Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لا ننتظر من الحكام العرب اكثر من ان يكفوا شرورهم عنا

15/04/2009

شبكة اخبار نركال/NNN/نزار حيدر/
عرب مترو) تحاور نـزار حيدر، في حديث صحفي شيق:

*اقترح تنظيم مناظرة تلفزيونية بين الرئيسين طالباني والمالكي، للحديث امام العراقيين عن المؤاخذات الدستورية لاحدهما ازاء الاخر

* لقد اصر المالكي على الرئيس بوش، تضمين الاتفاقية الاستراتيجية ما يؤكد التزام واشنطن بالدفاع عن الديمقراطية في العراق، فكيف يحدث نفسه بان يكون ديكتاتورا جديدا؟

*اذا اردنا ان نتحدث عن محاولات اعادة الديكتاتورية الى العراق، فعلينا ان نتهم مجموعة الخمس اولا، والتي احتكرت كل شئ لنفسها

* لقد شاهد زعماء العراق الجديد مصير جرذ العوجة، فهل يعقل ان يفكر احدهم بالديكتاتورية ليواجه نفس المصير؟.

*اسباب عديدة تحول دون تكرار تجربة الديكتاتورية في العراق


مقدمة:
في حوار صحفي شيق، اجراه الزميل الاستاذ عباس النوري، صاحب امتياز ورئيس تحرير جريدة (عرب مترو) الالكترونية، اعتبر نــــزار حيدر، ان من مصلحة العراق ان يبذل المزيد من الجهد السياسي والديبلوماسي من اجل تطبيق بنود الاتفاقية الاستراتيجية التي وقعها مع الولايات المتحدة، نافيا ان يكون ما يجري الحديث بشانه عما يسمى بالمصالحة مع (حزب البعث) الثمن الذي يجب على العراق دفعه قبل الحديث عن تطبيق بنود هذه الاتفاقية.

ادناه نص الحوار، والذي تطرق فيه الحديث، كذلك، عن القمة العربية الاخيرة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، بالاضافة الى قضايا (المصالحة الوطنية) وتعويض المتضررين من سياسات النظام الشمولي البائد، وقضايا اخرى.

السؤال الاول:

كيف تقرا نتائج القمة العربية الاخيرة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة؟ خاصة ما يخص الشان العراقي؟.

الجواب:

في يوم انعقاد القمة، كنت قد تساءلت مع نفسي، ترى لو ان الله تعالى اراد في هذه اللحظة ان ينزل آية من القران الكريم على قمة الدوحة، فاية آية سيختار رب العزة؟.

استفتحت بالقران الكريم فخرجت لي الاية القرانية الكريمة، التي يقول فيها عز وجل؛ {بسم الله الرحمن الرحيم، واذا رايتهم تعجبك اجسامهم، وان يقولوا تسمع لقولهم، كانهم خشب مسندة، يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو، قاتلهم الله انى يؤفكون}.

حاولت مرة ثانية، فقد تكون نيتي في المرة الاولى غير صافية، على حد قول العراقيين، واذا بي مع الاية الكريمة؛ {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ذلك بانهم قوم لا يعقلون}.

لم يخيب ظني القادة العرب، فبعد اقل من (24) ساعة فقط صدقوا قول الله تعالى فيهم.

وهذه هي حال القمم العربية منذ ان بدات بالانعقاد (مايس 1946) ولحد الان، فهي لم تتخذ اي قرار يصب في مصلحة الشعوب العربية، وان كل قراراتها تصب في اتجاه تكريس التمزق العربي والتشتت على مختلف الاصعدة.

انها قمم الهزائم بامتياز.

فعندما عقدت اول قمة كان الهدف منها نصرة (القضية الفلسطينية) فاين هي الان هذه القضية، بالنسبة الى العام 1946؟ ومتى نصرت هذه القمم الشعب الفلسطيني الذي ظلت تتراجع قضيته الى ما نراه اليوم؟.

انها لم تنجح في حل اية مشكلة من مشاكل الشعوب العربية، ان على صعيد السياسة او الامن او الاقتصاد او التعليم او اي مجال آخر، والسبب واضح وبسيط للغاية، يتمثل في ان ارادات الانظمة العربية لا تعبر باي شكل من الاشكال عن ارادات الشعوب، بل انها تتقاطع معها في احيان كثيرة، ولذلك فان القمم لا تعبر عن ضمير الشعوب وانما تحاول في بعض الاحيان ان تعبر عن ارادة الحكام الذي تجاهلوا مصالح الشعوب فلم يعودوا يفكروا بها، لانهم جميعا استولوا على السلطة بطرق غير مشروعة، ومن دون اي تفويض من الشعوب.

