Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لماذا تحول الربيع العراقي إلى شتاء قارس؟

لطيف القصاب/
على الرغم من أن بعض واجهات الصحافة في العراق لاسيما الورقية والالكترونية منها ما تزال تعيش حالة المكابرة في تضخيم وصف ظاهرة احتجاجات أيام الجُمَع العراقية التي تتمركز بشكل أساسي في ساحة تحرير بغداد ؛ بيد أن المراقبة المحايدة لمشاهد هذا الحدث الأسبوعي المتكرر تؤشر بوضوح إلى حقيقة انحسار هذه الاحتجاجات بدرجة تكاد تصل إلى مستوى الصفر في بعض الأسابيع.

طبيعي أن يكون وراء انحسار موجة الاحتجاجات (الشعبية) هذه جملة من العوامل الرئيسة وأخرى ثانوية. وما يعنينا هنا التركيز على رصد العوامل التي تبدو جوهرية أكثر من سواها في ما يتعلق بضمور حركة الاحتجاجات العراقية التي كان في ظن القائمين على إدارتها وإدامتها أن تكون مثل كرة الثلج تكبر أسبوعيا لكنها تحولت تدريجيا إلى شيء أشبه بحالتي السكون والبرود منه إلى حالتي الحركة والتثلج.

ضعف التعبئة

إن أول ما يقفز إلى الذهن في تحليل هذا الانحسار في حركة الشارع العراقي المطالب بالتغيير أو الإصلاح السياسي هو افتقار الجهات السياسية الداعية والمنظمة لهذه الحركة إلى قواعد جماهيرية كافية. إذ يمكن عد الحزب الشيوعي وهو من أبرز الناشطين في هذا الميدان تنظيرا وتحريضا ومشاركة من أقل الأحزاب السياسية العاملة في العراق تأثيرا على نبض الشارع؛ وذلك

حين تتم المقايسة بينه وبين قوى الإسلام السياسي العاملة في البلاد؛ خاصة التيار الصدري الذي يحمّله بعض المراقبين جزءا كبيرا من المسؤولية في كبح مسيرة الاحتجاجات عندما أحجم عن تفعيل تهديداته بالدخول طرفا في حركة الاحتجاجات الساخطة على أداء حكومة المالكي قبل لحظات الشروع الأخيرة.

التوظيف الحكومي

ولعل من أبرز العوامل الأخرى التي أقحمت ربيع العراقيين في موسم شتائي قارس هو قدرة الجانب الحكومي على توظيف حركة الاحتجاجات وركوب أمواجها في بعض المفاصل (الأسابيع)، فضلا عن محاولات الالتفاف عليها. فقد نجحت بعض وسائل الإعلام المملوكة أو الداعمة للحكومة في إظهار المحتجين بشكل مثيري الشغب أكثر منهم دعاة إلى الإصلاح والتغيير الايجابي، بل استطاعت بعضها أن تُدخل في روع قطاع عريض من المجتمع فكرة أن المتظاهرين بغالبيتهم العظمى إنما يقفون ضد رغبة عموم المواطنين في إنفاذ حكم العدالة بحق مرتكبي جريمة عرس الدجيل على سبيل المثال، وكذلك تحويل ميدان التحرير إلى منبر اجتماعي أكثر منه سياسيا، ويظهر ذلك جليا من خلال إطلاق دعوات (شبابية) تطالب حكومة المالكي بإجراء امتحانات دور ثالث للطلبة الراسبين في الدور الأول والثاني !

ونستطيع القول: إن دخول أنصار الحكومة أو المتعاونين معها على خط الاحتجاجات بشكل مؤثر ومدروس أعطى انطباعا واضحا يفيد بأن الذين يدافعون عن حكومة البلاد الحالية لا يقلون شأوا وشأنا عن أؤلئك الذين يقفون في الجانب المناويء لها.

