لماذا نحتفل بيوم الشهيد ..؟؟
لكي نتعرف على معنى الشهادة ويوم الشهيد علينا ان نتعرف على الخلفية التاريخ لهذا اليوم الخالد في تاريخ شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ..بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها ، بدا عهد تقرير المصير للشعوب الذي رفعه ويلسن الرئيس الامريكي انذاك ، فقسموا ارث الدولة العثمانية بين الحلفاء .. وفق ما قرره مؤتمر "سان ريمون" في ( إبريل 1920م) الذي وضع القطاع الشمالي الممتد من البحر المتوسط إلى فارس تحت الانتداب، فأعطيت بريطانيا الانتداب على العراق وفلسطين وشرقي الأردن، وأعطيت فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان.
كان هذا القرارقد اتفقواعليه في مفاوضات سرية سابقه بين بريطانيا وفرنسا وروسيا التي بدات في ( مارس 1915م) لتقسيم الدولة العثمانية فيما بينها بعد انتهاء الحرب، وهو الاتفاق المعروف باسم " سايكس - بيكو فيما بعد، وكان المبدأ الجوهري لهذه الاتفاقات هومبدأ توازن القوى في حوض البحر المتوسط.. كان الحلفاء والعرب قد التقوا في تقويض الدولة العثمانية .. فكانت نتيجة تعاون الشريف حسين معهم بان منحوه الحلفاء الحجاز ولاولاده العراق والاردن.. وفلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني ..وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي ........
وهكذا فان الذين تعاونوا مع الحلفاء اخذوا حقوقهم الا الاشوريين كما يذكر رئيس الوزراء البريطاني الاسبق تشرشل في مذكراته بان بريطانية العظمة قد خانت حليفتها الصغرى الامة الاشورية ،عندما قدموا الاشوريين كل تعاون وتضحية من اجل نصرت الحلفاء مقابل ما وعدوهم بمنحهم حقوقهم القومية ..الا ان بعد انتهاء الحرب وتقسيم ارث الدولة العثمانية ، حرموا الاشوريون من اي حق رغم كل ما قدموه من تضحيات ، بالمقابل ان الحلفاء ضحوا بهم من اجل مصالحهم في المنطقة ....فعندما وقع خلاف على قضية الموصل بين تركيا وانكلترا والعراق احيل الموضوع الى محكمة العدل الدولية في لاهاي ، وفي كانون الاول / 1925 اجتمعت عصبة الامم واخذت اقتراحات المقدمة من اللجان وراى المحكمة الدولية . وقررت ..
1- الحدود التركية العراقية تكون حسب خط بروكسل المقرر سابقا .والمتخذ في 27 – 29 تشرين الاول 1924 .
2- ان تمدد بريطانيا الانتداب على العراق 25 سنة اخرى وان تبقى ولاية الموصل تحت الحكم العراقي وجزء من العراق .
3- احتفاظ تركيا بمقابل ذلك بولاية هيكاري الاشورية ومنعهم العودة اليها ، وابقائهم بالعراق ........
4- منح الاتراك 10% من واردات النفط في ولاية الموصل لمدة 25 سنة..
5- رفع يد فرنسا عن الموصل مقابل مد يدها على ضفاف نهر الراين في اوربا بحرية ..
وبهذا حلت مشكلت الموصل مع الاتراك على حساب حقوق الاشوريين ... وبما ان بريطانيا اقترحت على عصبة الامم منح الاستقلال للعراق ..
فجرت مناقشة الموضوع في عصبة الامم في ايلول /1932 ، فحضرالبطريرك مارشمعون الى جنيف واثار قضية الاشوريين ، الا ان البريطانيين استطاعوا تمريرذلك بدون الاشارة الى اي حق للاشوريين . ووقع العراق مع بريطانيا معاهدة عام 1930 في عهد وزارة نوري السعيد ، استنكرتها الجماهيرفادى ذلك الى استقالة نوري السعيد وجاءت حكومة ناجي شوكت ، فقدمت هي الاخرى استقالتها وجاءت وزارة رشيد عالي الكيلاني في 20 / 3 /1933 ، وعين حكمت سليمان وزيرا للداخلية ، واصبح نوري السعيد وزيرا للخارجية ..اثار ذلك استنكار الراى العام ، فوجدت الحكومة من حركة الاشوريين ومطالبتهم بحقوقهم مخرجا من ازمتها السياسية ،، خاصة وان الحكومة تعلم بان لا احد يتعاطف مع مطاليب الاشوريين لا من العرب ولا من الاكراد ،فقامت الحكومة بمناوره ففي 10 / ايار / 193..