انها قمم تكرس الشمولية والاستبداد والديكتاتورية، وهي نجحت في امر واحد فقط، يجب ان نذكره هنا حتى لا نظلم الحكام المجتمعون في الدوحة وفي غيرها، والامر الذي نجحت فيه هو وقوفها كالبنيان المرصوص تدافع عن نفسها اذا ما تعرضت الى الخطر، كما حدث للطاغية صدام حسين عندما هبت القمم العربية تدافع عنه بشكل مستميت، حتى اذا جاء دفاعها هذا على حساب كرامة الامة ومصالحها العليا.

كان هذا في الماضي القريب، واليوم تقف لتدافع عن البشير الذي يتعرض للتهديد، وهي بهذا لم تدافع عن العراق او عن السودان، وانما عن انظمة شمولية وعن حكام ديكتاتوريين مستبدين، وبالتالي عن نفسها، والا فلو كان دفاعها عن الشعوب العربية وعن دولهم، لبذلت جهدها لاقناع صدام بالامس والبشير اليوم للتنحي عن السلطة وتجنيب البلاد كل هذه الويلات والمآسي التي تسببت بها سياستهما، ولتمثلوا حديث رسول الله (ص) الذي يقول {انصر اخاك ظالما او مظلوما} بالاخذ على يديه والحيلولة دون تماديه في الظلم والطغيان والجبروت، ولكن، انى لهم بمثل هذه الخطوة وهم جميعا متورطون فيما تورط به صدام والبشير ومن لف لفهم، وقديما قيل (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر).

اما فيما يخص الشان العراقي، فانا اقول دائما، بان الشعب العراقي لا ينتظر خيرا من مثل هذه القمم، ولكنه يتمنى عليها ان تكف عنه شرها، فاذا كان الحكام العرب عاجزون عن تقديم الخير للعراقيين، فليكفوا على الاقل شرهم عنهم، وتلك هي اعظم خدمة تقدمها مثل هذه القمم الى الشعب العراقي النبيل الذي يحفر مستقبله الواعد باسنانه.

السؤال الثاني:

كثر اللغط الاعلامي عن التنافس بين الرئيسين طالباني والمالكي لحضور هذه القمة؟ من، برايكم، احق بالحضور؟ ولماذا هذا اللغط؟.

الجواب:

ليس في الموضوع احقية، بقدر ما هو اتفاق بين القادة العراقيين لتقرير من يحضر هذه القمة او تلك، ولذلك فلقد تنوع حضور القمم السابقة، فمرة حضرها الرئيس طالباني واخرى حضرها نائب الرئيس الدكتور عادل عبد المهدي، وثالثة حضرها رئيس الوزراء المالكي وهكذا.

وبرايي، فان كل هؤلاء القادة يمثلون العراق بامتياز عند حضورهم في اي اجتماع، اكان قمة ام لم يكن، اذ ان جميعهم منتخبون وجديرون بالتمثيل، على العكس من بقية الزعماء العرب الذين لا يمثلون الا انفسهم، لانهم استولوا على السلطة اما بانقلاب عسكري او ورثوا السلطة وراثة من دون تفويض من شعوبهم.

ولقد كان الزعماء العراقيين يتحدثون في المرات السابقة بهدوء مع انفسهم، للتوافق على من يمثل العراق، الا انه في هذه المرة، وللاسف الشديد، تناولوا القضية في الاعلام، فصدرت البيانات وتطايرت التصريحات التي تنبز بلقب هذا وتغمز باسم الاخر، وكأن صراعا خفيا خلف الكواليس تاججت ناره بين الرئاستين للفوز بالتمثيل، وهذا امر غير جيد وغير حميد، ما كان ينبغي لهم ان يتورطوا فيه، ولذلك فانا احمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء مسؤولية كل هذا اللغط الاعلامي الذي صاحب التمثيل في القمة العربية الاخيرة، وكلي امل في ان يترفع الزعماء في بغداد عن مثل هذه السفسفات والترهات، ليكونوا بمستوى المسؤولية التاريخية التي تحملوا مسؤوليتها، وليتذكروا بانهم اليوم في السلطة يتحملون ادارة بلد، وليسوا في المعارضة عندما كان شغلهم الشاغل ادارة الصراعات الداخلية التي لا طائل من ورائها.

