Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كيف نتغلب على هاجس الموت

الحقيقة ان الذي دفعني الى كتابة هذا الموضوع او البحث هو نتيجة لزيارتي الى شخص على فراش المرض يعاني بشدة فوق التصور بسبب مصارحة الطبيب له بمرضه
عليه اقول بهذا الخصوص :-
هناك اختلاف او تباين في الراي في المجال الطبي بشأن الكيفية التي يتصرف بها الطبيب بخصوص حالة المريض المنذرة بالموت ويدور معظم الجدل حول أمرين اولهما :
موضوع مصارحة المريض بمرضه وما ينذر به والامر الثاني مدى ضرورة المداخلات الطبية المركزة والطويلة والتي تهدف الى اطالة الحياة والرأي الغالب هو ما يتعلق بمهمة الطبيب وهي تخفيف المعاناة على المريض في مرضه النهائي والمحافظة على حياته ما دامت هذه الحياة موجودة والنظر في مصارحة المريض بخطورة مرضه ونتائجه ويجب ان يأخذ بنظر الاعتبار مقدار الفائدة والضرر لهذه المصارحة على معاناة المريض ومن المعلوم ان القلة من الناس فقط يجدون في نهاية حياتهم مخلصا من معاناتهم والطب يتجه في معظم الحالات الى تحقيق امنيته وهي شفاء المريض ومهما كانت حالة المريض فانه ليس من مهام الطبيب ان يحاول او يساعده على انقاص الحياة القائمة حتى ولو لحظة واحدة .. !!
مهما بلغت معاناتها من المرض وذلك ( ان الذي يظهر من هذه المعاناة قد لا يكون الا جزءا صغيرا من عنف الشوق الى البقاء ولو لتلك اللحظة .. !! )
اذن ما على الانسان الا ان يتعلم كيف يتغلب على هاجس الموت لانه ربما اذ توغل في اسباب الموت او فلسفته فأنه قد يجرنا الى مباحث عقائدية وفسلجية مطولة لكن ما يهمنا هو كيفية التغلب على هاجس الموت ما دام الموت بحد ذاته أمرا حتميا لا مفر منه مهما بلغت عناية الانسان بصحته وطالت من دون منغصات عمره .تبقى كل ما يعرفه الانسان هو انه لا بد من ان يموت وكما أعبر دائما (ان كل ما اعرفه هو انه لا بد لي من ان اموت عما قريب ولكنني اجهل هذا الموت اكثر من كل الاشياء هذا الموت الذي ليس له يدان لكنه يأخذ الانسان .. !! يتحدث الانسان كثيرا عن الموت لا بل يحاول ان يصف تجربة يطلق عليها اسم تجربة الموت .. لكنه انما يتحدث عن الحياة كما ان التجربة التي يصفها في هذه الحالة لا يمكن ان يكون الا شكلا من اشكال التجارب الحية او الخبرات المعاشة وحتى عندما يتحدث الانسان عن ساعة الموت باعتبارها لحظة التحرر فانه لا يصف ساعة الموت نفسها لان هذه اللحظة مستغرقة بتمامها في ديمومة الحياة . والموت حقيقة يقينية معروفة من حيث (هو واقعة لا محال وتكن حدث عارض مجهول من حيث هو واقعة تاريخية). الانسان يعرف انه يموت لكن لا يعرفها مطلقاً متى الموت ومع اليقين الموجود لديه عن الموت وعدم يقينه عن لحظة حدوث الموت فهو مشكلة المشاكل بالنسبة للانسان الذي يعرف الان انه يموت لكنه يجهل متى يموت ومع ذلك نجد الانسان يخلق اجواء من التطمينات وبالتالي نراه يحاول تجاهل تلك الواقعة التي لا تعرف لها كيف واين ومتى والى أين...!!. صحيح انه يقع في كثير من المخاطر ويعرف ايضاً (المقولة, تعددت الاسباب والموت