لا تسرقوا انتصاراتنا
قد تسكت بعض الشعوب عن سرقة أموالها أو نهب خيراتها و لكن لا يمكن لشعب أن يسكت عن سرقة أنتصاراته التي خطها بشجاعة شهدائه و سقاها بدماء تنزفها جراح رجاله و أنتزعها من فم العدو بصلابة و بسالة أبنائه ، أما أن يكون هذا الشعب كريماً الى درجة أن يهب أنتصاراته الى غيره و يستسلم لمن يسلبه هذا الانجاز فهذه حالة شاذة في التاريخ لم أجد لها مثيل أبداً ، إن الهزيمة و الانكسار تضع قدم الامة على طريق الذبول و الاضمحلال و الشلل و ربما تصل بها الى الموت و لا يمكن استنقاذ هذه الامة إن لحقت بها هزيمة ما الا إن حققت أنتصاراً حقيقياً يثبت لها أنها مازالت حية تنبض بالعز وتمتلك مقومات الحياة و العيش و البقاء حالها كحال كل الامم الموجودة على خارطة التاريخ ، بعد أن أستفاق الشعب العراقي من الصدمة بسقوط الموصل و باقي المدن بيد داعش و ( سننتظر نتائج اللجنة التحقيقية في اسباب السقوط الانحداري ) و بشكل دراماتيكي و رغم تغلغل مشاعر الانكسار و عدم الثقة بأمكانية صد هذا الهجوم حتى تغيرت بوصلة الاحداث و خاصة بعد التحشيد الكبير و غير المسبوق للتطوع و الانخراط في قوات الحشد الشعبي الذي جاء ملبياً نداء المرجعية و الاستنهاض العالي للفصائل المقاومة جميعها وتعاونها مع بعضها أعادت الثقة بالنفس و القدرة على النهوض و جاءت معركة (أمرلي) لتصنع صفحة مشرقة ألقت بأنوارها على زوايا معتمة في الذاكرة العراقية و صنع لنا أبطالها مجداً نرويه لأبنائنا بأن رجالنا و نساءنا و حتى أطفالنا هم من نوع خاص لا يهزمون و لا يستسلمون كما يهزم غيرهم حتى لو تكالبت عليهم المحن و كشرت بوجههم أنياب الذئاب من كل حدب و صوب و تلتها أنتصارات جرف النصر و ديالى و حمرين و غيرها من صفحات الفخر و البسالة, وبدلاً من أستنساخ هذه الانتصارات و الترويج لها بأعلانات تغرق أحاديثنا لتمتلأ أرواح مقاتلينا عزيمة و أصرار على دحر الارهاب و من يقف خلفه من قوى (نعرفها و نعرف غاياتها و تغذيتها لداعش متواصلة بلا فطام حتى يبلغ أهدافه المرسومة في دهاليز المخابراتية للدول المستفيدة من تمدد هذا الكائن الغريب في المنطقة ) نرى أننا و مع شديد الاسف ننسب هذه الانتصارات الى الغير و نسمع هنا و هناك لولا (فلان فلاني ) لما تحقق اي أنتصار و لولا الدولة الفلانية لما أستطعنا أن نصمد أو ننتصر في أي محطة فيها مواجهة حقيقية ، قد أتفهم محاولات أمريكا في سرقة أنتصار آمرلي عندما صرح قادتها أنهم ساعدوا قوات الحشد الشعبي في فك الحصار عن المدينة بقصفها جرذان داعش المختبئين في القرى المحيطة بها لتوهم العالم ان ما باستطاعة الشيعة تحقيق الانتصارات بدون معاونة من الخارج و هذه سياسة نتفهمها و لكن أن يأتي الكرم و البذخ من عندنا و نقول أننا ما حققنا ما حققناه الا بفضل الاخرين فهو شعور جمعي بالانهزامية و عدم الثقة بالذات فوجود شخص مهما كان هذا الشخص لا يمكن أن يلغي دماء الشهداء و بسالة قواتنا و جيشنا و شعبنا فمن سالت دمائهم على تراب المعارك هي دماء عراقية لا تحتمل الاختلاط ولا تتخفف أو تختفي اذا ما شربتها ارض العراق ولن يرضى شهدائنا أن يكونوا (فضائيين) في سوق الاتهامات بالفساد التي لا يتناقل الناس غيرها من أحاديث اليوم ،
طبعاً لا ننكر فضل من يساعدنا ويعاوننا في محنتنا و يقف معنا بوجه أشرس عدو متلون و متداخل و له جيوب متلفلفة بأغطية سياسية و طائفية و لكن لا يمكن لصورة أخذت مع مقاتل هنا أو قائد هناك أو ما يتناغم مع حملة (صورني و اني بالمعركة ) أن تسلب المنجز لأننا إن رضخنا لهذه الثقافة فسيأتي يوماً لا نملك جبهة ندافع عنها أو ساتراً نحميه فيحمينا أو روحاً عزيزة تقاتل لأننا سنقتنع أننا أمة لا تملك مقومات الانتصار .