ان مثل هذه الصراعات التافهة تبدد ضياء الانجازات العظيمة التي يحققها العراقيون، ان على صعيد الامن او على صعيد العملية السياسية، ولذلك لا ارى ان من حق احد من الزعماء ان يعبث بالمنجزات بهذه الطريقة الصبيانية.

كان من الاجدر بهم ان يحترموا الدستور الذي حدد صلاحيات الرئاسات، كما ان من الاجدر بهم ان يتفقوا على مثل هذه الامور بكل هدوء وروية بعيدا عن التقاذفات الاعلامية والبيانات التي كان يجب عليهم توفيرها للحديث عن منجز جديد او مشروع جديد، فماذا ينفع المواطن العراقي اذا حضر القمة زيد او عمرو؟ وكلنا نعلم علم اليقين بانه لا زيد ولا عمرو سيحمل من القمة اي شئ للعراق والعراقيين لنتخيل مثلا ان الصراع على الحضور والتمثيل، هو في جوهره صراع على انجاز ما يحاول كل واحد منهم ان يسجله باسمه، فاين المنجز في القمة ليتخاصم عليه الرؤساء؟ انه خصام على لاشئ، انها (عركة) على الفاضي، كما يقول المثل.

لقد افقد هذا السجال كلا الرئاستين هيبتهما عند المواطن العراقي، الذي نظر لهم خلال الايام القليلة الماضية بعين الريبة والاستصغار، وللاسف الشديد، كما صنعت منهم مادة اعلامية دسمة لوسائل الاعلام المعادية التي ترقص طربا لمثل هذه الخصومات الفارغة.

اتمنى على الجميع ان لا يكررها ابدا، وان لا يعيدوا الكرة ثانية.

السؤال الثالث:

هل ان ارجاع (حزب البعث) كان شرطا من قبل الانظمة العربية لقبول حضور المالكي؟ وهل ان غاية هذه الانظمة هو سحب العراق القريب من ايران ليقع في احضانها، مثلا؟.

الجواب:

ان قرار تسمية ممثل العراق في مثل هذه الاجتماعات، لا يتدخل فيه المضيفون ابدا، ولو ارادت القمم العربية ان ترتكب مثل هذا الخطا فعلى العراقيين ان ياخذوا على ايديها، فلا يسمحوا لاحد بان يتدخل في الشان الداخلي للعراق، ولذلك فانا ارفض مثل هذه الاحتمالات جملة وتفصيلا، فلا المالكي ولا غيره بحاجة الى ان يثبت حسن نية بهذه الطريقة السيئة ليقبل به القادة العرب ممثلا للعراق في القمة، فالعراق ليس متهالكا لحضور مثل هذه الاجتماعات التي تعودنا على خواء نتائجها وعدم جدوائيتها.

ان موضوعة عودة (حزب البعث) الى الحياة العامة لا يمكن ان تكون جائزة يقدمها القادة العراقيون من اجل حضور مثل هذه الاجتماعات، بعد ان اصبح هذا الحزب المنبوذ عند العراقيين جزءا من التاريخ، بل بعد ان رماه العراقيون في مزبلة التاريخ، غير ماسوف عليه، وهو الذي يتحمل كامل المسؤولية تجاه تدمير العراق وشعبه الابي، بل والمنطقة برمتها.

اما بشان محاولات الانظمة العربية جر العراق بعيدا عن ايران، فهذا حلم لا يتحقق، انه الكابوس الذي تعيشه الانظمة العربية، فالعراق الجديد لا يريد ان يقيم اية علاقة مع اي من دول الجوار على حساب العلاقة مع دول اخرى، فهو يسعى الى بناء علاقات متوازنة مع كل جيرانه، على اساس المصالح المشتركة والمتبادلة، وعلى اساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، اما ان تحاول او تشترط الانظمة العربية على العراق ان يقطع او يقلل من اندفاعه في العلاقة مع ايران قبل ان تمتن علاقاتها به، فهذا امر مرفوض جملة وتفسيلا لا يقبله العراق باي شكل من الاشكال، خاصة وان ايران كانت من اوائل الدول سواء في المنطقة او في العالم، التي بادرت الى الوقوف الى جانب العراق منذ سقوط الصنم والتغيير السياسي الذي حصل في العراق، فهي اول من بادر للاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي، وهي اول من اعادت فتح سفارتها في العراق، وهي اول من بعثت بكبار المسؤولين لزيارة العراق، وهي اول من ساهم في اعادة الاعمار والبناء لازالة آثار الخراب الذي خلفه النظام البائد، فيما لا زالت الانظمة العربية خائفة ومترددة في العلاقة مع العراق، وهي تحسب ان ذهابها الى العراق صك اعتبار تقدمه الى الحكومة العراقية، ناسية او متناسية بان العراقيين لا يحتاجون الى مثل هذه الصكوك ابدا، وانهم يناضلون اليوم لمحو آثار (الاحتلال) الذي شرعنه مجلس الامن الدولي بقرار عربي، ام انهم نسوا كل ذلك؟.

