Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

قانون الخدمة الجامعية بتحديد سن التقاعد ما بين ؛؛مؤيد ورافض؛؛

 

اقر مجلس النواب قبل يومين تعديلات على ؛؛قانون الخدمة الجامعية؛؛ حيث عدلت فقرات التقاعد للاستاذ الجامعي التي كانت مثارا للجدل الكبير في الاوساط الجامعية هناك من يرفضها بشدة وهناك من يؤيدها بشدة وهناك من يؤيد القانون لكنه يرفض تطبيقه بشكل يبدو وكأنه مهين ومذل للاستاذ الجامعي وكانه طرد وليس تكريم للاستاذ الجامعي في نهاية خدمته. ان غالبية من يرفض او يؤيد التعديلات لا ينظر الى القانون نظرة شاملة وانما ينظر له نظرة بافق ضيق وشخصي، والبعض ينظر على ان القانون كان قبل التعديل وكانه استهداف لفئة محددة ولنظام فكر محدد لازالة بعض العقبات في المؤسسات الجامعية ومنعها من الاستمرار في استنساخ سياسية الماضي وتشويه الحقائق. ان الترهل الوظيفي اصبح كبير جدا والكادر في اغلب اقسام وكليات الجامعات العراقية اصبح كبير جدا ومن الصعوبة ان يتخذ قرار تفييض اي من اعضاء الهيئة التدريسية ومن الاصعب قبول تعيينات جديدة. ان التعيينات للكادر الجامعي اصبحت صعبة جدا لان وزارة التعليم العالي في الاعوام الاولى لما بعد سقوط الصنم اتبعت سياسة تعيين كل من يحمل شهادة عليا دون الاهتمام باي ضوابط وشروط تربوية واكاديمية. لا بل ان الكثير جدا من منتسبي الوزارات الاخرى تركوا وظائفهم ليتعينوا بالتعليم العالي. ان حملة الشهادات العليا ما لا يقل عن 70% منهم اليوم متعينين بالتعليم العالي وطبعا هذا جعل من التعليم العالي مؤسسة مثقلة بكادر كبير جدا ومن يقول عكس ذلك يغالط نفسه.

 هناك نظرة اصبحت شبه سائدة بان اغلب التدريسين من كبار السن كأنهم من بقايا البعث او من حملة فكره لذا اصبحت عملية احالتهم على التقاعد وكانها عقوبة لهم او هكذا يروج لذلك. والكلمات والتهم تطلق هنا وهناك البعض ينادي ويقول الجيل الجديد لا خبرة لديه لادارة الكليات او ان الكليات والاقسام ستتوقف عن عملها بكفاءة وسيغلق بعضها ان تم احالة كبار السن على التقاعد. كما ان البعض يظن بان مجرد احالته على التقاعد سوف تؤدي الى خراب اقسامهم وكلياتهم لتصبح لا قيمة لها. ان البعض يعطي تصور بان تطبيق قانون التقاعد قبل التعديلات الاخيرة كان سيفرغ الجامعات من حملة الالقاب العلمية (استاذ واستاذ مساعد) لان غالبية من يتم ترقيتهم الى هذه المراتب غالبا ما يكونوا بعمر 65عام،  طبعا هذا ان كان صحيحا يمكن اعتباره كارثة كبرى ويجب تصحيحه باعادة النظر بقوانين الترقيات العلمية في الجامعات العراقية ومقارنتها اليات عملها باليات عمل الترقيات العلمية في الجامعات العالمية، (حينما كنت ادرس الدكتوراة حصلت على بحث لباحثة امريكية في جامعة ستانفرد وهي بعمر 30 عام وتفاجاءت عندما علمت بانها بانها تحمل لقب استاذ). ان الترقيات العلمية يجب ان تعدل قوانينها بشكل يتناسب مع ما معمول به عالميا. سنة الحياة هي التطور والاختلاف ما بين الاجيال هو اساس التطور والتحديث والتجديد الفكري والثقافي والاخلاقي والاجتماعي. يجب ان نؤمن بان الحياة لا تقف عند حدود معينة وان الحياة تتطور والاجيال تتعاقب في القيادة لذا يجب احترام الاجيال وثقافتها. لكن بنفس الوقت يجب تقديس المعلمين والاساتذة الرواد ويجب ان يكون هناك قانون تقاعد يحفظ للمعلم والاستاذ كرامته. كما يجب منح الاستاذ المتقاعد تسهيلات كبيرة لانجاز معاملته وتقليل الروتين في حالة التعامل معه. يجب ان يمنح الاستاذ المتقاعد حقوق الاستمرار بالاشراف والتدريس في الدراسات العليا كما يجب يمنحوا لقب مستشارين علميين في كلياتهم ولهم الحق بالتحضير الى دورات وندوات مستمرة والقاء المحاضرات التطويرية للكادر الجامعي ويسمح للكلية بالتعاقد معهم لتشكيل وحدة بحث علمي خاصة بهم تستقبلهم وتوفر لهم كل ما يحتاجونه ويبقون كاستشاريين لاقسام الكلية كافة. كما يجب الاستفادة من الخبرات الكبيرة التي يملكونها في دعم الوزارات الاخرى خصوصا وزارات العلوم والتكنولوجيا والصناعة والنفط والكهرباء. ان تطبيق قانون التقاعد للاستاذ الجامعي بشكل سريع سيكون فيه الكثير من الارباكات كان يجب الانتباه لها والافضل ان يتم تطبيق القانون بشكل تدريجي كأن يعفى حملة الالقاب العلمية من التدريس في الدرسات الاولية من الذين اعمارهم تتجاوز 55 عام اما من تجاوز منهم 60 عام فيتم تقليل مسؤولياتهم الادارية بشكل خاص ليتفرغوا للبحث العلمي والتدريس في العليا فقط. ان حملة الالقاب العلمية وخصوصا من ذوي الاعمار الكبيرة يصبح من الصعوبة التزامهم بالاجتماعات الدورية في اللجان ومجالس الاقسام لذا يجب التعامل معهم كمستشارين في اقسامهم والاستنارة برؤاهم. كان يمكن استصدار القانون واعطاءه على الاقل عامين قبل تنفيذه لكي يتم تطبقيه بدون مشاكل.

