لو كان د. يوسف حبي عضو البرلمان اليوم
من عرف مثلث الرحمة د.يوسف حبي عن قرب، يؤيد قولنا انه لو كان المرحوم اليوم بيننا، كانت هناك نسبة كبيرة بإختلاف حالتنا الكنسية والسياسية عن ما هي عليه الان! أعدائه قبل اصدقائه ومحبيه يَقٌرون عمق تحليلاته، وقراءته للواقع كما هو، وجرأته في طرح القضية وحجته المنطقية، عليه ان كان اليوم بيننا ويمثلنا في البرلمان العراقي لكنا اليوم أفضل بكثير مما نحن عليه من تشرذم وتفكك من جميع النواحي، طيب وان شكك احدهم وقال: طيب ماذا كان يفعل أكثر مما نفعله اليوم؟نضحك بدون استهزاء ونقول : كان وصول د.حبي الى البرلمان سهل ويسير جداً، لما يحمله من صفات لا يحملها غيره لا اليوم ولا غداً، وهذه ليست مبالغة مطلقاً! ونتحدى بقوة شديدة من يقول العكس! من ناحية فكره العميق، وعلمه الغزير، وحججه المنطقية والثبوتية، واعترافه بالاخر،ودعوته لقبول التعدد والتنوع، ويضاف الى هذه الصفاة القيادية الحقة (التواضع والشعبية) ليس في صفوف الكلدان والمسيحيين بشكل عام! وانما داخل مكونات شعبنا العراقي وخاصة المسلمين المثقفين الذين كانوا سنداً له قبل وبعد تأسيس كلية بابل للفلسفة واللاهوت! وفي المجمع العلمي العراقي!والمنظمات والجامعات الاقليمية والدولية! كان محبوباً من قبل جميع الاديان قبل المسيحيين (الصابئة واليزيديين واليهود ايضاً) بدليل كان عضو شرف في منظماتهم الاجتماعية والمهنية! كان السريان يقولون انه سرياني، والاثوريين يدعون بانه ساعدهم الايمن، والاشوريين يؤكدون ويثنون على طروحاته وافكاره، والاسلام يشيدون بشخصه وفكره النير، واليزيديين يقدرونه كعالِم، والصابئة يقولون : انه واحد منا! نعم هذا ما كنت اسمعه والمسه خلال مرافقتنا له عند زياراتنا ولقاءاتنا مع قادة ومسؤولي جميع مكونات شعبنا وخاصة مثقفيه وعلماءه وكتابه واساتذته، ولا ننسى سمعته الطيبة في الخارج وعلى نطاق عالمي! وباختصار كان "حَبي" يحمل كل الحب في شخصه، ومكتبة كبيرة في رأسه الصغير! عليه تكون عضوية البرلمان في جيبه متى شاء!
حَبي والانتخابات
على ضوء الصفات المشار اليها وعندما يرى شعبه في محنة ووجوب النزول الى العمل (وكان دائماً يعمل بين الشعب) وهاهم الشباب ينادونه ان يمثلهم ان كان بقائمة موحدة (وهذا ما كنا نتوقعه) او قائمة مستقلة! لكان قد حصل ليس 25000 صوت التي تؤهله ليكون عضو برلماني، ولا 50000 صوت وحسب بل كانت عدد الاصوات التي قد حصل عليها تتجازو 200000 صوت! (أي عدد الاصوات التي حصلت عليها قائمة موحدة من 8 أشخاص!) من الكلدان والسريان والاشوريين والصابئة واليزيديين وحتى من الاسلام! اي كانوا بعضهم اليوم يَتًرَجونه ان يُداينهم كم ألف من الاصوات كي يفوزوا في الانتخابات! لذا نؤكد على ان قائمتنا الموحدة التي كان يفرضها (حبياً وواقعاً) كانت تفوز على الاقل بـ 5 – 8 مقاعد، لذا ان قائمته اليوم هي التي تفرض القرار وليس كما اصبحنا اليوم مكفخة العرب ولعبة بيد الكرد (لا نعني الشعب العربي ولا الشعب الكردي) وانما التعصب الديني والسياسي في المكوِنين! لا نتخيل مطلقاً! هكذا كانت تسير الامور حتماً، ومخيلتي تقول : هل قتلوه لانهم كانوا يعرفون مسبقاً ماذا كان يفعل لو بقي حياً؟ وفي اي منصب سيكون ان كان كنسياً او اجتماعياً او ثقافياً او حتى سياسياً؟ ممكن ومحتمل!
