم الموساد الإسرائيلي ويشفي غليل حقدهم على الآشوريين والآشورية ولم يبقى الأمر سراً لنكشفه لأحد وقد أصبحت اللعبة مكشوفة للجميع , وفي موقع الآثار المدمرة متأملاً فداحة المأساة وحجم المؤامرة على شعبنا تذكرتُ تماثيل بوذا في أفغانستان وكيف قامت حركة طالبان بتفجيرهم وكيف وقف العالم المتحضر بوجه طالبان وأقاموا الدنيا عليهم لمنعهم من تنفيذ قرارهم وفعلتهم الشنعاء في تفجير تماثيل بوذا وبعد الهجوم على أفغانستان وسقوط حكومة طالبان خُصصت ملايين الدولارات لإعادة بناء تماثيل بوذا مرة ثانية , وهنا في بلاد آشور بلاد الحضارة والقيم والإنسانية تهدم الآثار وتسرق وتبعثر بهدوء من دون أن يرف لأحد جفن عما يجري لنا من مآسي وويلات على كل الأصعدة , وبهذه المناسبة اُطالب أي شخص له صوره للآثار التي أتكلم عنها أن يقوم بنشرها في وسائل الأعلام المختلفة لعله يكون هناك من يقول لهؤلاء المرتزقة لا تفعلوا هذا كما أدعو أبناء شعبي إلى التكاتف والتلاحم فالمؤامرة كبيرة بحق شعبنا وحقوقه ولنعرف الصالح من الطالح ولنفرق بين الخير والشر ولنفرق بين الأعداء والأصدقاء فليس كل من يقول الهي الهي يدخل ملكوت السماء ولنطالب جميعاً وبصوت واحد إخلاء المستوطنات التكريدية في أراضينا الآشورية فنحن لسنا بكرد ولا بكردستانيين ومنعهم من بناء الجوامع في أراضينا المسيحية ومناشدة المنظمات الدولية والإنسانية والأمم المتحدة والتي تهتم بالحضارات القديمة وآثار وتاريخ الشعوب بوضع حد لهذه الممارسات العنصرية الهمجية بحق تراثنا وحضارتنا العراقية الآشورية بهدف طمرها وإلغائها من الوجود .

عاش العراق موحداً وعاش شعبه متحداً Opinions