لماذا الكلدان حريصون على العراق ؟
في الأصحاح الحادي عشر من سفر التكوين الذي يطلق عليه علماء التاريخ ب " قائمة الأمم " وما يهمنا نحن الكلدان هو ماذا يقول الكتاب المقدس عن تاريخنا الذي جرت وتجري المحاولات لطمسه, ولكن هيهات أن تحجب أشعة الشمس بغربال متهرىء , ونبدأ من الأساس ( الكتاب المقدس ) الذي يتكلم عن أصل الشعوب والأمم ومنهم الكلدان ما بعد الطوفان , ويركز على ( آدم الثاني ) بأعتباره أبو البشرية الجديدة , فيبدأ الأصحاح العاشر بهذه الآية ( العدد 1 )وَهَذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَان" "
ثم يقول في نفس الأصحاح , العدد 22 : بَنُو سَامَ: عِيلامُ وَاشُّورُ وَارْفَكْشَادُ وَلُودُ وَارَامُ
وبعد ذلك يترك أولاد سام الأربعة الآخرين ويركّز على نسب سام من أبنه " أرفكشاد "فيذكر في الأصحاح الحادي عشر تسلسل الأنساب من " أرفكشاد الى أبرام أبن تارح .
10 هَذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ ارْفَكْشَادَ بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ. 11 وَعَاشَ سَامٌ بَعْدَ مَا وَلَدَ ارْفَكْشَادَ خَمْسَ مِئَةِ سَنَةٍ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 12 وَعَاشَ ارْفَكْشَادُ خَمْسا وَثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ شَالَحَ. 13 وَعَاشَ ارْفَكْشَادُ بَعْدَ مَا وَلَدَ شَالَحَ ارْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاثَ سِنِينَ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 14 وَعَاشَ شَالَحُ ثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ عَابِرَ. 15 وَعَاشَ شَالَحُ بَعْدَ مَا وَلَدَ عَابِرَ ارْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاثَ سِنِينَ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 16 وَعَاشَ عَابِرُ ارْبَعا وَثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ فَالَجَ. 17 وَعَاشَ عَابِرُ بَعْدَ مَا وَلَدَ فَالَجَ ارْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 18 وَعَاشَ فَالَجُ ثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ رَعُوَ. 19 وَعَاشَ فَالَجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ رَعُوَ مِئَتَيْنِ وَتِسْعَ سِنِينَ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 20 وَعَاشَ رَعُو اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ سَرُوجَ. 21 وَعَاشَ رَعُو بَعْدَ مَا وَلَدَ سَرُوجَ مِئَتَيْنِ وَسَبْعَ سِنِينَ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 22 وَعَاشَ سَرُوجُ ثَلاثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ نَاحُورَ. 23 وَعَاشَ سَرُوجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ نَاحُورَ مِئَتَيْ سَنَةٍ وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 24 وَعَاشَ نَاحُورُ تِسْعا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَوَلَدَ تَارَحَ. 25 وَعَاشَ نَاحُورُ بَعْدَ مَا وَلَدَ تَارَحَ مِئَةً وَتِسْعَ عَشَرَةَ سَنَةً وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 26 وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً وَوَلَدَ ابْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. 27 وَهَذِهِ مَوَالِيدُ تَارَحَ: وَلَدَ تَارَحُ ابْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطا. 28 وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَحَ ابِيهِ فِي ارْضِ مِيلادِهِ فِي اورِ الْكِلْدَانِيِّينَ.
قد يعتبر القارىء الكريم أن هذا السرد ممل , سيّما ونحن المسيحيين معظمنا قد قرأ الكتاب المقدس , ولكن ما يتميّز به الكتاب المقدس عن بقيّة الكتب , هو أنه في كل مرّة تقرأه , تكتشف شيئا جديدا فيه لذلك أرجو من القارىء الكريم سعة الصدر وليقرأ معي القصة التالية :-
الدكتور " بول واي شو " راعي أكبر الكنائس في كوريا الجنوبية,
يتكلم هذا القس عن قصة أهتدائه على يد فتاة جامعية وهو في المستشفى يصارع الموت بعد أن أبلغوه الأطباء بأنه لن يعيش أكثر من بضعة أشهر بسبب مرض السل الذي كان قاتلا آنئذ حيث زارته الفتاة وطلبت منه أن يقرأ الكتاب المقدس الذي لم يكن قد سمع به من قبل, وبعد زيارات متعددة للفتاة التي كانت تركع أمام سريره في المستشفى وتصلي بحرارة وتحت ألحاحها ورجائها ,وافق أن يأخذ الكتاب منها وفتح أول صفحة منه على سفر التكوين , فأخذت الفتاة الكتاب قائلة له أخشى أن لا تستطيع أكمال قرائته قبل وفاتك , ففتحت الصفحة الأولى من العهد الجديد وكانت الأصحاح الأول من أنجيل متي الذي يبدأ بنسب السيد المسيح فقرأ, " أبراهيم ولد أسحق , وأسحق ولد يعقوب , ويعقوب ولد يهوذا وأخوته ..... الخ " فأغلق الكتاب وأعطاه للفتاة قائلا لها , سيدتي الصغيرة , أنا لا أريد قراءة هذا الكتاب , انه مجرد قصة عن فلان الذي ولد فلان , أعتقد من الأفضل قراءة دليل التلفونات, فقالت الفتاة, سيدي ! قد لا تعرف قيمة هذه الأسماء الآن, ولكن فيما بعد عندما تواصل القراءة ستكتسب هذه الأسماء معاني عظيمة بالنسبة لك, وهكذا بدأ القراءة مرة أخرى , ليجعل الكتاب منه أكبر مبشّر للمسيحية في كوريا الجنوبية .
