Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كتابة التاريخ ... وزيف الحقائق

من يكتب التاريخ .. ومن ينكب لاهثا على تزييف الحقائق .. ذلك هو السؤال الذي يطرح نفسه بكل ثقله على الساحة في الوقت الحاضر .. وذلك هو الفعل المأساوي الذي يحاول اصحابه وبشتى الوسائل والطرق اضاعة الحق وطمس حضارة شعوب وامم زهت بسموها منذ اقدم العصور ،وقد يلجأ البعض الى تدوين او تنسيب حضارة شعب باكمله الى شعوب اخرى قد لا يكون لها وجود في التاريخ الا في الازمنة المتاخرة جدا والتي قد لا يتجاوز عمر حضارتها الـ ( 300 - 400 ) سنة ،وقد ظهر هذا جليا في الاونة الاخيرة ، اذ ان طمس حضارات الشعوب قد اخذ مسارا مفرطا فيه اضافة الى قلب موازين الحقائق التي كانت تتميز بها تلكم الحضارات ، لذا فالتزييف الحاصل للحقائق والمآثر ينصب في خانة من يكتب او يحاول ان يعيد كتابة التاريخ - حسب اعتقاده هو - وهنا فنحن لا نرغب الخوض في تاريخ وحضارات شعوب وامم اخرى ، بل ان الذي يهمنا من موضوعنا هذا هو تاريخ وحضارة امتنا وشعبنا وارثها الحضاري العظيم الذي يربو على الـ ( 7000) سنة ، تلك الحضارة وذلك الارث العظيم الذي يشهد لها القاصي والداني والذي اصبح مدار بحث ودراسة وتحليل لآلاف من العلماء والباحثين وفي جميع اصقاع العالم ، بل واصبح ارثنا من العلوم المهمة ، جدا له خصوصيته وقواعده وقوانينه الخاصة به ، كما واصبح يدرس كعلم مستقل في ارقى جامعات العالم وكلياته وتحت مسمى حضاري هو ( علم الاشوريات ) .. فحضارة وادي الرافدين والتي يطلق عليها ايضا اسماء متعددة منها ( حضارة بابل - حضارة اشور - سومر - اكد ) اضافة الى الاسماء الاخرى كحضارة بيث نهرين او حضارة بلاد ما بين النهرين ..الخ من التسميات .. نقول لم يستطع .. بل لم يجروء احد مهما بلغت منزلته العلمية والادبية والسياسية من ان ينكر تلك الحقائق ، كل ذلك بفضل ما خلفه لنا اولئك العظام اولاد اشور وبابل واور واريدو ونفر واوروك من ارث حضاري قويم مدون على رقيمات طينية او محفور على حجر .. تلك الرقيمات وتلك القطع الحجرية هي التي فتحت اذهان العالم وانارت سبل الاجيال واعلمتهم بعظمة امتنا وقدرتها على الخلق والابداع ، .. تلك الرقيمات وتلك الحجارة التي نطقت بصدق والتي لا زالت تحكي قصة شعب عظيم ( شعب الفلك والرياضيات - شعب النحت والرسم والموسيقى والبناء - شعب الاساطير والملاحم الادبية العظيمة - شعب الهندسة والطب - شعب الحضارة العالمية الاولى - شعب كلدان واشور ) ورغم كل هذا ، فانه يظهر بين الفينة والاخرى نفر ممن يحاول قلب تلك الحقائق ، بل ويحاول ايضا ان ينسبها الى شعوب واقوام اخرى كالكوتيين مثلا والذين يتكلم عنهم التاريخ وينعتهم بكونهم اقوام متخلفة وغير حضارية ، حيث اخذوا بتدمير حضارة البلاد حال احتلالهم لها ، وهذا ما اثار حفيظة ابناء وادي الرافدين فثاروا عليهم وطردوهم من البلاد شر طردة .. فان كان هذا هو الواقع .. اذن كيف يتجرأ احد ما - على ان ينسب حضارة الكلدانيين والاشوريين الى اقوام اخرى لا علاقة لها بارث المنطقة الحضاري القديم .. قد يكون لها حضارة قديمة في منطقة اخرى - ترى على ماذا يستند هؤلاء وما نوع رقيماتهم وما اسماء ملوكهم المدونة على تلك الرقيمات ..؟؟ وللأسف الشديد فان حملات التزييف وقلب الحقائق قد يتعمدها البعض وخصوصا المثقفين منهم ،وقد يحاول بعضهم بين الفينة والفينة وممن يسمون انفسهم باحثين او دارسين وممن يتصيدون في مياه التزييف ويقتاتون على فتاة المغالطات التاريخية ، يحاول هذا النفر ان ينسب بعض المنالطق ذي الاسماء الرافدينية القديمة ( كلدانية واشورية ) الى اسماء حديثة باعتبارها وحسب اعتقادهم اسماء تاريخية قديمة قدم التاريخ والتي لا وجود لها اصلا في حضارة وادي الرافدين القديمة ، فهم يحاولون وبشتى الوسائل ان يجعلوا من تلك الاسماء اسماء تاريخية متناسين ان لغة اهل بابل واشور لا توجد في قواميسها اللغوية الثرة سواء كان منها القديم او الجديد مثل تلك المفردات المفبركة .. ولدينا من الادلة ما يثبت ذلك .. ففي الاونة الاخيرة ظهرت رسالة ماجستير .. ولنكن دقيقين اكثر ..