Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كلمة الرئيس طالباني في الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)

13/06/2010

شِبكة أخبار نركال/NNN/
ألقى الممثل الشخصي لفخامة رئيس الجمهورية وكبير مستشاريه الأستاذ فخري كريم كلمة رئيس الجمهورية جلال طالباني في الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد شهيد المحراب آية الله العظمى محمد باقر الحكيم ( قدس سره ) وفيما يأتي نص الكلمة :

" بسمِ اللهِ الرحمن الرحيم
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه
في مثلِ هذا اليوم ، نستعيدُ ذكرى فجيعةٍ صدمت شعبَنا، وألمّت بجناحٍ هامٍّ من حركتِنا الوطنية، فافقدته مؤسسَه وقائدَه وملهمَه الروحي والفكري، شهيدَ المحراب، آيةُ اللهِ العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره).
وعلى مرّ السنواتِ السبعِ الماضيات، كنا نتأملُ مآثرَ وتوصيفاتِ الشهيدِ فنستعيدها عبرةً واعتباراً،.. مفكراً ملهِماً لرفاقِ دربه، وطنياً مشدوداً بوشائجِ الكفاح مع القوى الناهضةِ لانهاءِ الطغيانِ والطاغية ، متطلعاً لعراقٍ يتسعُ للجميع، مفتوحا على الأمل، وواعداً بالسعادة لمواطنيه ...
لم يكن الشهيدُ حالةً تقليدية ، قابلةً للنسيان، أو الانزواءِ، في لحظةِ يأسٍ أو قلةِ حيلة أمام صعابٍ تبدو في تلك اللحظةِ أقربَ إلى المستحيل . وهكذا لم يكن استشهادُه وجريمةُ استهدافه، في التدبير وفي المكان والتوقيت، مجردَ صدفةٍ شاءت الأقدارُ أن تأتيه المنيةُ فيها، تمثيلاً وتوقيتا ومساحةً مضيئةً للتاملِ والعبادة والاندماجِ الكلي في مهابةِ الإيمان المطلق ..
لقد دبر المدبرون لكي يجتمعَ ذلك كلُّه في لحظةِ الاستشهادِ، وتعمدوا أن تكونَ جريمتُهم رسالةَ فتنةٍ، تغيبُ في غياهبِها العقولُ، لتنساقَ وراء غرائزِ الثأرِ من ذاتِها المنقسمة إلى ما لا يقبل القسمةَ أصلا ،.. من الإسلامِ بكل مصادرِ الإيمان وغنى الاجتهاد فيه .. بثوابتِهِ وأحكامِه وتجلياته المنزله، مشفوعةً بالانفتاحِ على الحياةِ ونواميسِ التطور ..
ولم تكن صدفةً أيضاً، أن التدبيرَ الظلاميَّ قد باءَ بالفشل، فالمحرابُ يضم رفاتَ عليٍّ (عليه السلام ) إمامِ السماحةِ والعقيدة المتسامية على الذات حتى وهو يرى القاتلَ يقتحم مهابَته في لحظةِ خشوعٍ لا مراءَ ولا ادعاءَ فيها، فيتعالى على الانتقامِ، ولا يتذكر وهو يواجه آخرتَه سوى وأدِ الفتنةِ في مهدِها ...
ونبقى اليومَ مع عبرةِ الشهادة..، وما أحوجَنا إليها ونحن نواجهُ ما يتطلب منا شجاعةَ الاثرةِ، وجسارةَ من يستشرف المستقبلَ، فيرى نفسَه فيما يتحقق من معجزاتٍ في البناء والحياةِ الكريمة للعراقيين الذين كانوا في كل العهود ضحايا وأسرى وموضوعا للاستبدادِ والتهميش... فتضيقُ عندنا صغائرُ الذات، لتذوبَ فيما يفتح كوةً من الأملِ للعراقيين متجاوزين تبريرَ الاختلافِ على المصالح الفئوية والذاتية، ببلاغة الادعاء بتمثيل منافع الأمة، والأمةُ تئن من الحيف والاجحافِ والعوزِ لأبسط ما يحققُ لها شروطَ إنسانيتِها، وهي ترى في وضح النهار نهبَ ثرواتِها وتبديدَها بالفساد المستشري والاستئثارِ غير المشروع بالمغانم.
