Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لماذا التحق السيد حجي حسن بيسو بمجلس محافظة نينوى؟

حسب قناعتي، ومعرفتي الشخصية به، لم يكن إلتحاق السيد حجي حسن بيسو بمجلس محافظة نينوى بعد مقاطعة قائمته لأكثر من ستة أشهر بدافع "خالف تُعرَف"، وإنما أتخذ قراراً شجاعاً ومدروساً بعد صراع مع الذات والضمير وهو من أقرب الذين كانوا في عمق مأساة تفجيرات تل عزير في 14/8/2007، بل من أكثر المتضررين ماديا وفاقدا لآعزاء من عائلته وعمومته ما مجموعهم 27 شخصاً بين أخ وابن واخت وام واب وابن اخ وابن عم حسب الاحصائية التي اشرفت عليها انا شخصياً عندما قامت رابطتنا بتقييم عدد الضحايا وحجم الاضرار المادية. فلم يكن الالتحاق لهدف مادي، حيث أن السيد حجي حسن هو مدير دائرة ويحمل شهادة الماجستير في الزراعة بتفوق وهو الذي فقد في تلك التفجيرات ما يقارب المليار دينار بسبب الدمار الهائل بممتلكاته ومحلاته التجارية ومصالحه الشخصية والعائلية. ولم يكن كذلك تحدياً لقائمته التي احترم تعليماتها لمدة تربو على الستة أشهر وبدون اية ملامح في المصالحة والذي تعهد في كلمته الالتزام باحترامه لها. وكذلك لم يكن التصرف حماقةً أو جهلا منه بخطورة الخطوة التي أقدم عليها وهو يعلم بما يمكن أن يترتب عليها في ظل ظروف بالغة الصعوبة في سنجار. ولكنه بعد طول تفكير، لم يعد يتحمل وخز الضمير ورؤية الخراب اكثر من الذي يحصل، وكيف حصل البعض على الملايين على حساب دماء بني قومه واستغلال واقعتهم بابشع ما يمكن تصوره؟ ومن ثم رداً للجميل الذي لاقاه من ناخبيه وما قطع على نفسه من وعود بأن يكون خادما أميناً في حالة فوزه في تلك الانتخابات، وليس خائباً منزويا وخائفاً من الذين انتخبوه. فكيف يمكنه أن يخدم منتخبيه إذا لم يلتحق بالمجلس الذي تم ترشيحه لها من قبلهم؟ وماذا يقول الأعضاء الجالسين في بيوتهم منذ كانون الثاني الماضي لناخبيهم الذين وعدوهم بالاصلاحات والبرامج والخدمات الضرورية؟ هل انتخبوهم لكي يجلسوا في بيوتهم وفي نهاية الشهر يستلمون رواتب الذل والمهانة؟
لم يتكلم السيد حجي حسن بتخوف وجبن عندما ألقى كلمته أمام الجلسة الاستثنائية لمجلس المحافظة، وإنما القى باللائمة على قائمة الحدباء بتهميش قائمته في الاستحقاق الانتخابي، وكان شجاعاً ومتمكناً من كلامه ودقيقاً في تعابيره، مشخصاً الحالة العامة لمحافظة نينوى. ولم ينسَ أن يثني على موقف الذين دعموه سواء بالفعل المباشر أو من خلال الدعم اللوجستي أثناء فترة الانتخابات، وقال؛ إن المشكلة هي سياسية في الاصل، وهي على حساب الفئات المهمشة والفقيرة التي وعدناهم خيراً، وهي التي لازالت تدفع ثمن هذه الاختلافات والخلافات السياسية والتناحر على المناصب. فهل من المعقول بسبب فقدان قائمة نينوى المتآخية لبعض المناصب أن يدفع أكثر من مليون إنسان في سهل نينوى هذا الثمن الباهض في مستقبلها التعليمي والخدمي والصحي من استحقاقاته، وفي كردستان تبنى القرى الفرنسية والايطالية ومدارس من الطراز الاوربي؟ وهل كان أصل الانتخابات هو من أجل المصلحة العليا للمجتمع أم للحصول على المناصب السياسية؟ وهل أن تحسين أحوال الناس والدفاع عن معاناتهم وانتشالهم من محنتهم لا يعد مكسبا سياسياً؟ ثم هل استنفذت قائمة نينوى جميع الخيارات بما فيها المعارضة لكي تقوم بهذه المقاطعة؟ أليس ما يحصل في كردستان اليوم من عدم مشاركة قائمة التغيير في الادارة والاكتفاء كمعارضة هي من مصلحة الشعب الكردي عامة مقارنة بالحصول على منصب وزير مثلا؟ فكلنا ضد التهميش مهما كان مصدره أو شكله أو مكانته، ولكن ليس كل تهميش لا يمكن استبعاده وعدم التعامل معه.
