Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لا أقبل ان تُلَبسني قميصك

ان اردنا ان نخرج من المراهقة الدينية التي وضعنا انفسنا فيها منذ فترة طويلة باتجاه البلوغ الديني والانساني، وَجَبَ علينا نزع الخوف من مواجهة الاخرين عند التعريف بخواصنا! فنفتح باب الثقة الذي اوصدناه على انفسنا وبالتالي نصبح مؤهلين لتفهم ومعرفة خواص الاديان والحضارات والثقافات والعادات والتقاليد للشعوب والبلدان المتنوعة والمتعددة، عندها يكون هناك نهوض من الجمود العقائدي والسياسي والمذهبي والطائفي لهذا نقول وجوب الخروج من الشرنقة نحو معايشة لقيَمْ واخلاق وثقافة الشعوب الاخرى، تكون النتيجة اعتزازي بخواصي كشخص بشري وكعائلة وعشيرة ومنطقة وحزب ومذهب وطائفة ودين ووطن، وعندما اعتز بخواصي احترم خواص الاخرين لكي يحترمون خواصي، وبالتالي اقبل التنوع والتعدد وحتى الاختلاف الذي يعيش داخل البيت الواحد والدين الواحد والمذهب الواحد والطائفة الواحدة والشعب الواحد والبلد الواحد،،،الخ، وحتى داخل الانسان الواحد! اذن لايمكن اسقاط خواصي على الاخرين او فرضها بالقوة وان فعلنا هذا! يعني نلغي الفوارق والتناقضات مع الغاء التنوع والتعدد!!! وهذا يتناقض فعلاً وواقعاً مع عملية الخلق والطبيعة الانسانية، ومن الناحية الفلسفية ومنظور التطور الاجتماعي يتناقض مع فلسفة التاريخ الذي يؤكد ان الماضي كل الماضي (لايوجد تاريخ واحد لجميع البشر) يدخل في الحاضر والمستقبل

واليوم نحن في عصر التكنولوجيا والانترنيت والاتصالات الحديثة امكن معرفة ودراسة ومقارنة بين الثقافات والحضارات المختلفة والمتنوعة بكبسة زر، نجد ان كل منها لها خواصها وظروف نشأتها ومراحل تطورها المختلفة، وعند متابعة تطور البشرية والى يومنا هذا نجد ان لا مكان للوحدة التي تجمع خاصين اثنين او خواص متعددة، اذن لا مجال لقبول قانون التطور بتزاوج الخواص وخاصة المتناقضة! (ما ينتج من تزاوج السالب مع الموجب مثلا) فكيف اذن ايها الانسان تريد ان تفرض عليْ دينك او مذهبك او سياستك او حزبك او افكارك او قذارتك على الاقل بالنسبة للآخر؟ أتريد ان تلبسني قميصك الخاص؟؟ ليس من الاخلاق الانسانية بمكان ان لا يكون لك ثقة بايمانك الديني او الثقافي او الانساني لكي تحافظ على خواصك، عندها الاخرون ايضاً لهم خواصهم المتعددة والمتنوعة ويحترمونك اكثر مما تنتزع منهم انسانيتهم او افكارهم او كرامتهم، وبهذا لا مكان للفتوى والمطلقية والكمال والحقيقة عند اية جهة، بل هناك اجزاء من المتقاربات والمشتركات والحقائق عند كل طرف او كل ثقافة او حضارة او تاريخ، وعند جمعها لا نخلق منها الوحدة بل يكون هناك تاريخ انساني (يجمع تواريخ مختلفة) وحضارة انسانية (تجمع حضارات متنوعة) وثقافة الشعوب (تجمع ثقافات مغايرة)، لكل شعب او ثقافة او دين مقاييسه وفستان خاص يلبسه لا يمكن الباسه على الاخرين بالقوة لان مقياس فستانك يختلف كلياً عن فساتين الاخرين، يمكن ان يكون الفستان اطول او اقصر او اضعف او اسمن!!! عندها يشل الحركة ويقيدها، لذا لا اقبل ان تلبسني فستانك (قميصك او قالبك/دينك/ثقافتك/مذهبك/فكرك/سياستك/عاداتك وتقاليدك)، لي فستاني الخاص ايها الانسان (لي اسمي وشخصي وعائلتي وعشيرتي وقوميتي ومذهبي وطائفتي وديني ووطني وشعبي ولوني وشكلي وفكري وثقافتي وعاداتي وتقاليدي وخبرتي وعمري!!) ولك ايضاً نفس الشيئ، وكرامتك تساوي كرامتي الا بما يقدمه كل واحد منا من خير وحب وامان ويدافع عن حقوق شعبه ويعمل من اجل سلام الشعوب اكثر من الاخر!! ولكننا نختلف في اشياء ومسميات كثيرة، وهذا هو التنوع والتعدد الوجوب قبوله

