لا يليق بأقليم كوردستان إهمال وتهميش حقوق الشعب الكلداني والدستور مثالاً
الشعب الكلداني يعتبر مكوناً اساسياً من الشعب المسيحي في العراق وفي اقليم كوردستان الى جانب اخوانه من السريان والآشوريين والأرمن ، ويشترك مع السريان والآشوريين بمقومات لغوية وثقافية واجتماعية . لقد علمتنا اجواء الحرية في اقليم كوردستان على الصراحة والمكاشفة والكتابة بحرية ، فإن لاحظنا عملاً ايجابياً او إنجازاً عمرانياً قيمناه وأشرنا اليه بالبنان وهذا ينطبق على رأينا في العلمية السياسية والتداول الديمقراطي السلس للسلطة السياسية والتي تنجم عن العملية الأنتخابات الديمقراطية في اقليم كوردستان ، والى جانب هذه الحالة فإن ملاحظة مسألة او حالة سلبية فنحن نزاول منظومة النقد البناء وبشكل صريح وهدفنا هو التصحيح والبناء ليس إلا .
ومن هذه الأرضية نكتب ونقول ان حقوق الكلدان ليست على ما يرام في اقليم كوردستان وهذا الغبن لا يلائم مع ما يساهم به الشعب الكلداني في علمليات البناء ، وما قدمه من تضحيات الى جانب شقيقه الشعب الكوردي في سنين الكفاح المسلح الذي تبلور بشكل واضح بعد ثورة ايلول سنة 1961 وما بعدها ومحطات القتال والتضحية كثيرة وقد أشرت اليها في الفصل السابع عشر من كتابي الموسوم : " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " والذي طبع مؤخراً في اربيل من قبل دار آراس للطباعة والنشر .
ينبغي ان نعترف بأن اقليم كوردستان قد استقبل المكونات الدينية غير الإسلامية ( المسيحيين والمندائيين ) التي طالتها العمليات الإرهابية من تشريد وقتل وتهديد في مدن العراق ، وقد وجدت هذه المكونات الملاذ الآمن في اقليم كوردستان ، بل كان التعامل معهم بلغة المواطن من الدرجة الأولى ، ولكن من ناحية الحقوق السياسية والقومية كان هنالك غبن وإجحاف واضح بحق الكلدان ، وقد أشرنا الى ذلك خلال مقالاتنا كما اشرنا الى الحقوق المهضومة للكلدان من خلال مقابلاتنا للمسؤولين في اقليم كوردستان كوفود او كأفراد .
في سنة 2009 اشتركت بوفد كلداني كبير قادماً من اميركا ، وقابلنا الرئيس مسعود البارزاني وكان الوفد متكون من عشرة اعضاء في مقدمتهم المطرانين الجليلين مار ابراهيم ابراهيم ومار سرهد جمو . ومع نفس الوفد قابلنا الأستاذ فاضل الميراني ، وفي كل المقابلات كان الثناء على العلاقات الأخوية الكوردية مع المسيحيين بشكل عام ومع الشعب الكلداني بشكل خاص . في المقابلة مع الرئيس مسعود البارزاني اكد سيادته للوفد ان ذكر القومية الكلدانية في الدستور الكوردستاني سوف يكون واضحاً وصريحاً وكما هو مدرج في مواد دستور العراق الأتحادي وليس خلافاً له .
لكن الذي حدث ان الأمور تغيرت بين ليلة وضحاها ، فبدلاً من الألتزام بمواد دستور العراق الأتحادي وكذلك بما وعد به الرئيس مسعود البارزاني للوفد الكلداني خلال مقابلتنا له ، وكذلك حسب المذكرة التي رفعها الأساقفة الكلدان والبطريرك الكلداني مار عما نوئيل دلي في وقتها وعلى هامش السنودس الكلداني المنعقد في عنكاوا في اوائل أيار عام 2009 ، والمطالبة بإدراج التسمية الكلدانية بشكل مستقل وكما هو مدرج في الدستور العراقي ، برغم كل ذلك فقد جرى تغيير المادة ورفعت التسمية الكلدانية لشعب عريق وبدلت بتسمية سياسية كانت من إخراج الأحزاب السياسية القومية ، وهي تسمية مركبة لا تدل على شعب يحترم نفسه وتاريخه وليس لها مثيل في اثنوغرافية شعوب الأرض قاطبة .
