Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كلمة كاظم حبيب في احتفالية تكريمه في أربيل

سيداتي , آنساتي , سادتي الكرام
أخواتي وأخوتي الأفاضل
رفاقي وأصدقائي الپيشمرگة - الأنصار

ابتداءً أتوجه بالشكر الجزيل والامتنان الكبير للشعب الكردي الأبي الذي لولا صداقتي الخالصة له ولبقية مكونات الشعب في العراق ووقوفي الكامل إلى جانب التمتع التام بحقوقه القومية على صعيد كردستان العراق وبقية الأقاليم الكردستانية لما حظيت بهذا التكريم الجميل والصادق منه.

كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأخوة في رئاسة الإقليم والأخوات والأخوة في حكومة الإقليم ووزارة الثقافة والشباب في الإقليم على هذا التكريم فهو ليس تكريماً لي وحدي, بل هو تكريم لكل المناضلين العرب في العراق وغير العراق, سواء أكانوا أعضاء في التجمع العربي لنصرة القضية الكردية أم خارجه, الذين وقفوا دوماٌ ويقفون بحزم ووضوح إلى جانب قضية الأمة الكردية العادلة والمشروعة, إضافة إلى المواقف التي اتخذها الحزب الشيوعي العراقي إلى جانب القضية الكردية العادلة مع بقية الأحزاب الكردية والديمقراطية العراقية وأخص بالذكر منهم الرفيق والصديق الطيب الذكر الأستاذ عزيز شريف الذي وقف إلى جانب هذه القضية العادلة وعلمنا الكثير على هذا الطريق منذ صدور كراسه الأول في العام 1948/1949, وكان هو الأجدر مني بهذا التكريم وهو الذي حظي بحب واحترام الشعب الكردي وقيادة الثورة الكردية سنوات طويلة قبل وفاته.

وشكري يمتد ليشمل الأخوة الكرام أعضاء لجنة المبادرة في الخارج التي تضم مجموعة من خيرة مثقفي ومثقفات العراق, وكذلك الأخوات والأخوة الذين وقعوا على مقترح المبادرة, والذين سعوا ويسعون إلى تأسيس تقليد جميل في المجتمع والثقافة الكردية. شكري يتجه إلى كل الحضور الكريم وكل الذين شاركوا بكلماتهم الطيبة والودية في هذا الحفل الكردي العراقي الجميل.

أدركت منذ سنوات طويلة بأن النقد الصادق الذي يوجه للأحبة هو جزء من الواجب, واجب الصديق إزاء أصدقائه. والنقد لا يعني بأي حال جانباً واحداً, بل يعني ذكر الإيجابي والتنويه عن السلبي في آن, ومهمته إنارة دربنا غير المعبد وتقليص الأخطاء المحتملة حين نعمل. وأشعر بالحيرة أحياناً من نفسي إذ لا أستطيع إمساك اليد عن الكتابة أو اللسان عن القول حين أجد ذلك ضرورياً فهو دافع داخلي لا مجال لردّه. واعتقد أن أخواتي وأخوتي في إقليم كردستان عرفوا هذه السمة وتعايشوا معها بود واعتزاز. كم يتمنى الإنسان أن تدرس الملاحظات النقدية بالطريقة المناسبة لتساهم في خدمة القضية الكردية والديمقراطية في العراق.

مرَّت على العراق الكثير من الأيام والسنوات والعقود الصعبة والمحن والكوارث الهائلة وتجاوزها بالكثير من الدماء والدموع , مجازر الأنفال وحلبچة وانتفاضة الشعب في ربيع 1991 والنزوح المليوني هي نماذج على السنوات العجاف, ولكن الشعب الكردي بقى يتطلع نحو مستقبل أفضل وحياة أكثر حرية وديمقراطية وأكثر إقراراً بهويته القومية والوطنية وبعقل وقلب متنورين ومفتوحين, ومن حقه على الجميع أن يعيش اليوم في ظروف أفضل, إذ لم يذهب هذا النضال عبثاً بل أتى أكله الأولى بقيام الفيدرالية منذ العام 1992 وتكريسها في الدستور العراقي في العام 2005, وهو يسعى اليوم لتحسين الحياة والعيش الكريم على الصعيدين الكردستاني والعراقي.

