Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لا لتغييب الصحفيين ـ ـ لا لإسكات الكلمة الحرّة ـ ـ لا لمصادرة حرية الرأي ـ ـ وليكن الدستور هو الحكم ؟

خير ما أبدأ به مقالتي هذه هو قول إبن الهند البار المهاتما غاندي " الطريقة المثلى لتجد نفسك ، هي أن تضيع في خدمة الآخرين " .
هذا القول ينطبق على الكثيرِ من المهنِ وأولها مهنة الصحافة ، فهي مهنة رقابية شعبية خدمية تدخل في جزئيات المجتمع ومشاكله وتحاول تسليط الضوء على سلبياته وسلبيات قادته السياسيين وتنتقد برامجهم وتُذكرهم بوعودهم لشعبهم حين رفعوا شعاراتهم البرّاقة متوسلين شعبهم على إنتخابهم ووضع ثقته بهم .
والصحافة اليوم هي ليست فقط " السلطة الرابعة "كما أًطلِقَ عليها ، لكنها أخطر السلطات قاطبة ، حيثُ إستطاع الصحفيون والإعلاميون بشكلٍ عامٍ من الدخولِ الى كل بيت بل الى عقل كل فرد من أفراد المجتمع بشرائحه المتعددة والمتنوعة وذلك بفضلِ التكنلوجيا المتقدمة ووسائل الخدمات الإجتماعية الألكترونية ، وبفضل تلك الوسائل إستطاعت الصحافة والإعلام بشكلٍ عامٍ من قنوات تلفزيونية فضائية وشبكات التواصل الإجتماعي عبر الإنترنيت ( الفيس بوك وتويتر) وغير ذلك في تحريك الشارع بساعاتٍ فقط !! وكما شاهدنا ونشاهد الآن من تغيرات جيوسياسية على خارطة العالم وبالتحديد البلدان العربية والذي أطلق عليه بـ " الربيع العربي " !!! .
لقد مرّت قبل أيام معدودات الذكرى الثانية والأربعين بعد المئة لعيد الصحافة العراقية والتي يحتفلُ بها الإعلاميون والصحفيون العراقيون في الخامس عشر من حزيران من كلِ عام ، إذ يمثل هذا التاريخ ذكرى صدور أول صحيفة عراقية هي " الزوراء " البغدادية في سنة 1869م .
لقد عانى الصحفي العراقي ومن عمل بالإعلام داخل العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولحد كتابة هذه السطور من الويلات والمآسي والملاحقة أو التنكيل والزج في غياهب السجون ما لم يعانيه غيره من الصحفيين في أي مكان في العالم ، حيث ضرب الصحفيون العراقيون الرقم القياسي في العالم من حيث عدد الشهداء والذي لم يثني من عزيمتهم للإستمرار في التصدي لأدوات وممارسات الأنظمة المُتلاحقة إلاّ ما ندر من الأيام والتي تنفس الصحفي فيها الصعداء بوجود بعض الفسح لنشر رأيه وعكس رأي المجتمع ومطاليب الشعب .
والصحفي هو فرد من أفرادِ المجتمعِ يتأثر ببيئته ويتغير بتغيره سلباً أم إيجاباً ، لذا من الطبيعي أن نجد بعض الصحفيين الذين إتخذوا من مهنتهم هذه وسيلة فقط لكسب المال وسخروا أقلامهم لِمن يدفع لهم أكثر أو لتمجيد القادة السياسين لكسب رضاهم ، لكن الغالبية العظمى منهم قد سلكوا مسلكاً آخراً وهو التصدي لإنحرافات الأنظمة المتعاقبة وكشف سلبياتها أما بشكلٍ مباشرٍ أو التنويه عنها خوفاً من الملاحقات والتصفيات الجسدية لهم . وكلنا نتذكر عندما كنّا نقرأ ما توفر من الصحف الرسمية التابعة للأنظمة والحكومات والشبه الرسمية الأخرى ، كنّا نشعر بأنّ كاتب الموضوع يريد إيصال بعض الرسائل ما بين السطور والتي تختلف في مدلولاتها ومعانيها عن ظاهر الموضوع الذي كتبَ عنهُ .
وقد إستلمت إيميل من أحد المواقع العراقية قبل أيام يشعرني الموقع فيه من أنّ نقابة الصحفيين العراقيين قد قررت وبالتنسيق مع أحد الصحفيين العراقيين على إقامة حفل كبير لإستذكار زملائهم المُغيبين !!! وبقية زملائهم الشهداء .
وكأصحاب قلم وعلى الرغمِ من عدم إنتماء البعض منّا الى هذه المهنة بشكلٍ رسمي ، إلا إننا مطالبين جميعاً بالوقوف مع هذه الشريحة المُثقفة والمواجهة لفوهة بندقية الأنظمة في كل ثانية والتي بيديها أيضاً خيوط تحريك الشارع للوقوف بوجه الفساد والدكتاتورية والطائفية وغير ذلك ، وذلك بمطالبة الحكومة العراقية وقادتها وأجهزتها البوليسية عن التوقف في ملاحقةِ وإختطافِ الصحفيين وتغييبهم والعودة الى الدستور والقوانين النافذة في إحقاق الحق إذا كان هنالك أي تجاوز لأي صحفي على حقوق من هم في مواقع المسؤولية ، وليس إختطافه أو قتله في وضح النهار بواسطة عناصر الأمن والتي غالباً ما تسجل ضد مجهول .
من المهم أيضاً التفكير بشكلٍ علمي وأكاديمي عن كيفية دعم وتهيئة الكادر الصحفي وتثبيت مسؤولياته وواجباته وحقوقه دستورياً ، لا أن توضع كلمة الصحافة في دستور الدولة لتكملة ( كليشة ) ما إطلق عليه بـ " حرية الرأي والصحافة " وما الى ذلك من رتوش ٍ وجُملٍ لتجميل واجهة الدساتير الغير قابلة للتطبيق .

Opinions