فما هو الأكتشاف الجديد ؟ وما هو سرّ المعاني العظيمة في هذا السفر ( الحادي عشر ) ؟
1 - أهمل الكتاب المقدس نسل بقيّة أبناء سام الأربعة ( عيلام , آشور , لود , آرام ) وركّز على نسل ( أرفكشاد ) الذي يعتبره مفسروا الكتاب المقدس , جد القبائل العربية اليقطانية ( القحطانية ) وجد الكلدانيين الذين أبتدأ موطنهم في المنطقة الجنوبية من بين النهرين , أي أن أرفكشاد هو جد العرب القحطانيين والكلدان ومن ثم العبرانيين الذين هم من أصل كلداني كما يذكر الأصحاح أعلاه , وكما ذكر في موضع آخر من الكتاب المقدس في سفر ( يهوديت ) الأصحاح الخامس , الأعداد ( 6 – 21 ) .
2 - أن الكلدان هم السكان الأصليين للعراق الجنوبي الذي يحده جنوب نهر العظيم وحتى الخليج العربي , فيما شغل شمال العراق, (أي من شمال نهر العظيم) الآشوريين الذين يعود أصلهم الى آشور أبن سام , وكانت كلتا القوميتين الكلدانية والآشورية يشكلان شعب العراق القديم .
3 - للكلدان والعرب علاقات وثيقة ( لأن جدّهم واحد ) وهو أرفكشاد , ولا يزال لسكان العراق من الشيعة العرب تقاليد وشعائر تعود الى الأصل الكلداني , حيث يذكر الفريق طاهر الحبوش في مذكراته التي نشرها موقع ( كتابات ) ليوم 18\ 4 \ 2010 ما يلي :-
في عام 1986 تم تكليفه ضمن وفد برئاسة مدير الأمن العام لمقابلة ( آية الله أبي القاسم الخوئي ) الذي كان يمثل الحوزة آنذاك لمعالجة مشاكل كانت الحوزة قد رفعتها بكتاب الى رئاسة الجمهورية تشرح فيها المشاكل التي كانت تعاني منها آنئذ , فطرح السيد هذه المشكلة :-
(هناك مسألة أخرى وهي أن وزارة الأوقاف أشعرت وكلاءنا بضرورة تغيير شعار الشمس المرفوع فوق الحسينيات وتبديله بالهلال إسوة بالجوامع , ويقول السيد أن شعار الشمس بابلي وشعار الهلال يمثل عصر الإستعمار التركي , فلماذا هذا الإجراء غير المدروس ؟)
شعار الشمس الذي كان يرفع فوق الحسينيات الى عام 1986 كان شعار الشمس وهو بابلي كلداني , وهو نفس شعار العلم الكلداني الذي يفخر به الكلدان اليوم .
4 - كان لتفضيل الكلدان أنتمائهم الوطني على الشعور القومي السبب الرئيسي لأبتعادهم عن تأسيس الأحزاب الكلدانية طالما كانت الدولة العراقية مصانة ومدافع عنها , فقد كان الكلدان من أوائل المدافعين عن العراق كدولة ذات سيادة وأستقلال , لذلك أبتعد الكلدان عن جميع الأحزاب والتنظيمات التي تدعو الى تفتيت العراق تحت مسميات مغرية ظاهريا , وكانت الأنتخابات الأخيرة خير دليل على ذلك عندما لم يصوت سوى أقل من 10% من الناخبين المسيحيين لصالح الأحزاب الطائفية وذهبت معظم أصواتهم لصالح قائمة العراقية التي أشتمّوا فيها ريح الوطنية العراقية . وأمتنعت النسبة الكبيرة من الأنتخاب لعدم ثقتهم بالكتل المسيطرة على مقاليد الأمور في البلد .
5 - ظهور بوادر روح قومية كلدانية بين الشيعة في جنوب العراق , وما كانت الأحتفالات التي تمت في الناصرية بعيد أكيتو ذكرى مرور ( 7310 ) عاما على السنة الكلدانية الا بذرة طيّبة , نأمل أن تلقى التشجيع من الأحزاب والتنظيمات الكلدانية , لأنها الأحتياطي المضموم لكلدان العراق .
يحاول بعض المنادين بدمج القومية الكلدانية مع قوميات أخرى مسيحية بحجة الوحدة , ولكن غرضهم الذي وعوه الكلدان هو تهميش أكبر قومية مسيحية لأهدافهم الخاصة , ويتهمون الكلدان الذين يصرّون على المحافظة على قوميتهم العريقة بالتعصّب والعنصرية , الا أن الحقيقة هي أن الكلدان هم من يحترموا خصوصيات القوميات الأخرى بدليل أعترافهم بالقومية الآثورية والسريانية , فضلا عن القوميات الأخرى التي تشكل فسيفساء الشعب العراقي الواحد .
بطرس آدم
تورنتو – كندا
الأول من مايس 2010