قانون الأحزاب وضمان الخيارات الديمقراطية ..؟
الملفت للنظر في شوارع بغداد كثرة الملصقات واللافتات واليافطات على العمارات والبنايات والبيوت لمقرات احزاب وتكتلات حزبية جاوزت وفق سجلات المفوضية العليا للانتخابات 500 كيان مسجل لديها ، وهناك اكثرمن 180جريدة ومجلة في السوق العراقية ..البعض يعتبرها حالة صحية في المحيط السياسي والثقافي في العراق الجديد لانها تعبرعن وعي الجماهيرفي التعبيرعن ذاتها وفق مقتضيات المرحلة ،اما كثرتها فلا خوف منها لان الواقع هوالذي سيفرز الصالح من الطالح ، ودائما هو البقاء للاصلح .. وليجرب كل ذي حظ حظه ..
وهناك من يقول بان هذا الكم الهائل من التكتلات السياسية واحزاب مختلفه ومتباينه في الطروحات والاهداف ،تشكل فوضى عارمة في الساحة السياسية وتشتت القوه السياسية الفاعلة على ارض الواقع ..لان اكثرية هذه الاحزاب لاتمتلك سوى يافطة او لوحة تبرزاسمها من دون ان يكون لها اي وجود فعلي بين الجماهير ولاتعكس اي تاثير ايجابي على الساحة ..
من هنا ارتفعت بعض الاصوات لتطالب بتشريع قانون للاحزاب لينظم اعمال هذه الاحزاب ، بالاضافة الى ان حتمية المرحله التي يمر بها العراق واقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية تقتضي تشريع قانون " ذو اجراءات بسيطة وغيرمعقده وتنطلق من المضامين تبني الديمقراطية فكرا وممارسة ووجوب الالتزام بأسس الدولة المدنية وحقوق المواطنة ومقومات المجتمع الديمقراطي، وتعزيز حقوق الإنسان، ونبذ الشوفينية والتعصب والطائفية وكل فكر ينتج عنه العزل والتهميش والاستحواذ وبث الكراهية ، ولان قانون الأحزاب اهم القوانين في الأنظمة الديمقراطية .." هذا بعض ماجاء في مقال احد الاخوان المنشور في موقع الناس ...
فعلا عندما نتحدث عن الديمقراطية فلا بد ان نشعر بضرورة وجود حماية قانونية ودستورية لضمان العمل السياسي الحزبي بين الجماهيراسوة بالضمانات الاخرى التي تؤمنها النظم الديمقراطية لمجتمعها .. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من يستطيع ان يحقق تشريع قانون وفق المواصفات المطلوب اعلاه ..؟؟
فلنتفق اولا على ضرورة تشريع قانون للاحزاب ، ونتعرف على الية تشريعه ..؟؟ معروف بان القانون قد يعد من قبل السلطة التنفيذية ويعرض على السلطة التشريعية ( النواب ) للتصويت عليه وتشريعة بعد مصادقة مجلس الرئاسة ، او ان مجلس النواب بصفته سلطة تشريعية له ان يشرع القانون ويعرضه على مجلس الرئاسة للمصادقة عليه ويكون ملزم من تاريخ نشره في جريدة الوقائع العراقية ان لم يحدد له موعد اخره للتنفيذ ..
هذه هي الاجراءات الشكلية لسن او تشريع اي قانون .. ولكن الاشكالية هي في مضمون القانون وكيفية صياغة مواده .. المعروف بان القانون يعبرعن مجموعة قواعد تنظيميه ضابطه امره او ناهية لسوكيات اجتماعية على مستوى الفرد او الجماعة ، لذا يعتبر القانون ابن زمانه تقتضيها مرحلة تشريعه ، لان لكل مرحلة متطلباتها وقواعد تنظيم تلك العلاقة ....