لحظات سعيدة مرت
مرت لحظات مُفرِحة عند كتابتنا هذه التخيلات (الحقيقية ان كان اليوم بيننا) واللاواقعية لانه ليس بيننا اليوم! فهل نبكي على ما فات؟ نعم نبكي دماً عليه وعلى ما فاتنا وما يفوتنا في المستقبل، وربما احد الاخوة يقول بينه وبين نفسه او امام مجتمعه : شْدَعْوه كل هذا التطبيل والتزمير والتأليه لهذا الشخص! الا يوجد كثيرين من امثاله اليوم بيننا؟ نجاوب بكل بساطة ووضوح :لا وكلا وغير ممكن! من هو مثله اليوم؟ وان كان هناك احد لماذا وصل حالنا اليوم الى ما هو عليه؟ حتى الحيطان الصماء والاشجار والطيور والحيوانات تبكي على حالنا، وهم جالسين على الكراسي الهزازة!
مخابرة تلفون
عند كتابتنا لهذه التأملات جاءتنا مخابرة من احد الاصدقاء يقول : ان كان موجود في الاضطهادات لكانوا قد اغتالوه حتماً! ممكن كان يحصل ذلك، ولكن كنا نحميه بحدقات عيوننا قبل تشكيل حماية خاصة جداً له! ففي اضطهاد الدورة لكان عند الامريكان والمالكي والجعفري، وفي اضطهاد البصرة لكان ينام في المحافظة وعند مكتب الصدر ويذهب الى ايران ايضا! وفي اضطهاد الموصل لرأيناه عند بيت كشمولة وفي دائرة معاون المحافظ الكردي وعند البرزاني والطلباني! ومع كل هذا لكان اليوم قد حسم كلياً مسألتين مهمتين تحددان مصيرنا كمسيحيين :
الاولى : يُقدم دراسة تاريخية - قانونية - قومية - دينية حول موضوع التسمية! وكانت اليوم قد حسمت حتماً! ماذا لو كان قد تأسس حزب او منظمة، ولكن نعرف جيداً انه كان اليوم قد شكل (منتدى او ملتقى) و معظمنا اليوم كانوا منضوين تحت خيمته، اي لم يكن لدينا هذا العدد من الاحزاب الـ،،،،،،،،،،، لا نقصد هنا الكلدان فقط بل
السريان ومعظم الاشوريين والاثوريين تحت لواء هذا الملتقى! ولنتخيل كم كان عدد ممثلينا في البرلمان والحكومتين اليوم
الثانية : لكان لدينا اليوم قرار واضح وجريئ بخصوص (اي حكم ذاتي نريد؟) بالاغلبية طبعاً
قرائته للواقع
** يحب تعدد الالوان، وان فضل لون على آخر فلعوامل ثانوية – نفسانية – تربوية
** يقول : لا تقبلوا ان يكون الميلاد وفي دنيانا ظلم نخشى فضحه بصراحة المحبين! (كم نحن بحاجة الى فضح من وراء غزوة الموصل)
**– وفي مجتمعاتنا تكلس وتصلب وتخديرات شتى! (كان هذا في 1996! وماذا يحدث اليوم!!!!
** - او في عائلاتنا طفل يبكي! وفتاة تتحسر! وام معذبة، ووالد مهان،، انه التشرد والتهجيرالذي نراه ونسمعه اليوم
** ان لم ننشف الدمعة، ونكسو العريان، ونسقي الضمآن، وندي الضال، ونسعف الجريح، ونحارب الجهل والتعصب والدجل والانانيات، فلا ولن يولد المسيح، ولن تكون سنتنا الجديدة سنة خير
** لا يولد المسيح في فكر يدعي كل الحقيقة، ولا في سجن الذات ضمن جدران فولاذية، ولا في عالم يرفع شعارات يطبق عكسها!
نكتفي بحفنة من افكار فليسوف الكنيسة (حَبي) التي فيها كان يقرأ الواقع (1996) وها هي اليوم تنطبق كلياً على حالنا اليوم (2008) فطوبى للبطن التي حملتك أبي ونحن على ابواب ميلاد المسيح! عسى ولعل ان نستفيد من اخطائنا!
فهل كنا نقع بمثل هذه الاخطاء القاتلة؟ وهل كان وضعنا مأساوي بمثل ما هو عليه؟ كنسياً وسياسياً واجتماعياً وانسانياً؟
العمل
لنجلس نحن محبي د.يوسف حبي، من كافة الاديان والمذاهب والطوائف الى مائدة مستديرة كبيرة! ونناقش وضعنا العراقي بشكل عام والاقليات بشكل خاص! من ضمنهم المسحيين طبعاً، وعند كل طرح نتشاور بيننا ونتساءل : ماذا يكون موقف (حَبي) من هذه النقطة ان كان هنا! ونتخذ القرار الجماعي الحاسم بخصوص القضايا المصيرية، حتى وان اضطرننا الى الغاء قسم من احزابنا وتشكيل ملتقى بأسم حَبي! وكأنه موجود بيننا، وعاتبني صديق عزيز عندما اطلع على ما كتبته وقال بحرقة ومرارة : هل تريد ان يُقْتَلْ مرة أخرى؟
shabasamir@yahoo.com