Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كيف يفكر القادة الشيعة

 

لابأس في وصف القيادات السياسية بأنها ( كوردية ،تركمانية،شيعية ،سنية ) فهذا توصيف ليس بالطائفي ،ومعمول به في كل الدنيا، بل إن أشهر الأحزاب الحاكمة في بلدان أوربا والأمريكيتين تسمي نفسها بأسماء ذات صبغة دينية ،وكذلك في إسرائيل التي تتحدث عن الديمقراطية ،والمشاركة الحرة، وهي تتوزع بين يمين متطرف ويسار ،وأقصى اليمين واليسار، وأحزاب ،وقوى علمانية ،ومنها ماهو ذي صبغة جغرافية وتاريخية .

فالقادة السياسيون يمكن أن يمثلوا طوائفهم وقومياتهم ،وينطلقوا من ذلك للقيادة الجماعية مع شركائهم لتسيير شؤون البلاد من خلال تحالفات برلمانية وإنتخابية تتشكل منها الحكومة، ويعمل فيها ممثلون عن الطوائف والأقليات ،وليس العيب في العراق أن يكون التشكيل بهذه الصورة.لكن المعيب أنها شوهت ،لأن البعض يعمل لطائفته ،ويصرخ بإسمها ،ويترك الوطن ولايريده إلا على أساس الإقصاء والتهميش، وأن يكون وطنا تحكمه طائفة بعينها ،ولاشك أن العراق برغم الدكتاتورية المقيتة كان محكوما من قبل (السنة) لفترات زمنية طويلة، وكان ذلك مدعاة للشعور بالتهميش من قبل (الشيعة ،الكورد ،والتركمان) وطوائف أخرى ،ويحاول البعض تصوير المشهد الحالي إنه إنعكاس لسياسات النظام السابق ،ولكن بالمقلوب، فيصير(الشيعة) هم الحاكمون حتى لو شكليا و(السنة) مهمشين الى حد يدفعهم للتظاهر، والسير وراء خطابات طائفية تارة وقومية في أخرى، وينساقون لنوع من الإحتجاج لايمكن معه البقاء في مكان المترقب والمنتظر لشئ قد يحدث أو لايحدث،وطالما أن هنالك تظاهرات فهذا يعني أن هنالك مطالبات، وهنالك حاجة لدراسة لها حتى لو تصاعدت وطالبت بإسقاط النظام فيمكن الحديث عن الموضوعية في طرحها ،وكذلك في دراستها وتلبيتها ،فالنظام لن يسقط لأنه نظام محاصصاتي بين (الشيعة، والسنة ،والكورد) ولكن من الأفضل الجنوح الى لغة من الحوار الهادئ والعميق، والوصول الى حل يرضي كافة الأطراف طالما أن القدر قرر أن نعيش في هذا الوطن بخطايانا تجاهه وخطايا وجودنا فيه.

يبدو التحالف الوطني الشيعي أمام إمتحان حقيقي في مواجهة الحراك المضاد، والأزمة المتصاعدة. فلايمكن الحصول على دعم المرجعية من قبل أي من القيادات الشيعية في حال كان ذلك سيؤدي الى نزاع غير محمود العواقب ،وأيضا فإن رأيا عميقا يطرح وهو، إن التظاهرات في الأنبار تحمل مطالبات وهي أنفعالية أيضا، ولانكران لموضوعة محاولة بعض القوى الداخلية والخارجية للتصيد في الماء العكر، وتأجيج الأوضاع، ونشر غبار الفتنة في الأفق، المفتوح، ولكن لابد من النظر لها بموضوعية ومواجهتها ليس بالتظاهرات، بل بالدراسة العميقة وإيجاد مقاربة داخل التحالف الشيعي الوطني للخروج برؤية موحدة بين أقطاب هذا التحالف ( الدعوة المالكي ،مقتدى الصدر ،عمار الحكيم ) فالسيد المالكي يذهب في تجاوبه مع هذه المطالب بطريقة قد لاتريح أعصاب الذين يقفون خلفها ،ولديه إستراتيجية تعتمد اللين تارة والحزم في أخرى لكن شكل المحيط العراقي متحفز، ويبحث عن عثرات وبالتالي على المالكي أن لايسمع لمستشاريه فحسب فالرجل بصراحة لوحده في الميدان أما فريقه الإعلامي والمستشارين فنومهم عميق ويحتاجون الى محفزات من نوع ما،بينما يتأثر التيار الصدري في حراكه بطبيعة علاقته المتوترة مع المالكي والمماحكات التي سادت خلال السنوات الماضية بين الطرفين .تبدو الرؤية التي يتحرك بها المجلس الأعلى مهمة للغاية وتتضمن تفكيرا عميقا في سياسة أحتواء هادئة تركز على عدم إحراج الأكراد ودفعهم بإتجاه لايريدون الذهاب إليه مكرهين ،ومن الممكن أن يتم التعامل مع (السنة) بهدوء أيضا أما تحديهم بهذه الطريقة في محيط عاصف لايحتاج الى الكثير ليستفز ويتخذ مواقف متشنجة ليس موقف أوردوغان فردا منها ،بل تبعته مواقف أكثر تشنجا من دول عربية حاولت أن تركز جهدا سياسيا وإعلاميا لخدمة مصالح مرتبطة بموضوع التقاطع في المصالح الحيوية بدوافع ( السياسة، المذهب، الإقتصاد ).

تسألني :هل الأزمة عميقة ؟نعم هي ذلك ،ويجب التشاور مع الحلفاء في ذات التحالف وليس مع المراهقين الذين يبحثون عن التصعيد لنوايا شخصية تافهة لاتعدو في طولها وتمددها أن تتجاوز أرنبة أنف أحدهم.

المجلس الأعلى مطالب بالدخول في الأزمة لجهة التقريب بين السيد الصدر والمالكي خاصة وإن أجواء هدوء في العلاقة واضحة معهما وإن كانت مع السيد الصدر بشكل أثر إنسيابية وأريحية، وله صلات عميقة بالأكراد الذين يحتفظون لجده زعيم الشيعة الحكيم الأكبر بأنه أفتى بحرمة الحرب على الكورد ،وقد تواصل في وقت سابق مع أطراف إقليمية مؤثرة كالأتراك والأردنيين والسعوديين ،ويحتفظ بعلاقة جيدة مع القيادات السنية ،وهذا ماقد يدفع لخلق مبادرة من نوع ما بالإشتراك مع التيار الصدري الذي يستطيع هو الآخر إستثمار بقائه خارج دائرة الشد الحكومي، وصلته الطيبة بأطراف عدة لعمل مقاربة بين التوجهات داخل التحالف الوطني والخروج برؤية موحدة في مواجهة الحراك السني، وتلبية متطلبات تأمين العلاقة من جديد والتحرك على المحورين ( الكوردي ، السني ) خاصة وإن الوقت بدأ ينفد لأن جميع الخيارات أخذت تتهاوى لتكون غائبة في الوقت القادم ،وربما سنكون في مواجهة إستحقاق خطير قد يضعف الجميع، ولن نسمع حينها سوى أنين الضحايا، وضحكات الشامتين بالوطن العراق.

 

Ham83ada@yahoo.com

 

Opinions