استدعى البطريرك مارشمعون الى بغداد للاجتماع بوزيرالداخلية فانتظر ستة ايام لمقابلته، فبين له الوزيرعدم رضى الحكومة عن تصرفاته ، وطلب منه التنازل والتخلي عن مركزه الدنيوى وزعامة الاشوريين ، واعد له مذكرة للتوقيع عليها ، رفض مارشمعون التوقيع ، فمنع من السفر الى الموصل ،ووضع تحت المراقبة وبعدها تم اعتقاله في بداية شهرحزيران /1933 ، بعد ان اتهم بمساعدة ومساند العصيان الذي اتهم به الملك ياقو واتباعه في دهوك ........
فعلى اثر اتهام هذا الاخير بالعصيان اوعزت الحكومة الى امر موقع الموصل بكر صدقي لتهيئة الاعمال الحربية ، فتحرك القطعات العسكرية ، الا ان الضابط البريطاني استطاع اقناع ملك ياقو بالحضورامام متصرف الموصل والتعهد بحفظ الامن والنظام ، الا ان الحكومة استمرت باجراءاتها العسكرية فشكلت قوة عسكرية اطلق عليها اسم ( عماد ) تتكون من قطعات الحروب الجبلية وقطعات من المشاة وقوة الشرطة السيارة ، انيطت قيادتها بالعقيد بكر صدقي وكان من مساعديه النقيب اسماعيل عباوي ..
في 10-11 /تموز /1933 عقد اجتماع بين ممثل انكلترا وممثل عن الحكومة العراقية وبعض الاشوريين المؤيدين لمارشمعون ،، لتوطين الاشوريين في بعض مناطق شمال العراق ومن لم يرضى منهم بذلك عليه مغادرت العراق ...
فغادر في 14 تموز بعض زعماء الاشوريين منهم ملك ياقو وملك لوكر وشيلمون الى بغداد لمقابلة مارشمعون ، وعبروا الى سوريا وطلبوا الحماية الفرنسية ، رحبت فرنسا بالطلب فعبروا الالاف من الاشوريين الى سوريا ، اتصلت الحكومة العراقية طبعا بتوجيه الانكليز بالفرنسيين وطلبوا منهم تجريد الاشوريين من السلاح ، وابعادهم الى مناطق الحدود مع السماح لهم بالعودة الى العراق اذا وافقوا على تسليم سلاحهم .. سافر ممثل بريطانية في العراق الى فرنسا واتفقوا على تنسيق الهجرة وعدم السماح للاشوريين بالدخول الى سوريا بل تجريدهم من السلاح واعادتهم الى العراق ...
نفذت فرنسا الاتفاق بعدم السماح للاشوريين بالبقاء في سوريا بل اجبرتهم بالرجوع الى العراق عن طريق النهر ... واثناء عبورهم اخذت الطائرات العراقية ويقودها الانكليز بفتح النيران عليهم ، ومن الجهة الاخرى من النهر كان باستقبالهم الجيش والشرطة العراقية ، ومع ذلك استطاعوا مقاومة الجيش والشرطة ، وفي 4 اب / 1933 شن الجيش هجوما ثانيا واستمرت المعركة لليوم التالي ، وفي 5 اب قاد الملك لوكر هجوما على جبل جياي بخير ففتح الطريق لعبور البقية نهر دجلة .......