اذا اراد (العرب) ان يدخلوا العراق من اجل تحقيق المصالح المشتركة للشعوب العربية، فاهلا وسهلا، ولياتوا البيوت من ابوابها، ولكن من دون شروط مسبقة، ومن دون اية املاءات على العراقيين، والا فالباب تسع جملا، كما يقول المثل.

السؤال الرابع:

بدا الشارع العراقي، وبالخصوص الذين ظلموا على يد النظام البائد، يتحركون لترتيب امورهم بشكل علني وسري، خوفا من عودة (حزب البعث).

هل تعتقد بان العراقيين فقدوا الثقة بحزب الدعوة، جناح المالكي؟ وهل اضر المالكي بسمعة حزب الدعوة بشكل عام؟.

الجواب:

لا اعتقد ان من حق احد ان يزايد على عداوة المالكي وحزب الدعوة لـ (حزب البعث) وكلنا يعرف جيدا بانهما (المالكي وحزبه) كانا من اكثر المتضررين من سياسات النظام البائد والحزب المنحل.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان المالكي لم يتحدث في موضوع (حزب البعث) بكل هذه الصورة السئية التي حاول الاعلام ان يقدمها ويسوقها للمتلقي.

اعتقد بان السيد المالكي خانه الاعلام بعد ان خانه التعبير، فانظلقت مختلف وسائل الاعلام الطائفية المعادية للعراق وللعراقيين، لتقلب الحقيقة وتحرف طريقة فهم حديثه بالصورة التي تابعناها، والتي اساءت كثيرا للمالكي ولحزب الدعوة، لولا ان تداركها مكتبه الاعلامي فاصدر التوضيح الرزين الذي نشر في وسائل الاعلام.

واذا اراد العراقيون ان يرتبوا امورهم خوفا من عودة (حزب البعث) على حد تعبير السؤال، فان ذلك لا يمكن ان يكون، ويجب ان لا يكون، الا من خلال العمل الجاد للحيلولة دون عودة الحزب للحياة العامة، من خلال الحضور الجماهيري الفاعل في الساحة، ان من خلال النقد والرفض او من خلال التظاهر والاعتصام السلمي، لافهام الحكومة وكل القادة والزعماء، بان هذا الموضوع خط احمر لا يجوز لاحد تجاوزه والتلاعب بمشاعر العراقيين الذين تضرروا من هذا الحزب اللعين ونظامه المهترئ.

على العراقيين ان يثيروا الشارع والمرجعيات والاحزاب والسلطات المحلية والاعلام ومنظمات المجتمع المدني وكل شئ ضد مثل هذه الخطوة الخطيرة، فتحصين العراق من (عودة حزب البعث) لا تكون بالتفكير الاحادي او الاناني، او بالهروب والانزواء، وانما من خلال العمل الجمعي، لان العودة تضر بالجميع وبالبلد كذلك.

حقا انها من سخرية القدر ان نعود لنتحدث عن هذا الموضوع واحتمالاته ومخاطره، وشوارع العراق وازقته لم تجف بها بعد دماء العراقيين، وان السجون والمعتقلات لم تمحى منها بعد آثار الضحايا، وان العوائل لم تعثر بعد على جثث ضحاياها لا في المقابر الجماعية ولا في السجون والمعتقلات، وان العراق لم يتعافى بعد من سياسات النظام البائد، التي دمرت اقتصاده وبناه التحتية وكل شئ.

السؤال الخامس:

انا وانت من المتضررين من (حزب البعث) ولقد دفعنا مع بيقة العراقيين، ثمنا كبيرا في النضال ضد النظام البائد.

هل توافق شخصيا على عودة (حزب البعث) ولو تحت مسمى مختلف؟.

