قمة الخلافات العربية
إنطلقت أمس في مدينة الكويت الساحلية قمة الدول العربية الخامسة والعشرون بحضور أربعة عشر كوكبا، ولم تكن معهم الشمس ولا القمر يمثلون دولا عدة محسوبة على مايسمى جامعة الدول العربية، وهي في الحقيقة جامعة للدول الحليفة للمملكة العربية السعودية ودولة قطر (الشغيغة) بينما حضرت بقية الدول برؤساء وفود من الدرجة الثانية تبعا للظروف الموضوعية التي تعيشها كل دولة (شغيغة) حيث حضر الإعلاميون والسياسيون والمراقبون وممثلو منظمات دولية، وكان العذر الغالب للمتخلفين، وعذرا للإستخدام غير اللائق للكلمة، حيث لاأقصد بالتخلف تخلف العقل لاسمح الله، بل التخلف عن الحضور، وهو مختلف عن تخلف العقل، إذ إعتذروا بالمرض شفاهم الله منه، وأراحهم من هموم وغموم الأمة وويلاتها ونكباتها التي لاتنقطع كحال دوام الحكام حفظهم الله فهم لاينقطعون إلا بتهلكة تصيبهم، ليتركوا المجال إما للفوضى، أو لولي العهد حفظه الله ورعاه.
أهم القضايا التي ناقشها العرب هي قضية سوريا وعملية سلام الشرق الأوسط التي مر عليها سبعون حولا دون أن تحل، أو تتوضح معالم نهاية لها... يتشبث اليهود بحقهم في قيام دولة إسرائيل، ويقضمون الأرض المتبقية من فلسطين شبرا شبرا كما يقضم ممثلوهم في الغرب وأمريكا مواقف تلك البلدان المتعاطفة مع الدولة العبرية ويحيلوها الى صدى لصوت يخرج كل يوم من تل أبيب العاصمة المدللة والمنام الدافئ للحلم القديم المنمق والمسطر في التوارة الأثيرة على نفوس الذين تهتز رؤوسهم طربا وهم يستمعون الى ألحانها السماوية التي تعدهم بالمجد بإعتبارهم شعب الله المختار دون غيرهم من شعوب الأرض التي تستحق أن توصف بطباع القردة والخنازير وأصناف من الحيوانات. ولم يستطع العرب على مدى تلك العقود من فك عقدة القضية المركزية، ولعلهم نجحوا في شئ واحد ووحيد هو خداع المحكومين بتلك القضية، بينما يتنفسون مع الحاخامات اليهود والزعماء السياسيين الإسرائيلين هواء الصفاء السري، وهم حتما سيفشلون وستضحك القيادات الإسرائيلية وهي ترى القادة العرب المفروضين على شعوبهم المغلوبة على أمرها وهم يتشامتون ويتنابزون، ويوبخ أحدهم الآخر في حفل إستعراض يشبه أيام ( هلا فبراير) المعروفة بدولة الكويت.
القضية السورية ليست قضية العرب لجهة الشعور بإحترام الشعب السوري فالجميع يحلف بحياة السوريين إنها قضية العرب ولافرق بين سوري وسوري، لكنها قضية تختلف في طبيعة فهمها من شعب لآخر، ومن حكومة الى أخرى، ولذلك فإن البعض أصر على حرمان حكومة دمشق من التمثيل وظل مقعد سوريا شاغرا، بينما تمت دعوة الشيخ أحمد الجربا ليلقي كلمة المعارضة ..وجاءت الكلمة متناغمة مع موقف بعض الدول كالعربية السعودية وقطر، لكنها لم تلائم دولا أخرى كلبنان والعراق ومصر والجزائر التي ترى إن الوقت لم يحن لقطع شعرة معاوية مع نظام بشار الأسد، في حين قطعت الدول الأخرى الشعرة ومعاوية معها.
قمة الخلافات العربية ستتفق على شئ واحد، هو عقد القمة السادسة والعشرين في مصر، وياله من نجاح منقطع، بينما سيختلف العرب في جميع القضايا الأخرى.