قريبا من الحب
جاسم الحلفي/ مثلما تعبر الدمعة عن الفرح مرة والحزن مرة اخرى، فان يوم 14 شباط في العراق يعبر عن الحب والفجيعة في آن. فهل هي مصادفة ان تجتمع في العراق أرق المناسبات وأقساها، انها واحدة من عجائب بلادنا وغرائبها، هذه التي جاءتنا بمناسبة، تبدو للوهلة الاولى وكأنها تحمل المتناقضين.
يحتفل العالم المتحضر اليوم، بعيد الحب "الفالنتاين"، ويحتفل معهم العراقيون الذين يعيشون للجمال والبهجة والاندهاش. وبعيدا عن اصل المناسبة وحكايتها، وتاريخها الطويل، وطريقة احتفال كل شعب بها، فانها ترتبط بالموقف الشجاع الرافض للانصياع المذل امام المستبد الجائر. حيث استرخص القديسان"فالنتاين"حياتهما من اجل مواقف شجاعة حفظها لهم التاريخ الانساني، وذلك حين رفض كل منهما الانصياع لما يخطط له المستبد الحاكم، بالضد من مصالح العامة.
وهنا نجد المشترك العراقي في عدم الخضوع للذل والهوان، حيث رفض الشيوعيون الرواد الاستسلام لرغبات المستبدين اللاهثين وراء مصالحهم الشخصية والانانية الضيقة على حساب مصالح الشعب، واسترخصوا ارواحهم من اجل الحريات والحقوق والكرامة الانسانية.حيث أعتلى يوسف سلمان "فهد" ورفيقاه حازم وصارم المشانق يوم 14 شباط عام1949 ، وآثروا الاستشهاد، صانعين صفحة مشرقة من التفاني والتضحية من اجل قيم العدالة والحقوق الانسانية. واعطوا باستشهادهم البطولي، قوة المثل في التضحية والجود بالنفس، من اجل عراق يسوده الامان والسلام والكرامة والعدالة الاجتماعية.وبهذا كتب العراقيون في صفحات المجد الانساني الخالد، مأثرة تليق بحضارتهم العريقة ومستقبلهم المشرق.
واليوم إذ يمر العراق بأزمة عميقة، وتتجمع نذر الشؤم التي تهدد السلم الاهلي، فهو احوج ما يكون الى استذكار قوة المثل الذي اجترحه شهداء العراق من
اجل حرية الوطن وسعادة الشعب. وما اشد الحاجة الى ان يجتمع العراقيون مع بعضهم بعيدا عن المصالح الفئوية والشخصية للمتنفذين، ودون الالتفات الى التدخلات الاقليمية والدولية التي لا تريد للعراق خيراً، وان يقدموا من اجل العراق التنازلات الضروي التي تبعد الشر عنه، وان تتم الاستجابة الى مطالب المواطنين المشروعة في احلال الامن والاستقرار وتأمين الخدمات الضرورية، وتحسين الظروف المعيشية. فالخير في العراق كثير، ولنجتمع مرة على إفادة الجميع من هذا الخير، وعلى حب العراق، هذا الحب الكبير الذي يمكن ان يفيض بنا ولنا خيرا وسلاما