تصادف الذكرى السابعة لشهيدِ المحراب ،عشيةَ الاستحقاقِ الوطني الذي يرمز لانتصار شعبِنا على الارهاب وقوى الظلام، ويتوقف على انجاز مهامه، ونحن مغمورون بالالهامِ في قدرتِنا على ذلك، تكريسُ إرساءِ العراق الاتحادي الديمقراطي التداوليِّ الموحد، بتوافقِ مكوناتِه ومشاركتِها النشيطة في إدارةِ الدولة وتوطيدِ ركائزِها، والانسلاخُ الكلي عن إرثِ الاستبداد بكل توجهاتِه وفكرِه ونهجه وأدواتِه وأساليبِ عملِه الإجرامي .
إن المأثرةَ التي تستحق منا جميعا، أكبرَ قدرٍ من الحكمة والرغبةِ الأكيدة في التجاوبِ مع كلِّ ما من شأنِه الانتقالُ من نتائجِ الانتخابات التي عكست نزوعَ مكونات شعبِنا إلى المشاركة في تقريرِ مصيرها موحدةً، إلى عملٍ لتسريعِ تشكيل حكومةٍ قوية لا تستثني أيَّ مكون أو طرفٍ وطني، حكومةٍ معافاة من مظاهر الخلل التي كانت مصدرَ شكوى أو عاملَ تعثر في طريق تحقيقِ برامج الاصلاحِ والتنمية والتقدم والمصالحةِ الوطنية بمفاهيمِها الإيجابية وبما يعمق مسيرةَ الديمقراطيةِ، في دولة القانونِ والحريات والمواطنةِ المتساوية .
إن اعتمادَ الدستور وتطبيقَه الخلاق، ضمانةٌ أكيدة لتجسيد مصالحِ شعبنا، ومصدرٌ لتطمينه، وإشاعةِ الأمل بين مكوناته .
ووفقا للدستور واعتمادا على مبادئه، ينتظر المواطنون توجَهنا إلى مجلسِ النواب يومَ الإثنينِ القادم وقد توصلنا جميعا إلى قاسمٍ مشتركٍ يحفزنا على تقريب وجهاتِ نظرنا وتحويلِ عملية تشكيل حكومةِ الشراكة والوحدةِ الوطنية، إلى مناسبةٍ ديمقراطية لتأكيد مصداقيتِنا في تمثيل شعبنا والتعبيرِ عن مصالحه وأمانية وأهدافِه النبيله .
إن فسحةً من الأمل والتفاؤل تتعقب خطواتِنا نحو عقد الجلسه الأولى للبرلمان .
وعلينا أن نؤكد سعيَنا الجاد إلى إزاحة أيِّ مصدر للقلق أو الشكِّ في قدرتِنا على السير قدماً والارتقاء بتجربتنا خطوةً أوسعَ إلى أمام..
لقد كانت الانتخابات فرصةً دلل من خلالها شعبُنا على أن نتائجَها كانت انتصارا له على كل أعدائنا وعلى الارهاب، فلم يكن فيها غالبٌ أو مغلوب،.. وسيحدو الأملُ شعبَنا في أن نكمل ذلك بقطف ثمارها معا ...
وفي هذا السياق نرى أن علينا أن نجتمع كلنا أو بعضنا مع بعض ليكون بمقدورنا أن نترجمَ نتائج الانتخابات ونبني حكومةَ الشراكة الوطنية، وقد جاءت خطوةُ تشكيل التحالفِ الوطني وما سيعقبها من تحالفاتٍ أخرى مسارا للوصول إلى الهدف .
لتَطِب ذكرى شهيدِ المحراب ولتتعطر بنجاحِنا في تسريع تشكيلِ حكومةٍ تضم كلَّ مكوناتنِا، وبطاقاتٍ وكفاءات خلاقة ..ذلك ما ينتظره منا العراقيون الصابرون، وما يستحقه منا شهداءُ مسيرةِ العراق نحو دولة الحريات والعدل والكرامة..هذه الدولة التي دفع من أجلها شعبُنا خيرةَ مناضليه ومجاهديه.
الرحمة للشهيد العظيم ولكل شهداء العراق..والعزة والحرية والديمقراطية للعراق..والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته".


المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق. Opinions