لا تستطيع الحصول على كل ما تحبه إنما عليك محبة كل ما تحصل عليه
كلام يعتبر من الحِكَم العميقة، لأن الانسان يتمنى الحصول على الكثير الكثير وله أحلام واسعة جدا قد لا يكون لها حدود، لكن بحساب بسيط يمكننا تحديد النسبة التي نحصل عليها من أحلامنا لتكون نسبة متواضعة جدا، فلو صرفنا حبا كبيرا على أحلامنا وعلى ما نحبه ونتمنى أن يتحقق نكون قد أضعنا العمر بلا فائدة ترتجى، بينما لو حددنا تركيزنا على ما نحصل عليه ونحبه بقوة لكان شكل وطعم الحياة التي نعيشها مغايرا كليا.ذات الكلام ينطبق على شعبنا (الكلداني السرياني الآشوري) فلكل منا أحلامه الخاصة التي يتمنى حصولها، فمنا من أحلامه كلدانية خالصة، وآخر آشورية وثالث سريانية ورابع يحلم مع الكلداني والسرياني والآشوري أي أنه يحلم بأحلام جميع أخوته ولكل هذه الأحلام مشروعية وأحقية لأصحابها أن يحلموا وأن يحبوا وأن تتحق هذه الأحلام، لكن العبرة تكمن في محبة ما هو حاصل فعلا، والمثل يقول: إننا نكره شيئا وربما هو خير لنا وربما نحب شيئا وهو شرٌّ لنا (معذرة للتحوير في المثل)، لذلك علينا أن نعيش اللحظة الحاضرة بكل تفاصيلها، نحبها بشدة وكأن لا لحظة أخرى غيرها قادمة فهي التي قد حصلنا عليها، وهذا الأمر لا يلغي الطموح أبدا أو الحلم بلحظة قادمة خير منها أو مستقبل أفضل مما نحن عليه.
وهكذا نجد اليوم من يحب حلمه الكلداني وثاني الحلم السرياني وثالث الحلم الآشوري بينما هناك من يحب ويحلم أحلام كل هؤلاء ليكون حلمه وحبه أقوى وأشد لأنه حب الأمر الواقع الذي نعيشه في أيامنا هذه من صيف 2009، حيث بدأ الحلم يكبر ولاح في الأفق شيئا من معالم المستقبل الذي ستدير به هذه الأمة نفسها بنفسها، لذلك محبتنا يجب أن تكون بلا غشٍ لكي نحصل على بركة الله ومساندة أخوتنا في الأمة، هذه المحبة التي تقتضي التضحية وبلا حدود لأنها الأمر الوحيد في هذه الحياة الذي يجب علينا أن نضحي قبل الحصول عليها أو عندما نقدمها للآخرين، فالمحبة لا تُشترى أبدا... وإنها لا تُفرض مطلقا... إنما المحبة تُعطى وبمجانية وفيها يذوب الإنسان خاصة عندما يوجه محبته لأخيه الآخر وصولا ليكون الاثنين واحدا، والمحبة تجعلنا نتألم لكي يفرح الآخرون... تجعلنا نتعب ونشقى لكي يرتاح غيرنا... تجعلنا نناضل بغية أن يستقر الآخرون في واقع أفضل مما هم عليه، فعندما نحب كلدانيتنا فنحن نحب السريانية أو الآشورية، وهكذا بمحبتنا للسريانية فإن محبتنا تتوجه للكلدانية أو الآشورية، وبهذا نصل أن الثلاثة يصبحون واحدا، شعبنا يتكلم لغة السورث ولديه الأرض التي نما وترعرع وعاش هو وأجداده عليها وكتب تاريخا مضيئا وقدم التضحيات الجسام ولم تكن سميل أو صوريا آخرها.
فكم من الحب علينا زرعه في أرض واقعنا لأمر حاصل فعلا لأمتنا ونتحرر من الأحلام لأنها أصبحت حقيقة، وما علينا إلا التفكير في هذا الاتجاه.
عبدالله النوفلي
24 تموز 2009