الجواب:

شخصيا، فانا لا استطيع ان احلم بعودة (حزب البعث) الى الحياة العامة، وهو ليس حلما وانما كابوس يؤرقني خوفا على العراق والاجيال القادمة التي من الله تعالى عليها بسقوط النظام البائد والحزب الحاكم، فان ذلك بالنسبة لي بمثابة الخيانة العظمى لكل تاريخ الجهاد والنضال والتضحيات التي قدمها العراقيون طوال نيف وثلاثين عاما عجافا حكم فيها هذا الحزب في بغداد.

انها شر البلية التي تضحك الثكلى اذا ما تحققت على الارض.

ان (حزب البعث) فكر شوفيني استبدادي عنصري لا يجوز ان يعود يمارس نشاطه في الحياة العامة، وتحت اي مسمى كان، فهو ليس اشخاصا او اسماءا وشعارات لنتصور ان بالامكان استبدالها، بل انه فكر وممارسة لا يمكن ان يستبدل بالصورة وبالمسميات ابدا، فان ذلك يشبه الى حد بعيد استبدال الحية لجلدها، فهل سيتغير من واقعها شيئا اذا استبدلت جلدها؟ بالتاكيد كلا، وكذلك الحال بالنسبة الى (حزب البعث) لا يمكن له ان يستبدل اسماءه ومسمياته، لان حقيقته وماهيته وجوهره ستبقى كما هي لن تتبدل.

ان التفكير بهذه الطريقة استخفاف بكل شئ، بدماء الشهداء وبالعراق وشعبه، وبالسجناء وتضحياتهم، وباطفالنا وامهاتهم، وبالارامل والايتام، وبكل شئ، ولذلك لا يمكن ان يفكر بهذه الطريقة الا كل منحرف في الفكر غير سوي.

ان التفكير بهذه الطريقة، وكأن الضحية يدعو الجلاد لنحره مرة اخرى، فمن ياترى، يمكن ان يفكر بهذه الطريقة المخبولة؟.

هل يعقل ان نفكر مرة اخرى بتمكين (حزب البعث) من رقابنا؟ وهل يعقل ان نتغافل عن الماضي القريب لنعيد الجلاد الى حياتنا ممسكا بسكينه ليذبحنا ويقتلنا مرة اخرى؟ اعطني منجزا واحدا حققه هذا الحزب للشعب العراقي لنقنع الناس بامكانية اعادته الى الحياة العامة، افهل نسينا حروبه العبثية وسياسات التدمير المنظم التي مارسها ضد الشعب في الانفال وحلبجة والمقابر الجماعية وفي المطامير وفي قعر السجون؟ ام هل نسينا مطارداته البوليسية القمعية للاحرار والحرائر واغتياله للعشرات منهم في عدد من دول العالم، منها العاصمة اللبنانية بيروت كما حصل للشهيد السيد حسن الشيرازي والعاصمة السودانية الخرطوم كما حصل للشهيد السيد مهدي الحكيم والكويت كما حصل للسيد رحيم الشوكي والعاصمة الايطالية روما كما حصل للشهيد ابو محمد حبش، وغيرها الكثير جدا.

السؤال السادس:

السياسة الدولية تفرض، احيانا، العلاقات حتى مع الاعداء، من اجل مصالح مشتركة، وهذا ما لا نختلف عليه، ولكن، اوليس من الاولى ان تبدا المصالحة مع السواد الاعظم من العراقيين، ومع الفرقاء المشاركين في العملية السياسية ، ثم مع الاخرين؟.

الجواب:

اوافقك الراي فيما ذهبت اليه بالسؤال وبلا شروط.

ان مما يؤسف له حقا هو ان ضحايا النظام لما يعوضوا بعد بالرغم من مرور قرابة ستة اعوام على التغيير، اذا بنا نسمع عن المصالحة مع الجلاد او ايتامه.

برايي، فان الالتفات الى ايتام النظام البائد لا يمكن ان نتحدث بها قبل انصاف المظلومين والمتضررين منه.
كما ان من الاولى ان يتصالح فرقاء العملية السياسية فيما بينهم قبل ان ينشغلوا بمثل هذا الحديث، وقبل ان يخسروا كل شئ.

