لافتة الحياة على طريق جميع الأمم المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر
إنها امنية الإنسان ونزعته الطبيعية المحافظة على وجوده وحب ذاته والتخوف غريزياً من كل ما يهدد بقاءه على هذه الأرض . وليس هناك أمرؤٌ لا يحب السلام والطمأنينة لنفسه ، كما ليس من لا يعيش متأملاً في هذه الدنيا ، مهما شذَّ في طبيعته الإنسانية ، ومهما كان عاقاً ومتمرداً . فالسلام والرجاء الصالح ، ليسا محض رمز لإيمان عند شعوب معنية أو شعار يرفع لتزيين مناسبة دينية عندهم ، بالرغم من كونهما ترنيمة الملائكة عند ولادة السيد المسيح ( له المجد ) كبشرى لإيصال رسالة السماء الى بني البشر ، تبشر بمجيء المخلص ، بحسب المعتقد المسيحي .تُعدُّ هذه الترنيمة الملائكية دعوة تتجلى فيها كل ما يجب أن يتحلى به الإنسان من الإستقامة والصلاح لكي يعيش آمناً فرحاً مستقراً .
إن عبارة المجد لله في العلى ، تعني أن العظمة والسمو هي للخالق فقط ولا تليق بالإنسان الذي يطلبها تكبراً واستعلاءاً . وهذا تذكير للإنسان بمعرفة حجمه ونفسه أمام عظمة العرش السماوي .
وأما تعميم السلام على الأرض ، يعني الموت لمشعلي الحروب ولمن يهدد سلامة الإنسان ويسلب حقه في الحياة ، وكذلك يعني الموت لمن يهدم ما يبنيه الإنسان صالحاً على الأرض ، ويعني الموت للإرهاب وأدواته والمبشرين به ومروجيه ، والموت للإستعباد والمستعبِدين وحاملي الكراهية لبني البشر ، ولكل من يصنع من ماضيه ذرائعاً لتدمير الحاضر، ويصنع من حاضره أتون لحرق المستقبل ، ويعني الموت لمن يرفع رايات ملطخة بالدم على طريق الركب العالمي السائر الى أمام كما تتطلب سنة الحياة .
أما الرجاء الصالح لبني البشر هو أمنية كل انسان وهو ما يرنو اليه في حياته اليومية ، حيث يبقى الفرد مغترباً من محيطه ومن ذاته ، إذا لم يتعلق بالرجاء الذي يُمكِّنُه من مواصلة العيش . فالرجاء الصالح هو المستقبل الذي يسعى الإنسان اليه ويهبه كل ما عنده من قدرة ، لكي ينتقل في حياته من مرحلة الى أخرى أفضل منها . فهذا هو الأمل الذي يتعلق به الفرد ويتخذ منه سلم الإرتقاء بمستوى حياته نحو الأحسن والأفضل ، منتقلاً من طور الى آخر في عملية تطوره التاريخية المستندة على مدى تمتع الإنسان بحريته وأمنه وسلامة حياته وديمومة رجائه .