 ان اقتصاد بلدنا متعثر والبلد اقتصاده يعتمد على النفط بشكل اساسي اي لا يوجد تطوير وانتاج لا صناعي ولا زراعي ولا حتى حرفي. لذا فان مؤسساتنا اصبحت مؤسسات بطالة مقنعة والخريج لا يجد له من فرصة عمل في السوق المحلية ، كما ان فرصة حصوله على وظيفة حكومية ايضا صعب جدا وان وجدت فهي غالبا ما تكون بطالة مقنعة. لذا يجب ان تكون هناك رؤية لتطوير التكنولوجيا والصناعة في البلد لتستوعب مخرجات التعليم العالي. ان بلدنا للاسف الشديد تم فيه التركيز على ارسال البعثات الدراسية والصرف الهائل عليها بدلا من تطوير وبناء الصناعة لتستوعب الكم الهائل من الخريجين والتي ممكن ان تقلل من البطالة وتعمل على دعم اقتصاد البلد بما يحتاجه من المنتجات الصناعية. كان من المفروض ان يكون هناك تخصيص ميزانية كبيرة لغرض تطوير وتوسيع مؤسسات البلد الصناعية والانتاجية والنفطية لكي تستوعب خريجي الجامعات العراقية لغرض تنمية اقتصاد البلد ولكي يكون هناك معنى تطبيقي للبحث العلمي في جامعاتنا العراقية. بشكل عام ممكن ان نقول بان سن قانون الخدمة الجامعية يعتبر مكسب عظيم للاستاذ الجامعي في عراق ما بعد سقوط الصنم مقارنة مع ما كان عليه حال الاستاذ في زمن الطاغية المقبور. فقد كان اغلب حملة الشهادات العليا لا يفضل التعيين في الجامعات العراقية وانما يفضلوا العمل خارج العراق او يتعينوا في الوزارات اخرى ويسارعوا بالطلب باحالتهم على التقاعد.