اليوم يدور الحديث حول الدستور الكوردستاني بين الحكومة والمعارضة وحول الأستفتاء المزمع إجراءه وذلك بعرض مسودة الدستور الى الشعب مباشرة للمصادقة عليه . ورغم تاييدنا لقرار العودة الى الشعب في شأن مهم كوثيقة الدستور ، فإن عرضه بهذا الشكل على الأستفتاء سيشكل غبناً وإجحافاً بحق الكلدان ، وعليه نرى تعديل المادة الخاصة بذكر القوميات ووضع اسم القومية الكلدانية بشكل لائق وكما هو مدرج في الدستور العراقي وبعد ذلك عرضه على عموم الشعب للأستفتاء عليه ، فلا يليق كما قلت في بداية المقال ان يطال الغبن والأجحاف الشعب الكلداني وهو شريك الشعب الكردي في سنوات وعقود النضال المسلح .
إن حقوق الكلدان ليست على ما يرام في اقليم كوردستان ، والدليل ان القوى السياسية الكلدانية التي لها مقرات في كوردستان سوف لا تتمكن من الأشتراك في الأنتخابات القادمة في كوردستان إن كانت انتخابات برلمانية او انتخابات مجالس المحافظات ، والسبب هو افتقار الأحزاب والمنظمات الكلدانية الى المال ، فإن كنا جميعاً مسيحيين ، وإن كان الأقليم يعطي حصة للمسيحيين ، لماذا لا يصل شيئاً للاحزاب والمنظمات الكلدانية ، لماذا تبقى عاجزة اليوم عن الأشتراك في الأنتخابات بسبب اافتقارها الى المال ؟ بينما الأحزاب الآشورية متخمة بالمال وتشترك في الأنتخابات وتصرف على الدعاية الأنتخابية ولهم باع طويل في الأعلام وفي مقدمة ذلك تأتي فضائية عشتار ، وهكذا إن أرادت قيادة الأقليم ان تنصف الشعب الكلداني كبقية المكونات فأنها مطالبة :
اولاً : إدراج اسم القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني وكما هو مدون في دستور العراق الأتحادي الذي جرى التصويت عليه عبر استفتاء شعبي عام ، وإن يكون هذا الأدراج قبل عملية طرح الدستور للاستفتاء .
ثانياً : منح الكلدان كوتا قومية ، اسوة بما منحت للاخوة الأرمن ، فنحن الكلدان قد جردنا في اقليم كوردستان من اية امكانيات إعلامية او مالية ولا نستطيع منافسة من يملكون بأيديهم كل تلك الأمكانيات فذهبت مقاعد الكوتا لأصحاب تلك الأمكانيات وهذا غبن حقيقي بحق الكلدان
ثالثاً : منح الكلدان حصتهم من الثورة العراقية ، إنهم عراقيون مثل العرب والأكراد والتركمان والآشورين والسريان والأرمن وغيرهم فلماذا يحرم الكلدان من حصتهم من الثروة العراقية ؟ لماذا يعاملون وكأنهم اتباع لمكونات أخرى ؟ ولتحقيق العدالة والمساواة في اقليم كوردستان يترتب على قيادة الأقليم ان تقف على مسافة واحدة من هذه المكونات .
نحن الكلدان لسنا ضد منح كافة الحقوق للاشوريين والسريان والأرمن والتركمان والشبك والأيزيدية وكل المكونات الدينية والقومية في أقليم كوردستان ، لكن نحن نطالب بحقوقنا كشعب كلداني ومكون عراقي أصيل . فالعدالة والمساواة ينبغي ان تشملنا كما تشمل بقية المكونات . نحن أبناء هذا الوطن وينبغي النظر الينا بمفاهيم المواطن من الدرجة الأولى ، نحن الكلدان لنا شخصيتنا وكرامتنا وخصوصيتنا وينبغي على الجميع احترام هذه الخصوصية إن كان في اقليم كوردستان او في عموم العراق .
د. حبيب تومي / اوسلو في 31 / 06 / 13
habeebtomi@yahoo.no