لماذا لا نحتج ونتظاهر على استمرار قتل وترهيب أهلنا في الموصل ؟؟
مضى ما يقارب الشهرين على نشر منظمة هيومن رايتس ووتش التابعة للأمم المتحدة تقريرا حول وضع الأقليات في المناطق المتنازع عليها في العراق , فقد صدر التقرير بتاريخ 10-11-2009 عنوانه "اليزيديون والشبك والمسيحيون عالقون في تنافس كردي عربي على السلطة" ويمكن تلخيص هذا التقرير بما جاء عن لسان جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "المسيحيون واليزيديون والشبك العراقيون عانوا كثيراً منذ عام 2003" وتابع "على السلطات العراقية، سواء العربية أو الكردستانية، أن تعمل على ضبط قوات الأمن والمتشددين والجماعات الثأرية، كي ترسل رسالة مفادها أنه لا يمكن لمن يهاجم الأقليات أن يفلت من العقاب". المقصود بالمتشددين والجماعات الثأرية هو الإرهاب والتيار التكفيري علما أن التقرير جاء بعد دراسة ميدانية ومقابلات , وإذا راقبنا الأحداث بعد صدور هذا التقرير وما جرى في الموصل بعدها تؤكد الحقائق التي عرضها التقرير وكلنا يتذكر حالة التشنج التي أصابت طرف ما وحالة الارتياح الذي شعر به الطرف الأخر وتعصب طرف ثالث من محتوى التقرير , فشئنا أم أبينا أصبحت الأقليات والمسيحيين في الموصل وكركوك (المناطق المتنازع) ورقة رابحة لكل هدف سياسي, أصبحنا كالكرة التي تلقيها الأطراف المتنازعة من ملعب إلى ملعب أخر فإلى متى سيستمر حالنا على هذه الحالة ؟؟ لم يتم اتخاذ أية إجراءات ملموسة تعالج النقاط التي جاء بها التقرير , فبرغم الإخبار والإحداث الشبه يومية من قتل المسيحيين والتفجيرات والعبوات اللاصقة وأحداث برطلة كان موقف السلطات العراقية العربية أو الكردستانية تقريبا موقف المتفرج و المعالج ولكن بعد أن يقع الفأس بالرأس , فلا يتم التحرك ألا أذا وصل إلى الذروة لكي تستغل إعلاميا من قبل هذا الطرف أو ذاك , أصبح واضحا الجواب لسؤل يشغل عقولنا, من يقتل المسيحيين في الموصل ؟؟... الجواب هو الصراع السياسي كلما ازداد كلما اخذ الإرهاب مساحته مع هذا الصراع أي أن الجواب يتلخص بعاملين الصراع السياسي و الإرهاب وسيستمر هذا المسلسل مادام لا تتواجد أية بادرة للتوافق السياسي في الموصل بل إن التصعيد هو السمة الغالبة على تلك الأطراف المعنية , وإذا تكلمنا عن واقعنا فسنرى أن مشهد المتفرج لم يقتصر على تلك الإطراف أنما علينا أيضا (الكلدان والسريان والاشوريين والأرمن ..)(المكون المسيحي) اخترنا أن نكون متفرجين لهذه الأحداث دون أن نحرك ساكنا فلم تتجرأ قنواتنا بتسليط الضوء على الأحداث اكتفينا بان نقرا ونتابع ونتحسر وندعي بالأمن والأمان لأهلنا بالموصل ونحن مازلنا جالسين في بيوتنا واكتفينا بالدعاء فهو اضعف الأيمان, انه الأسبوع الثاني على إطلاق موقع عنكاوة كوم الدعوة العاجلة لإقامة التظاهرات والاحتجاجات على استمرار قتل أبناء شعبنا في الموصل , ولأني لم المس أية بادرة أو استجابة أو أية تظاهرة اعتصر قلبي لأني قارنت مع استجابة الأقباط وتظاهراتهم في كل بقعة تقريبا , شاهدت أحداها التي شارك بها الكلدان والسريان والاثوريين في العاصمة السويدية ستوكهولم جابوا شوارع العاصمة أطفالا صغار وأمهات تدفع عربات أبناءهم الصغار, شيوخ وعجزة ومعاقين بعكاز في جو قارص البرودة ودرجة حرارة تتجاوز ال 15 تحت الصفر كل ما قاموا به جزءا يسيرا لكي يوصلوا أصواتهم للكف عن قتل المسيحيين , فما بالنا نحن اليوم انه الأسبوع الثاني من الدعوة التي أطلقها موقع عنكاوا كوم لم أشاهد أو اسمع من نادى أو طلب أو نسق لإقامة تظاهرة فيبدو أن بعض رؤساء أحزابنا في جولة دعائية انتخابية والبعض الأخر منشغل في ورطة أسماء قوائمهم التي شملها الاجتثاث وهو الأمر الأهم بنظرهم من دم المسيحي وسألخص بعض الأسباب الأخرى التي أدت إلى عدم أقامة هكذا تظاهرة حتى ألان و حتى أني لا اعتقد أنها ستقام ,1- السطحية التي نمتاز بها فغالبا ما يقال وماذا تنفع التظاهرة أو الاحتجاج وهو الأمر النابع عن عدم إدراكنا لحجم المخطط الذي يمارس ضدنا في ارض الإباء والأجداد