واحد) وصحيح أن كل تهديد يحصل له قد يحمل معنى خطر الموت ولكن بمجرد ما ينجو من المخاطر والتهديدات فأنه سرعان ماينقل من خطر الموت الى وقف التنفيذ لهذا كان (الامل الكاذب) بحسب ما يطلق عليه بعض علماء النفس الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها التغلب على هاجس الخوف فما الذي يمنع ان يغفل عنه اغلب اوقاته فاذا جاءت التجربة لتذكره بأن الموت حق على البشر ولا محال منه فعليه ان يحبس انفاسه لا بل ويقول في قرارة نفسه انه واقع بيّ الساعة او في هذه اللحظة وعليه ان يوظف نفسه على ان الموت حل ضيفا فقد يكون بعد حين او في المستقبل البعيد ويتساءل صحيح انني ساموت بشكل او بآخر وفي موعد مجهول وغير محدد ثم يعود ويقول لا لن اموت بصفة خاصة وفي هذا الموعد بالذات فيصرف النظر عنه وقتيا لكي يتجه بكل اهتمامه نحو الحياة الواقعية الهامة من دون التمرد عن العالم الاخر والذي سيكون الموت الباب الاول لدخوله ما ذلك الحدث الذي قد يقتنصني من الحياة من غير رجعة ما دام ليس له زمان ..!! اليس من الافضل ان اتجاهلها على الاقل وفق الحكمة القائلة (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) اليس من واجبي ان احيا وكأنني لن أموت اليوم ألا ينبغي ان اقول أن الموت أمر يقين وساعة حصوله أمر غير يقين ؟ فعلى ماذا هذا التذمر والانزواء عن الحياة وهناك آمال وطموحات يتعين علي تحقيقها خدمة لنفسي ولاهلي وناسي . حقاً انا اعلم ان نشوة الحياة عابرة وسعادتها زائلة وجمالها قصير الامد ومع ذلك فاني متمسك بها لانها مصدر القيم والارض التي ازرع بها لحين الحصاد الاخر وفما المانع من ان اكتسب رضا الله ورضى الناس معاً وادع الخوف من الموت الذي لو تماديت فيه فسيجرني الى الانتحار هروباً من القدر الذي اهرب منه اليه ...!!. بهذه الايحاءات قد يتمكن الانسان من خلق اجواء من الامل بأن الحياة امر واقعي معاش فلا داعي لانغاصها بأمر محتوم مادام وفق النظم السماوية والارضية بدقة واحترام ..!! هو خلاف ذلك يعمل لدنياه فقط دون التفكير بالآخرة وعليه ايضاً ان يتصور دائما عظمة الله سبحانة وتعالى فيتوب نتيجة غفلته واخطائه فيكون دائما في رهبة من الله يحاسب نفسه وكلما زاد الانسان نقية كلما زاد خوفاً (ليت أمي ما ولدتني) حيث يبكي بكاءً يقطع نياط القلب أما الذي يجعلهم يطمئنون اليه (الموت) نوعا ما لكونه الحق والعدل والمساواة الوحيدة في هذه الدنيا وأمره بيد الله وحده فقط ولكن افتراضنا ...!! لو قدر ان يكون أمر الموت بيد البشر لكان فقط من نصيب الفقراء المساكين والضعفاء المغفلين هذا جانب والجانب الاخر لو تحقق للانسان مايسمعه عن تلك الحياة (الحياة الابدية ) وما يؤمنون الكثيرون بذلك ان فيها كذا وكذا ....الخ لكان جميع الناس يتسابقون الى الموت لا بل ومنهم من يدفع كل امواله ليحصل عليه تخلصاً من هذه الحياة والتي قلنا عنها سلفاً هي عناء ردئ لبني البشر جعلها الله ليعنوا فيها ...الخ.
وتقبلو تحياتي...


عادل فرج القس يونان
بغداد – العراق
27 تموز 2011
Opinions