- الرئيسية
- الشعر والأدب
- قصة قصيرة (المثوى...
قصة قصيرة (المثوى الأخير)
ارتقبته لأكثر من دقيقة وجدت الدموع لن تفارق عينيه وان لوعة ما قد سيطرت عليه ,ودفعته ان يصرخ بصوته الهستيري العالي
_لقد تأخرت بالوصول إليك .. ما الذي حدث ..؟
كانت فترة انتظاره القصيرة قد شكلت حاجزا بعدم التواجد بالقرب منه ,لم يكن المودع أخيه ولا ابن عمه ولا أحدا من أقاربه بل كانت تربطه صداقة حميمة عبر سنوات العمر التي تجاوزت الخمسين ,كنت انا ثالثهم نلتقي ظهيرة كل يوم في بيت احد منا وكان اللقاء الأخير كان في بيتي الذي لم يبعد الواحد عن الآخر سوى أمتار ,ألا ان اليوم مرت الظهيرة دون ان نتواجد كما اتفقنا عليه بالأمس ,فقد ودعنا في لحظات لم تكن في الحسبان ,حتى صديقي الآخر لم يراه بل كنا الاثنان خارج الحي في قضاء حاجة ضرورية ,المشكلة التي استغربنا منها انه لم يعاني من أي مرض أو يشتكي من حالة ما بل كان قويا صامدا ولأكثر من مناسبة كنت أقول له
_ما شاء الله أنت صنديد ..
ولكن أية نهاية استقرت بحالة هذا الصنديد الذي بدى شكله غريبا بوجهه الدائري وفقد كل ملامحه وأصبحت جثته ثقيلة جدا بالرغم من خفة وزنه ,حاولت ان اقترب اليه وأحرك الغطاء عن رأسه لأتفحصه بدافع الفضول وبلا شعور طبعت فوق جبهته قبلة على أثرها سالت الدمعات على خدي ,لقد رحل ابا مقداد بصورة مفاجئة تاركا أياي انا أبو أياد وذلك الرجل الذي أتفحصه بتمعن انه ابا جهاد ,لم يكن أياد ولا مقداد ولا جهاد حاضرا في اللحظة لأنهم سبقوه جراء انفجار إرهابي ,شمس اليوم بدات خائبة وحزينة المنظر بينما ملا صوت البلبل المكان وكأنه يودع من كان يعتني به يوميا عند الساعات الأولى من النهار ,من سيهتم به بعد الآن ,رايته يصارع القفص ويرتطم وبحركاته الجنونية بجدرانه وللحظات خمدت حركته واستقر عند أرضية القفص بعدما لفظ هو الآخر أنفاسه ليصبح ساكنا بلا حركه ,عيني تلازم صورته التي ظل يصارع الحياة كي يموت ويذهب مع ابا مقداد رحمه الله ,لااحدا منتبها اليه بينما رفعت كلمات التوحيد بعدما حمل النعش إلى مثواه الأخير ...