للمحرضين ، لا تخافوا على كنيسة المسيح الكلدانية
في الفترة الأخيرة استخدم بعض الكتّاب اللهجة التحريضية البائسة ضد الكنيسة الكلدانية ، منوهين الى احتمالية انشقاق الآثوريين الذين يمارسون ايمانهم المسيحي الكاثوليكي مع الكلدانيين الكاثوليك من الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، هذا ما يطالعنا به بين حين وآخر بعض المتملقين والمنتشين بلذة ظهورهم على شاشات القنوات الاشورية .الغريب في تفكير هؤلاء المحرضين هو اعتقادهم ان عقيدة الإيمان بالمذهب الكاثوليكي عند الاخوة الاثوريين هي ليست من اجل خلاص نفوسهم الأبدي ولإعتقادهم الراسخ بأنه الإيمان المسيحي القويم بل وكما يعتقد هؤلاء المحرضين هو من اجل تدمير الهوية القومية الكلدانية ّ.
المشكلة المتأصلة في تفكير البعض هي انهم لا يفرقون بين الدين والقومية ، يجهلون ان الكاثوليكي سواء كان كلداني او اثوري او سرياني او باكستاني او فرنسي او من أي جنسية كانت ، إذا مارس ايمانه الكاثوليكي في أي كنيسة كاثوليكية كانت لا ينظر او يهتم بجنسية اصحاب تلك الكنيسة ، فعلى سبيل المثال ، هناك عائلة كلدانية كاثوليكية تعيش بعيدآ جغرافيآ عن الكنيسة الكلدانية ، فلجأت الى الكنيسة الكاثوليكية المارونية اللبنانية لكي تمارس ايمانها المسيحي الكاثوليكي ، سواء في حضور القداس الإلهي او ممارسة الطقوس الأخرى وحتى المشاركة في دفع الاشتراكات السنوية ، فهل معنى هذا ان تلك العائلة الكلدانية قد انسلخت من كلدانيتها واصبحت مارونية او لبنانية مع احترامي وافتخاري بالشعب الماروني وبلبنان ، أو هل ارتباط هذه العائلة الكلدانية بتلك الكنيسة المارونية متوقف على تصريحات المسؤول الماروني السيد سمير جعجع مثلآ او على تصريحات ومواقف البطريرك الماروني مار نصرالله صفير ، أو مثلآ ، إذا جمعتني الصدفة وحضرت القداس الإلهي في الكنيسة الكاثوليكية التابعة للآثوريين ، فهل هذا يعني انني انسلخت من كلدانيتي واصبحت اثوريآ ، كذلك الآثوري عندما يمارس ايمانه الكاثوليكي في الكنيسة الكاثوليكية التي للكلدان فإنما يمارس ايمانه المسيحي من دون ان ينسلخ من آثوريته ، ومن دون أن يهتم بما يعتقده اصحاب تلك الكنيسة من معتقدات سياسية او قومية التي لا علاقة لها بجوهر وطبيعة الإيمان الكاثوليكي والتي لا تؤثر على الإيمان المسيحي لأي شخص او طائفة او ملة أو قومية تمارس ايمانها من خلالها .
ان اللهجة التحريضية التي ينتهجها بعض المتمردين والمتزعزعين قوميآ وايمانيآ ضد الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية إنما توحي ضمنيآ بأن الحرب التي تُشَن من قبلهم وبتخطيط وتوجيه من اسيادهم ضد هوية الكلدان القومية ليست إلا مجرد غطاء للتمويه والخداع ولكن الحقيقة المدفونة تحت الغطاء هي الحرب المذهبية ضد المذهب الكاثوليكي بدليل تحريضهم للأثوريين والمتأشورين على الانشقاق من الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية فحسب ، أما الى اين يتوجهون والى اية كنيسة ينضمون ، فهذا ليس مهم عند هؤلاء المحرضين بدليل انهم لم يحددوا الوجهة التي يجب ان يسلكوها هؤلاء المنشقين ، لأن الهدف الأول والأهم عندهم هو انشقاقهم من الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية لا غير .