طبيعة التجربة السياسية

ثمة قضية تتعلق بطبيعة النظام السياسي الجاري في العراق وقد تكون أسهمت بشكل فاعل في منح شهادة وفاة مبكرة لربيع العراقيين، فعلى الرغم من وجود مشكلات جمة ونقاط سلبية شتى تقدح في أصالة وحصانة العملية السياسية العراقية الجارية في العراق غير أن من الإنصاف الإشارة إلى نقاط القوة في هذه العملية. من ذلك وجود آليات دستورية كفيلة بتصحيح المسارات السياسية في قابل الأيام، وتمتلك سلطة سد الطريق أمام نزعات التسلط والاستبداد عبر عمليات الانتخابات في المركز والأقاليم والملاحظات، لاسيما مع امتياز تجربة الانتخابات العراقية على نحو الإجمال بتوفر الجانب الرقابي (الدولي) الذي من شانه الحد بنسبة معتد بها من احتمالات التزوير (الوطني)، أضف إلى ذلك إيمان العديد من القوى السياسية المشاركة في الحكم والمعارضة بالانصياع إلى أسلوب الركون إلى نتائج صناديق الانتخابات كحل أخير، فضلا عن كون التجربة المعاشة أثبتت قدرة الساسة العراقيين على إحراز تداولية سياسية سلمية للمرة الثالثة على التوالي حتى الآن.

تشظية الرأي العام

إلى ذلك فإن هناك ملاحظة قد يحسن االتوقف عندها قليلا، وتتمثل هذه الملاحظة في أن الغالبية العظمى من (الشركاء) بإدارة اللعبة السياسية العراقية الجديدة مساهمون من حيث يعلمون أو لا يعلمون في منع تفاقم حركة الاحتجاجات وتصاعد وتائرها لاحقا،وذلك بفضل نهج المحاصصة والتوافق الذي دأب سياسو ما بعد 2003 في إشاعته وترسيخه داخل المجتمع العراقي عمليا، ونتج عنه تشطير العراقيين إلى ثلاثة مكونات أساسية (الشيعة والسنة والكرد) ما أفضى بالنتيجة إلى إضعاف المشترك الوطني العام، والحس الجامع لشتات توجهات وتطلعات العراقيين، وبالنتيجة تشظية الرأي العام العراقي إلى ثلاث جماعات متفرقة التوجهات والتطلعات؛ خاصة في إطار ما تعرف في لغة الإعلام بـ (الأغلبية الصامتة)، أي تلك الكتلة البشرية التي لا تُدين عادة بالانتماء السياسي إلى فصيل سياسي بعينه؛ إمّا على سبيل الاستقلال الفكري أو لمجرد اللامبالاة والسلبية. ومن مراقبة طبيعة الأحداث التي شهدتها دول عربية عدة في ما بات يُسمى بـ (الربيع العربي) فإن الدور الذي لعبته هذه الكتلة البشرية تحديدا، وخاصة في نطاق الفئات العمرية الشابة التي تجيد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية الحديثة كان يمثل حجر الزاوية في إشعال لهب الثورات العربية؛ طبعا قبل أن تمسك بمشاعل تلك الثورات لاحقا القوى السياسية الأكثر قدرة من سواها على ركوب أمواج التغيير.

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

http://mcsr.net



Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
مشروع المصالحة يكشف النقاب عن الجماعات السرية بغداد - الرافدين : قال السيد معد احمد التكريتي الذي يمثل فصيلي ”المقاومة“ كتائب الحق والعدالة، وكتائب التوحيد والجهاد لـصحيفة الصباح العراقية امس: انه طرح ثلاثة عشر مطلبا كمعطيات عامة للحوار في اطار مشروع المالكي للمصالحة، النائب سوزان السعد : غياب التنسيق بين الاجهزة الامنية المختلفة احد الاسباب الرئيسية لانهيار الوضع الامني شبكة اخبار نركال/NNN/ قالت النائب سوزان السعد عضو التحالف الوطني عن كتلة عراق النزاهة والتنمية "ان غياب التنسيق بين الاجهزة الامنية المختلفة هو نائب رئيس الجمهورية ينفي شائعات عن احتمال تنازله عن ترشيحه لرئاسة الوزراء شبكة أخبار نركال/NNN/ نفى نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الإشاعات التي تتحدث عن احتمال صدور الجزء التاسع أبوذية الأمن والسلام (ديوان الابوذية ) للأديب الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي شبكة اخبار نركال/NNN/ المركز الحسيني للدراسات- لندن/ صدر حديثا (1430هـ - 2009م) للأديب الدكتور محمد صادق محمد الكرباسي الجزء التاسع من
Side Adv2 Side Adv1