Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كمْ مرّةً باعتكَ واشترتْ عهرها بدمكَ؟!!!

جليدٌ يحاصر وهمكَ… يرتقي سنونوةً تعدُّ رياشها
تدفعُ للأعشاشِ بتوبةٍ بيوضها
متى ترتدي
سنونوتكَ ثوبَ زفافها؟!!
كلُّ عامٍ تُزفُ
تستأجرُ سوادَ حدادٍ فَقَدَ يديه
يومَ كان يطرقُ فولاذاً رخواً يصنعُ كذبةً لي.
تزفينَ السوادَ لكِ ليلةَ نتلو فيها أسماء
شهواتنا ولا نسامر الصباحَ الذي لن يأتي
معبأٌ بكِ أحصي غبارَ عهرِنا ذرةً ذرةً
وحينَ أنتهي أرى أنتِ.
زهرة( لوتسٍ) مُبعدةٌ عن عاصفات ريحي
مطرٌ…يجدلُ الحقلَ ينهضُ بنوارةٍ
الصمتُ يفوحُ منكِ،
يشتعلُ بأريجكِ، يوّلدُ آهاتٍ
فرّقتها الرئةُ على أطفالٍ شاكسوا الهواء بأوراقهم
والأسطحُ بأقدامهم
أنىَّ لكَ توقفُ المرايا
عن عكس بلادتنا
ليلةَ جردتنا اللغة من براقعنا!
وقفنا…نُزهقُ اللحظةَ نتلذذُ
بنكوصها العاشق،
نعامرُ بركوب الحافلاتِ التي تذهبُ إلى حيثُ لا نريدْ

وجهُكِ أقسمهُ جداول وأعشاب أو زهرتين
أحفظهُ غيباً
ولا أقدرُ على استرجاعهِ إلاَّ كاملاً
مذْ كان ابتداءك قرنفلةً وطلقةً وليلْ.
أشهقُ بكَ، لكَ، يشربني الخابور جرعتينْ.
يسكرُ في الأولى ويهمُّ في النعاسْ
لا يُغلقُ البابَ على عُرّينا، ننّفذُ رغبتهُ، ينامُ
ونبقى حارسين، يسلينا زعيقُ الناعورةِ المهشمةِ
يسكرُ الهدوءُ بكِ، يحصدكِ الغُبارُ المعلقُ
في صدرٍ ريفيةٍ تشتهي الريحَ ،تشتهي يدها
تضيّعها في خفاياها ،تعبُّ وجهينا
تحفظُ تقاسيمنا، تطرحُ علينا أسئلة
عصفورٌ يكسرني
قبرةٌ تغمغمُ بأسماءِ من نحبُّ ،تبعثرنا الناعورةُ
في الصباحِ نخرجُ للحقلِ يبتلُ بلهاثنا، يتندى
بحروفنا الأولى ويشمرُّ عن ساعديه.
نكتبُهُ للمدى ويروحُ كلٌّ لمدرستهِ،
نتأخرُ عن الدرس الأول،
نُعاقبُ بالطردِ من الدروسِ التي تلي…
نرجعُ للخابورِ نذاكرهُ ولا نرسبْ.
مبدأٌ ومنتهى كُنّا، يظللنا طيفهُ .نستحمُ بالضحكةِ
الوداع…المؤقتِ.
رفقتُكَ للسروِ مكتظةٌ بالوحشةِ، مؤنسةً بالانتظار
دفءُ وحدتكَ يوازي بردَ أعمدتكَ المنسلةِ عموداً عموداً
من موجكَ تنيرُ لكَ عابريكَ
لا يطفىءُ وحشتكَ هذا الزحامُ
مملوءٌ بالتعبِ كما الاطارات مملوءةً بالهواء وملحٍ وماءْ.
منعطفُ ليديكَ…للمدينة الموبوءة بالنعاس.
المصابةِ بشعرك الراقدِ تحتَ رأسكَ
نهرٌ يتحّملُ أعباءكَ يتحّملُ جريانهُ الموقوفِ بتهمةِ السكر
كيفَ لكَ تدلقُ نبيذكَ لشفاهِ النواعير؟
فينتشي المخفر بالموقوفين
لحظةُ سكرٍ مؤرخٍ لرئتيكِ المصوبةِ للناعورةِ البكرِ
عاشقةٌ لا تُقيمُ عُرسَها
فيضانٌ يجرفُ كينونتها المورقة مثل كينا البلاد
مرارة وشمساً وعاشقين و….بلا…
قبلات، مرميٌّ للنهر ـ قافلةَ موتٍ وعكازةَ فرحٍ يتيمة
تستنهضُكَ، تعدُّ ثوانيكَ
كمْ يلزمُكَ لتحصي حباتِ عرقِ فخذيكَ لحظةَ مرور دبابة لحرب؟!!!
كمْ يلزمُكَ لتحصي شهقاتَكَ لحظةَ مرورِ عصفورةٍ لدورةِ شمس …؟!!
تُصابُ المدينةُ بطوفانِكَ
فقراءُ قصيدةُ عامٍ مقبلٍ ـ حينَ تمرُّكَ صديَقَتُكَ
تخبئ النظراتِ بلفافاتٍ مكسورةٍ وفنجانا مهجوراً بحزنُ
صديقكَ الشاعرُ يمرُّكَ ما الذي ستقدمهُ لهُ…؟!
شرابُ زهورٍ ميّبسةٍ كما قتلى حربٍ لا متكافئة يجفون
أمراضُكَ أغنيةُ نورسٍ دائمة.
بارداً يأتيكَ الوقتُ ـ بارداً يأتيكَ النزفُ
منسيٌّ ـ أيُّها الجسر ـ تهشمكَ الإطارات وأنتَ تهشمُ وجهها،
لا يعرفُكَ إلاّها، تقيمُ معها علاقةَ دفءٍ.
أحذيةٌ حبلى تُدركُ همّكَ،
وحدها ترمي عليكَ تحية الصباحِ.
نساءٌ مكتظات يسترحن تحت دفئكَ.
يمارسنَّ في بطنكَ أفعالاً متعددة …
وتذهبنَّ ويبقى الفعلُ.ـ الجسرُ ،
وحدها صديقتكَ تبقى أيقونةَ وقتكَ.
الإنحناءات المتكررة تتفقُ في أعضائكَ والنهر لا يهتمُ
بأصابعكَ التي تخمشُ وجهكَ تسيرُ مطمئناً
إلاَّ من قرفكَ يجرْف أعصابكَ
والأشجارُ تعصفُ بكَ.
دعني ألملمُ يديَّ وأكملُ الرحلةَ.
الألوانُ التي تراها لا يُصيبها الاندثار
الأضواءُ التي تراها لا يُطفئها الظلام.
لكن موتكَ يأتي مبكراً،
ياللصرخة كيف لم تصلكَ؟!
ووجهُكَ الريحُ التي لا تهبُّ
ميتةٌ هي الأرضُ التي لا يصبها هبوبكَ العاصف
الأرضُ التي لا تحتويكَ .هي البلادُ التي شردتكَ
على أرصفةِ الغربةِ وظلتْ أسواط قاتليكَ.
كمْ مرّةً باعتكَ واشترتْ عهرها بدمكَ؟!!!

****
للشاعر الراحل عبد الأحد قومي
الحسكة سوريا Opinions