لاجئان سوريان يقيمان حفل زواجهما داخل مخيم في كردستان العراق
أحيا عروسان من أكراد سوريا حفل زفافهما في إحدى زوايا مخيم كوروكوسك للاجئين السوريين في إقليم كردستان العراق، في أجواء احتفالية عفوية حضرها العديد من الأطفال.
وعلى الرغم من أن المخيم شهد 15 زواجا، فإن هذه هي المرة الأولى التي ينظم فيها حفل زفاف بحضور مغنين وبالمراسم التقليدية. وأقيم الحفل على أرض ترابية حيث خصص للعروسين مقعدان، وأعد المكان على عجل بما يؤدي إلى إخفاء السياج الحديدي للمخيم. وبدا العروسان سعيدين لدخولهما الحياة الزوجية واستمتعا بأغان أداها مطربون من الشباب، فيما أدى المحتفلون رقصات الدبكة الكردية.
وارتدى العريس، ويدعى جفان خالد (23 عاما)، بدلة العرس التقليدية ذات اللون الأسود، فيما ارتدت العروس بدلة بيضاء. وقال خالد لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العروس قريبتي، وتزوجنا في غياب والدينا نحن الاثنين». وأضاف «لا تزال أسرنا تعيش في مدينة القامشلي ولم ينزحوا معنا. لكن مع هذا نحن قررنا الزواج، وطلبت يدها من أشقائنا الذين يعيشون هم أيضا في المخيم». وتابع «نحن مجبرون على أن نقيم حفل زفافنا هنا لأنه لا يوجد لدينا مكان آخر. ونحن سعداء لأن أغلبية سكان المخيم اليوم يشاركوننا الحفل». وتابع «لم نرسل بطاقات الدعوة كما هو متبع في هذه المناسبات، وإنما دعونا أهلنا وجاء الآخرون من تلقاء أنفسهم، ونحن سعداء لمشاركتهم لنا».
وعلى الرغم من بساطة المكان وحفل الزفاف أيضا، فإن المراسم لم تخل من العادات والتقاليد المتبعة خصوصا لجهة توزيع الحلويات، حسب الإمكانيات، على الحاضرين، وإهداء المصوغات الذهبية للعروس. وبدت السعادة على وجه العروس التي لم تخف مع ذلك حزنها لأنها لم تحظ بعرس طبيعي في بلادها.
وقالت شيخا خالد (18 عاما) «كل ما كنت أتمناه أن يجري زفافنا في مكان آخر غير المخيم». وأضافت «كنت أحب أن نقيم حفل زفافنا في قاعة أو مكان أوسع، وبحضور العديد من الأقرباء، لكن الآن نحن مجبرون على إقامة حفل زواجنا هنا حيث نعيش كلاجئين ولا نعرف متى سنعود أو هل سيطول بقاؤنا هنا أم لا. ولهذا قررنا الزواج».
ويقيم نحو 13975 لاجئا سوريا كرديا داخل مخيم كوروكوسك الذي يقع على بعد نحو 30 كم غرب مدينة أربيل (350 كم شمال بغداد)، عاصمة إقليم كردستان العراق. وشيد هذا المخيم عقب موجة النزوح الجماعي للاجئين السوريين التي شهدتها المنطقة في منتصف أغسطس (آب) الماضي، حيث وصله في البداية نحو خمسة آلاف شخص قبل أن يتضاعف العدد مع مجيء لاجئين أتى معظمهم من حلب والقامشلي ودمشق، وفقا لإدارة المخيم.
وأعلنت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حينها أن أكثر من 30 ألف سوري دخلوا العراق خلال أيام هربا من المعارك التي اندلعت بين المسلحين الأكراد والمعارضين الموالين لتنظيم القاعدة، في إحدى أكبر عمليات اللجوء السوري منذ بدء النزاع في مارس (آذار) 2011. وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فإن محافظات إقليم كردستان الثلاث تستقبل حاليا أكثر من 185 ألف لاجئ سوري.
ويقول عبد الله علي، المؤذن داخل المخيم، إن «هذا أول حفل زفاف يقام بهذا الشكل بحضور مغنين ولباس العروسين التقليدي». لكنه أشار إلى أن المخيم شهد 15 زواجا من دون حفلات باستثناء عقد قران رجل دين. ولا توثق عقود الزواج رسميا في الوقت الحالي، ويجري الاكتفاء بعقد رجل الدين، وتأجيل الأمور الرسمية لحين العودة إلى سوريا.
وشارك عدد من سكان المخيم في حفل الزفاف، وانضم القسم الأكبر منهم إلى الحفل بملابس عادية غير تلك التي اعتادوا ارتداءها في مثل هذه المناسبات. وتقول المواطنة أم محمد (33 عاما) وقد بدت سعيدة وهي تردد الأغاني الوطنية «نحن مخنوقون في المخيم، ورأينا أن هذا العرس مناسبة جيدة لنغير الجو ونريح أعصابنا». وأضافت «استمتعنا بمشاهدة هذه الدبكة وهذين العروسين اللذين يستعدان لدخول الحياة الزوجية».
بدورها، قالت سيدة أخرى تدعى روزين أحمد (37 عاما) «صحيح نحن اليوم سعداء لكنها فرحة ناقصة لأننا كنا نتمنى أن نقيم هذا العرس على أرضنا في سوريا».