نعم، فان المصالحات مع (الاعداء) كما ورد في السؤال تكون من اجل مصالح عليا واهم، فماذا سيجني العراقيون من مثل هذه المصالحة؟ وما الذي يمكن ان يقدمه هؤلاء للعراق الجديد ليتصالح معهم العراقيون؟ وما هي المصلحة العليا التي تتحقق من وراء مثل هذه المصالحة؟ فبعد ان خسر هؤلاء كل شئ، وخسروا سمعتهم، ماذا عساهم ان يحققوا للعراقيين من مصالح عليا واهداف نبيلة؟ وهل عندهم من النبل شيئا ليقدموه للعراقيين؟.

بعد ذلك، فان كل من يعترف من ايتام النظام البائد بــ:

اولا؛ العملية السياسية الجديدة الجارية في البلاد.

ثانيا؛ الدستور كمرجع وحيد ينظم العلاقات بين العراقيين.

ثالثا؛ صندوق الاقتراع كاداة وحيدة لتداول السلطة، سواء في بغداد او في الاقاليم والمحافظات.

رابعا؛ نبذ العنف والارهاب كوسائل لفرض الاجندات السياسية.

فان من حقه ان يعود ليمارس النشاط العام، شريطة ان لا يعود كمنتم الى (حزب البعث) فاما ان يعود بصفته الشخصية او ناشطا في حزب جديد يتناقض كليا مع توجهات ومبادئ ومتبنيات (حزب البعث) هذا من جانب، ومن جانب آخر، ان لا يكون متورطا بدماء العراقيين، اي ان لا يحمل في رقبته مسؤولية دم مواطن، وان لا يتحمل وزر جريمة ارتكبها بحق العراقيين، والا فبيننا وبينه القضاء فقط.

السؤال السابع:

يقال ان الولايات المتحدة الاميركية هي التي ضغطت على حلفائها من الانظمة العربية للمساعدة في انجاح العملية السياسية الجديدة في العراق.

هل يعني هذا ان واشنطن صاحبة التاثير المباشر على قرارات الانظمة العربية؟.

الجواب:

وهل تشك في هذا الامر؟.

ان الانظمة العربية لم تات الى بغداد عن قناعة بالعملية السياسية الجديدة، وهي التي راهنت على الارهاب والعنف والقتل والتدمير لاسقاط التجربة، ولاعادة عقارب الساعة الى الوراء، بل تيقن من انه لولا الضغط الاميركي الذي مارسته الادارة الاميركية، خاصة ادارة الرئيس بوش، لما فكرت هذه الانظمة ان تطير الى بغداد ولو خجلا او لاسقاط واجب الطاعة لسيد البيت الابيض، الذي يعتبرونه ولي النعمة وولي السلطة في عواصمهم بلا منازع.

لقد يمم العالم شطره الى العراق، فهذه ايران وتلك تركيا، وقبلهما وبعدهما العديد من دول الشرق والغرب وآسيا وغيرها، كما ان الكثير جدا من المنظمات الدولية يممت شطرها الى بغداد، لقناعتها باهمية مساعدة العراقيين في تجربتهم الجديدة، الا الانظمة العربية التي تاخرت في الذهاب الى بغداد، من جانب، ولما ذهبت فهي لم تفكر في المكوث او في انجاز عمل ايجابي ابدا، انما للمرور على بغداد مرور (اللئام) في اغلب الاحيان.

ولذلك اقول واكرر، باننا، العراقيين، لا نريد من الانظمة العربية الا ان تكف شرها عن بلدنا وعن شعبنا الابي، وذلك هو اكمل المنى الذي نتطلع اليه، وبصراحة اقول، فان الانظمة العربية ليس عندها ما ينتفع به العراقيون، فلا نظام سياسي ناجح يمكن ان يفيدوننا به، لنستنسخه مثلا لبلدنا، ولا صناعة او زراعة او برامج تعليمية او اجتماعية مثلا، عندهم تفيدنا في بناء بلدنا، ولا حتى عقول خلاقة يمكن ان تساهم في بناء العراق.

ان العراق يمتلك كل شئ، فاذا وجد فيه الاستقرار والسلطة العادلة، لاكتفى بما يمتلك ليعيد بناء نفسه على اكمل وجه، طبعا بمساعدة وتعاون العراقيين المغتربين المنتشرين في كل بقاع العالم المتحضر، وكذلك بمساعدة وتعاون شعوب الارض المحبة للسلام والحرية والديمقراطية والتي تزخر بالعقول الخلاقة المستعدة لتقديم خبرتها وتجربتها للعراقيين.