ان مهمة خلق الفتن ونشر البلبلة والتحريض ضد الكنيسة الكاثوليكية كانت قد اوكلت الى بعض الخدم المتأشورين وبعض المتملقين و المتذبذبين ايمانيآ وقوميآ ، غير ان القس الآشوري عمانوئيل يوخنا لم يتحمل ضغط حقده المتراكم في داخله تجاه الكرسي الرسولي او الكرسي البابوي الكاثوليكي وتجاه الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ورموزها الأجلاء ، فنزل بنفسه وبكامل عدته وعتاده لينفث ما بنفسه من السوء ليعلن وهو على دراية تامة بحسب ادعاءه بأن الآشوريين الايرانيين الذين يمارسون ايمانهم الكاثوليكي في الكنيسة الكلدانية في الولايات المتحدة هم على وشك الخروج من الكنيسة الكلدانية إذا الأخيرة لم ترضخ بقبول تسمية قطارية يخجل الجميع واولهم القس عمانوئيل يوخنا نفسه من ان يرددها في كل الأوساط كتسمية قومية له ، إذ نقرأ في مقالته التي جاءت بعنوان " قراءة فيما وراء المشهد الكلداني " النص التالي (وبحسب درايتنا ومتابعتنا للامور فان حالة الرفض في العديد من المواقع تتجه نحو الخروج عن الكنيسة وخاصة من قبل اشوريي ايران من اتباع الكنيسة الكلدانية في الولايات المتحدة، وهي امور مرشحة للتصعيد ما لم تبادر الكنيسة الكلدانية وتتراجع عن موقفها التمزيقي لوحدة شعبنا. ) انتهى النص .
وأود ان اذكر السيد عمانوئيل يوخنا ومعه كل مروجي هذه السموم ، ان ابواب الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مفتوحة للداخلين وللخارجين ، وهي ليست كنيسة عشائرية متعصبة لطائفة او ملة واحدة ، ويكون لعلمكم مهما خرجوا منها فلا يصل عددهم الى الأعداد الهائلة الذين خرجوا وانضموا الى الكنائس الانجيلية والى جماعات شهود يهوة والى الأديان الأخرى ومع ذلك بقيت الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية قوية ، شامخة ، متمسكة بإيمانها المسيحي القويم ومحتفظة بأصالتها وغنية بأبناءها المؤمنين الثابتين على ايمانهم وعلى اخلاصهم لتعاليمها المقدسة ، ونقول للخائفين على كنيسة السيد المسيح ، لا تخافوا ان ابواب الجحيم لا تقدر عليها بل بالحري ان تخافوا على انفسكم وأن تشفقوا على حالكم يا المساكين .
وهناك فقرة اخرى مثيرة وردت في مقالة السيد عمانوئيل حيث يقول فيها ( بصراحة مؤلمة فان غبطة البطريرك دلي فشل في اختبار الابوة التي تقف على مسافة واحدة من ابناءها ) انتهى الاقتباس . وللرد على هذا الكلام اقول ، ان آخر من يحق له ان يتكلم عن الفشل والأبوة وعن الوقوف على مسافة واحدة من الجميع هم رجال الدين في كنيسة المشرق الاشورية ، وكأني بالسيد عمانوئيل يوخنا لم يسمع او يقرأ يومآ عن غبطة البطريرك دنخا الرابع عندما يصف اشوريته بالقومية والكلدانية بالمذهب ، هل هذا السلوك يا سيادة القس عمانوئيل يوخنا يدل على وقوف غبطته على مسافة واحدة من الجميع ، اليس غبطته في هذا الانحياز والاصطفاف في خندق الاشوريين لإهانة الكلدانيين هو دليل فشله في اختبار الأبوة ، بل أليس هذا هو الفشل الرئيسي والسبب الرئيسي لتمزيق شعبنا ولكل مشاكلنا وابتعادنا عن البعض ، فعلآ ان الذي لا يرى العمود الذي في عينيه لا يمكنه ان يرى القذى التي في اعين الآخرين .