هنا يبرز دور الحرية الشخصية والعدالة والمساواة وعدم التفرقة الذي كفلتها الاعلانات والقوانين الدولية في كافة المجالات وخاصة في العهدين 1966، لذا وضعت الدساتير الوطنية في كافة بلدان العالم لتطبيق هذه القوانين الحقوقية، ومن هذه النقطة نشأ فكر حقوق الانسان وبالتالي العفو الدولية التي تضع منتهكي حقوق الانسان ومهما كان منصبهم على المشرحة لاجراء عمليات جراحية لهم لاعطاء او لارجاع الحقوق المسلوبة لاصحابها على نطاق الافراد او المجموعات او الشعوب، وفي نفس الوقت توجه رسالة الى الحكام تقول: حان وقت اعطاء كرامة للشخص البشري وحقوق الشعوب تبقى مقدسة ومحفوظة ومكفولة! وسقفها اعلى من سقف اية مصلحة شخصية او حزبية او مذهبية او حتى دينية، اما ان تعنت الحاكم الظالم هذا يعني العودة الى الماضي والبقاء فيه مع الغاء حركة التاريخ الانساني والنتيجة نعيش الفوضى والدخول في نفق بل انفاق مظلمة وما نشهده اليوم من ثورات الشعوب خير دليل على ما ذهبنا اليه، اذن لا مجال امام الواقع الا التغيير والعاقل يتعض من الحاكم الذي قبله، انه مجرد وقت طال او قصر، وتبقى التناقضات والتنوع والتعدد واختلافاتها، فلا مجال لفرض اي حرية او ديمقراطية على الاخرين لانه لا يمكن وضع قفل على الحرية الشخصية ولا يمكن فرض قِيَم واخلاق مطلقة ولا يمكن رفض وتحريم الجمال لان كل هذا يتناقض مع الطبيعة البشرية وحرية الوجود وينتج اللامساواة ولا عدالة اجتماعية! عندها تكون حياتنا لاحياة! اي نعيش ونحن اموات، لذا نؤكد: الحرية والديمقراطية والحقوق والعدالة والمساواة لا تهب من الملك او الحاكم بل تُنْتَزع انتزاعاً بالنضال السلمي والتضحيات والعمل المثمر البناء، وما ثورات الشعوب وايام جُمَع التغيير الا نتيجة طبيعية لكبت الحريات وعدم مواكبة التطور والغاء دور الشعب ومنظمات المجتمع المدني بوضع قفل على شفاه الشعوب وقفل اكبر على خاصرة الاوطان، ولكن الشعوب والانهاروالتراب والهواء لها طريق ورأي آخر، وهو العمل من اجل السلام الداخلي وامان الشعوب، لذلك كان الحوار والعمل الجماعي منهج من مناهج حقوق الانسان، وتطبيقه اليوم على يد منظمة العفو الدولية خير دليل على صدقية هذه المنظمة الدولية وروحها السامية، انها العدالة الاجتماعية والسلام العالمي آت لا محالة

www.icrim1.com

Opinions