Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لم يأكل أطفالي الدجاجة

 

 

ليس بطراً منهم و لم يتحول اطفالي الى نباتيين فجأة و لم ينتموا الى جمعية الرفق بالدجاج بل أنهم يحبون اللحوم بكل انواعها و الوانها البيضاء و الحمراء ولكنهم اضربوا فجأة عن أكل الدجاج !

لقد تعودت كلما أستلم راتبي الذي لايستقر في جيبي الا بضع دقائق قبل ان ينقرض و يتبخر و يذوب و يتلاشى بفعل توزيعه على أشخاص ينتظرون راس الشهر لينقضوا عليه و يقطعوه إرباً إربا .. تعودت عند استلام ( المكموع ) ان أشتري دجاجة لأتناولها مع اطفالي في احتفالية أو في الحقيقة (عركة ) على المسكينة التي نحيلها الى حطام و عظامها الى رميم و في ذلك اليوم الذي ينتظره اطفالي في نهاية كل شهر ذهبت كعادتي لأشتري الدجاجة و لكني في هذه المرة لم أشأ ان أخذ دجاجتي كالعادة مذبوحة و مجهزة بل اخذتها حية تفعم بالحياة رغم انها كانت كئيبة منطوية على نفسها و رغم  صغرها و ضئالة حجمها الا انها بدأت بالصراخ المخنوق عندما وضعتها في المطبخ و حام حولها الاطفال ليعتنوا بها فهذا يجلب لها الماء و ذاك الطعام حتى حان وقت ذبحها و تجهيزها للطبخ فتابعني اطفالي و انا أحد السكين و التفوا حولي و انا أوجه الدجاجة المسكينة نحو القبلة فنتفت بضع ريشات من رقبتها فاستسلمت لي بعد مقاومة بسيطة و لكن قبل ان اقوم بعملية الذبح أنتبعت لتلك النظرات في عيون اطفالي و فيها مزيج من التعاطف و الخوف و الرحمة و طالب بعضهم بتركها تعيش متوسلاً و لكن هيهات هيهات فمعتدي كانت تصرخ مستنجدة و لم تؤثر في قناعاتي توسلات اطفالي و بعض الدموع في عيونهم و لكني لم أشأ ان اقوم بجريمتي امامهم فطلبت منهم الانصراف خوفاً على مشاعرهم و لكنهم اصروا على حضور جلسة الاعدام و مشاهدة المنظر الذي لم يطلعوا على مثله من قبل , و تمت عملية النحر و لكن لم اسمع هتافات التكبير التي ترافق مثل هذه الاعمال بل كان السكون و الوجوم و الاندهاش يعلو الوجوه البريئة و هم يرون ضحيتي ترقص وسط دمائها  و راسها معلقاً بالكاد بجسمها حتى استكانت و استسلمت فاستلمها القدر لتصنع منها زوجتي طعام الغداء , و عند جلوسنا الى المأدبة و بعد ان اهلكنا الجوع جاء الطبق الرئيسي من الارز البرياني تعلوه تلك المخلوقة التي تغير لونها الى الوان صفراء تسر الناظرين و روائح زكية تزيد من الجوع بلة , كانت العيون ترقب الضحية و مسلطة عليها و كأنها تتخيلها دجاجة حية ثم تنتقل العيون لي لترقب القاتل و نظرات الادانة و اللوم و ربما المطالبة بالقصاص ! لا ادري ؟ 

 قمت بالمهمة الموكلة لي و هي تقسيم الدجاجة الى اجزاء و وضعت امام كل طفل حصته من الغنيمة و استحقاقه بحسب حجمه و قربه من القلب طبعاً و قلت : قولوا بسم الله ...  فقال الجميع كالعادة بسم الله ... و لكن لم تتحرك ايديهم لتصل الى حصصهم كما اعتدنا في مثل هذه المواقف و بقي السكون هو سيد الموقف حاول البعض ان يأكل قليلاً من الارز و لكن اثار استغرابي هو انسحابهم التدريجي من الطعام و عدم استطاعتهم تقبل أكلهم هذه الدجاجة بعد ان شاهدوا منظر ذبحها رغم جوعهم لم يستطيعوا الاكل و بقوا هكذا حتى المساء و لم يعد أطفالي ابداً كما كانوا بعد ذلك اليوم ...و بقيت الدجاجة على حالها لم يمسها أحد بسوء , كنت في تلك اللحظة أفكر في اولئك الرجال القاسية قلوبهم الذين ينحرون الناس و السنتهم تصرخ بالتكبير ( الله أكبر ) اي فطرة صافية غادرت تلك القلوب و تشوهت ؟ و دمتم سالمين .

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
يوم الحب..يوم الدين نزار حيدر/ ليس أمة على وجه الارض، اليوم، بحاجة الى الحب، كحاجة المسلمين اليه، فهم أولى به من غيرهم، وهم أحوج ما يكونوا اليه اليوم، الفتاة التي أرادت أن تختفي الفتاة التي أرادت أن تختفي سماح، ١٣ سنة، تعيش في مخيم حسن شام للنازحين في العراق منذ ست سنوات. على الرغم من أنها تبدو أصغر بكثير من عمرها، إلا أنها لم تستطع الالتحاق بالمدرسة لأنها كانت أكبر من السن القانوني للالتحاق في المدرسة عقد مؤتمر حقوق إنسان ضرورة ملحة وتاريخية سمير اسطيفو شبلا/ في العام الماضي وبالتحديد في 24 و 25 تشرين 2012 كان موعدنا مع عقد مؤتمر للاتحاد –مركز – منظمات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط الذي كان يضم في وقتها 32 منظمة حقوقية، تعنيف النساء في العراق يشتدّ في رمضان… تعنيف النساء في العراق يشتدّ في رمضان… "علينا أن نتبخّر لأن الرجال صائمون" "رمضان... اتّقي الله"، و"يمعوّدة استري روحج صيامنا راح يروح من وراجِ"، و"ربج كلبها بينا من وراجن"؛ هذه العبارات كانت في انتظار الصحافية المغتربة رغد الحيالي، في أول أيام شهر رمضان الجاري، حين عودتها إلى العراق الذي غادرته في العام 2005
Side Adv1 Side Adv2