اما بالنسبة للكلدانيين الذين يمارسون مثل هذا التحريض المشين فأنا متأكد انهم سيتشدقون بكونهم كلدانيين ومنتمين الى الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وان ما يطرحونه ليس تحريضآ بل هو من باب الحرص والخوف على الكنيسة من الهزات التي قد تتعرض اليها ، وللرد على هكذا تبريرات التي لا يصدقها عاقل نقول ، ان يهوذا الاسخريوطي ايضآ كان ظاهريآ من ضمن تلاميذ السيد المسيح ولكن هذا الانتماء الظاهري لم يمنعه من خيانة سيده وتسليمه لأعداءه ، فالإنتماء شيء والاخلاص والولاء شيء آخر ، لذلك نقول لهؤلاء المحرضين ، لا تخافوا على كنيسة المسيح الكاثوليكية الكلدانية ، فكما فشل يهوذا الاسخريوطي واسياده رغم الألم والحزن الذي سببوه من القضاء على مسيرة التلاميذ وعلى رسالة المسيح الخلاصية للجنس البشري ، كذلك ستفشل خطة هؤلاء المحرضين واسيادهم من القضاء على كنيسة المسيح الكاثوليكية الكلدانية ومن الهوية القومية الكلدانية .
الشيء الوحيد الذي اود قوله لهؤلاء المحرضين هو ، إذا لديهم فعلآ معرفة بوجود اشخاص مستعدين للتخلي عن ايمانهم المسيحي الكاثوليكي بسبب تمسك الكلدانيين بهويتهم القومية ، أن ينصحوهم بسرعة الخروج كما وأن لا ينسوا هؤلاء المحرضين انفسهم بأن يلتحقوا بهم ايضآ ، لأن مَن يعمل على تدمير كنيسته وعلى تهديد وابتزاز كنيسته لا يصلح ان يكون موجودآ فيها ولا بين الكلدانيين ، فإذا كانوا اليوم يهددون الكنيسة بالانشقاق إذا لم تتبنى التسمية القطارية ، فغدآ سيطالبون ربما بتنحي غبطة البطريرك او احد الأساقفة وإلا فالإنشقاق ، وبعد غد يطالبون ترسيم شخص عادي بدرجة اسقف وإلا فالإنشقاق وبعدها سيطالبون بتغيير الثوابت اللاهوتية والإيمانية وإلا فالإنشقاق وهكذا يا سادة المحرضين ، اليس هذا هو الابتزاز بعينه ، لكن ليكون في علمكم ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية هي اكبر من ان يبتزها احد وهي اقوى من ان تخضع لتهديداتكم يا مَن جعلوكم اذنابآ وسخروكم لتنالوا من كنيستكم ومن قوميتكم وانتم تعلمون او لا تعلمون .
واخيرآ اود ان اقول لهؤلاء المحرضين ومثيري الفتن ، اطمئنوا ان الأخوة الاثوريين الكاثوليك لم يعتنقوا المذهب الكاثوليكي او يمارسوا ايمانهم الكاثوليكي من اجل غبطة البطريرك الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي او من اجل سواد عيون الكلدانيين ، بل سلكوا في هذا المذهب من اجل خلاص نفوسهم ولإعتقادهم الايماني بأنه الإيمان القويم الذي استلموه من رب المجد عن طريق رسله الأولين ، اما من يحاول ربط ايمان هؤلاء الأخوة بالأمور السياسية والقومية انما الحقد قد ملأ قلوبهم وقد لبسهم الشيطان بحيث جعلوا من انفسهم عثرة في طريق هؤلاء المؤمنين ويقول رب المجد عنهم " ... ومن أعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر.) ( الانجيل بحسب متى الرسول 18: 6. ).
منصور توما ياقو
9 july 2009