السؤال الثامن:

هل سنشهد انسحابا اميركيا مفاجئا من العراق بسبب تصاعد وتيرة العنف مرة اخرى؟.

الجواب:

بالعكس، فان العنف اذا عاد الى الواجهة، لا سامح الله، فانه سيكون مبررا لقرار اميركي بتمديد بقاء القوات في العراق، ولذلك فاننا اليوم امام تحدي الملف الامني الذي يجب ان تبذل الحكومة العراقية اقصى جهودها للحيلولة دون تطور الخروقات الامنية من جديد.

لقد تحدث الرئيس الاميركي اوباما في اكثر من مناسبة، عن الملف العراقي واكد بانه سيقرر الانسحاب المسؤول من هناك، وهذا يعني بانه لا يفكر ابدا في انسحاب يترك وراءه فوضى جديدة وخروقا امنية خطيرة كما كان الحال في السابق، ولذلك فان واشنطن حريصة اشد الحرص على ان تترك العراق (عسكريا) وقد شهد استتبابا على الصعيد الامني على وجه التحديد.

ان ادارة الرئيس اوباما لا تنوي التسرع في قرار الانسحاب، بل انها حريصة على الالتزام بالمواعيد الزمنية المقررة والمثبتة في بنود الاتفاقية الاستراتيجية.

وبرايي، فان من مصلحة العراقيين ان يبذلوا المزيد من الجهد السياسي والديبلوماسي من اجل تنفيذ بنود هذه الاتفاقية، ففيها الكثير مما يمكن ان يساهم ويساعد العراقيين على اعادة بناء بلدهم واعمار ما خربته سياسات النظام الشمولي البائد.

السؤال التاسع:

برايك، هل يسعى المالكي لان يكون عبد الكريم قاسم ثان؟ ام انه يفكر في ان يكون ديكتاتورا جديدا؟.

الجواب:

في الحقيقة انا لا ارى مبررا لمثل هذا الحديث ابدا، فالعراق الجديد لا يمكن ان يحكمه ديكتاتورا، لاسباب كثيرة، واذا كان لنا ان نتحدث عن الديكتاتورية الجديدة، فيجب ان نكون منصفين فنتهم مجموعة الخمس بالديكتاتورية، وهي المجلس والدعوة والديمقراطي الكردستاني والاتحاد والحزب الاسلامي، فهي التي استحوذت على كل شئ، ووقفت مصطفة الى بعضها تحارب بقية الكتل والاحزاب، بمن فيهم المشاركون في العملية السياسية وعدد من الحلفاء.

فاذا كان المالكي يفكر في ان يكون ديكتاتورا جديدا، فالسبب لان بقية المجموعة هي التي ساعدته على ذلك وهي التي مكنته من ذلك، الم يوقعوا مع حزبه عشرات الوثائق والاتفاقيات والعهود؟ فاين اصبحت كلها اليوم؟ وماذا عدا مما بدا ليتحدث بعضهم عن ديكتاتورية المالكي؟.

لماذا تركوه وشانه ليفكر في ان يكون ديكتاتورا على حد زعمهم؟ لماذا لم يحاججوه باتفاقياتهم؟ لماذا لم يحاصروه بالمجلس التنفيذي والسياسي والرئاسي والعشرات من هذه الاسماء والمسميات التي يسخرون منها اليوم، هم انفسهم، عندما يتحدثون عن ديكتاتورية المالكي؟.

اوليس بين الفرقاء، وبين الرئاسات، الدستور؟ فلماذا لا يتم تفعيله لضبط ايقاعات المالكي اذا كانوا يرون فيها نزوعا الى الديكتاتورية؟.

لماذا لا يفعلون مجلس القضاء الاعلى، والذي مهمته فض النزاعات التي تحدث بين الرئاسات؟ وانى لهم ذلك بعد ان سيسته مجموعة الخمس؟.

ولماذا لا يفعلون الدور الرقابي لمجلس النواب؟ وهي من صلب مهامه؟ وانى لهم ذلك بعد ان افرغوه من محتواه بالمحاصصة وبالتوافقات بين الكبار، حتى تحول المجلس الى تابع لسياسات الخمس الكبار، ينتظر ما يقررونه ليقرر، تاليا، ما اذا كان سيمرر القانون ام لا؟.

لماذا يتعمدون توزيع الابتسامات العريضة للمشاهدين بعد كل اجتماع او وجبة طعام دسمة، ليفاجؤونه بحرب البيانات بعد اقل من ساعة على الاجتماع او وجبة الطعام؟.