نوقشت رسالة ماجستير في جامعة دهوك لأحدى الباحثات والتي كانت موسومة بعنوان ( المعتقدات الدينية في منطقة بادينان خلال العصر الاشوري 911- 612 ق. م ) وهنا لا نرغب الخوض في تفاصيل الرسالة .. بل نقول ان الكتاب يقرأ من عنوانه .. لذا ارجوكم ان تركزوا قليلا على عنوان الرسالة وخصوصا على الكلمات التي وضعنا خطا تحتها .. اقصد - منطقة بادينان ... العصر الاشوري 911 - 612 ق. م ... اقول طالعوا النص بامعان وقرروا انتم يا سادتي القراء الافاضل .. فمع خالص احترامنا للسيدة الباحثة صاحبة الرسالة ، ومع خالص تقديرنا للأساتذة اعضاء لجنة المناقشة وللأساتذة المشرفين على الرسالة ..نقول ان الحقيقة لا يمكن تزييفها ، وان التاريخ لا يمكن لأحد ان يضحك عليه او يسخر منه .. اقول يا سادتي الافاضل ..هل كانت هناك في الامبراطورية الاشورية او البابلية منطقة اسمها بادينان .... وخصوصا في العصر الاشوري الاخير 911- 612 ق. م .. وسؤالي هذا موجه الى جميع السادة المؤرخين الافاضل والى جميع اساتذة التاريخ في كل جامعات العالم وكلياته والمتخصصين بتاريخ وادي الرافدين القديم والحديث ..وكما قلنا اعلاه ان الكتاب يقرأ من عنوانه .. فان كان عنوان الرسالة من اساسه يكتنف مغالطة تاريخية بهذا الشكل ، فهل يا ترى كيف سيكون متن الرسالة وماذا يكتنف محتواها وكم من الحقائق سوف تقلب خلال سطور تلكم الرسالة .. علما بان السيدة الباحثة قد اعتمدت على اكثر من ( 81) مصدر ومرجع باللغة العربية اضافة الى اكثر من ( 120) مرجع باللغة الانكليزية ... فكل تلك المصادر لم تذكر اسم كلمة بادينان لا من قريب ولا من بعيد بانها كانت موجودة في العصر الاشوري الاخير... !! وهنا لا بد لنا ان نتساءل هل ان كل ذلك العدد الضخم من الرقيمات التي عثر عليها في مكتبة اشور بانيبال وتلك الكتابات التي عثر عليها في بابل واريدو ونفر ونينوى ، وكل تلك الدراسات والبحوث التي اجريت على صحة التاريخ العراقي القديم ،وكل علماء التاريخ العالمي والانساني .. كل هؤلاء قد غفلوا عن ذلك واخطأوا في دراساتهم حول حضارة اشور وبابل ..لا ندري ..ربما اخطأوا في دراساتهم حول حضارة الفراعنة ايضا.. ولسنا ندري ان كان الملك العظيم نبوخذنصر او الملك العظيم سنحاريب او اسرحدون او حمورابي ..ربما كانو من منطقة بادينان ايضا ..وربما تكون الملكة العظيمة شمراموت ( سميراميس) سورانية ونحن لا ندري .. اذن اين اصبح الاسم التاريخي لمنطقة ( نوهدرا ) و ( اربا ائيلو ) و( كرخا سلوخ ) وغيرها .. واين اصبح اسم نينوى وبابل وكلخو .. الخ .. اين اصبح اسم تياري العليا والسفلى ،واين اصبح موقع هكاري واورمي وغيرها من اسماء اشرو وبابل .. وهنا لا بد لنا من ان ننوه ونقول .. ان الذي يحاول تزييف الحقائق سيصطدم بجدار منيع فولاذي القوام اسمه الارث الحضاري العميق عمق التاريخ والذي لا يمكن تزييفه مهما كلف الزمن .. وهنا لا بد لنا ، بل ويجب علينا نحن ككتاب وباحثين ودارسين لتاريخ امتنا ان نرد بقوة الفكر المنير وتثبيت الحقائق المسندة الى عقلانية المنطق ووقائع التاريخ الصحيح على مثل كل تلك التشويهات التي يبغي اصحابها من وراء ذلك طمس حضارة شعبنا وتغيير الطابع التاريخي للمنطقة وتزييف حقائق امتنا واماكن تواجدها .. فهل يعقل ان امة تاريخ امجادها يربو على ( 7000) ان يسرق تاريخها بتلك الوسائل والاساليب وعلنا وفي وضح النهار وكما يقول المثل الشعبي ( عيني عينك ) ونحن واقفون نتفرج ودون ان نحرك ساكنا .. نعم نحن نعتز ونفتخر بامتلاكنا لتاريخ عمره يفوق السبعين قرنا ، فهل يا ترى الا يوجد على وجه الارض شعوب .. بل وامم تتمنى ان يكون ارثها الحضاري سبعة قرون مثلا .. ... ولكن بين الارداة والتمني يكمن الحق .. وبنور الشمس يظهر الزيف جليا وتنجلي غمامة الخداع ... تحياتي

Opinions