ليس منهم من (يكيت)!
يبدو ان هناك حاجة ملحة للتذكير بالحقوق التي أمنها الدستور للمواطن، لا سيما تلك المتعلقة بالأوضاع المعاشية والحياتية، كالحق بالسكن والحق العمل والحق التعليم، والتي انيطت مسؤولية ضمانها بمن وصلوا الى مواقع المسؤولية، بعد ان تمكنوا من إقناع ناخبيهم بالتصويت لهم على أساس وعود لازالت تنظر التنفيذ.فعلى الصعيد الأمني يسجل تدهور ملحوظ بدل التحسن، اذ يمارس ما يمكن اعتباره تطهيرا دينيا – عرقيا بدلا من تحقيق الأمان، وصل الانفلات الأمني الى مرحلة التطهير العرقي، في حق المواطنين المسيحيين وترويعهم وفق منهج عنصري يهدف كما يبدو الى إفراغ العراق من احد الوان موزائيكه الجميل. والى جانب ذلك تتزايد الاغتيالات بالأسلحة ذات كواتم الصوت، وذلك في وضح النهار وفي أكثر شوارع بغداد حماية!، والى جانب هذا يلاحظ استمرا العجز عن توفير الخدمات، فيما يجري تقليص مفردات البطاقة التموينية، في ظل ارتفاع الأسعار والتضخم المالي.
ولا يلوح في الأفق حل لهذه المشكلات المتفاقمة، في الوقت الذي تتعمق فيه أزمة نظام الحكم ،غداة تشكيل حكومة المحاصصة الطائفية والترضية، وتوزيع المناصب كالغنائم بعيدا عن معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة. في مواجهة الرغبة في فض تداعيات ذلك بالطرق السلمية والقانونية، وضعت السلطات عوائق وعراقيل أمام الأنشطة الاحتجاجية، ولم تمنح التراخيص للقيام بذلك في أكثر من مكان. هذا الى جانب بالتجاوزات بعض الأنشطة السلمية التي نفذتها القوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني. كذلك الضغوط غير المباشرة، التي تأتي ردا على المطالبة بصيانة الحريات وما يتعلق بها، وطرح الأمور بطريقة تحرف الحقائق وتشوه الوعي، وتشكيل محاولة واضحة لتحويل الصراع من ميدان السياسة الى ميدان الايدولوجيا، بغية صرف الأنظار عن القضايا التي تمس حاجات الناس ومصالحها!
ان المنطق الذي لا يعير اهتماما الى ضمان حقوق الإنسان، هو عينه الذي لا يعترف بحرياتهم وحقوقهم الشخصية والعامة، وهو حين لا يستطيع إنكار ضمان الدستور لها، يلجا الى عرضها بصورة بعيدة عن الواقع ومشوه ومسيئة، مثلما رئينا للأسف في حالات كثيرة في الأسابيع الماضية.
من المؤكد انك لم تجد بين أصحاب هذا المنطق العقيم، من يدافعون عن لقمة خبز الشعب، ومن يتبنون قضايا الناس وحاجاتهم، او يسعون الى إقامة عالم أفضل، لا يعيش الإنسان فيه على استغلال أخيه الإنسان، يتوفر فيه لكل عائلة مسكن يؤيها، ولكل إنسان عمل مناسب، ولكل شيخ عيش كريم، ولكل مريض سرير مشفى. وللمرأة حقها في المساواة وفي الحياة الكريمة اللائقة.
نعم ان من لا يؤمن بحقوق الناس، هو عينه الذي لا يعترف لهم بحرياتهم، وما يسر ان التاريخ يشهد والحاضر يعرف من هم رواد الرذيلة وزبائنها، و من هم جباة إتاوات الملاهي. اذ من المؤكد انه ليس من بينهم المدافعون عن لقمة خبز الشعب، أولئك المتبنين لقضايا الناس وحاجاتهم. فمروجي الثقافة الإنسانية، رواد المسارح ، والمعارض، والفنون، يجيدون تقديم الزهور لكل إبداع جميل، ولكن بالمقابل ليس منهم من ( يكيت ) على بائعات الهوى، فهم يجهلون أبوب الرذيلة ومواخيرها!