اخذت وسائل الاعلام العراقية بتوجيه من السلطة ، تنشر اخبار بان الاشوريين بداوا بالحرب ضد العراق ، فاعلن الجهاد في اب 1933 ضد الاشوريين وطلبوا من العرب والبدو والاكراد المشاركة في هذا الجهاد ومن لم يوافق على قتل وسلب ونهب الاشوريين فهو خائن الدين والوطن ..
ووعدوهم بمكافات بالجنيهات الاسترلينية لم يقتل اشوريا .........
فاخذت المعارك تشن على القرى الاشورية فتعرضت لذلك العمادية ودهوك وشيخان والموصل..وابيدت اكثر من ستين قرية من القرى الاشورية في شمال العراق اباده جماعية.....في هذا الوضع الماساوى نشرت السلطة خبرفي المنطقة بان من لم يقاوم عليه بمغادرة اماكنهم وتجمعهم في قرية سميل القريبة من دهوك ليتمتعوا بالحماية....
كانت الحكومة التي يرأسها رشيد عالي الكليلاني قد بدأت بحمله رسمية وشعبية لتعزيز موقفها امام الشعب ، وذلك بتهيئة الراى العام على ضرورة الاقدام على القضاء على الاشوريين والتخلص منهم ، ففي 1 – 14 من شهر تموز 1933 نشرت اكثر من ثمانين مقالة رئيسية في صحف العراقية تنادي بالقضاء على الاشوريين ، وفي شهر اب 1933 نشرت الصحف اكثر من 230 مقالة مهنية تدعو جميعها لتخليص البلاد من الاشوريين بالقضاء عليهم ...
يذكر عبد المجيد القيسي في 213من كتابه الاثوريون ، عن مستر لونكرك الذي كان موظفا ومسؤولا في وزارة الداخلية والمطلع على مجرى الاحداث مع الكولونيل ستافورد المفتش الاداري في لواء الموصل ومؤلف كتاب عن تلك الاحداث .. يقول لونكرك ..
(( ادت اعمال نهب الدور وهدمها وقتل سكانها الى هجر فلاحي المزارع المجاوره لقرية مساكنهم والتشرد في الطرقات وبدات منذ يوم 8 / اب / 1933 بدأت اعداد كبيرة من الاشوريين الدخول الى قرية سميل والالتجاء الى مخفر الشرطة طلبا للامن والسلامة والنجاة . وقد طمانهم عريف المخفر الى ذلك فاقاموا محيطين به حتى 11 اب اذ بدات الشكوك تساورهم وهم يشاهدون عودة العشائر لنهب وحرق ما تبقى من دورهم ثم تحققت مخاوفهم حين دخلت القرية صباح ذلك اليوم وبصورة سرية قوى عسكرية منتظمة برشاشات من الجيش العراقي وما لبثت ان فتحت نيران رشاشاتها وحصدت جميع المجتمعين في القرية حتى اذا انتهت عند الظهيرة من مهمتها امتطت سياراتها العسكرية وعادت ادراجها من حيث اتت ، تاركة الارض سابحة في الدماء ومغطاة بالجثث الملقاة في العراء ....)) ..
(( في التقارير البريطانية السرية / يؤكد احد شهود العيان البريطانيين قوله ( لقد رايت وسمعت االكثير من الاحداث المروعة التي وقعت خلال الحرب العالمية الاولى ، ولكن الذي رايته في سميل بعيد عن تصور الانسان ))..
اختيرت ماساة شعبنا في قرية سميل ، لتعبربحق عن ماساة شعبنا الكلدان السريان الاشوري عبرتاريخه الطويل ، لما قدمه من التضحيات والشهداء، ليس بسبب جرم ارتكبوه بل لحق طلبوه ...فكان الاتحاد الاشوري العالمي (AUA) مصيبا ومحقا عندما قرر في مؤتمره العام المنعقد عام 1970 في ايران اعتبارالسابع من اب من كل عام يوما للشهيد الاشوري ......