لقد اطلعت من خبراء ساهموا في صياغة بنود الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين واشنطن وبغداد، بان المالكي كان قد اصر كثيرا على الرئيس بوش لاقناعه بوجوب ان تتضمن الاتفاقية نصا واضحا وصريحا يتحدث عن التزام الولايات المتحدة الاميركية بالدفاع عن الديمقراطية في العراق ضد اية مخاطر داخلية او خارجية محتملة، وكما نعلم جميعا، فان الديكتاتورية اكبر خطر داخلي يهدد هذه الديمقراطية، ما يعني امكانية ان تتدخل الولايات المتحدة لصدها وايقافها عند حدها، طبقا لبنود الاتفاقية، ما يعني، بعبارة اخرى، ان تتكرر تجربة الطاغية الذليل، وعلى الطريقة الاميركية، مع من يفكر بالعبث بالديمقراطية، فهل يعقل ان يفكر المالكي بهذه الطريقة ليورط نفسه مع الاميركان؟.

وقبل كل ذلك، ففي العراق دستور يحمي الديمقراطية، وبرلمان يحمي النظام السياسي، وفرقاء اقوياء يراقبون المنحى (الديكتاتوري) اذا ما بدا ينمو عند اي كان من الزعماء، ومرجعيات واعية وفاعلة تراقب الوضع عن كثب، وهي جاهزة للتدخل السريع اذا ما شعرت بالخطر يتهدد الديموقراطية، وصندوق الاقتراع جاهز لمعاقبة المتمادي، فكيف يمكن ان نتصور بروز ظواهر لديكتاتورية جديدة مرة اخرى؟ خاصة وان العراقيين اكتووا بنيرانها بشكل مرعب وخطير، كان ثمن تحديهم لها انهار من الدماء وملايين الضحايا، ودمار شامل، ولكل ذلك لا استطيع ان اتصور امكانية ان يفكر احد من القادة او يحدث نفسه بصناعة ديكتاتور، من نفسه او من غيره، مرة اخرى.

ومن اجل ان يطلع العراقيون عن حقيقة الخلافات القائمة بين الزعماء، ومن اجل تنوير الراي العام العراقي، لننتظر منهم موقفا ايجابيا من كل ذلك، ومن اجل تقنين الخلاف وعدم تركه يتسرب للاعلام بطريقة عشوائية سيئة غير هادفة وغير مسيطر عليها، اقترح تنظيم مناظرة تلفزيونية بين الرئيسين جلال طالباني ونوري المالكي، ليتحدثا امام العراقيين عن المؤاخذات الدستورية لاحدهما ازاء الاخر.

انا اربا في الحديث بهذه الطريقة، لا عن المالكي ولا عن غيره، فالقادة في بغداد هم اكثر من اكتوى بنيران الديكتاتور فكيف نتصور انهم يفكرون بنفس الطريقة، وهي التي انزلت الطاغية الذليل صدام حسين في بالوعة كالجرذ المرعوب، فهل يعقل ان يفكر احدهم بنفس الطريقة، وكانه يتمنى مصير جرذ العوجة؟ لا اتصور ذلك ابدا.

السؤال العاشر والاخير:

ما هو رايك بجريدة (عرب مترو) بالرغم من عمرها الاعلامي القصير؟.

الجواب:

لا زلت اتابع الجريدة منذ اطلالتها في الشبكة العنكبوتية، ولقد رايت فيها:

اولا؛ المهنية العالية.

ثانيا؛ المتابعة السريعة.

ثالثا؛ الالتزام الاخلاقي.

ولذلك اقول، بانها اضافت، وبجدارة، شيئا ملفتا للنظر الى الاعلام العراقي الحر والملتزم والمهني، من اجل خدمة العراق الجديد.

اسال الله تعالى التوفيق والسداد لكل العاملين بجد واخلاص من اجل خدمة العراق وشعبه الابي الصابر المثابر.

ختاما:

اود ان اقدم شكري الجزيل للاخ الاستاذ عباس النوري لاتاحته لي هذه الفرصة الذهبية لاطل بها على القراء الكرام.

كما اشكره جزيل الشكر لتفضله بنشر المواد المرسلة له على صفحات الجريدة.

على امل التواصل المستمر.

والحمد لله رب العالمين.

1 نيسان 2009


Opinions