إذن هذه هي سنجار، إنها تتحمل المواقف، وهي تحمل في رحمها الكثير، ولكنها لا تنام على الذل وتسكت صاغرة عندما يتطلب الموقف، بل ستقول كلمتها. وهذا هو أهل سنجار وما فيهم من الشجعان ممن لهم الامكانية في التضحية بالنفس والنفيس وإزاحة الستار والغموض من أجل الذين يعيشون تحت قسوة الظروف المفتعلة وما يكتنفها من مآسي بحق الابرياء. لقد أصبحت فئات قليلة وفي ظرف سنوات، من أصحاب ملايين الدولارات على حساب الدم الايزيدي والمتاجرة بمستقبلهم الاقتصادي والثقافي والسياسي وخاصة عقب تفجيرات تل عزير الرهيبة. وبالتاكيد ولكون السيد حجي حسن يحمل شهادة عليا وفكر سياسي واقتصادي، فلم يعد يتحمل ما يراه وهو القادر على التشخيص بحكم المعايشة في الواقع والرؤية والاستنتاج والتحليل مقارنة بغيره. وإني إذ ارى بأن أختياره في الالتحاق في هذا الوقت له من الاهمية ما يفوق التحاقه فنياً بالمجلس فيما إذا استغلته الاحزاب والقوى الايزيدية هذه الوقفة واستثمرته في العملية الانتخابية بنفس الشجاعة والمهنية والاستقلالية. وأن على الباقين من أعضاء المجلس أن يحترموا إرادة ناخبيهم وعليهم إتخاذ قراراً شجاعاً؛ إما بالتنحي عن هذه العضوية المشلولة، أو الاعلان عن إدارة كما قالوا بها وإنهاء معاناة الناس، أو الالتحاق بالمجلس وتشكيل لوبي معارض لأي تصرف من جانب الحكومة المشكلة من قائمة الحدباء الوطنية وبالتالي تأمين الحصول على الاستحقاقات المطلوبة لناخبيهم.
فإلى متى يبقى المواطن يدفع من دمه وامواله ومستقبله ثمنا لهذه السياسات الخاطئة والتناحر على المناصب السياسية؟ فالسيد حجي حسن يعلم بما حصل في استغلال واقعة ومأساة تل عزير في التفجيرات الارهابية وكيف تم استغلالها وكيف جرى التعويض للبعض الذي لا يستحق. ثم يعلم كيف جرى تعويض بعض الناس من غير المستحقين لمرتين على حساب الذين دفعوا حياتهم ثمناً للإرهاب الاسود؟ وهو يعرف كل هذا وأكثر، ولهذا لم يعد يتحمل الاستغلال البشع أكثر مما حصل ووصل الامر به إلى نقطة اللاعودة في قراره مع نفسه بأن يقول للخطأ كفى.
فنهيب بالسيد الفاضل بأن يكمل مشواره ويطالب إلى جانب زميله المناضل خديدة خلف عيدو الذي يطالب باستمرارالحكومة المحلية بالمستحقات الخدمية والادارية لعموم مناطق الايزيدية ومنها سنجار على وجه الاختصاص. وعليكما المطالبة بقوة بالاهتمام بالتعليم بالدرجة الاساس وطلب المزيد من التعيينات على ملاكات المدارس وسد الشواغر بكادر كفوء قادر على تعويض المفقود. ثم المطالبة بفتح بعض الكليات أو الاقسام التابعة لجامعة الموصل في سنجار لكي يخفف الضغط على كاهل الطلبة وذويهم وفي نفس الوقت تخفيف الضغط على جامعات كردستان التي لم يعد باستطاعتها استيعاب هذا العدد المتنامي من الخريجين سنويا، والحفاظ على ارواح الطلبة من هذا الارهاب الاسود. أملنا كبير في أن تكونوا من المساندين لتنمية مناطقكم التي أنتم ممثلي كافة أطيافها الحقيقيين، وأن لا تبخلوا في طرح الاراء والافكار التي تخدم التقدم والازدهار وتنمية الانسان من خلال معالجة المشاكل التي يعاني منها المواطن. واملنا كبير أيضاً في أن تنهي القائمتين خلافاتهما لصالح أكثر من مليون إنسان ينتظر منهم تقديم الخدمات التي وعدوهم بها خاصة وأن الانتخابات البرلمانية على الابواب، وبرد الشتاء القارص والكهرباء وبقية الخدمات بات الهاجس الكبير الذي يشغل بال الناس. ومن الله التوفيق.

ملاحظة: لقد كنت شاهداً شخصياً في يوم الانتخابات عام 2005، عندما مُنِع السيد ماجد بيطار ممثل قائمة الحزب الشيوعي في سنجار من الدخول لقاعة التصويت لمراقبة سير العملية الانتخابية وكان يتجول في ساحة المدرسة. وعندما رآني داخلاً القاعة للإدلاء بصوتي، رجاني في أن اساعده في ذلك واشتكى منهم لعدم سماحهم له بممارسة عمله كمراقب، بل أكثر من ذلك عندما قال بانهم منعوني من الادلاء بصوتي (هذا الاتهام على ذمته).

علي سيدو رشو
القاهرة في 14/10/2009
Opinions