Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لنجتمع حول مائدة واحدة

من منا ينسى أيام زمان منذ الخمسينيات وإلى بداية الثمانينيات من القرن الماضي، أيام كنا كعائلة مسيحية تجلس حول مائدة واحدة، تضم الوالدين والإخوة والأخوات وأحيانا كثيرة الجدة والجد. لنتناول الطعام. سواء أكنا في صباح أول أيام أعياد الميلاد، أو في عيد الفصح، نذهب كعائلة سوية إلى الكنيسة لنأخذ القربان. وبعد أن يخلص القداس الالهي، يبدأ أولياء أمورنا بزيارة كل العوائل بيتا بيتا، ليقدموا التهاني بمناسبة العيد. أحب أكلة كانت لنا نحن الصغار أيام العيد هي الـ(كليجة) حيث كان لعابنا يسيل ونحن نشاهد أمهاتنا مع شقيقاتنا وهنَّ يعملنَّ الـ(كليجة) قبل العيد بأيام، ولا نقدر أن نأكلها لأن معظم أفراد العائلة كانوا صائمين. فكنا في القداس الالهي، نأخذ القربان المقدس وهو الذي يرمز إلى جسد المسيح"له كل المجد" الذي بذله من أجل دفع ثمن خطايانا على الصليب. بعدها نعود إلى البيت لنتناول الفطور، حيث ما لذَّ وطاب من البيض المسلوق(الملون بشتى الألوان) والمقلي والاجبان بأنواعها والألبان وفي مقدمتها الـ(كليجة) فترانا نلهم آكلين منها الكثير. كانت أيام جميلة لا يمكن لنا أن ننساها حتى وإن كنا مستقرين في بلاد المهجر. مقيمين متجنسين متساوين مع المواطنين الاصلين في كل دول أوربا. لسنا نحن العراقيين الوحيدين والمتمتعين بإمتياز المساواة مع سكان دول أوربا، بل كل اللاجئين إليها من رعايا الدول الأخرى. ويزداد حزننا ونحن نسمع أو نشاهد أخبار أهلنا في الوطن، وهم قد صاموا صوم الخمسين ويخشون الذهاب إلى الكنائس لأخذ الـ(قربان). إضافة إلى هذا، أصبحت موائدنا تفتقر إلى كل أكلة شهية؟ بل من الأمهات من لا تتحرك يديها المتعبتين لعمل الـ(كليجة) لأولادها الذين أضعفهم الجوع. أين أصبحنا نحن أفراد تلكم العوائل؟ أكيد تشتتنا بين أرجاء المعمورة؟ لم نرتكب جرما ما يا وطن. لم نتشاجر مع جارنا. لم يتجاوز فلاحنا على مياه سقي غيره. لم نذبح دجاجة غيرنا. ولم نسرق بطة جارنا. ولم نحمل حمارنا أكثر من طاقته. لم ننظر بعين الشر إلى جارتنا. لم نستقل سيارة الأجرة(Tax) دون أن ندفع الأجرة المقررة. ولم نرشق حتى الكلاب السائبة بالحجارة. بل أبدينا السلام لكل من في الوطن(الجار قبل الدار). لكن الحزن يتملكنا ونحن نشاهد كهنتنا ورجال ديننا يقتلون. كنائس تقتحم ويقتل زوارها المؤمنين الذين حضروا قداسا الهيا وهم يتضرعون ويرنمون للرب أن يعطي سلامه للوطن.

نسأل أنفسنا والوطن شاهد، كيف نقدر أن نعود كما كنا في تلكم الأيام جالسون كعائلة حول مائدة واحدة؟ ونحن صائمون منتظرون الفصح حيث عيد قيامة الرب. (قام المسيح. حقاً قام). فرحين بمقدم العيد. فنذهب إلى الكنيسة، لنأخذ القربان. أين يا وطن خرَّت تلكم الأيام من سجلات تأريخك العريق؟ ونحن من كتب أول حرف في كلمة في جملة لتنبني ثقافة لتقوم حضارة على ضفاف نهرين في وادي الرافدين. أينما كنا في بقاع العالم من بعد أن تشتتنا مهجرين. لأن لا غير السيد المسيح"له كل المجد" قادر على لم شملنا. هذا يكون من خلال رفع القلب قبل النظر إلى السماء. وليأخذ رجال الله على عاتقهم مسؤولية توحيد الكلمة، على الأقل توحيد ذكرى الإحتفال بالأعياد. ليس في هذا مستحيل مادام الرب واحد. أنها الخطوة الأولى من التقرب للجلوس حول مائدة واحدة، كما جلس الرب مع تلامذته ومع الخطاة ومع المرضى. أجعلوا يا كل القائمين على إدارة أمور شعبنا، الرب يسوع المسيح"له كل المجد" قدوة لكم. لم يفكر بالكرسي، تاركا مجد السموات، متجسدا في صورة إنسان. أننا كأدباء وكتاب يحز في أنفسنا ما يمر به شعبنا وما نكتبه يقدم التعزية وليس العلاج لأن الحل هو بتوحد الكنيسة، لكي نصوم مطمئنين، ننتظر العيد فرحين، نذهب إلى الكنيسة سالمين. ثم نجلس حول مائدة واحدة نبحث كيفية الحصول على حقوقنا كعراقيين.

المحامي والقاص

مارتن كورش


Opinions