ولكن السؤال من يحدد حاجة المرحلة سلبا او ايجابا لتشريع القانون ..؟؟
الحكومة ومجلس النواب هم الجهة التي تشرع مثل هذا القانون كما قلنا ..اذا الجهة التي تعمل على تشريع القانون بطبيعة الحال تكون تحت تاثيرسلوكي تؤمن به وفق معطيات استراجيتها وايدولوجيات تؤمن على تعزيزها في المجتمع بقانون يخد م طموحهم واهدافهم ... فهنا هو مربط الخيل .. هل يمكن ان يعكسوا البرلمانيون الصورة المطلوبه تحقيقها للخيارات الديمقراطية المطلوبه من الاكثرية الساحقة من شعبنا ..؟؟
فعندكما نقرأ الواقع لدى هولاء الحكومة ومجلس النواب نجد ان غالبيتهم العظمى هم من الكتل الطائفية والمذهبية التي لاتؤمن مطلقا بالديمقراطية لاعملا ولا سلوكا لا بل لاتؤمن بها حتى فكرا ..!! فكيف لها ان تشرع قانون يتصف بالمبادئ الديقراطية ويعزز الوحدة الوطنية وحقوق الانسان وينبذ الشوفينية والتعصب القومي والطائفي ...!!؟ اليست هذه الشروط والمبادئ مخالف لتطلعات تلك الكتل التي تسيطرعلى البرلمان ..؟؟ صحيح وبسهولة جدا ان يشرعوا قانون يخدم مصالحهم ، واما قانون يخدم المصلحة العامة ويحقق اهداف شعبنا فهذا مشكوك به .. ولا يمكن ان نتوقع مثل هذا القانون من هولاء... لان هذا بالمفهوم السياسي هو ان نطلب منهم الانتحار في رابعة النهار ..؟؟
لان فاقد الشئ لايعطيه كما يقال .. فكيف نطلب منهم ان يشرعوا ما لا يؤمنون به ،؟ انظروا الى الدستورالذي شرعوه لقد جاء تشويها حقيقيا للديمقراطية لا بل لكل المعاييرالقانونية لعلوم القانون الدستوري ... ولكن جاء معبرا عن اطماع واهداف الكتل الطائفية والقومية التي تسيطرعلى البرلمان ففصل هذا الدستور وفق قياسات واهداف تلك الكتل ليضفي الشرعية والقانونية على اعمالهم غيرالدستورية ولتكون مغطاة بشرعيته ...
فقانون الاحزاب المطلوب اعزائي تشريعه في هذه الوقت لايخدم طموح شعبنا في البناء الديمقراطي بل سعزز دورالكتل الطائفية والقومية والمذهبية على الساحة لانه سيشرعون قانون مفصلا وفق مقايس تخدم مصالحهم مكبلا لعمل الاحزاب الوطنية والتقدمية المؤمنه بالديمقراطية ليحد من سلوكيات وكفاءة هذا الاحزاب الوطنية لصالح احزاب رجعية وقومية ومذهبية ودينية وطائفية تحت ستار دستورية القوانيين وعدم تعارضها مع الدستور وهناك الكثير من مواد الدستور يستطيعوا استثمارها في قمع الاخرين ومحاربتهم بحجة تطبيق الدستور...
فالذي نطلبه وينشده كل الحريصين على مستقبل العراق الديمقراطي ليس الا الخيار الوحيد المتبقى لممارسة الديمقراطية هو الانتخابات القادمه التي نامل ان تكون نقطة تحول في خيارات شعبنا بانتخاب ممثليين حقيقين له بعيدين عن المسميات التي اتصفت بها المرحلة السابقة.. بعد ان اثبت الواقع ان المرحلة ما بعد2003 ولحد يومنا هي بكل المعايير مرحلة مدانه .... فعلى شعبنا ان يتهئ لانتخابات القادمة بورقة حقيقة بيضاء خالية من اي اثر لهذه المرحلة وتاثيراتها السلبية على الواقع .. فالبديل المطلوب هو الاحزاب والاشخاص المؤمنين بالديمقراطي والحرية والتقدمية.. لان بدون الديمقراطية لا يمكن ان يتحقق لشعبنا طموحه .. ولا يمكن ان تتحقق الديمقراطية الا على يد ابنائها والمؤمنين بها فكرا وعملا وسلوكا .. لانه ما تزرع تحصد ...وما تضع في الايناء ينضح به ..
هذا هو واقعنا الراهن المغتصب بغفلة من الزمن من قبل هولاء الذين يتربعون على زمام السلطة والبرلمان ، معاناة شعبنا وألامه من على يد هولاء تفوق الوصف في السلوك والوجود والممارسه ، القوانيين التي شرعوها والتي سيشرعونها لاحقا هي تعبيرعما يردون تعزيزه على الساحة لاثبات وجودهم في المرحلة القادمة بشكل قانوني .. فالمتغيرات المطلوبه على الساحة هي جهد وعمل الحريصين على مستقبل العراق بان يتحملوا من الان مسؤوليتهم الاخلاقية والسياسية ببث الوعى الوطني بين ابناء شعبنا لكي يتبنوا الخيارالديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية لعراق المستقبل في الانتخابات القادمه التي ستكون بصريح العبارة المخرج الوحيد لمعاناة شعبنا من هذه المرحلة ، واملنا في شعبنا بان يعى الحقيقة ويكشف ابعاد المؤامرت التي حيكت ضده من قبل هولاء الذين انتخبهم فغدروا به وبمصالحه المشروعة ..
اما لانفسهم فحققوا الكثير .. (( بدون حســـــــد )).. والله من وراء القصد ...
يعكوب ابونــا.................................................1 /7 /2009