أشعر بالفرح والسعادة حين أرى الأمن والاستقرار والعمران المتواصل في الإقليم, وأتمنى أن يكون ذلك في كل أنحاء العراق. وأشعر بالألم والحزن حين يسقط شهيد في الإقليم بعد كل تلك المعاناة الطويلة, وشهداء كثيرون سقطوا في بغداد وبقية أنحاء العراق, وأتمنى أن تتوقف ماكنة الموت ويحل الصفاء والوئام والسلم الاجتماعي. وشروط السلم الاجتماعي تتبلور في ضمان الأمن والاستقرار وحرية المواطن والحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان والقوميات وحرية المرأة ومساواتها بالرجل والفصل الفعلي بين السلطات الثلاث وفصل الدين عن الدولة والمشاركة الفعلية بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وتنشيط واستقلالية منظمات المجتمع المدني, وكذلك سيادة العدالة الاجتماعية والتوزيع والاستخدام العقلاني والفعال والعادل للثروة الوطنية ومكافحة الفساد والمفسدين والإرهاب والإرهابيين. نحن أيها الأخوة والأخوات الكرام أمام مهمات ثقيلة ولكنها ضرورية وملحة ولا مفر من إنجازها.

لقد تغير وجه إقليم كردستان, وتُقدم عاصمة الإقليم أربيل نموذجاً جيداً, وكذا السليمانية, لباقي المدن الكردستانية والعراقية, وأتمنى أن نشاهد في الفترة القادمة, وبعد أن تميزت الفترة السابقة بإقامة وتطوير البنية التحتية, أن تبنى المصانع الحديثة وتنتعش الحقول الزراعية الخضراء وتنمو الثروة الحيوانية لتساهم كلها في الإنتاج وإشباع متزايد لحاجة السوق الداخلي وتقليص الاستيراد الاستهلاكي لصالح سلع الإنتاج لصالح تشغيل العاطلين عن العمل وتنمية الثروة الوطنية وتحقيق التراكم المنشود, ومن اجل تجاوز الاقتصادي الريعي الاستهلاكي الذي يتميز به الاقتصاد العراقي واقتصاد إقليم كردستان العراق في آن.

إن توسيع وتعزيز الحياة الديمقراطية وتطوير الاقتصاد الوطني وتنشيط قطاع الدولة والقطاع الخاص والقطاع المختلط والعدالة الاجتماعية واستكمال بناء مؤسسات الإقليم الدستورية والديمقراطية وتوسيع وتطوير مختلف مراحل التعليم والحياة الثقافية ودور المثقفات والمثقفين في الحياة العامة وتنشيط دور الإعلام المستقل والحر وحماية حياة الصحفيين كلها سياسات ستساهم دون أدنى ريب في رفع مستوى وعي الإنسان وتطوير العلاقة الجدلية بين الإنسان الفرد والمجتمع في الإقليم وبين تلك المؤسسات والمسؤولين وستقدم نموذجاً جيداً لبقية أجزاء كُردستان وبقية بنات وأبناء الأمة الكردية وسيسعون للاقتداء به والنهل من تجربته الغنية لبناء تجاربهم الذاتية.

كلنا يدرك بأن العراق يمر بمرحلة معقدة تستوجب الكثير من الجهد, وفي المقدمة منها الانتباه للاستحقاقات الانتخابية بغض النظر عن مواقفنا الشخصية, وأن نبذل جهداً مثابراً عبر النقاش لوضع برنامج مشترك لصالح تنمية وتطوير العراق والإقليم, والتخلص من السياسات والمواقف الفردية والطائفية والتمييز القومي والديني والمذهبي وحماية أتباع الديانات في العراق وصيانة حقوقهم وتشديد عملية مكافحة الإرهاب الدموي وإنهاء الأزمة الراهنة التي في مقدورها, إن غابت الحكمة وساد التوجس المتبادل بين الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية العراقية, إلى التسبب في حصول محن إضافية والعودة إلى نقطة الصفر التي كنا فيها في العام 2004 وما بعدها.