ويذهب القيسي في مؤلفه في نفس الصفحة، الى القول .. (( مما لاشك فيه ان هذا العمل الوحشي البشع ..الذي كان بتدبير بكر صدقي ، اراد ان يعيد الماساة نفسها في قرية ( القوش ) لولا ان بشاعة ما جرى في سميل اقنعه بالعدول عما نوى ))
..اما المرحوم توما توماس في مذكراته الحلقة الاولى والمنشورة في عدد مواقع الكترونية يقول ..(( القوش ، وهي بلدة عريقة في بلاد ( بيت نهرين ) من بلاد آشور ، تبعد 40 كيلو متـرا عن نينوى آخر عاصمة للاشوريين..... وقد حافظت القوش على اصالتها وتقاليدها ولم تتمزق هويتها القومية رغم مرور الاف السنين على نشأتها ، ولم تنل منها غزوات القبائل او الدول المتعاقبة على حكمها بعد سقوط كيان دولتها ، فظلت لغتها الكلدانية - الاشورية شامخة حتى يومنا هذا . ويضيف ...
تميزت القوش بمواقفها القومية الشجاعة بمساندة ابناء قوميتها اثناء المحن ، اتذكر جيدا ( فرمان الاثوريين ) كما سمي بمجزرة سمٌيل ، وكيف احتضنت القوش العوائل الاثورية التي هجرت قراها ولجأت اليها ، لازالت ذكرى تلك المأساة عالقة في ذهني .)) انتهى الاقتباس ..
كانت القوات الحكومة بمدافعها ترابض على قمة جبل القوش ، وبتدخل مباشر من البطريرك عمانوئيل الثاني ، بطريرك بابل على الكلدان حينذاك ( وهو من ابناء القوش ) انقذت البلدة ، بإستحصاله قرارا من الحكومة العراقية ، وبضغط من سفارات فرنسا وايطاليا والفاتيكان ،لانهاء الحملة ضد الاثوريين ورفع الحصارعن القوش ) .
وبعدها توجه الملك غازي شخصيا الى القوش .فوصل في 30 اب 1933 واستقبل بحفاوه.. بعد ان كان هو قد وقع على امر ابادة الاشوريين ....لان والده الملك فيصل الاول كان يعالج في سوسرا ..
وفي 15 / اب / 1933 سنت الحكومة قانونا طارئا يقضي بنفي البطريرك مار شمعون ايشاي الى خارج العراق ، وفي 18 اب 1933 وصل الى جزيرة قبرص منفيا ...
استمرت ماساة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وباشكال مختلفه اذ بمجىء البعثيين الى الحكم 1968 قاموا بابادة جماعية لاهالي قرية ( صوريا ) بتاريخ 16 /9 / 1969 على يد المجرم الملازم عبد الكريم الجحيشي ، عندما امر بقتل سكان القرية جميعا رميا بالرصاص بما فيهم كاهن القرية ، وتستمرماساة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري خاصة بعد سقوط الصنم في 2003 ليتعرض الى ابشع انواع التصفية الجماعية من القمع والتهجير والقتل فتفجركنائسه ويقتل ابناءه وتغتصب نساءه وبناته ويذبحوا كهنته ومطارنته وشمامسته ليجبروا للهجرة او الاسلمة او او او ...
شعبنا ياسادة يقاد باجمعه الى طريق الجلجلة ..فاحتفالنا بذكرى يوم الشهيد يتحتم علينا ان نعي حقيقة معنى الشهادة لنستلهم منها العبرالانسانية النبيلة التي من اجلها ضحوا واستشهدوا ولنقرأ الواقع بموضوعية لنعي حقيقة ما نحن عليه اليوم .... الذي يتحتم علينا ان نصرخ باعلى صوتنا انقذوا شعبنا ياساستنا وقادتنا الروحانيين هذه مسؤوليتكم ما تسيرون عليه الان طريق غير سالكه لا تنفع شعبنا بل تزيد الطين بله في تشتته وتهجيره وقتله ، اتقوا الله في شعبكم .... ندعوكم وندعوا شعبنا لنهتف من اجل العراق وشعبه ...
(( المجد لله في العلى .. وعلى الارض السلام ... وفي الناس المسرة .. ))
المجد والخلود لشهدائنا الابرار .........
والغزى والعار للقتلة ..............
يعكوب ابونا ...............................6/ 8/ 2009