2- لقد لعب الإعلام دورا كبيرا في احتواء الأزمة الدائمة في الموصل , بل الأكثر من ذلك ساهم مساهمة فعالة بامتصاص غضبنا , فكلنا لاحظ توقيت ظهور الاعترافات للإرهابيين وما تضمنته من أمور بقتل المسيحيين ,ولكن من ضمن الأسماء المذكورة لشهدائنا في هذه الاعترافات اسم رافع متي ايليا وهو مدرس وأخر فراس صاحب محلات وعند بحثي عن هذه الأسماء اكتشفت أنهم ليسوا من ضمن الأسماء للأحداث الأخيرة مما ولد بداخلي شيء من الشك لتوقيت هذه الاعترافات حتى انه احد الإرهابيين ذكر اسم ريمون واعتقدت انه ريمون هو أخ رانكو الشهيدين الأخوين من بطنايا لكن قال الإرهابي سحبناه من بيته مما يدل على انه ليس هو !! يبدو إن تلك الجرائم حدثت قبل فترة بعيدة وليست ألان ,وجاء توقيت ظهورها في هذا الوقت لامتصاص الغضب وإجهاض أية محاولة لإقامة التظاهرة مما يولد ضغط دولي على الجهات المعنية .
3- المناشدات والبيانات , بيان مجلس مطارنة نينوى دعا المسيحيين إلى التحلي بالصبر وعدم الاستسلام للخوف، مبينين أن أعمال العنف التي تستهدفهم لا ينبغي أن تؤثر على وحدتهم , ومناشدة البطريرك دلي السلطات الحكومية بالعمل على المحافظة على أرواح العراقيين المسيحيين وأيضا البيان المشترك لرجال دين مسيحيين ومسلمين والذي يحث على تأكيد اللحمة بين أبناء الموصل والذي تم برعاية محافظ الموصل هذا البيان المشترك موقع من الطرفين يؤكد على اللحمة الوطنية بين أبناء المدينة فضلا عن ترسيخ التعايش السلمي من خلال تأكيد ذلك في خطب جوامع الموصل يوم الجمعة ومواعظ الآباء الكهنة يوم الآحاد في الكنائس ...هل حملت هذه الدعوات والبيانات والمناشدات ...تحريم قتل المسيحي ولأي سبب كان فهو شريك في الوطن وهو عراقي !!!
4- توعد القوات الأمنية بإنزال القصاص على قتلة المسيحيين والأقليات.
5- الدور الإعلامي المكثف ..قرأنا أن قناة الموصلية عرضت شاشتها برنامجا حمل عنوان استهداف المسيحيين لمصلحة من ؟؟ جرى خلاله لقاء عدد من مسئولي السلطة المحلية للحديث عن الموضوع كما عرض فقرات من زيارة محافظ نينوى لحي السكر وطمأنة أهالي تلك المنطقة بعد ورود إنباء عن توجيه تهديدات لعدد من القاطنين في تلك المنطقة من أبناء شعبنا
6- المخاوف من إن تستغل هذه التظاهرات أو الاحتجاجات من اجل أقامة مشاريع وردية وبذلك تكون بعض الأيادي الخفية في هذه الأحداث وصلت إلى مبتغاها , وهو الأمر الذي سرع من التحرك الحكومي.
إن المظاهرات أو الاحتجاجات ليست مجرد تنفيس عن الغضب وإراحة الضمير ,أنما تقوم على استنهاض الرأي العام وتحركه وهي تحمل رسالة جوهرية مفادها التوقف عن قتل المسيحيين في الموصل بعيدة كل البعد عن الأهداف السياسية التي تسعى إليها الإطراف المتنازعة لاستغلالها أو أطراف أخرى تأخذ موقفا معاديا من إقامتها ,فعندما تقوم المظاهرة تكون معبرة عن رأي الجماهير بكل مطالبهم المحقة الحياتية أو المصيرية ولكن من النقاط الستة المذكورة تدل على حرص جميع الإطراف على احتواء الأزمة وبث روح الطمأنينة في نفوس الأهالي , بالإضافة إلى تقاعس أحزابنا والاهتمام بمصلحتها الحزبية الضيقة على حساب دماء شهداءنا ,وباعتقادي فقد نجحت كل الأطراف المعنية بإجهاض أية تظاهرة أو عدم الاستجابة لأية دعوة لإقامة تظاهرات أو احتجاجات . ارتضينا أن نقف موقف المتفرج حتى إننا لا نستطيع أن نحرك ساكنا وسنكتفي بالقول الله يساعد ويحمي أهلنا بالموصل ...
سيزار ميخا هرمز – ستوكهولم
cesarhermez@yahoo.com