لا بد لمن يتسلم الحكم الائتلافي في العراق أن يتخذ التدبير الضرورية والكافية لمواجهة الأوضاع المحتملة بعد خروج القوات الأجنبية من العراق مع حلول العام 2011 , إذ يأمل الشعب بكل مكوناته أن يتعزز الاستقلال والسيادة الوطنية وممارسة سياسة وطنية وديمقراطية تعزز الدولة المدنية الدستورية والديمقراطية الاتحادية في البلاد.

ويُفترض أن يتضمن البرنامج الحكومي معالجات جادة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية والبيئية وحل العقد الكثيرة, بما فيها تنظيم العلاقة عبر قوانين واضحة ودقيقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وفق بنود الدستور العراقي بما في ذلك المادة 140 منه بعيداً عن الإعاقة والجرجرة التي لا تحل المشاكل بل تزيد من تعقيداتها.

إن وحدة مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية لا تتم إلا بالتخلي عن التمييز القومي والديني والطائفي, وهي ضمانة أكيدة لتطور أكثر أمناً وازدهاراً لكل العراقيات والعراقيين, وهي الضمانة لنجاح عملية التنمية والتقدم الاقتصادي وتقليص تدريجي للاعتماد على النفط الخام في التجارة الخارجية وتكوين الدخل القومي.

إن الشعب الكردي ورئاسة وحكومة الإقليم من جهة والحكومة الاتحادية من جهة أخرى يتحملان معاً مسؤولية تعزيز التفاعل المتبادل والعمل المشترك وتوطيد أواصر الأخوة والمودة لصالح السير سوية صوب بناء دولة ديمقراطية مدنية واتحادية حديثة لكي يمكن على أساسها تحقيق التقدم والرفاهية لمكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية. ويمكن للإقليم شعباً وحكومة أن يلعب دوراً مهماً في هذا الصدد حين يقدم نموذجاً جديداً في ممارسة الديمقراطية وتطوير حقوق الإنسان وتوسيع دور منظمات المجتمع المدني وحمايتها ودعم جهودها لصالح تغيير القاعدة الاقتصادية والبناء الفوقي في كردستان وعلى مستوى العراق كله.

إن الوعي بالمسؤولية والتداول السلمي والديمقراطي الانتخابي للسلطة والحرص على مستقبل أجيال العراق الراهنة والقادمة يستوجبان المزيد من التفاعل والتسامح والتعاون لبناء العراق وبناء الإقليم, فقوة الإقليم الاقتصادية وحرياته العامة وحياته الديمقراطية وتقدمه الثقافي والاجتماعي والعلمي هي مكاسب وقوة للعراق , والعكس صحيح أيضاً.

لقد كرمتموني بهذا الاحتفال والحضور الكريم ولا بد أن أرد الجميل في أن أبقى أواصل العمل والكتابة عن إقليم كردستان وعن العراق كله وأمارس النقد البناء بجانبيه لكي أصلح أن أكون صديقاً صادقاً لكم في الإقليم وللعراق كله.

الشكر الجزيل لكم جميعاً متمنياً لكم موفور الصحة والسلامة والتقدم على طريق تعزيز العلاقة الجدلية الشفافة بين الشعب وقواه السياسية والحكم. أتمنى لإقليم كُردستان دوام التقدم والازدهار ولشعب كردستان, نساءً ورجالاً, العمل والرفاهية والكرامة والسعادة والسلام الدائم.

شكراً لحسن انتباهكم.

كاظم حبيب
أربيل في 17/6/2010

Opinions