 نتمنى ان تنتبه الحكومة الى ان تطوير التعليم العالي ليس بصرف مبالغ هائله عليه فقط وانما بان يكون هناك توازن بين الصرف عليه وبين الحاجة له. يجب ان تنمو مؤسسات وطنية تحتاج مخرجات التعليم العالي لكي يكون للتعليم العالي دور حقيقي في تطوير البلد. كما يجب ان تمنح الدولة مغريات كبيرة لتعيين حملة الشهادات العليا في الوزارات الاخرى اكثر مما هي عليه في التعليم العالي لكي يتم ترشيق مؤسسات التعليم العالي لكي تعمل بكفاءة اكثر. كما يجب ان يحدد التعليم العالي الحصول على الشهادات العليا فقط للخريجن الاوائل وان تستصدر قوانين شديدة تمنع الغاء الكوادر الوسطية من حملة شهادات المعاهد والمدراس والمهنية. اي يجب توفير فرص عمل بشكل اكبر لمن يحمل هذه الشهادات كأن تمنح فرص عمل بنسبة 50% لحملة الشهادات الاعدادية فما دون وتمنح نسبة 30% لحملة شهادت الدبلوم (خريجي المعاهد) و15 % لحملة البكلوريوس و5% لحملة الشهادات العليا (ماجستير ودكتوراة). ان منح فرص العمل بهذا الاسلوب سوف يرشق المؤسسات ويجعلها تعمل بانسيابية افضل. مما يلاحظ مثلا في الكثير من الاقسام في مختلف كليات الجامعات العراقية خلال الاعوام الاخيرة هو تنامي اعداد الكادر المتقدم بشكل كبير من حلمة شهادة الدكتوراة ولربما خلال اعوام قليلة ستصبح اعدادهم اكثر بكثير من حملة شهادتي البكلوريوس والماجسيتر. وهذا لا يعتبر نمو ولا تطور طبيعي وانما خلل تنظيمي يصعب التعامل معه مستقبلا. 

ان طرح مفهوم تقليل الرواتب مرفوض من قبل غالبية المستفيدين فمثلا الطلب بتخفيض رواتب النواب والوزراء والدرجات الخاصة لم يلقي اذانا صاغية من قبل مجلس النواب. كما ان تخفيض الرواتب لحملة الشهادات العليا اصبح مشابها لذلك رغم الفارق الكبير بين رواتب التدريسيين الجامعيين مقارنة مع الوزراء والنواب. يجب ان يكون هناك عدالة في منح الرواتب لموظفي الدولة ويجب ان لا يكون هناك تفاوت كبير وهائل بين رواتب منتسبي مؤسسات البلد المختلفة. ان زيادة مخصصات ذوي الرواتب العالية مرفوضة من قبل غالبية المجتمع العراقي. لو سالني سائل حقيقة عن الراتب الذي اتقاضاه فاني لا اتمنى ان يزيد اكثر واتمنى ان تجد الدولة وسيلة لتحقيق العدالة والتوازن في المجتمع لينعم جميع العراقيين بخيرات بلدهم. ولو سالني سائل عن التقاعد فاني اجيب عن نفسي ولا اجيب عن الاخرين فاني اتمنى ان يتم احالتي على التقاعد بعمر 55 عام لكي اتفرغ لامور اخرى في حياتي. كما اتمنى ان يكون هناك حراك وتغيير وتطوير في مؤسسات التعليم ولا اعتقد هذا ممكن ان ينجز الا بالاعتماد على ادارات شابة باعمار يفضل ان تكون نسبة 70%منهم باعمار ما بين 35عام الى 40 عام وتفعيل دورهم في القيادة عسى ان نتقدم نحو عصر جديد افضل مما سبقه.

 يجب انشاء مؤسسات خاصة للمتقاعدين وتوفير كل ما يحتاجونه وتوفير منتديات خاصة بهم توفر لهم ما يحتاجونه من مستلزمات الحوار والرفاهية وتوفير مكتبات وقاعات النقاش والتواصل وتفعيل دورهم في المجتمع ودعوتهم للمشاركة بالمؤتمرات العلمية او الاشراف عليها. ويجب ان تكون هذه المنتديات والمؤسسات مرتبطة بدوائرهم الاصلية لكي يكون هناك تعاون مستمر معها. كما يجب ان تصدر قوانين واضحة بهذا الشان ولا يترك ذلك لارتجال القرارات هنا وهناك.

قلنا ما نعتقد ولم نتكلم بعاطفة ونتمنى الخير للجميع بما فيه مصلحة البلد ومستقبله.. قد يعترض البعض وقد ينزعج البعض لكن ما طرحناه رؤية لا نجزم بصحتها المطلقة ونتمنى من يمتلك راي اخر ان يدلي بدلوه ويشارك بعيدا عن روح التعصب والعاطفة غير الناضجة.

 

د.علي عبد داود الزكي

 

 

Opinions